الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة8 ديسمبر 2020 06:40
للمشاركة:

صحيفة “ايران” الحكومية – الرسالة السياسية لموازنة العام المُقبل للعالم

تناولت صحيفة "ايران" الحكومية، في مقابلة مع نائب رئيس الجمهورية ورئيس لجنة التخطيط والميزانية محمد باقر نوبخت، موضوع مشروع موازنة العام المقبل الذي قدّمته الحكومة. حيث أشار باقر نوبخت خلال المقابلة إلى أن "الحكومة تحاول تحقيق العدالة الاجتماعية"، لافتاً إلى أن الرئيس حسن روحاني رجل سلام وحوار، ولكن إذا رأى أن الطرف الآخر يحمل سيفاً فسيحمل سيفه.

  • ما هي المشاكل والصعوبات التي واجهتها خلال هذه السنوات في الموازنة؟

في الواقع، إن أهم مشكلة في تنفيذ الموازنة هي عدم وجود ضمانات للتنفيذ. ولدينا بند “و” في خزينة الدولة، والذي هو أولوية دفع رواتب الموظفين، في ما قد لا يكون بعض أفراد مؤسسة ما أو جهاز ما قد أدوا واجباتهم ولكن لا يمكن إلغاء ميزانياتهم. وبالطبع رغم هذه المشكلة الكبيرة لم تعد ميزانيات الأجهزة تدفع على أساس الزيادات السنوية كما في الماضي.

فيما يخص مشروع قانون الموازنة للعام المُقبل فالميزانية تأثرت بالارتفاع الحاد في أسعار العملة والسلع والتكاليف. ومن ناحية أخرى ما زلنا نواجه قيود العقوبات. كيف ستحل هذه المشاكل ضمن موازنة العام القادم؟

إن أكبر المشاكل التي تواجه صياغة ميزانية العام المقبل هي الشكوك وعدم اليقين. ومن المتوقع أن تكون التوقعات صحيحة. والسؤال هو هل يجب أن يكون هذا التوقع مستقراً حتى يتحقق؟ للأسف ليس لدينا هذا الاستقرار ضمن الوضع الحالي.

ومع ذلك، في حالة أصبحت فيها مائدة الشعب أصغر بسبب المشاكل الاقتصادية، فيجب ألا يؤثر خفض الميزانية والمدخرات على دخل الموظفين عبر تقليل رواتب الموظفين والمتقاعدين. وفي هذا الصدد لدينا سياسة مشتركة من أجل الادخار ولا نذهب بأي حال من الأحوال باتجاه المساس بموائد الموظفين والمتقاعدين الذين هم جزء من سكان البلاد وحتى ضمن ظروف الادخار نقوم بزيادة الاعتمادات لهذه القطاعات ويتم هذا الادخار من أماكن أخرى.

ولهذا السبب وفّرنا 31 ألف مليار تومان في الأشهر الثمانية الأولى من هذا العام حيث زادت ميزانية الإنفاق بنسبة 35% مقارنة بالعام السابق. ومن ذات المكان تم إضافة 53% إلى رواتب الموظفين.

وفي هذا الصدد ومنذ العام الماضي وإلى الآن تمت إضافة 50% إلى نقاط الفصل العاشر من قانون إدارة الخدمات المدنية. وفي نيسان/ أبريل من هذا العام تمت زيادة الأجور السنوية للموظفين بنسبة 15%. وأيضاً بذات الوقت تم إصلاح معاشات المتقاعدين مع تنفيذ خطة المعادلة أو التكافؤ.

  • بالنظر إلى المشاكل الاقتصادية العديدة التي يواجهها الناس هل ساعدت سياسة الحكومة الناس على توفير المال؟

في الأيام الأخيرة، نشر مركز الإحصاء الإيراني تقريراً عن النمو الاقتصادي هذا الصيف. وفي هذا التقرير تم الإعلان أيضاً عن معدل نمو الاستهلاك الخاص والحكومي. وخلال الفترات السابقة رافق الانخفاض تكلفة الاستهلاك الخاص دائماً بحيث كان هذا المعدل سالب 9.6% في ربيع 2019، مما يعني أن الناس استهلكوا 9.6 في المائة أقل مما كان عليه في ربيع 2018 بسبب انخفاض القوة الشرائية. ويوضح التقرير أنه مع السياسة التي انتهجناها، على عكس السنوات السابقة، فقد شهدت الحكومة نمواً إيجابياً في الاستهلاك بنسبة 12.2% وكما انخفض المعدل عند القطاع الخاص أيضاً إلى سالب 0.6%. وعلى الرغم من أن هذا المعدل لا يزال سالباً إلا أن انحداره السلبي الشديد قد توقف. وهكذا فإن الزيادة في رواتب والمدفوعات للموظفين قد أظهرت أثرها ضمن هذا القطاع.

  • لكن هل ما زلنا بعيدين عن الوضع الطبيعي؟

على الرغم من كل الجهود التي بذلت وتراجع النمو السلبي لهذه القطاعات، إلا أننا وكما ذكرنا ما زلنا في وضع غير طبيعي بسبب النمو الحاد في سعر الصرف والمشاكل التي خلقتها العقوبات والحصار الاقتصادي على البلاد.

يتوقع البعض من الحكومة بطريقة ما حلول سحرية، ويريدون تحسين مثل هذه المؤشرات كما لو أن الوضع في البلاد طبيعي تماماً وغير مقيد. ولكن الواقع هو أن مشاكل العقوبات أثّرت بشدة أيضاً على أرباح المصرف المركزي من النقد الأجنبي. وعليه فإن حجم النقد الأجنبي المخصص لتوريد بعض السلع الأساسية هذا العام أقل من العام السابق مثل مدخلات الثروة الحيوانية والدواجن لكن ليس لدى المصرف المركزي خيار آخر وذلك بسبب القيود.

على أي حال نحن في موقف أراد فيه الطرف الآخر التسبب في استياء عام وتوقيف عجلة اقتصاد البلد من خلال ممارسة الضغط والقيود ولكن من خلال تنفيذ هذه السياسات تمكنا من منعهم لتحقيق أهدافهم. وكما ذكرنا على الرغم من وجود العديد من القيود، وبالإضافة إلى زيادة أجور الموظفين من خلال تطبيق التكافؤ، فقد تمكنا جزئياً من تعويض بعض الزيادة في التكاليف التي يتحملها المتقاعدون.

  • أي أنكم اتخذتم خطوات نحو تحقيق العدالة الاجتماعية؟

جميع جهود الحكومة هي لتحقيق العدالة الاجتماعية. وفي هذا الصدد، فقد زادت المدفوعات للأسر التي تغطيها لجنة الإغاثة والرعاية أكثر من 5 أضعاف. إن إلقاء نظرة على مسألة ما هي القطاعات وكيف سيتم إنفاق ميزانية 841 ألف مليار تومان المتوقعة للعام المقبل عليها هي مسألة تتحدث عن نفسها. في المجموع هناك 10 تكاليف. الحصة الأكبر من الميزانية من بين هذه الأمور العشر تتعلق بالرعاية الاجتماعية، يليها التعليم والبحث ومن ثم الدفاع- الأمن والصحة. وهذه التقسيمات تعكس إرادة الحكومة وأهدافها.

  • في مشروع قانون موازنة العام المقبل نمت الميزانية الإجمالية بنسبة 20% والموازنة العامة بنسبة 47%. فهل كان السبب الرئيسي لهذا النمو هو ارتفاع سعر الصرف؟

نعم، القسم الأكبر من هذا النمو كان بسبب نمو سعر الصرف والجزء الآخر يتعلق بأنشطة بعض الشركات المملوكة للدولة.

  • تُظهر أرقام ميزانية العام المقبل بأن اعتماد الميزانية على النفط بلغ 23%. وبالإضافة إلى القضايا الاقتصادية ما هي الرسالة السياسية من مسألة تصدير 2.3 مليون برميل نفط يومياً؟

إن اعتماد الميزانية على النفط بلغ 50 في المائة أي أقل مما كان عليه في السنوات السابقة. وكما ذكرت فهذه الأرقام تتضمن رسالة سياسية لبقية الدول الأخرى أيضاً، وهي أن تقييد بيع النفط أمر ظالم.

  • يعتقد بعض النقاد أن إمكانية بيع هذه الكمية من النفط غير متاحة؟

نعم، قد يقول البعض إنه لا يمكن بيع هذه الكمية من النفط. وفي حال لم يكن ذلك ممكناً فسيتم تحقيق هذا الرقم من خلال البيع المُسبق للنفط  وذلك حسب الخطة.

في العام المقبل أرسلت الحكومة رسالة إلى العالم مفادها أن النفط سيتغير مع زيادة صادرات النفط. كمدير نشط في التخطيط والموازنة لمدة ثماني سنوات في الحكومة كيف تتنبأ بالعام المُقبل؟

إنه وقت نتحدث فيه على أساس نظري وأحياناً على أساس التجربة والعملية. ويبدو أنه يجب الاستفادة من تجربة السنوات الماضية للإجابة على هذا السؤال.

ولكن السؤال الرئيسي ما هو الوضع الذي استطاعت فيه الحكومة الحادية عشرة تحقيق هذه الإنجازات؟ في حال كان هناك استقرار سياسي واقتصادي ولم يواجه الاقتصاد الإيراني كل هذه المخاطر والقيود وتم رفع العقوبات عنه، فيمكن بالتأكيد تحقيق كل هذه التطلعات مرة أخرى.

والسؤال التالي هل نأمل أن ترفع العقوبات؟ قد تكون الإجابة هي “لا”، لا يمكن رفع العقوبات العام المقبل وسيستمر الوضع كما هو. ويمكننا الاستمرار ضمن ذات شروط العقوبات. ألم نقاوم في السنوات الثلاث الماضية عندما فُرضت على البلاد أقسى وأشد العقوبات الغير مسبوقة؟ أي مسؤول حكومي رفع الراية البيضاء؟ ألم نشهد المواقف الأكثر حدة ضد الولايات المتحدة وأوروبا من رجل الدولة هذا ورئيس الدولة الذي يسلك الطرق الدبلوماسية؟ الرئيس هو ذات الشخص وهو لم يتغير ولكنه سلك طريق الحوار وذلك وفقاً للظروف. ولكن ذات الشخص والذي هو رجل سلام وحوار فهو أيضاً رجل حرب في حال استل الطرف المقابل سيفه.

لذلك وكما ذكرنا، فإن وجود الظروف المستقرة وغياب العقوبات والعلاقات التي كانت قائمة بين إيران والدول الأخرى ستؤدي لتحقق الحكومة الحادية عشرة إنجازات كبيرة في الاقتصاد. ويبقى أن نرى ما إذا كان يمكن توفير مثل هذه الشروط مرة أخرى وما إذا كان هناك احتمال لذلك. أعتقد أن هناك فُسحة لذلك وأنه من الممكن أن نخوض تجربة هذا الموقف مرة أخرى. وكما أنه الآن فإن الجميع يعتقد أن الوضع في البلاد وعلى الساحة الدولية أنه يمكننا كسر العقوبات. وحتى البرلمان الموقر يعتقد أنه في حال ضغط على الطرف الآخر، فيمكن كسر العقوبات في غضون شهرين. ولم يسع البرلمان في خطته الجديدة إلى تصعيد العقوبات بل عبّر عن رسالته المنطقية، وهي إرادة الشعب أيضاً ضمن إطار هذه الخطة. وعلى هذا الأساس في رأيي مثلما يريد الشعب ويرغب برفع العقوبات فقد اتخذ أعضاء البرلمان خطوات في هذا الاتجاه.

وعلى الرغم من كل هذا لا بد من القول إن هناك آفاق وشروط لرفع العقوبات والعودة إلى إنجازات الحكومة الـ11، ولدي أمل في هذا الصدد. حتى لو لم ترفع العقوبات واستمر الوضع بنفس الطريقة فلا يزال بإمكاننا إدارته كما تمكّنا من ذلك في السنوات الأخيرة. والظروف في العام المقبل لن تكون أسوأ مما كانت عليه هذا العام وستتحسن.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “ايران” الحكومية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: