الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة12 ديسمبر 2020 07:24
للمشاركة:

صحيفة “رسالت” الأصولية – التصريحات العبثية غير المسؤولة والتدخلية لإردوغان

تناولت صحيفة "رسالت" الأصولية، في مقال لـ "معصومة بور صادقي"، تصريحات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان حول أذربيجان، حيث شددت على ضرورة إدراك المسؤولين في جمهورية أذربيجان وتركيا أنه في حال كانت وحدة أراضي إيران على المحك فإن الإيرانيين مستعدون للتضحية بأرواحهم من أجل ذلك لبقية عمرهم.

منذ حوالي 5 سنوات (15 تموز 2016)، وفي إحدى الليالي الصيفية صُدِم العالم كله، وتصدّرت عناوين الأخبار في جميع أنحاء العالم صورة الرئيس التركي على شاشة الهاتف المحمول لمراسل صحيفة حريت وهو يبث مقابلة مع رجب طيب إردوغان من مكان مجهول باستخدام برنامج فايس تايم.

كانت تركيا في حالة اضطراب سياسي وغادر إردوغان فجأة من فندق في مارماريس حيث كان يقضي ليلة تبدو هادئة في الفندق على متن ثلاث طائرات بناءً على طلب حراسه الشخصيين لتجنب الوقوع في أيدي كوماندوس الجيش التركي الذين هاجموا الفندق.

وبعد فراره من مارماريس دعا إردوغان من مكان مجهول أنصاره للنزول إلى الشوارع وبهذا الشكل نجا من الانقلاب بل وتمكّن من الفرار من الموت ونهاية إمبراطوريته المتغطرسة.

وهذا الانقلاب وكيفية نجاة إردوغان من المعمعة والتي أثارت في وقت لاحق كثيراً من الشكوك حول هذا الموضوع. قد حدثت هذه الأحداث في ذروة أزمات الشرق الأوسط والحروب ضمن سوريا والعراق من خلال الجماعات الإرهابية المدعومة من أنقرة حيث تم الكشف عن إردوغان الحقيقي.

إردوغان الذي ألقى قصيدة “آراس آراس” في كاراباخ يوم الخميس 10 كانون الأول/ ديسمبر، هو الذي أجرى مقابلة مع قناة سي إن إن التركية تلك الليلة عبر برنامج من على هاتفه الشخصي ودعا الشعب التركي للنزول إلى الشوارع لكي يتمكن من النجاة من الموت. والآن وبعد خمس سنوات من تلك الليلة  وخلال عرض عسكري مشترك للقوات الأذرية والتركية في منطقة كاراباخ، أظهر أنه لم ينس فقط صحوة المسؤولين الإيرانيين في تلك الليلة فحسب، ولكن أيضاً نسي أحداث ليلة الانقلاب والهزائم التي مُنيت بها الجماعات الإرهابية التي يدعمها في سوريا والعراق وانهيار قصر تطلعاته للسيطرة على المنطقة حيث لم يتلقاه كعبرة فحسب بل ألقى به في رياح الأوهام الزائفة التي قد تكون قادرة على تعويض الإذلال الذي حدث ليلة الانقلاب وتلك الهزائم الإقليمية وهو وَهمٌ مُخيف بأنه إذا لم يعد لرشده عاجلاً أم آجلاً فقد يتحول مصيره إلى أمر أسوأ من الانقلاب.

وقد ألقى إردوغان قصيدة أثارت موجة من الاحتجاجات الوطنية في إيران، خلال عرض عسكري مشترك مع القوات الأذرية.

وخرج الرئيس التركي من بساط المنطقة وحاول شن هجوم لا يغتفر على وحدة أراضي إيران وسيادتها الوطنية بقطعة شعرية قالها بعض “القوميين الأتراك” خلال السنوات الأخيرة.

وفي هذا الصدد ردّ محمد جواد ظريف على هذا الهراء بتغريدة احتوت على إشارات مهمة وملفتة للنظر.

فقد أشار ظريف إليه دون استخدام المصطلحات الدبلوماسية التي يشيع استخدامها من قبل كبار المسؤولين في البلدان الأخرى وبشكل غير مباشر باسم “إردوغان” وذكّره بنقطة في حقيقة تاريخية مفادها أن القصيدة التي قرأها هي صرخة إمرأة فُصل طفلها عنها وهذه الأم هي الأراضي الإيرانية التي انفصل عنها طفلها.

ولكن تغريدة ظريف كان لها مضمون ونقطة أخرى. حيث لم يخاطب إردوغان بشكل مباشر وحذّره بذات الوقت من أنه ذكّر الإيرانيين بانفصال أذربيجان عن إيران، وأن ما قاله لا ينتقص من هذه الأرض بل يقوّض في الواقع ويضع الشكوك بسيادة واستقلال جمهورية أذربيجان. ويمكن اعتبار هذه التغريدة ملخصاً لتاريخ إيران الممتد منذ 200 عام والتي وفقاً لمعاهدة غلستان تم فصل أجزاء من شمال غرب إيران عن أراضيها الأصلية.

وتواجه إيران اليوم العديد من المشاكل والصعوبات بإرادتها أو بغير قصد وقد تواجه العديد من الترهات والفظاظة من صديق وخصم، وقد لا تكون كما ينبغي أن تكون ويمكن أن تكون وكما يقول المثل لا يزال يتعين عليها إكمال نصف الطريق المتبقي بلباقة وعقلانية للاقتراب أكثر فأكثر من هدفها. ولكن ذات هذه الصعوبات والعواصف السياسية الإقليمية والعالمية الصغيرة منها والكبيرة والتطورات كان من الممكن أن تحوّل كل من مناطق ايران إلى دولة، وهذا الأمر حدث مع السوفييت ويوغوسلافيا. ولكن هذه الصعاب والأحقاد والمؤامرات جعلت من إيران اليوم “متماسكة” أكثر من أي وقت مضى وسيضرب أيُّ خيال بحجر صلب، الحجر الذي يُدعى فقط الأمة الإيرانية، ولا شيء سوى معتقدات وقناعات أمّة عمرها آلاف السنين عززت أركان إيمانها على أساس الدين والوطنية لتثبت للجميع بأن أي ريح هي التي تريد أن تهز هذه الصفصافة القوية من آسيا الوسطى والقوقاز إلى شواطئ الخليج وبحر عمان.

ولكن على الرغم من كل هذا لا يمكن إنكار الحقائق الموضوعية أيضاً. فإيران وتركيا هما جارتان حتميتان ولديهما الكثير من الأشياء المشتركة ثقافياً وتاريخياً وهما الجاران الوحيدان اللذان بقيا معاً.

ولقد كان هذان البلدان معاً في أوقات صعبة ويجب أن يستمرا في اتباع ذات النهج من الآن فصاعداً حيث بخلاف ذلك لا يمكن لإيران ولا لتركيا الاستفادة كما ينبغي من قدراتهم وفرصهم ضمن منطقة بها الكثير من الاضطرابات والأزمات والديناميكية السياسية.

ويجب أن يدرك المسؤولون في جمهورية أذربيجان وتركيا أنه في حال كانت وحدة أراضي إيران على المحك فإن الإيرانيين مستعدون للتضحية بأرواحهم من أجل ذلك لبقية عمرهم.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “رسالت” الأصولية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: