الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة13 ديسمبر 2020 06:24
للمشاركة:

صحيفة “شرق” الإصلاحية – الإقبال المنخفض في الانتخابات يُمثّل خطراً أمنياً على إيران

أجرت صحيفة "شرق" الإصلاحية مقابلة مع عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام محمد صدر، حيث أكد أن "كل المعنيين ولا سيما كبار المسؤولين يعلمون أن الانتخابات الرئاسية يجب أن تتم بمشاركة عالية ولهذا يجب أن تكون هناك منافسة وإلا فلن تكون المشاركة عالية"، معتبراً أن مشاركة الناس وتواجدهم في المشهد السياسي للبلاد يؤديان لأمن النظام، وهذا شيء مفهوم تماماً لكبار المسؤولين وهم يتابعونه، حسب تعبيره.

لم تنجح المعادلة بالشكل المتوقع خلال عهد حسن روحاني، والآن تاريخ الحكام العرب القدامى الذين كانت لهم صداقة مع إيران قد انتهى، وباتت الأمور في أيدي الشباب الذين يجب أن يسيروا على خطى آبائهم. تحدثنا مع عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام محمد صدر عن علاقة إيران مع الدول العربية وإسرائيل. إذ أنه ما زال يرى العودة إلى نموذج العلاقات في عهد الإصلاح كطريق حل. وقد رشحه حزب كاركزاران مؤخراً كمرشح رئاسي.

  • هل تعتقد أنه خلال الوقت المتبقي من عهد دونالد ترامب قد يرغب بالتعاون مع الدول العربية المجاورة لإيران للقيام بأمر من شأنه أن يضع بايدن في مواجهة إيران؟

من غير المعقول الآن أن يرغب ترامب بفعل أمر غير عقلاني ضد إيران مع الدول العربية. ويبدو أن ترامب قد قبل بخسارته في الانتخابات وعليه مغادرة البيت الأبيض والآن فكره مشغول في أعماله وتعاملاته الشخصية مع الدول الأخرى بما في ذلك الدول العربية. وبعبارة أخرى من الآن وحتى بعد شهر ونصف عندما يضطر لمغادرة البيت الأبيض فإن فكره مشغول في كيفية مواصلة علاقاته الاقتصادية والتجارية. ولا أعتقد أن يقوم بعمل عسكري ضد إيران مع الدول العربية.

  • لكننا شهدنا اغتيال مسؤول نووي في طهران هذا الشهر. كيف تفسر ذلك؟

صحيح، وقضية الاغتيال متعلقة بإسرائيل أكثر من تعلقها بالولايات المتحدة. ويجب الاخذ بعين الاعتبار أن إسرائيل والدول العربية عارضت دائماً توسيع العلاقات بين إيران والولايات المتحدة واعتبرت أن ذلك يضر بها. وخلال فترة ترامب الرئاسية أصبح الأمر أكثر تجلّياً وأوضح أنهم يسعون لخلق المزيد من العداء بين إيران والولايات المتحدة من أجل تحقيق أهدافهم. وإسرائيل تعتبر إيران عدوها الأول ولكنها لا تجرؤ على فعل أي شيء ضد إيران، لأنها تعلم أنها ستواجه خطراً بذلك. لذلك فهي تسعى دائماً إلى خلق تحرك عسكري بين إيران والولايات المتحدة حيث لم تنجح حتى الآن. ومن جهة أخرى وقفت أمام حل بعض القضايا بين إيران والولايات المتحدة. وكمثال على اعتبار إسرائيل والسعودية بأن إيران هي خصمهما هي مسألة الاتفاق النووي. ويمكن تحليل الاغتيال الأخير ضمن إطار الاتفاق النووي، وذلك لأن بايدن كان قد انتخب وكان قد أعلن أنه سيعود إلى الاتفاق النووي لذلك تم تنفيذ هذا الاغتيال من أجل جعل خطة بايدن فيما يتعلق بإيران والعودة إلى الاتفاق النووي أمراً صعب، وذلك لأنه في حال تم إحياء الاتفاق النووي فسوف يتم رفع عدد من العقوبات والمشاكل عن إيران وسوف تتغير العلاقات العدائية جداً التي كانت ضمن فترة ترامب.

  • إذا أردنا المناقشة كيف تعتقد أن بايدن سيمضي بالعلاقات مع إسرائيل؟ مثل بداية عهد أوباما الذي أراد دفع محادثات السلام قدماً أو مثل نهاية عهد أوباما وزمن المحادثات النووية التي ضعفت فيها علاقة واشنطن مع اسرائيل؟ كيف ترى الأجواء في المستقبل؟

قبل الانتخابات الأميركية كان في إيران نقاش حول ما إذا كان بايدن مختلفاً عن ترامب أم لا. بالطبع هم مختلفون في بعض الأمور ومتشابهون في أمور أخرى. والأمر الذي لا يختلف كثيراً بين بايدن وترامب أي بين الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي هو قضية إسرائيل. أي أن الحفاظ على وجود إسرائيل وتوفير الأمن والطاقة لإسرائيل أمر مهم لكلا الطرفين والرؤساء الأميركيين هم متماثلون في هذا الصدد. وفي الواقع الهدف هو ذاته ولكن الاستراتيجيات مختلفة بعض الشيء. فالفرق بين ترامب والبقية أنه يفكر بإسرائيل وفلسطين مثل نتنياهو تماماً. ونتنياهو يعتقد أنه لا ينبغي أن يكون هناك ما يسمى بدولة فلسطينية مستقلة.

وكما أن أدائه كان ضمن هذا الإطار. حيث نقل سفارتهم من تل أبيب إلى القدس واعترفوا بهضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل بأنها أراضٍ إسرائيلية وأرادوا احتلال الضفة الغربية وفلسطين بأكملها معتقدين أنه لا ينبغي أن يكون هناك ما يسمى دولة فلسطينية مستقلة. وقد كان ترامب استثناءً بين الجمهوريين في هذه القضية. ومن ناحية أخرى كان أوباما استثناء إلى حد ما، وذلك لأنه سعى بجدية لحل القضية الفلسطينية الإسرائيلية وكان لديه سلسلة من الخطط، ولكن نتنياهو الذي أصبح رئيساً للوزراء شكّل عقبة خطيرة أمام تقدّم خطط أوباما. ومن هذا المنطلق كانت العلاقات بين أوباما ونتنياهو سيئة للغاية، لدرجة أنه عندما ذهب نتنياهو إلى الولايات المتحدة وخطب في الكونغرس لم يمنحه أوباما وقتاً للقائه.

بينما يبدو أن بايدن يعمل على الحفاظ على أمن إسرائيل وقضية الطاقة الخاصة بها فمن المرجح أيضاً أنه يسعى إلى خطة سلام فلسطينية إسرائيلية مرة أخرى والأمر الذي سيقابل بشكل طبيعي بمعارضة من نتنياهو، أما بالنسبة للعرب فالحقيقة أنه بما أن أحد شعارات الحزب الديمقراطي هو حقوق الإنسان والحرية فمن المرجح أن تتغير علاقة إدارة بايدن بالعرب بشكل طفيف، خاصة مع السعودية وذلك بسبب الإجراءات التي تتخذها هذه المملكة بحق خصومها والجريمة التي ارتكبتها بحق جمال خاشقجي في تركيا. باختصار من الممكن أن تتغير العلاقة ولكن التغيير لن يكون جاداً لدرجة كبيرة.

وإذا ما عدنا إلى ما قبل خمس سنوات عندما كنا في ذروة المحادثات النووية وكان البعض قلقاً من إهمال علاقاتنا مع الدول العربية رغم أنه قيل في المنتديات الرسمية أن أولويتنا هي جيراننا ونريد التواصل ولكن خلال حكومة السيد روحاني ضعفت العلاقات مع الدول العربية في المنطقة، وذلك لأنهم رأوا الاتفاق بين إيران ومجموعة 5 + 1 والاتفاق النووي هو أمر موجّه ضدهم. وسؤالي هو ما الذي يجب فعله حتى لا تقع الدول العربية في فخ محاولة إبعادنا عن واشنطن والاتفاق المقبل وزيادة المسافة بين الدول العربية وإيران.

الإجابة مختصرة جداً. يجب علينا تنفيذ دبلوماسية وسياسات الحكومة الإصلاحية.

استطاعت حكومة السيد خاتمي بسياساتها في الداخل والخارج أن تبعث برسالة إلى المنطقة والعالم مفادها أننا جئنا لإرساء الأمن والسلام ولإعطاء الحرية ولتحقيق التنمية السياسية والاقتصادية وليس فقط في الداخل بل مع العالم بأسره. وذلك لأنه ضمن السياسة الداخلية سعى إلى بناء الثقة مع الناس والحرية والتنمية السياسية والاقتصادية وضمن السياسة الخارجية سعى لإزالة التوترات وبناء الثقة في المنطقة والعالم. ويجب اتباع هذه السياسات. ومن خلال القيام بذلك يمكننا تحقيق علاقات جيدة مع المنطقة.

  • ما مدى واقعية القلق المتمثل بفوز الأصوليين بالانتخابات الرئاسية؟ وكما أن بعض المجموعات رشحتك كمرشح رئاسي. فما هو رأيك في الانتخابات المُقبلة؟

لم يتضح بعد التنبؤ بما سيحدث في الانتخابات المُقبلة. أعتقد أن كل المعنيين ولا سيما كبار المسؤولين يعلمون أن الانتخابات الرئاسية يجب أن تتم بمشاركة عالية ولهذا يجب أن تكون هناك منافسة وإلا فلن تكون المشاركة عالية. لماذا يعتبرون هذا ضرورياً؟ لأن مشاركة الناس وتواجدهم في المشهد السياسي للبلاد يؤديان لأمن النظام. وهذا شيء أعتقد أنه مفهوم تماماً لكبار مسؤولي النظام وهم يتابعونه. وفي حال كانت نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية منخفضة يمكنني القول إن إيران ستكون في خطر أمني. والشعب فقط هو الذي حافظ على الثورة والجمهورية الإسلامية خلال الـ42 عاماً، وفي حال تراجع الشعب عن دعم هذا النظام فلن يكون هناك وجود لا لمحافظين ولا إصلاحيين.

  • يشعر بعض المحللين بالقلق إزاء حالة جمهورية إيران الإسلامية وعلاقتها بالشعب. ماذا عنك؟

لا شك في أننا ضمن ظروف اقتصادية وسياسية ومعيشية صعبة، ولكن النقطة هي أن مناقشة عقوبات ترامب وكورونا كانت فعالة جداً في تشويه الأوضاع في البلاد.

لذلك صحيح أن الوضع ليس مواتياً على الإطلاق الآن، ولكن بالنظر إلى التغيرات في الولايات المتحدة والتغييرات التي ستحدث في الانتخابات المُقبلة، وذات المصطلح حول وصول الرأسمالية إلى رشدها إذا رأت ما هو في مصلحة النظام، فإن الوضع سيتغير بإذن الله. وهناك نقاش مهم يسمى بصيرة الحكومة، بمعنى أن كل مسؤول يدرك ما هو وما هو الإجراء الذي يصب في مصلحة الحكومة، الحكومة بالمعنى العام.

لو كنت الآن نائباً لوزير الخارجية في مجال الشؤون العربية وقال وزيرا خارجية السعودية والبحرين إننا يجب أن نكون ضمن المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة، فماذا سيكون ردّك الدبلوماسي عليهم؟

كنت لأقول أنتم لستم بحاجة إلى أن تكونوا ضمن المفاوضات ويمكنكم الاطمئنان من أننا سنوفر الأمن لكم وللمنطقة بأسرها من خلال الاتفاق النووي.

  • بصفتك دبلوماسياً مخضرماً، لماذا لا نبدأ التباحث مع الدول المجاورة والجهات الفاعلة الأبعد من الإقليمية حول القضايا الإقليمية وما يحدث في الشرق الأوسط المضطرب؟

أحد نقاط ضعفنا الدبلوماسية في السنوات الأخيرة والتي بدأت منذ عهد السيد أحمدي نجاد هو أننا لم نتمكن من الاستفادة الكاملة من الخطوات الإيجابية التي اتخذناها لضمان الأمن في المنطقة والعالم. وكان من المستحيل الحد من شر داعش الذي كان شديد الخطورة في المنطقة وإيران وسوريا والعراق وأوروبا والولايات المتحدة من دون الإجراءات التي اتخذتها إيران وخاصة الشهيد العظيم قاسم سليماني. ولقد كانوا حقاً يضرمون النار في العالم ولم يتدخل أحد بشكل جاد. وحتى السعودية التي ساعدت داعش. لأنهم اعتقدوا أنهم سيأخذون العراق وسوريا ومن ثم يأتون إلى إيران وينتهي كل شيء. ومن ثم اكتشفوا أن تلك السكاكين توجهت إليهم. حتى أننا قدمنا هذه الخدمة إلى السعودية. ويقال الآن أنه تم اعتقال عدد من أعضاء داعش في السعودية. وهذا التفسير هو ذاته بالنسبة للمنطقة وأوروبا والعالم بأنه لولا إيران لكانت الجميع عالقين في الإرهاب العنيف الذي يدّعي الإسلام، وذلك لأنه أيديولوجية وملتزمة للغاية وسيصيب الجميع ولن تكونوا قادرين على التعامل معه عسكرياً وثقافياً. وهذه خدمة قدمتها إيران، ولكن للأسف لم يتم تقديرها.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “شرق” الإصلاحية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: