الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة5 ديسمبر 2020 05:52
للمشاركة:

صحيفة “ايران” الحكومية – غرفة صدى الصوت

تناولت صحيفة "ايران" الحكومية، في مقال للمتحدث باسم الحكومة علي ربيعي، موضوع دعم السياسة الداخلية لإيران، عبر زيادة ثقة الشعب بالحكومة من خلال لغة الحوار والتفاهم الأمر الذي يدفع حسب قوله، بعجلة القوة للبلاد على الساحة الخارجية وحل المشاكل التي عانى منها الشعب لسنوات.

وصلت إيران الآن إلى نهاية عام 2020، وعلى أعتاب بداية نقطة تحول جديد. أريد أن أبدأ حديثي هنا، بفرضيتين. أن مشكلتنا اليوم ليست في الاقتصاد والسياسة الخارجية أو الاتفاق النووي، في الواقع لا يوجد اقتصاد في العالم اليوم كان قادرًا على أن يكون ديناميكيًا بدون تفاعل إقليمي وعالمي، لأن الديناميكية الاقتصادية مرتبطة إلى حد كبير بالسياسة الخارجية. ولكن استخدام العلاقات الخارجية والبيئة الخارجية يعتمد على إدارة القدرات وفعالية السياسة الداخلية. مع وضع كل هذا في الاعتبار، اعتبار الاقتصاد والسياسة الخارجية مجالين مهمين، لكنني أعتقد أن أهم قضية ليست أي منهما.

  • الافتراض الأول هو أن السياسة الداخلية، هي قضيتنا الرئيسية اليوم. إن مشكلتنا رغم مواقف المرشد الأعلى الواضحة لا تزال هي طريقة التفاعل ونوع عمل أصحاب المصلحة السياسيين وغياب الفهم المشترك للقضايا الأساسية للبلاد وسبل تحقيق المصالح والأهداف الوطنية وعدم وجود تجمع بين القوى، لأن نظام السياسة الداخلية، كما نعلمه اليوم ليس تقدميًا.
  • الافتراض الثاني هو أننا إذا أردنا اغتنام الفرص في السياسة الخارجية والساحة الدولية ونريد أن يكون لدينا دولة قوية، فنحن بحاجة إلى إرضاء الشعب على أعلى مستوى لأن رضا الناس هو أقوى رادع لنا. فقبل هذا وفي سنوات الثورة الأولى وقفنا في وجه أزمات مثل الحرب المفروضة بنظام سياسي له شرعية عالية. لذلك اليوم وأكثر من أي وقت مضى نحن بحاجة إلى مثل هذا المجتمع لأن المجتمع الذي يتمتع بمشاركة اجتماعية واقتصادية وثقافية وسياسية عالية سيكون مجتمعًا ديناميكيًا حيث يكون الحكام فيه راضين عن القرارات وهناك أيضا التواصل العاطفي مع الحكام على مختلف المستويات.

إنني أتحدث عن شرعية يعطي فيها الشعب للمديرين الحق في الحكم ضمن القانون من خلال الثقة في الطريقة التي يدير بها الحكام و الاعتقاد بأنهم يتصرفون بما يخدم مصالح الشعب. واليوم أرى أن رضا الجمهور هو العامل الأهم في دفع أهداف الدولة على الساحة الدولية والاقتصاد.
نحن نتحدث عن أناس تعرضوا لأقسى العقوبات والحرب الاقتصادية في السنوات الأخيرة، وتراكم الأمراض المزمنة للاقتصاد الإيراني بالإضافة إلى الأخطاء الإدارية منذ عقود والذي ترك الطبقات الضعيفة وحتى الطبقات الوسطى تعيش في ظروف معيشية صعبة. واليوم تتفاقم الأزمات بسبب المخاوف بشأن الكورونا، فقد تضاءل الأمل في التحول والوصول إلى المستوى المعيشي المرغوب، فالمجتمع يعاني من الضرر النفسي الناتج عن المزيد من الصراعات السياسية منذ عام 2018.

وفي أعقاب هذه الأحداث يغرس الحكام في المجتمع تصورًا بأنهم إما يسيئون أو في الحالة الأكثر تفاؤلاً غير قادرين على فعل أي شيء لمجتمعهم. هذه الصورة هي نتيجة المواقف المتنافسة وسلوكيات الإقصاء وتتويج التعصب وعدم الاعتراف بالاختلافات في التصورات والانتماءات السياسية.
على سبيل المثال نشهد هذه الأيام قرارات سلبية خاصة فيما يتعلق بالاتفاق النووي والسياسة الخارجية، حيث لا يتضح المستقبل وما هي المصلحة الوطنية التي نستهدفها ولكن الضرر الأكثر خطورة الذي شوهد في سياساتنا الداخلية هو ظهور البداية المبكرة لحملة 2021 الانتخابية، وتأثيرها على قرارات بناءة في الدولة. والأمر لا ينتهي عند هذا الحد أيضاً، في هذه الأيام النزاعات الداخلية وصلت إلى خلق لغة وخطاب سياسي غير منمق ومؤدب.

بالإضافة إلى ذلك اليوم أصبحت الطريقة التي يتحدث بها بعض أصحاب المنابر في هيكل السلطة كما لو أن بعض الأشخاص يجلسون في “غرفة الصدى” والتي هي عبارة عن مكان يتحدث فيه عدد محدود من الناس ويسمعون أصوات بعضهم البعض فقط. فإذا جلسنا جميعًا في غرف الصدى واستمعنا إلى أصواتنا فلن يتم حل المشكلة، لذلك يجب أن تكون أولويتنا انهيار غرف الصدى.
من وجهة نظر علم الاجتماع يؤثر نوع حوار النخب السياسية على المدى القصير على سلوك وتصرفات الأفراد في المجتمع في الفئات السياسية، لأن في الواقع يتابع المؤيدون نوعًا من المتابعة اللفظية والعملية. وأعتقد أنه يجب أن يكون لدينا اليوم سياسة محلية متماسكة من أجل الاستفادة من الفرص المتاحة لنا، إلى جانب خلق الرضا لدى الناس وزيادة ثقتهم. وعشية العام الجديد نحن بحاجة إلى مجتمع ذي تماسك داخلي لكي يكون لدينا إيراني مرفوع الرأس في العالم يتمتع بالمصالح الوطنية على الساحة الدولية.

لا يمكن حل مشاكل إيران الرئيسية اليوم إلا من خلال المشاركة العامة والحوار الاجتماعي والخضوع الكامل وغير المشروط للإرادة العامة، ولا يمكن التعبير عن الإجماع الذي نحتاجه للانتقال من مشاكل اليوم إلى مستقبل أكثر إشراقًا إلا في سياق السياسة الداخلية، حيث الشفافية والتناسب والمسؤولية والصورة الواضحة دون أي التباس في المصالح الوطنية الإيرانية. لذلك يجب أن نضع بعض القضايا تحت عنوان القضية الإيرانية الرئيسية في حوار كبير، لأنه بفضل البيئة الإعلامية والتواصل الحر، يتعرف المثقفون والناس على أهم قضايا بلادنا ويناقشونها بمهارة رائعة. وأول ما نحتاج إلى القيام به في سياق هذا الحوار الكبير هو المشاركة في هذه النقاشات واستخراج مطالب الجمهور والمفكرين والعمل بالحوار لتقديم استجابة مناسبة لهذه المطالب.

وأخيراً في هذا الوقت يجب أن نكون قادرين على تعزيز مكانة إيران في العالم من خلال سياسة داخلية متماسكة وحوار لبناء الثقة مع المجتمع لأن الشعب الإيراني يقاوم العقوبات منذ ثلاث سنوات وينتظر اليوم النتائج الإيجابية لمقاومته. وبسبب 40 عامًا من الخبرة العميقة في السياسة الحيوية في المجتمع والسياسة الإيرانية، لن يكون أمامنا خيار سوى أن يكون لدينا فهم مشترك للقضايا لبناء الرضا العام عن مصالحنا الوطنية وأمننا في عالم مضطرب.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “ايران” الحكومية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: