الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة24 نوفمبر 2020 05:49
للمشاركة:

صحيفة “ايران” الحكومية – رفع العقوبات ممكن مع تنفيذ القرار 2231

تناولت صحيفة "ايران" الحكومية، في تقرير لمريم سالاري، موضوع إعادة احياء الاتفاق النووي الإيراني. حيث أجرت في هذا الصدد مقابلة مع مدير برنامج الدراسات العالمية في مركز الدراسات الاستراتيجية لرئاسة الجمهورية دياكو حسيني الذي أوضح الفرق بين تنفيذ القرار 2231 والعودة للاتفاق النووي.

عبّر وزير الخارجية محمد جواد ظريف في مقابلته الأخيرة مع صحيفة “ايران” عن الموقف من الاتفاق النووي والذي بموجبه تلتزم الإدارة الأميركية الجديدة بتنفيذ القرار رقم 2231 كونها عضو في الأمم المتحدة في حال أرادت حل المشاكل المتعلقة بتنفيذ الاتفاق النووي والعودة إليه مشروطة بالحوار مع إيران. وبحسب ظريف فإن المباحثات ستكون حول كيفية عودة أميركا إلى الاتفاق النووي. وقوبل هذا الموقف بالعديد من الأسئلة من المراقبين حيث أجرينا مقابلة مع دياكو حسيني مدير برنامج الدراسات العالمية في مركز الدراسات الاستراتيجية لرئاسة الجمهورية الإيرانية للرد على هذه الأسئلة.

  • من بين الأمور التي ذكرها ظريف أن أميركا ملزمة بتنفيذ القرار 2231 كونها عضو في الأمم المتحدة وقال إنه إذا أوفت هذه الدولة بالتزاماتها في إطار هذا القرار فإن إيران ستفي بالتزاماتها بالكامل. فهل يعني هذا الموقف رغبة إيران في فصل القرار عن الاتفاق النووي؟

كما نعلم فإن قرار مجلس الأمن رقم 2231 هو الضامن القانوني للاتفاق النووي وهو السبب الوحيد الذي يجعل الامتثال له ملزماً دولياً لجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. حيث كان أحد أسباب الفكرة منذ البداية طرح قرار لمجلس الأمن لدعم الاتفاق النووي لكي يكون خرق الاتفاق النووي من قبل الأطراف كلها مماثلاً لخرق وانتهاك قرارات مجلس الأمن، وليس انتهاكاً لمجرد اتفاق متعدد الأطراف. لذلك فإن الدولة التي هي عضو في الاتفاق النووي ملزمة بتنفيذ القرار وستكون الدولة العضو في الأمم المتحدة ملزمة بتنفيذ قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بما في ذلك القرار 2231 الذي يطالب الجميع باحترام بنود الاتفاق النووي.

  • يعتقد البعض بأن الاتفاق هو جزء من القرار وأن الالتزام بالقرار في حد ذاته يعني عودة أميركا إلى الاتفاق. فما هو رأيك؟

يتمتع الاتفاق النووي بمجموعة خاصة من الآليات والواجبات والحقوق حيث أن احترام القرار من قبل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في حد ذاته لا يسمح لهم بالاستفادة من هذه الآليات. وهذه الآلية خاصة حالياً بإيران ومجموعة “4 + 1”. وبهذه الطريقة يمكن لأميركا أن تلتزم مرة أخرى بتنفيذ كامل بنود القرار رقم 2231 دون الاستفادة من الحقوق والواجبات كأحد أعضاء الاتفاق النووي.

  • هل يمكن أن يؤدي الموقف الإيراني في مسألة فصل القرار عن الاتفاق النووي إلى تحديات من المنطلق الدولي ومن قبل واشنطن؟

لا يوجد نص واضح في الاتفاق حول انسحاب أحادي الجانب من بلد ما في حال كانت الدولة التي انسحبت من الاتفاقية تريد العودة إليه مرة أخرى. لذلك فإن هذا الموضوع يخضع لتفسيرات واتفاقات سياسية. ولكن على عكس الاتفاق فإن قرارات مجلس الأمن واضحة وصريحة والدولة التي انتهكت بالفعل أحد القرارات يمكنها بسهولة إعادة تنفيذ القرار دون أي شروط مسبقة. وقد عانت إيران من انتهاك أميركا للمعاهدة وانتهاكها أيضاً لقرار مجلس الأمن رقم 2231 ولهذا السبب لا يمكن لها أن تغض الطرف عن الماضي وتعود للاتفاق دون موافقة إيران العضو الأكثر تضرراً في الاتفاق.

ربما لهذا السبب قال السيد ظريف إنه إذا نفّذت اميركا القرار فعليها التفاوض مع إيران للعودة إلى الاتفاق النووي.

  • هل هذا يعني أن إيران ستفرض شروطاً على انضمام أميركا للاتفاق النووي؟ وإذا كان الأمر كذلك، ماهي الأمور التي قد تطرحها أو تُمليها؟

لم يكن سلوك الولايات المتحدة في السنوات الثلاث الماضية طبيعياً وبانسحابها من الاتفاق النووي تم سلب الثقة العالمية في أن الولايات المتحدة يمكن أن تكون طرفاً موثوقاً به في الاتفاقيات الدولية. وإذا كانت ترغب أميركا في تنفيذ القرار 2231 فقط، فليست هناك حاجة لبناء الثقة الدولية وفقط امتثالها للقرار يمكن أن يُحقق جديتها في تطبيق القانون الدولي. ولكن لا يمكن لها أن تعود بسهولة إلى الاتفاق النووي لتنفيذها قرار مجلس الأمن. ونحن اليوم لسنا متأكدين من أنها تتمتع بهذا الحق حتى مع تغير الحكومة في واشنطن.

لذا سيكون من الخطأ الفادح تجاهل الشروط التي تعطينا مثل هذه الطمأنينة. ولكن هذه ليست القضية الوحيدة. واليوم يُسمع بأن المقربين من السيد بايدن اشترطوا أن عودة أميركا إلى الاتفاق مشروطة بتنفيذ إيران لخطوات. والاستسلام لهذه الإغراءات ليس خاطئاً فحسب بل إنه خطير أيضاً ويمكن أن يدمر أي احتمال للتسوية في الأيام الأولى لإدارة السيد بايدن. وفي حال كانوا يريدون الدخول في لعبة الشروط للوفاء بالتزاماتهم فيجب أن يكونوا مستعدين لسماع شروط أشد من إيران وأقلها التعويض عن العقوبات أحادية الجانب.

  • الآن يعتقد البعض أن الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن لديه اليد العليا في التباحث مع إيران وذلك بسبب الضغط الاقتصادي الناتج عن عقوبات حكومة ترامب، فما هي أداة الضغط الإيرانية لرفض المطالب الأميركية؟ وكانت إيران قد اقترحت في وقت سابق خيار الانسحاب من معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية فهل يعقل أن هذا الخيار مازال مدروساً؟

إذا بدأ سباق وضع الشروط بين إيران وأميركا فإن كل الخيارات محتملة وليست مستبعدة وعلى حد علمي فإن الحكومة مستعدة لجميع الخيارات. من رفع مستوى التخصيب إلى أكثر من 20% إلى الخروج من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية. ولكن علينا أن نضع في اعتبارنا أن حكومة بايدن لم تتشكل بعد واتجاهها غير واضح لذا لا ينبغي أن نتسرع. ونحن نأمل أن تختار حكومة بايدن الطريق الصحيح  ولكن الأمل ليس استراتيجية. وعندما يتم الإعلان عن السياسات الرسمية للإدارة القادمة سيدركون بسرعة أي نوع من الخيارات التي سيواجهونها في إيران.

  • هل ستوافق دول 4+1 على عودة أميركا مباشرة إلى الاتفاق النووي؟

لا أستطيع أن أتوقع فيما إذا كانت الدول الأوروبية الثلاث على وجه الخصوص سترتكب خطأ أم لا. حيث كان البيان الأخير للدول الثلاث مخيباً للآمال في الإعراب عن القلق بشأن الأنشطة النووية الإيرانية بينما لم تعرب في السنوات الأخيرة عن أي شيء سوى الأسف على الانتهاك الجسيم للاتفاق النووي وقرار مجلس الأمن 2231.

  • إذا كانت الإدارة الجديدة ستتباحث مع إيران للعودة إلى الاتفاق النووي، فهل من الممكن أن تسعى لطرح التفاوض مع إيران بشأن سياسات إيران الإقليمية وأنشطتها الصاروخية؟ وذلك لأنه ضمن الاتفاق النووي لم تُطرح مسألة الأنشطة الصاروخية الإيرانية بشكل صريح وقد يرغب بايدن إلى جانب أوروبا في توضيح الغموض في هذه الاتفاقية والإشارة بشكل أوضح إلى أنشطة إيران الصاروخية.

لدينا قضيتان تكررتا مرات عديدة وبالطبع يجب التمييز بينهما. أولاً الاتفاق النووي متعلق فقط بالبرنامج النووي والعقوبات المرتبطة به. وبالنسبة للطرفين لم يكن هذا يعني أننا لم نكن على دراية بالعقوبات غير النووية وأهمية رفعها أو أن إيران وأميركا غير معنيين بالجوانب الأخرى للسياسة الإقليمية وأسباب التوتر في العلاقات الثنائية.

ولكن النقطة الثانية والأكثر أهمية هي أنه يجب أن يكون واضحاً لأميركا الآن أن إيران لن تتفاوض أبداً مع أي دولة حول السياسات الإقليمية والبرامج الصاروخية ولكن باب الحوار والتباحث مفتوح حول الأمن الإقليمي وبرامج الأسلحة في المنطقة. ونحن لم نعارض هذا النوع من المفاوضات بل قدمنا حتى الآن خططاً مختلفة للأمن الإقليمي من خلال بناء الثقة. من اقتراح ميثاق عدم الاعتداء والتدخل  وخطة هرمز للسلام واقتراح البنود الأربعة لحل الأزمة اليمنية وقبل كل شيء خطة إيران لمكافحة العنف والتطرف والتي كانت أول تجربة للرئيس حسن روحاني في حضور الجمعية العمومية للأمم المتحدة في عام 2013 حيث اعتمد كقرار صادر عن الجمعية وجزء من هذه المقترحات كذلك، ولكن تم تجاهلها كلها من قبل بعض دول المنطقة. وكما أوضح ظريف في المقابلة فإن سبب استبعاد القضايا الإقليمية من نطاق المفاوضات في الاتفاق النووي هو عدم استعداد الولايات المتحدة وليس عدم استعداد إيران. وإذا كان الأميركيون مستعدين للتفاوض بشأن الأمن الإقليمي بما في ذلك تحديد الأسلحة النووية الإسرائيلية وبيع الأسلحة الأميركية دون انقطاع لدول المنطقة والقواعد المتعددة لها، والتدخل العسكري، فلا أعتقد أننا سنقف في طريق تلك المحادثات.

  • لم يُشر بايدن للاتفاق النووي بعد فوزه وكانت هنالك تكهنات في وسائل الإعلام حول أفعاله وخطواته المُحتملة. ومع مواقف كبار المسؤولين الإيرانيين مؤخراً ماهي توقعاتك للأوضاع في الأشهر القليلة المقبلة وماهي قرارات الإدارة الجديدة بشأن إيران والاتفاق النووي؟

لا أستطيع التنبؤ بالمستقبل ولكنني مقتنع بأن الحكومة الأميركية بحاجة إلى اتخاذ خطوات شجاعة لإعادة بناء ثقتها المجروحة وأحد الخطوات الوفاء بتعهداتها في الاتفاق النووي. وقد كان بايدن نائب رئيس الولايات المتحدة في أثناء التفاوض وإبرام الاتفاق النووي، وهو يدرك جيداً أن الاتفاق كان أعلى صيغة أو شكل ممكن من أشكال الاتفاق في ذلك الوقت ولا يزال أفضل اتفاق متاح لمعالجة المخاوف بشأن برنامج إيران النووي ورفع العقوبات النووية. ومع ذلك فإن التحدي الأول لبايدن هو التغلب على أولئك الذين يشجعونه على اتباع سياسات محفوفة بالمخاطر من خلال إساءة تفسيرهم لسياسات إيران الداخلية والخارجية والذي يمكن أن يصرفه بسهولة عن مسار السياسة الخارجية الناجح. والأمر المفهوم تماماً هو أننا لم نعد في عام 2015 وأن الوضع السياسي قد تغير. ومنذ البداية كانت لدينا مطالب لم يتم تلبيتها في الاتفاق النووي، مثلما كان لدى الأميركيين مطالب لم يتم تلبيتها. واليوم مع تكبد إيران خسائر وأضرار بسبب الانتهاك للاتفاق، أصبحت قائمة الطلبات الإيرانية أطول من ذي قبل. ولكن ما دامت الولايات المتحدة لا تفي بجميع التزاماتها فسيبقى الطريق مسدوداً أمام التحديات الأخرى.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “ايران” الحكومية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: