الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة7 ديسمبر 2020 07:11
للمشاركة:

صحيفة “شرق” الإصلاحية – إلى أي مدى يمكن أن يكون الرئيس السابق محمد خاتمي فاعلاً في العام المُقبل؟

تناولت صحيفة "شرق" الإصلاحية، في مقال لـ"مهرشاد إيماني"، موضوع الانتخابات الرئاسية المقبلة في إيران، حيث أكد إيماني أن عدم قيام الإصلاحيين بإنشاء جبهة موحدة لهم سيشكل خطرًا عليهم، مشيرًا إلى أن الأمل السابق في أن يتمكن الرئيس السابق محمد خاتمي من إنهاء الخلافات وتوحيد الجميع ضمن قضية واحدة هو غير واضح اليوم.

تحدّى غلام حسين كرباستشي قيادة الإصلاحيين مؤخراً بانتقاده، حيث قال إن الإصلاحيين لم يكن لديهم قيادة محددة وحتى يومنا هذا لم يقل أحد أن أحداً ما قد تولى قيادة الإصلاحيين. وقد أثارت تصريحاته ردود فعل كثيرة، حيث انتقد المقربون من الرئيس السابق محمد خاتمي تصريحات كارباستشي. ولكن في محادثة تكميلية أخرى قال كرباستشي إنه لم يقصد شخص محمد خاتمي نفسه، ولكن الإصلاحيون لم يقوموا بعد بتأسيس قائد تنظيمي مسؤول عن القرارات التنظيمية.

ومهما كان قصد كارباستشي سواءً أكان يريد حقاً استهداف خاتمي أو ما إذا كان يقصد القيادة من وجهة نظر تنظيمية، فإن الإصلاحيين أصبحوا أكثر اهتماماً بأداء السيد محمد خاتمي ضمن الوضع السياسي الحالي، وعلى وجه الخصوص، مواقف خاتمي في الانتخابات الثلاثة: الرئاسية عام 2013، والبرلمانية 2015، والرئاسية عام 2017. هذه الانتخابات كانت مذهلة للإصلاحيين حيث وحّد الإصلاحيين لدرجة أنه ربما لا يمكن تحقيق أي عمل تنظيمي كهذا.

ولا شك في أن خاتمي كان أحد أهم الفاعلين ضمن الساحة السياسية خلال العقدين الماضيين. فبعد الانتخابات الرئاسية عام 2005، عندما خسر الإصلاحيون السباق أمام منافسهم وذلك من خلال استراتيجية ضعيفة وهي تعدد المرشحين، فقد تمكّن خاتمي من إطلاق موجة دعم اجتماعية كبيرة لمير حسين موسوي في عام 2009. وذلك حتى بعد أن فُرضت عليه قيود كثيرة فقد لعب دوراً فريداً وبارزاً وذلك لأنه قبل كل شيء استطاع إقناع الإصلاحيين عام 2013 بالاتفاق مع هاشمي رفسنجاني، وتفضيل حسن روحاني على عارف ومن ناحية أخرى وثق به الناس وصوتوا لروحاني مرشح الائتلاف الذي لم يكن له سجل مع الإصلاحيين. ولولا تأييد خاتمي له، لكان روحاني معترفاً به كعضو في الطرف المنافس أي المحافظين. وفي الانتخابات البرلمانية عام 2015، حدث هذا مرة أخرى ولكن الآن في ساحة التنافس على المقاعد البرلمانية، ومع خاتمي، دخلت قائمة الإصلاحيين في طهران والمكوّنة من ثلاثين عضواً، المنافسة حتى أن آخر شخص في قائمة الإصلاحيين كان لديه أصوات أكثر من الشخصيات المحافظة البارزة. وهذا الأمر حدث في انتخابات مجلس الخبراء في ذات الوقت ومع ثقة الشعب في القائمة التي أيّدها خاتمي استطاع مرشحو قائمة “أميد” أن يكون لهم حضور لافت في مجلس الخبراء.

وقد شهدت الانتخابات الرئاسية عام 2017 ذات الوضع وتمّكن روحاني من الوصول للرئاسة للمرة الثانية بأصوات أعلى مما كانت عليه في فترته الأولى. ولكن كل هذا اتخذ لوناً مختلفاً مع بداية الولاية أو الدورة الثانية لروحاني وازدياد الضغوط الاقتصادية على الشعب. وخاصة بعد احتجاجات كانون الأول/ ديسمبر 2017، عندما أدركت الحكومة والإصلاحيون أن الأزمة الاقتصادية أهم بالنسبة للشعب من أي قضية سياسية أو فئوية أو حزبية أخرى. وعندما تعرضت الحكومة لانتقادات شديدة لجأ جزء من الجمهور الإصلاحي إلى خاتمي لانتقاده، ولم يعد دعم روحاني يعتبر الورقة الرابحة للإصلاحيين. وبهدوء وخصوصاً بعد أحداث تشرين الثاني/ نوفمبر2019، لوحظ أن العديد من الإصلاحيين انتقدوا أداء الحكومة وحاولوا فصل أنفسهم عن الحكومة ليحصلوا بالدرجة الأولى على قبولهم السابق مع قاعدتهم الاجتماعية ومن ناحية أخرى كي لا يكون الحكم العام عليهم هو ذات الحكم على الحكومة في الانتخابات المقبلة.

وفي خضم ذلك واصل خاتمي التأكيد على الحاجة إلى دعم الحكومة أكثر من أي وقت آخر وعلى الرغم من أنه بدا منتقداً لأداء الحكومة إلا أنه حاول عدم تأجيج المناخ السياسي بعد الهجوم على الحكومة. وقد أظهرت انخفاض نسبة المشاركة في الانتخابات البرلمانية الحادية عشرة التي أجريت في آذار/ مارس 2019 أن لدى الشعب غضب سياسي، وليس لأن انتقادهم للحكومة هو الذي دفعهم إلى اللجوء إلى المحافظين، وإنما رافقهم نوع من الضجر السياسي.

وبعد الانتخابات البرلمانية أدرك العديد من الشخصيات الإصلاحية مصدر قلق مهم وهو أنه في حال كان الإقبال في الانتخابات المُقبلة ضئيلاً فإن الإصلاحيين سيفشلون في الانتخابات كما حصل معهم في الانتخابات البرلمانية، وذلك لأن التجربة التاريخية أظهرت أن صندوق الاقتراع وأصوات المحافظين مستقرة ولديهم دائماً أصوات خاصة بهم بينما الإصلاحيون لديهم أصوات أعلى وأكثر ولكنهم غير مستقرين.

بعبارة أخرى ضمن انتخابات واحدة قد يفوز الإصلاحيون بانتصار حاسم من خلال خلق موجة وقاعدة اجتماعية وفي انتخابات أخرى ومن خلال صندوق الاقتراع قد يُهزم الإصلاحيون في مواجهة التصويت الثابت للمحافظين. وبالنظر إلى هذا الوضع فقد أثير موضوع نفوذ وسطوة خاتمي مرة أخرى. حيث لم يرَ البعض مثل كارباستشي أن هذا الدور فعال لأنه لم يكن مدرجاً على رأس القيادة بالمعنى التنظيمي، والبعض الآخر لم يروا موقف خاتمي الصريح في الانتخابات فعالاً كما رأيناه في الماضي. ومن ناحية أخرى فقد وضعت الضغوط الاقتصادية الناس في موقف لا يوجد فيه مجال كبير للإقناع السياسي. وكل هذا حدث ولم يعقد مجلس السياسات الأعلى كهيئة توافقية إصلاحية اجتماعاً آخر بعد الانتخابات البرلمانية لتُعزز الشائعات بأن الإصلاحيين سيدخلون الانتخابات المُقبلة دون أي تنظيم مركزي.

وكما هو الحال خلال الفترة الحالية، يعلن أحد الأحزاب الإصلاحية عن مرشحه كل يوم بشكل مستقل أو مرشحيه لفهم أن جبهة الإصلاحيين تدخل الانتخابات في غياب تأثير خطاب خاتمي في المجتمع وغياب المجلس المركزي مع أحزابه وبالطبع الدخول للانتخابات بعدة مرشحين. وكما أن دخول جمعية رجال الدين المنافسين في الانتخابات أمر مثير للاهتمام وذلك لأنه في الفترات التي دخل فيها خاتمي شخصياً في قضية الانتخابات لم يعلن هذا التنظيم عن وجوده ضمن شكله الحالي.

يوضح الوضع الحالي أن خاتمي نفسه متردد في الخوض في غمار الانتخابات مرة أخرى وذلك لأنه من ناحية قد لا يستجيب المجتمع لطلبه بشكل إيجابي ومن ناحية أخرى من الممكن ألا تستجيب حتى القوى الإصلاحية لطلبه ولا تتوصل إلى توافق كامل. والمثال على هذا الموضوع هو المقابلة الأخيرة لفائزة هاشمي رفسنجاني كعضو في حزب كاركزاران. وخطاب جلال جلالي زاده بالأمس مثال آخر على ذلك. حيث قال: “أعتقد أن خاتمي ليس طاغية ومستبداً وأنانياً ليحاول فرض آرائه على الآخرين”. وكما انتقد كاركزاران بشكل مُبطن قائلاً: “أنا لا أقبل الاتهامات التي يوجهها البعض إلى حزب الاتحاد؛ حزب الاتحاد من أقوى الأحزاب الإصلاحية حيث يظهر نشاطه في المحافظات و تُظهر مشاركته في الانتخابات المختلفة اتساع قاعدة هذا الحزب والآن أولئك الذين لا يمتلكون دعماً شعبياً أو ليس لديهم قاعدة شعبية يجب ألا يحاولوا الحصول على قاعدة أو موطئ قدم من خلال توجيه التهم لحزب الاتحاد. على أي حال في حال كان لحزب ما سلطة متفوقة بين الإصلاحيين على أساس القاعدة الشعبية، والأنشطة الحزبية وعلى أساس المؤتمرات والاجتماعات والتصريحات والدعم الشعبي ففي رأيي فهو حزب الاتحاد”.

على ما يبدو أن هناك خطر مهم للإصلاحيين في الوقت الحاضر وهو أولاً مع الخطوات القليلة المتبقية على الانتخابات الرئاسية لم يتم تشكيل منظمة موحدة بعد، ثانيًا في حال كان هناك أمل في الماضي في أن يتمكن خاتمي بنهاية المطاف من إنهاء الخلافات وتوحيد الجميع ضمن قضية واحدة فإن فكرة هذا الدور الآن غير واضحة.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “شرق” الإصلاحية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: