الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة12 ديسمبر 2020 06:40
للمشاركة:

إيران وتركيا.. هل تضطرب العلاقات في عهد بايدن؟

منذ إعلان فوز جو بايدن بالرئاسة الأميركية، بدأت تظهر مؤشرات تعديل على السياسات الخارجية التركية. مؤشرات برز منها التواصل بنبرة إيجابية مع السعودية، والاستعداد لتخفيف الإيجابية مع روسيا، وفتح قناة اتصال مع إسرائيل للبحث في إعادة البعثات الدبلوماسية. في مسار كهذا، يبدو السؤال حول موقع إيران في السياسات الخارجية التركية في عهد بايدن ضروريًا.

العلاقات التركية الإيرانية شهدت تطورات عديدة منذ أكثر من عقد. فبعد فوز الإسلاميين في تركيا، راهن تيار واسع في الطيف السياسي الإيراني على تحالف جديد بين البلدين بدوافع إيديولوجية. وبالفعل، فقد توسعت العلاقات الاقتصادية على نحو ملحوظ في تلك الفترة بين طهران وأنقرة، مع ما حمله ذلك من دلالات سياسية. غير أن الثورات العربية التي بدأت مطلع عام 2011 أبطأت قطار هذه العلاقات.

سوريا التي كانت تطمح تركيا وإيران لأن تصبح ملعبا اقتصاديا لكليهما، تحولت خلال سنة إلى ساحة حرب بالوكالة بين القوتين الاقليميتين. لكن اللافت في ما جرى، هو أن ضراوة الحرب السورية، لم تستطع تدمير العلاقات التركية الإيرانية، حتى في ذروة الصراع العسكري غير المباشر بين البلدين. فبينما كان القتال على أشدّه بين فصائل المعارضة السورية المدعومة من تركيا، والجيش السوري وحلفاء إيران في شمال سوريا، كانت الإدارتان الإيرانية والتركية تتفاوضان على توسيع العلاقات التجارية. وبينما رفضت أغلبية الدول المؤثرة في جامعة الدول العربية الاتفاق النووي علنا أو سرا، كانت تركيا في مقدمة الدول التي ترحب بالاتفاق الدولي.


وفي السياق نفسه، وبينما سادت أجواء احتفالية في الأوساط السورية وضمن حلفاء طهران، إثر شيوع خبر نجاح الانقلاب على إردوغان في صيف 2016، لم تتأخر إيران في إعلان دعمها الصريح للرئيس التركي والترحيب بإفشال المحاولة الانقلابية.

مع بداية المعركة الأخيرة في إقليم ناكورنو كاراباخ، كان الموقف الإيراني لافتا، إذ أكدت طهران حق أذربيجان في استعادة أراضيها المحتلة، خلافًا للمتوقع بأنها كانت ستدعم أرمينيا. بعد انتصار الجيش الأذربيجاني، وصلت العلاقات إلى محطة جديدة ومؤثرة.

موقف طهران من معارك ناكورنو كاراباخ أغضب المجموعات القومية في إيران، وهي المعروفة بعدائها التاريخي لتركيا انطلاقا من الصراع العثماني الصفوي تاريخيا.

هذه المجموعات هي نفسها التي أثار إردوغان غضبها، بقراءة قصيدة تاريخية عن نهر ارس وانفصال أراض إيرانية بأيدٍ روسية. الحكومة استفزتها أيضا تصريحات إردوغان التي ألقاها في احتفال نظمته الحكومة الأذربيجانية بعد تحرير أراضيها في ناكورنو كاراباخ.

فهل وصل البلدان إلى مشارف أزمة جديدة بينهما قد تخلخل كل ما سبق من علاقات إيجابية؟

هناك عوامل مختلفة تشير إلى أن العلاقات بين طهران و أنقرة ستشهد تطورات جديدة في عهد بايدن. لكن يبدو راجحا حتى اليوم، أنه ومهما كانت هذه التطورات سلبية، فإنها لن تستطيع إنهاء العلاقات بينهما، أو إخراجها من إطار التعاون الاستراتيجي القائم بين البلدين وذلك لأسباب أبرزها:

  • العلاقات الاقتصادية المهمة للطرفين، وعلى رأسها دور تركيا في ارتباط الأسواق الإيرانية بالعالم، والذي يوفر لأنقرة مصالح كبيرة لها دور في ضبط أي تصعيد قد يطرأ مع جارتها.
  • ما زالت إيران وتركيا تمثل نموذجين من “الإسلام السياسي” في مقابل أنظمة عربية دكتاتورية ترى في إسرائيل حضنا دافئا لها مما تعتبره خطرا إيرانيا وتركيا.
  •  المنافسة الاقتصادية بين إيران وتركيا لم تتحول إلى عداوة. العلاقات السياحية وثيقة بين الإيرانيين والأتراك، وكذلك العلاقات في مجالات الطاقة والاستثمار. هذا المسار يبدو مخالفا للمسار السعودي مثلا، حيث سعت السعودية إلى لعب دور البديل المعوّض عن نقص النفط الإيراني في سوق الطاقة نتيجة العقوبات المفروضة على طهران. وعلى هذا الأساس رحبت تركيا مثلا بالاتفاق النووي عام 2015 وعودة إيران الى سوق النفط، بينما اتخذت السعودية موقفا رافضا له.
جاده ايران تلغرام
للمشاركة: