الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة6 ديسمبر 2020 10:11
للمشاركة:

صحيفة “شرق” الإصلاحية – الفساد المستشري يعيق الإصلاح

تناولت صحيفة "شرق" الإصلاحية، في مقابلة مع الخبير الاقتصادي حسين راغفر، موضوع عمل الحكومة على التنمية السياسية والاقتصادية. حيث اعتبر راغفر أن قضية استقرار وبقاء أي مجتمع هو الاهتمام بالعناصر الثلاثة التالية: الأمن والاقتصاد والديمقراطية أو الحرية.

  • من أجل تحقيق التنمية ما مدى أهمية وجود مجتمع وحكومة ديمقراطية؟

يجب أن نرى بداية ما هو الهدف من التنمية؟ يبدو أنه في ذهن العديد من سكان المجتمع أن التنمية متوافقة مع أن يكون البلد صناعياً. وفي حال قبلنا هذا المعنى، فإن العديد من البلدان المتقدمة أصبحت صناعية، ولكنهم يفتقرون إلى نوع من الديمقراطية، أي حكم الشعب. والديمقراطية هي أنه يمكن للناس المحاسبة والسيطرة على السلطة وهذا الأمر ليس متوفراً في العديد من دول العالم وحتى في الدول الصناعية، والحديث عن الديمقراطية في هذه البلدان مدين أكثر من أي شيء للدعاية الخادعة لوسائل الإعلام والتي خلقت الوهم في أذهان الناس.
وكما أن قضية استقرار وبقاء أي مجتمع هو الاهتمام بالعناصر الثلاثة التالية: الأمن والاقتصاد والديمقراطية أو الحرية.
حيث أنه بعد توفير الأمن يجب أن يكون هناك نظام قضائي يمكنه ضمان الحقوق الفردية. والخطوة التالية هي الأمن الاقتصادي. وعلى سبيل المثال، تزامنت بداية خطط التنمية الكورية مع خطط التنمية في إيران؛ ولكن هذا البلد كان أكثر فساداً من المجتمع الإيراني من حيث السياسة ونمو الفساد في أوائل الستينيات، وكان الاستبداد أكثر قمعية.

  • برأيك ما هو سبب فشل الحركات الديمقراطية؟

يعود سبب فشل الحركات الشعبية في العديد من الدول النامية إلى أن هذه الحركات منظمة بشكل بدائي وليست محاطة من قبل نخب المجتمع. وهذا يعني أن هذه الإحاطة ستزيد من قدرات المجتمع بأسره وسيكون قادراً على كبح جماح الحكومة والسيطرة عليها.
ونحن بحاجة إلى حكومة قوية يمكنها كبح العنف وفرض القوانين وتقديم الخدمات العامة. وكما أننا بحاجة أيضاً إلى مجتمع قوي ومتماسك ومُعبأ لوضع الحكومة في مكانها. ولا قيمة للدساتير والعهود بدون مجتمع واع. وهذا يعني أنه يجب أن يكون هناك عدد كبير من المنظمات غير الحكومية لحماية حقوق الناس بحيث يمكن تشكيل قوة توازن مع سلطة الحكومات.
والمجتمع القوي يمكنه تسخير السلطة والدخول في مساومة معها، ولكن في ذات الوقت يجب أن يعمل هذا المجتمع مع السلطة. وهذه العلاقة بين التعاون والمواجهة هي للسيطرة على السلطة في المجتمع من قبل المؤسسات الشعبية والتي يمكن أن تسهم في النمو السياسي ونمو المشاركة الاجتماعية في المجتمع وكذلك في السيطرة على السلطة.

  • كيف تعتقد أنه يمكن تحقيق نوع من الديمقراطية والوصول لحكم الشعب بشكل مستقر؟

في حالة إيران، يجب أن نصمم ونعزز مسار التنمية ومسار نمو الديمقراطية وفق مسار التاريخ ووفقاً لقدراتنا البشرية والاقتصادية والاجتماعية ونمضي قُدماً بذلك. ومن أجل ذلك أيضاً يجب أن تكون هناك خطة منظمة ومحددة جيداً، ويجب على السلطة الالتزام بتلك الخطة. ونتيجة لذلك يجب أولاً الاتفاق على العديد من هذه المفاهيم بين نخب المجتمع، ويمكن لهذه النخب من خلال وجهات النظر المختلفة أن توفر أسس تكوين المجتمع، والتباحث مع بعضهم البعض، وتوفير مسار عام للتنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلد.

كما سيتم حل العديد من المشاكل الحالية للمجتمع في حال حصل الناس في مجتمعنا على وظائف – كما هو مدوّن في الدستور – وكذلك التزمت الحكومات بتوفير العمالة الكاملة لجميع أولئك الذين بحاجة ويرغبون بالعمل. وفي حال قام الجهاز القضائي بتوفير الأمن الاقتصادي للجميع وكذلك فرص الاقتصاد التي وعد بها الدستور من قبل الحكومة، فسيتم حل العديد من القضايا. ولكن خلال العقود الثلاثة التي انقضت بعد الحرب المفروضة شهدنا فرصاً غير متكافئة تم توفيرها لمنفعة الأفراد وللأسف تم أخذ فرص النمو من ملايين الأشخاص الآخرين. وليس مقبولاً بأي حال من الأحوال أن يخدم نظامنا الضريبي كبار الرأسماليين.
أدّت القرارات التي تم اتخاذها إلى تكوين رأسماليين من خلال الموارد العامة والشعبية باسم الخصخصة ونقلها إلى الأفراد. ولقد أوجدنا رأسماليين يمتلكون رأس المال وهم متواجدون داخل السلطة أيضاً. وهذا يعني أنهم موجودون في دوائر صنع القرار الرئيسية ولا يسمحون باتخاذ القرارات للصالح العام. لذلك فإن مطلبنا الوطني يجب أن يكون التطبيق الكامل للدستور.

  • اليوم نرى أن هناك منظمة تسمى منظمة حماية المستهلك، ولكن هذه المنظمة هي منظمة حكومية تحمي فقط مصالح المستوردين وليس مصالح الناس. أين يجب أن يتوجه الناس إذا لم تكن هناك خدمة ما بعد البيع للبضائع التي دخلت البلاد؟

الأمن هو الخطوة الأولى لبناء مجتمع متطور. وعلى نخب المجتمع بالذات أن تدرك أن ما لا يريده أعداء هذا البلد هو الأمن في إيران. ومنذ اليوم الأول للثورة شهدنا تنامي الاضطرابات والأنشطة المضادة للثورة في جميع أنحاء البلاد. حيث كان العقد الأول من الثورة مليئاً بجميع أنواع الشغب والاغتيالات والحرب المفروضة والعقوبات الاقتصادية والمؤامرات المختلفة للانقلابات وما إلى ذلك. وفي مثل هذا المجتمع، من الطبيعي أن يكون العقد الأول هو عقد إنشاء النظام. كما أن قلّة خبرة المسؤولين في البلاد في العقد الأول تجعل من هذا العقد عقداً مضطرباً. وعلى الرغم من كل هذه الاضطرابات، إلا أن تضحيات ملايين الشباب الإيراني هي التي أنقذت البلاد من العاصفة الكبيرة التي عصفت بها.
لذلك ما يتعين علينا القيام به اليوم واضح جداً. وكما أن المطالب وطريقة تحقيقها واضحة هي الأخرى. وجميع المشاكل التي عانت منها البلاد في السنوات الماضية هي نتاج السياسات الداخلية. وطبعاً كان التهديد والتآمر والتكلفة هو ما وصلنا ووصل لمجتمعنا من الخارج. ونتيجة لذلك ومن أجل التخلص من المسار الذي نسير عليه اليوم، لا توجد طريقة أخرى سوى العودة إلى الدستور.

  • كسؤال أخير، تخيلوا إذا كانت الديمقراطية وإقامة حكومة ديمقراطية أمر مستحيل لأي سبب من الأسباب، كيف يمكن للمرء أن يأمل في تحسين الحكم وتحسين معيشة الشعب؟

هذه الأمور قابلة للتحصيل وممكنة. وأنا لا أشعر بخيبة أمل بأي حال من الأحوال. وكثير من الناس اليوم في وضع يسمح لهم باتخاذ قرارات أساسية يفهمون الوضع الحساس الحالي إلى حد كبير ويعرفون أنه من غير الممكن الاستمرار في هذا الطريق. ولكننا نحتاج إلى إصلاحات وتغييرات أساسية حتى لا نعاني من الاضطرابات والتشنجات التي حصلت العام الماضي. وفي حال لم نلب مطالب اليوم ومطالب المجتمع والشعب، فيجب أن نتوقع عواقب أكثر صعوبة وتكلفة وكذلك مستقبلاً مجهولاً. ومن هذا المُنطلق، يبدو لي أنه في الوضع الحالي، يمكن القول ولحسن الحظ تم توافر هذا الوعي في دوائر صنع القرار في البلاد، ولكن انتشار الفساد هو العقبة الرئيسية أمام الإصلاحات.

وللتغلب على هذه العقبة ولحسن الحظ أيضاً، ضمن نظام صنع القرار الأساسي في السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية ليس لدينا نقص في الأشخاص الأصحاء الملتزمون بقيم المجتمع وتضحياته. ومع ذلك، فإن هذه الأرستقراطية التي تغلبت على مجتمعنا اليوم أعمت معظم احتمالات القرارات الأساسية وضيّقت المسالك الهوائية لهذا القطاع الصحي والمشرف.

أعتقد أن هناك فرصة للإصلاح وإعادة بناء البلاد. وآمل أن تكون فرص التغيير الرئيسية ممكنة هذه المرة في إطار حكومة مختلفة، حكومة تهتم حقاً بالناس. ويجب أن تبدأ الإصلاحات في الاقتصاد حيث يمكن أن تُمهد الإصلاحات في الاقتصاد الطريق لإصلاحات في السياسة. وحالما تجتث الإصلاحات السياسية – الاقتصادية مع متطلبات العملية متوسطة المدى جذور الفساد ضمن نظام صنع القرار في البلاد، فيمكن أن نأمل أن تكون أسس النمو والتنمية الاقتصادية اللاحقة ممكنة.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “شرق” الإصلاحية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: