الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة10 ديسمبر 2020 07:00
للمشاركة:

صحيفة “آفتاب يزد” الإصلاحية – هل يمكن العيش في طهران بـ3 ملايين تومان؟

تطرقت صحيفة "آفتاب يزد"، في أحد مقالاتها إلى موضوع تحديد الحد الأدنى للأجور في مشروع موازنة العام المقبل، حيث اعتبرت أن هذا الحد الذي وضعته الحكومة والذي يبلغ 2 مليون و900 ألف تومان، لا يمكن أن يكفي عائلة متوسطة مكوّنة من 3 أفراد.

في الواقع، يمكن تفسير كلمة “السعادة” اليوم لكافة الإيرانيين على أنها الرقص في حفلات الزفاف. بينما وفقاً لعلماء الاجتماع وعلماء النفس فإن السعادة الحقيقية هي الشعور بالرضا والسلام وعدم القلق بالأمور الاقتصادية الحالية وعلى المدى القريب بشكل قاطع.

الآن وبعد أن تم تقديم مشروع قانون الميزانية للعام المُقبل إلى البرلمان وتم إغلاق قضية رفع الأجور في العام الحالي وفي وقت متأخر أكثر من أي وقت مضى، أصبح من الواضح أن الزيادة التي ببال الحكومة وأرباب العمل ليست وجبة جيدة لعائلات الطبقة العاملة والموظفين ذوي الأجور المتوسطة. ولا يعني ذلك أن المعدل كان أعلى من معدل العمال والموظفين والباحثين عن عمل، بل على العكس من ذلك كان معدل الزيادة ضئيلاً لدرجة أن الأساس الاقتصادي للأسر المأجورة انهار في مواجهة الارتفاع في أسعار الخبز والبصل والبيض. وكل ذلك وفق تقرير منظمة التخطيط والميزانية والذي حلل معدل التضخم، مشيراً إلى الأسس الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والخطة السنوية للأجهزة التنفيذية لميزانية العام المُقبل. وقد تم توقّع تفاصيل التضخم في إيران لعام 2020  بـ34.2% وأيضاً لعام 2021 بانخفاض طفيف بنسبة 33.5%!

هذا الواقع يتزامن مع إعلان حاكم المصرف المركزي عبد الناصر همتي، الذي أعلن أن التضخم في ايران سينخفض إلى 22% بحلول حزيران/ يونيو 2021! وكل هذا وبحسب تقرير وزارة الصناعة والتعدين والتجارة، أن متوسط التضخم لأهم الأساسيات اليومية للناس بلغ أكثر من 50% وهذا وقد وصل إلى 130% لبعض الأساسيات! ومن هذا المنطلق فليس من الواضح لماذا لا يشرح المسؤولون الذين يزعمون التعاطف مع الأمة الحقائق بصدق ويعترفون بها!

واليوم، لا يوجد عامل أو موظف، لا يدرك حقيقة أن تكلفة المعيشة قد ارتفعت فوق العشرة ملايين تومان على الأقل في المدن الكبرى وهذا يعني أن تحصل على 3 إلى 4 أضعاف الراتب الشهري! وبمثل هذه الظروف فما هي العوامل التي سيتم التضحية بها؟ المودة في الأسرة، العنف بسبب الإجهاد اليومي والتوترات الأسرية، زيادة نسبة الإصابة بالأمراض المختلفة الناتجة عن سوء التغذية.

وقال الخبير الاقتصادي رضا انتظاري في حديث مع الصحيفة، مستشهداً بدراسة شهرية للتغيرات في دخل وإنفاق الأسر ذات الرواتب واقتصاد الأسر التي تتقاضى أجراً، والتي أحصاها رئيس لجنة الأجور في المجلس الأعلى للمجالس الإسلامية، أنه  “نتيجة لزيادة الأسعار الأخيرة بداية شهر كانون الأول/ ديسمبر من هذا العام، أنفقت عائلة متوسطة مكونة من 3 أفراد أكثر من 8 ملايين و 850 ألف تومان، ولكن الحد الأدنى للأجور هو 2 مليون و 900 ألف تومان والذي قامت الحكومة وأرباب العمل بأنفسهم بخياطته واقتطاعه للعمال، وعلى الرغم من معارضة أعضاء المجلس الأعلى للعمل إلا أنهم أدخلوه كنتيجة للمباحثات الجماعية وتظاهروا بأن هذه الزيادة كانت نتيجة ثلاثية”.

وفي إشارة إلى مزاعم المسؤولين بأنهم قلقون على معيشة الناس، قال “هذا بينما الحكومة لا تفعل شيئاً عملياً لزيادة الإيرادات أو الحفاظ على استقرار الأسعار. ومع كل تقلب وتذبذب في سعر النقد الأجنبي يزيد سعر جميع العناصر مرتين، ويبدو الأمر كما لو أن المصنّعين قد حصلوا على الضوء الأخضر وتراخيص لرفع الأسعار ومن ثم يتوقع أن يجد الناس بأنفسهم حل للتزود بالعناصر الأساسية”، مضيفاً “على الرغم من مطالب المتعاطفين الاجتماعيين ولكن هذا المطلب الوطني لم تتم الاستجابة له ولو للحظة”.

وتابع في توضيح مسألة أن إصلاح الدخل لا تتعلق برفع الأجور والذي يقف أرباب العمل في مواجهته، وقال “بغض النظر عن عدم اكتراث الحكومة بالموظفين الحكوميين، فعلى الأقل يقع على المجلس الأعلى للعمل واجب اتخاذ قرارات عادلة لتعزيز الدخل الحالي للعمال. ووفقاً لرئيس لجنة الأجور بالمجلس الأعلى للمجالس الإسلامية فإن تكهنات الحكومة والبرلمان بشأن الأجور في العام المقبل لا علاقة لها بالوضع الحالي للأسر العاملة ولا يتم التحدث على الإطلاق في الحكومة والبرلمان حول أجور العمال”.

واستذكر انتظاري الأحداث التي أدّت إلى اجتماعات تحديد الأجور المختلفة للعام الحالي، ويرى أنها مثال موضوعي لذات النهج غير المسؤول عن الظروف المعيشية للعاملين في البلاد، وقال: بداية وقبل كل شيء أثارت مسألة كورونا نقاشات هامشية بشأن عدم ضرورة الدراسة لزيادة الأجور والتي كانت كلها بلا جدوى؛ ولكن بعد انعقاد اجتماعات تحديد الأجور وحتى الإعلان النهائي عن الحد الأدنى للأجور للعام الحالي، كان التقدير المشترك للجنة الأجور بالمجلس الأعلى للعمل أن سلة نفقات المعيشة مقدارها 4 ملايين و 940 ألف تومان. والأسوأ من ذلك وعلى الرغم من حقيقة أن أعضاء المجلس الأعلى للعمل وأرباب العمل وأعضاء الحكومة وافقوا أيضاً على هذه الحسابات ولكن في وقت تحديد الأجور قام الأعضاء الآخرون بالحسابات ونتيجة لذلك وعلى رغم رفض أعضاء العمال على التوقيع تم تعيين الحد الأدنى للأجور بـ2 مليون و 900 ألف تومان، وتم تحديده كحد أدنى للأجور للعام الحالي! وهذا الرقم لا ينفي الحقيقة المريرة لانخفاض القوة الشرائية للشعب الإيراني المضطهد بغض النظر عما إذا كان الوضع الاقتصادي للبلاد حرجاً ويمر بأزمة أو أن البلاد في حالة حرب اقتصادية. وكذلك الأشخاص الذين تزداد حياتهم صعوبة يوماً بعد يوم ويتم إخراج وحذف العديد من المواد الغذائية المهمة من سلالهم”.

طبقاً لأحدث البيانات فقد زادت تكلفة توفير الحد الأدنى من الغذاء للفرد من حوالي 16 ألف تومان في اليوم في آذار/ مارس 2019 إلى 25 ألف تومان للفرد في اليوم في تشرين الثاني/ نوفمبر 2020. وفي حال اعتبرنا هذا الرقم حسب المعايير المقبولة لعائلة متوسطة مكوّنة من 3 أفراد، فسنصل إلى مبلغ 2 مليون و 500 ألف تومان شهرياً، وهو ما يمكن إنفاقه على طعام عائلة تهدف للبقاء على قيد الحياة وعدم الموت فقط، وهذا ليس أمراً يدعو للعجب بأن هذه التكلفة قد زادت لأكثر من 66% مقارنة بحسابات العام الماضي!

ووفقاً لهذه المجموعة من المحللين، حول كافة المصاريف الأخرى والتي يتعين على الأسرة العادية دفعها شهرياً لتغطية نفقات معيشتها، وإذا كانت التكلفة المُحدثة لسلة الغذاء، فإن التكاليف المُذهلة لتوفير المستلزمات الصحية والطبية في ظروف كورونا، والملابس، والمواصلات وكذلك يجب بإضافة الاتصالات والمسكن فقد يصل المبلغ إلى حد الـ10 ملايين تومان.

وفي هذه الحالة ومن ناحية كون تكاليف حياة الأسرة المحترمة حوالي 10 ملايين تومان، فإن مباحثات الحكومة والبرلمان حول توقعات الدخل للموظفين والمتقاعدين عن العمل والعمال بما في ذلك تصريح حاكم المصرف المركزي بشأن إدارة التضخم إلى 22% وحتى 30%، هو أمر لم يعد الناس يأخذونه بعين الاعتبار وليس إلا مجرد “دعابة أو طُرفة”.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “آفتاب يزد” الإصلاحية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: