الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة1 ديسمبر 2020 14:16
للمشاركة:

المونيتور – اغتيال العالم النووي يضع طهران على مفترق طرق

تناول موقع "المونيتور"، في مقال لـ"علي هاشم" بعنوان "اغتيال العالم النووي يضع طهران على مفترق طرق"، موضوع اغتيال محسن فخري زاده واحتمالات الرد الإيراني على هذه العملية. وفي المقال، الذي ترجمته "جاده ايران"، أجرى الكاتب مقابلات مع عدد من المختصين، للوقوف عند حادثة الاغتيال، وتأثيرها على إمكانية التقارب المستقبلية بين طهران وإدارة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن.

بينما تحقق إيران في اغتيال عالم نووي بارز، تتوجه أصابع الاتهام نحو إسرائيل والولايات المتحدة، التي تريد إدارتها المنتهية ولايتها بوضوح تقليل فرص إعادة إحياء الاتفاق النووي.

قلة من خارج إيران سمعوا عن مدينة أبسارد، إلى أن قُتل المسؤول الكبير في وزارة الدفاع والعالم النووي محسن فخري زاده على الطريق الرئيسي الذي يربط المدينة بالعاصمة طهران. اسم المدينة يعني الماء البارد، ومن المؤكد أن 27 تشرين الثاني/ نوفمبر، ألقى بهذا الماء على ايران، مما أثار تساؤلات حول كفاءة المؤسسات الأمنية وقدرات أعداء البلاد على عرقلة المشاريع الاستراتيجية لطهران.

فخري زاده، الذي وصفه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه والد المشروع النووي العسكري الإيراني، كان قد أنهى مأدبة غداء عند أقاربه وكان في سيارته في موكب من ثلاث سيارات متجهة إلى طهران. وبحسب وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي، قامت مجموعة من المسلحين بإطلاق الرصاص على سيارة حرّاسه، مما أجبر الموكب على التوقف. ثم انفجرت شاحنة مفخخة على جانب الطريق، وفتح المسلحون النار مرة أخرى فقتلوا معظم رجال فخري زاده والعالم نفسه، على مرأى من زوجته التي كانت في السيارة الثالثة.
على الرغم من عدم وجود رواية رسمية حول كيفية وقوع الهجوم ومن المتورط فيه، إلا أن التكهنات ازدادت في إيران، وقالت وزارة الاستخبارات في بيان موجز أن عناصرها يحققون في العملية.

كان التقييم الفوري في إيران هو أن “هذا الهجوم هو إسرائيلي بغطاء من الإدارة الأميركية الحالية”، بحسب مسؤول إيراني تحدث إلى “المونيتور” بشرط عدم الكشف عن هويته. وأوضح المسؤول أن عملية الاغتيال تأتي في إطار هجوم من جانب نتانياهو وإدارة الرئيس دونالد ترامب “إلى جانب بعض العناصر الأخرى المتحالفة معهم في المنطقة”، وأضاف: “كل هذا بدافع اليأس، فهم يعلمون جيدًا أن هذا لن يعيق تقدم إيران. ومن المؤكد أن هذا الموضوع لن يمر دون استجابة قوية سيتذكرها العالم كله لفترة طويلة. لكن إيران هي التي تقرر متى وكيف، وليس العدو المتعطش للدماء”.

هناك مخاوف من أن يكون إحياء الاتفاق النووي أحد ضحايا عملية الاغتيال، حيث توشك إدارة جديدة في واشنطن على تولي منصبها. اعتبر الصحفي الإيراني عباس أصلاني في مقابلة مع “المونيتور” أن “توقيت اغتيال فخري زاده مهم إلى حد كبير”، مضيفاً “بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، هناك جهات فاعلة في المنطقة تخشى عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي تحت إدارة جو بايدن، وتخشى أي إحياء للدبلوماسية من خلال ارتباطات إيرانية أميركية محتملة. لذلك ، خلال الأيام الأخيرة للإدارة الأميركية المنتهية ولايتها، والتي وفرت حقبة ذهبية للاعبين المناهضين لإيران في المنطقة، يحاولون مرة أخرى استفزاز إيران وخلق وضع لا يستطيع فيه بايدن العودة إلى الاتفاق النووي السابق”.

بعد ساعات قليلة من الاغتيال، تجمع محتجون في طهران بالقرب من المكتب الرئاسي في شارع باستور ومقر المجلس الأعلى للأمن القومي، مرددين هتافات تهاجم الرئيس الإيراني حسن روحاني، الذي أعرب في وقت سابق عن استعداده لإحياء الاتفاق النووي مع وصول بايدن إلى السلطة، في حال قام الأخير بالتعويض لإيران عن خسائرها.

أوضح أستاذ العلاقات الدولية في جامعة رويال هولواي بلندن محمد رضا كالانتاري أن “إيران تبحث عن انفراج في علاقاتها الثنائية مع الولايات المتحدة. لذلك لا أعتقد أنها سترد بقسوة وبطريقة استفزازية على الاغتيال الأخير. وهي لم تكن قد فعلت ذلك في كانون الثاني/ يناير عندما تم اغتيال قاسم سليماني”، لافتاً إلى أنه “على الرغم مما يقوله الأصوليون في إيران ويفعلونه ويهددونه في الأيام القليلة الماضية، فإن الرأي العام تجاه سليماني يختلف كثيرًا عن رأي فخري زاده”، مضيفاً “موقف إيران بعد اغتيال فخري زاده هو تكتيك وورقة مساومة للمفاوضات المقبلة مع بايدن”. وقال “إن ما يعنيه فخري زاده للمشروع النووي الإيراني لا يعادل دور سليماني في سياسات ايران الإقليمية. وبالتالي، بينما انتقمت إيران على اغتيال سليماني بالطريقة التي فعلتها في كانون الثاني/يناير، فإنها لن تتخذ موقفا أشد قسوة هذه المرة”.

ومع ذلك، دعا المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي صراحة إلى الانتقام. وغرد للمسؤولين المعنيين “لوضع أمرين حاسمين بجدية على أجنداتهم: أولاً التحقيق في هذه الجريمة وملاحقة مرتكبيها والمسؤولين عنها بحزم، وثانيًا مواصلة جهود الشهيد العلمية والتكنولوجية في جميع القطاعات التي كان يعمل فيها”. كان من المهم أنه لم يستخدم هاشتاغ “الانتقام الشديد”، الذي استخدمه عند الرد على اغتيال سليماني.

يستمر الجدل حول كيفية تنفيذ الانتقام في إيران، حيث لا يزال الطرف الذي يقف وراء اغتيال فخري زادة مجهولًا، ولم يتم الكشف عن أي معلومات حتى الآن تشير بأصابع الاتهام إلى المشتبه به الأول، إسرائيل. عندما قُتل سليماني، أعلنت أميركا مباشرة مسؤوليتها عن الموضوع.
ما هو واضح هو أن قدرات الردع الإيرانية كانت موضع شك خلال العام الماضي. وبغض النظر عن حالة سليماني، كانت البلاد مسرحًا للعديد من الحوادث الغامضة، مثل الانفجار الذي وقع في منشأة نطنز النووية وكذلك الانفجار الضخم في مجمع بارشين العسكري شمال شرق طهران، إضافة لأمور أخرى.

من هنا، شدد أصلاني على أن “إيران ليس لديها خيار سوى الرد من أجل إرساء الردع” ، راسماً خطاً مباشراً أكثر بين الاغتيال والانتخابات الأميركية الأخيرة. وأشار أصلاني إلى أن “الاغتيال يستهدف إيران، لكنه في الوقت نفسه يريد أن يأخذ سياسة بايدن في الشرق الأوسط رهينة من خلال فرض قيود على الإدارة الأميركية المقبلة”، متوقعاً أن “المزيد من الاستفزازات قد تحدث في الأسابيع المقبلة لأن هناك إرادة واضحة لتقليل فرص التقارب بين إيران والولايات المتحدة”، مضيفاً “قال رئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو إن الولايات المتحدة غير مسموح لها بالدخول مرة أخرى إلى خطة العمل الشاملة المشتركة. وكان قد ذكر سابقا فخري زاده بالاسم. ربما تم الاغتيال بضوء أخضر من إدارة ترامب. كما عملت إدارة ترامب بجد لعرقلة طريق عودة إدارة الولايات المتحدة المقبلة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة في المستقبل”.

المصدر/ المونيتور

ترجمة/ هادي فولادغار

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: