الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة9 ديسمبر 2020 05:41
للمشاركة:

صحيفة “شرق” الإصلاحية – أسباب التحول الحاد في التضخم

استطلعت صحيفة "شرق" الإصلاحية، أراء عدد من المتخصصين في تصريح حاكم المصرف المركزي حول التضخم المفرط. حيث حاول الخبراء الاقتصاديون، توقع التضخم في إيران في العام المقبل، مقترحين عدداً من الخطط للخروج من هذه الأزمة.

أعلن محافظ البنك المركزي عبد الناصر همتي “أننا سيطرنا على التضخم المفرط”. بالتوازي مع هذا التصريح، واجه المجتمع تقلبات حادة في الأسعار هذا العام وارتفعت أسعار المواد الغذائية عدة مرات كما أن معدل التضخم الذي استهدفه البنك المركزي والذي كان 22 بالمائة لم يتحقق هذا العام أيضًا. إذن كيف يتم التحكم في التضخم المفرط؟. يعتقد الاقتصاديون أن الاقتصاد الإيراني مازال يعاني من التضخم. ونظرًا لعدم وجود تعريف مشترك للتضخم المفرط، يقدم الخبراء آراء مختلفة حول ما إذا كنا قد تغلبنا على خطر التضخم المفرط أم لا. لكن الجميع يعتقد أن جذور بعض المشاكل خارج الحدود تحتاج إلى معالجة.

  • عضو هيئة تدريس بجامعة العلامة الطباطبائي محمد‌ مهدي بهكيش

لا أعلم إن كان يوجد تعريف واضح للتضخم المفرط في مجتمع مثل مجتمعنا. ففي أوروبا وأميركا والدول التي بها تضخم بنسبة واحد أو اثنين في المائة تعتبر الأرقام المشابهة لبلدنا تضخمًا مفرطًا. لكن في إيران لا يوجد تعريف من هذا القبيل، طبعا لدينا تضخم مرتفع في إيران ولا أنكر ذلك وأعتقد أن التضخم هو قضية نقدية ولكن هذه المسألة النقدية ليس لها تعريف بسيط في الوضع المعقد الذي نعيش فيه وبالنظر إلى كمية السيولة التي لدينا.

وأشار رئيس البنك المركزي في حديثه إلى عوامل أخرى مثل صدمة العرض. إن صدمة العرض ناتجة عن الظروف السياسية، وبحسب همتي عندما لا يمكن تحويل الأموال  حتى لشراء اللقاحات فمن الواضح أنه من الصعب للغاية استيراد سلع أخرى حتى لو كان لدينا المال، خاصة وأن تبادل أي عملة نحتاجها تمر عبر الدولار وهذا ما يجعل الأمر أكثر تعقيدًا. ونظرًا لأن اقتصادنا غني جدًا بالنفط فمن الطبيعي أن يكون جزءًا كبيرًا من وارداتنا يعتمد على النفط.

في هذا الوضع المعقد جزء مما نعانيه داخلي بسبب صنع سياسة غير صحيحة وجزء منه خارجي. وبالتالي فإن القضايا الداخلية والخارجية مترابطة ولا يمكن فصل الظروف الدولية السائدة عن الظروف الاقتصادية والسياسية المحلية. نشأت ظواهر بسبب العوامل الداخلية والخارجية وكثير منها لا يخضع حتى لسيطرة الحكومة. لا أريد أن أقول إن الحكومة ليست هي المسؤولة  لكن جميع السياسيين يعملون في مواقف لا يمكن التحكم فيها بدقة من ناحية، لكن من ناحية أخرى لا أعرف كيف يتخذ السياسيون القرارات عندما يعرفون أنهم لا يستطيعون صنع السياسة بشكل صحيح. لطالما قلت إننا لا نستطيع حل العديد من المشاكل الداخلية بشكل صحيح حتى نحل الوضع الدولي. في رأيي أن هذا الوضع يتطلب رؤية مختلفة لإدارة اقتصاد البلاد ويجب أن نتذكر أننا لا نعيش في القرن التاسع عشر، ففي القرن الحادي والعشرين لا يمكن لأي دولة بمفردها أن تتمتع بحياة جيدة دون التواصل السهل مع الدول الأخرى.

نحن بعيدون قليلاً عن فهم الوضع الحالي اليوم. لا يوجد بلد يمكنه تلبية جميع احتياجاته حتى لو كان ذلك من الناحية الفنية. فالتضخم المفرط هو أيضًا أحد المتغيرات الاقتصادية التي تم فرضها علينا بسبب مجموعة الظروف وليس من السهل السيطرة عليها. بالطبع من الممكن فرض المزيد من الركود على الاقتصاد وتقليل التضخم لكن يجب أن نعلم أنه مع السياسات قصيرة المدى والمحلية لا يمكن حل المشاكل الهيكلية للبلاد.

  • الخبير الاقتصادي هادي حق شناس

تشير العديد من المؤشرات إلى أنه من المرجح أن يصل التضخم إلى 30 في المائة بحلول نهاية هذا العام وبطبيعة الحال لن يتحقق التضخم المستهدف من 20 إلى 22 في المائة من البنك المركزي لكن التضخم المفرط لا يحدث أيضًا.

التضخم المفرط في الاقتصاد يعني تضخم ثلاثي الأرقام. من المؤكد أن الاقتصاد الإيراني لم يشهد تضخمًا مفرطًا في السنوات التي تلت الثورة ولن يحدث هذا العام وبلغ معدل التضخم الشهري في البلاد 7٪ في تشرين الأول/ أكتوبر وانخفض التضخم الشهري 5.2٪ في تشرين الثاني/ نوفمبر.

سبب ارتفاع التضخم في تشرين الأول/ أكتوبر، يرجع إلى التغيرات في أسعار المواد الغذائية. لكن في المنتجات غير الغذائية أو مثل السيارات أو الإسكان أو العناصر المماثلة تشهد حالة استقرار بالأسعار. لذلك وفقًا للتضخم الشهري والمتوسط  فمن المتوقع ألا يكون لدينا تضخم أكثر من 30٪ في نهاية العام. بالإضافة إلى ذلك ينبغي إضافة قضيتين أخريين. التوقع هو أننا نمر بالأشهر الأخيرة من كورونا أو أن الأمل في الوصول إلى اللقاح من المرجح أن يزداد. كلما خرجنا من قيود كورونا الشديدة وزادت الأعمال التجارية  فستؤثر على انخفاض معدل التضخم. وفي 1 شباط/ فبراير سيستقر الرئيس المنتخب للولايات المتحدة، وإذا تم رفع العقوبات فسيكون لذلك تأثير إيجابي على خفض التضخم.

لذلك لن نعاني من التضخم المفرط حتى نهاية العام. لمناقشة التضخم المفرط يجب أن ننظر إلى المؤشرات الثلاثة للتضخم الشهري و المتوسط ومن نقطة إلى نقطة.  بالإضافة إلى الصدمتين اللتين دفعتا الاقتصاد الإيراني إلى هذه النقطة تشير أعراض هاتين الصدمتين إلى أننا قد لا نعاني من هذه الحالات في المستقبل فمن خلال القضاء على العقوبات وكورونا أو تقليصها في الاقتصاد الإيراني سيقل تأثير هذين العاملين على عجز الموازنة. يقال إنه سيكون لدينا عجز في الميزانية هذا العام يقارب 200 ألف مليار تومان. لذا إذا كان لدينا 10 مليارات دولار فقط من صادرات النفط والمنتجات البترولية في العام المقبل فسيتم تعويض نصف عجز الميزانية. بالطبع إذا لم يتم القضاء على هاتين المشكلتين فسنواجه وضعاً شبيها بهذا العام.

  • الباحث الاقتصادي محمد‌ رضا عبداللهي

في وقت سابق من هذا العام حدد البنك المركزي هدفًا له أن تصل نسبة التضخم إلى 22٪، وهو أمر من غير المرجح أن يتحقق. ففي الوقت الحالي معدل التضخم أعلى من الرقم المعلن من قبل محافظ البنك المركزي.

يحدث التضخم المفرط بسرعة كبيرة في كل حكومة من خلال النمو غير المحسوب وعجز الميزانية الحكومية. وبحسب بعض التقديرات سيصل عجز ميزانية الحكومة هذا العام إلى 100 ألف مليار تومان. وتظهر التقديرات الأولية لعجز ميزانية 2021 أيضًا أن لدينا عجزًا في الميزانية قدره 150 ألف مليار تومان. سيؤدي هذا الرقم إلى زيادة القاعدة النقدية بنحو 30٪، وبافتراض أن نسبة السيولة المتزايدة والنمو الاقتصادي المنخفض ستظل ثابتة في العام المقبل، فسيحدث تضخم يتجاوز التضخم الموجود حالياً وقد يصل إلى 50%. وبالتالي ليس مستبعدا أن نصل إلى التضخم المفرط.

يظهر أداء الأشهر الستة أو السبعة الأولى للاقتصاد الإيراني على المتغيرات النقدية للاقتصاد أن القاعدة النقدية والسيولة قد نمتا بشكل كبير. على سبيل المثال، تم تكثيف نمو النقود منذ خريف عام 2019، وفي أيلول/ سبتمبر 2020 نمت السيولة بنسبة 36٪ ونمت القاعدة النقدية بنسبة 80٪، مما يشير إلى زيادة كبيرة في توقعات التضخم.

  • الخبير الاقتصادي علي قنبري

لا أصدق كلام محافظ البنك المركزي حول تجاوز ذروة التضخم. فقد ارتفعت أسعار السلع الأساسية وتجاوز التضخم 50% وأنه ليس من السهل القول إن الأسعار لم تعد ترتفع وأننا تجاوزنا التضخم المفرط. سعر البضائع لا يعتمد على القضايا الاقتصادية فحسب بل على القضايا السياسية والأحداث في الدولة والتحركات حولها، وأن الاستقرار الاقتصادي والتقلبات الاقتصادية تتوقف على الظروف المستقبلية.

كان هدف البنك المركزي هو أن يكون التضخم حوالي 22 في المائة هذا العام لكنني أعتقد أن التضخم في عام 2020 أعلى من 40 في المائة ونحن نتعامل بالفعل مع تضخم مفرط ونحن في حالة تسمى بالتضخم الحاد وسيؤدي إلى هشاشة الاقتصاد.

وفقًا لتوقعات الميزانية للعام المقبل سيكون معدل التضخم في العام المقبل أعلى بكثير وسيصل إلى حوالي 50٪. إذا عدنا إلى الاتفاق فقد يكون التضخم في عام 2021 في حدود 20 إلى 22 بالمائة. لكن بعض الناس يتطلعون إلى تفاقم وضعنا في المنطقة ويريدون تعطيل العلاقات مع الولايات المتحدة ولا يريدون عودتها إلى الاتفاق. إذا وصلوا إلى هدفهم  فسوف نتحرك نحو التضخم المفرط. في الوقت نفسه  يعتمد وضع التضخم على الميزانية، لكن لم تتم الموافقة على الميزانية بعد.

للأسف البرلمان لا يقوم بالكثير من العمل. فقط  يقوم بترديد الشعارات فمن الممكن أن يرفض مجلس النواب الموازنة ليقول إنه فعل شيئًا. ليس لدي أمل كبير في البرلمان. يبقى أن نرى ما هي العناصر التي تظهر في الميزانية، وما هي الضريبة وتكلفة النفط وما إلى ذلك وما هو سعر الدولار. عندما يكون وضع الميزانية واضحًا سيكون وضع التضخم واضحًا.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “شرق” الإصلاحية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: