الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة22 نوفمبر 2020 04:33
للمشاركة:

صحيفة “تجارت” التخصصية – الموازنة المناسبة

تناولت صحيفة "تجارت" التخصصية، في مقال لكوروش شرفشاهي، موضوع الموازنة التي تدرسها حكومة الرئيس حسن روحاني، موجهة الانتقادات لمضمونها نسبة للأرقام الموضوع فيها حول سعر صرف الدولار وسعر برميل النفط.

عندما يتعلق الأمر بالاقتصاد، يجب أن يوضع كل شيء بالعدد والرقم على الورق وأن يكون حقيقياً ومنطقياً قدر الإمكان. حيث تعد الميزانية من أهم قطاعات الاقتصاد في إدارة الدولة والتي تُقدّم إلى البرلمان من قبل الحكومة سنوياً على شكل مشروع قانون. وتتم كتابة مشروع قانون الميزانية في إطار قسمين: الإيرادات والنفقات، مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة أن يكون القسمان متوازنان. ولكن خلال جميع السنوات السابقة كان هذا التوازن غير متعادل لدرجة أننا نواجه كل عام عجزاً في الميزانية وقد وصل العمل إلى مكان بحيث تقدم الحكومة مُلحق الميزانية إلى البرلمان ضمن إطار التلاعب بالدولار والأدوات المالية الأخرى وتقوم بالتعويض عن ما مضى من جيوب الناس. وهذه السنة أيضاً يحتوي مشروع قانون الموازنة على العديد من الأسباب والتحفظات والتي تتفاقم بسبب المبررات غير المنطقية.

الدولار 11500 تومان وبرميل النفط 40 دولار

كانت أولى التصريحات الغريبة لرئيس مؤسسة التخطيط والميزانية حول سعر الصرف والنفط في موازنة العام القادم حيث قال محمد باقر نوبخت: “لقد اعتبرنا سعر الصرف في مشروع قانون موازنة العام المُقبل حوالي 11.500 تومان والتقديرات الأولية للنفط ب40 دولار للبرميل الواحد.” وأضاف: “إن مبيعات النفط والضرائب وبيع السندات ستكون مصدر الإيرادات الحكومية للعام المقبل وسيتم تخصيص سندات أقل في العام المقبل”، وتابع: “إن القدرة الضريبية للبلاد تسمح لنا بكسب عائدات ضريبية بدلاً من الاعتماد على النفط. وأما بالنسبة للنفط فذلك وفقاً لحجم الصادرات هذا العام فقد خططنا للتصدير بشروط مواتية ومهما كان فائض الدخل الذي نحصل عليه سيتم إنفاقه على المشاريع الكبيرة والحكومة الإلكترونية والشركات العلمية والمشاريع شبه المكتملة وتعزيز خطة التحول الصحي وليس على النفقات الجارية”.

تعارض وتضارب السوق مع مشروع قانون الحكومة

إن المثير للتعجب من هذه الموازنة أنها تأتي في ظروف بحيث أن مكاتب الصيرفة يبيعون الدولار بأكثر من 26 ألف تومان والأسوأ من ذلك بأن مكاتب الصيرفة الحكومية تختلف عن السوق الحرة ب300 تومان من حيث السعر والأسوأ من ذلك ضمن ظروف هبوط الدولار في السوق الحرة اشترت مكاتب الصيرفة الحكومية الدولار ب2000 تومان أكثر من سعر الصرف الحر مما جعل الدولار يصعد مرة أخرى. والنقطة الأخرى هي الإعلان عن سعر النفط بـ40 دولاراً للبرميل الواحد ضمن الميزانية. وبالرغم من اعتراف نوبخت بانخفاض حاد في مبيعات النفط والذي كان من المتوقع أن يكون أقل من 6% فإن الإعلان عن 40 دولاراً لبرميل النفط الإيراني هو انحراف آخر في الميزانية. فعندما يتم تسعير النفط العالمي بأقل من 45 دولار وكان هناك فرق كبير بين النفط الإيراني والعالمي دائماً فكيف يمكن للحكومة أن تسمح لنفسها بالتنبؤ بـ40 دولار لبرميل النفط؟

العواقب النفسية والروحية للأرقام الحقيقية

في حين أنه ليس من الواضح سبب الانخفاض الشديد في الأسعار ضمن الميزانية قال عضو لجنة التخطيط والميزانية في البرلمان جعفر قادري: “يجب إغلاق الميزانية بشكل واقعي وأسعار سعر الصرف وبرميل النفط ليست حقيقية أو واقعية”، مضيفاً “يجب أن تكون الميزانية حقيقية؛ وليس من المقبول الافتراض أننا إذا خفضّنا الميزانية فإن توجه الحكومة وديناميكيتها في تحصيل الإيرادات الضريبية سينخفض”.

الميزانية ليست وسيلة للرضا

في حال اتفق جميع المعنيين على أن الميزانية هي أداة لتنظيم الإيرادات والإنفاق الحكومي وليست لإرضاء ظاهر المجتمع فيمكن تنظيم هذه الوثيقة بشكل أفضل. وبالنظر إلى أن الدولار الواحد يعادل 11500 تومان فهذه هي مزحة ضمن الوضع الحالي فما سبب قيام الحكومة بتعديل الميزانية وفقاً لهذا الرقم؟

نظراً لأن أي نفقات للعام المقبل تخضع للرجوع إلى وثيقة الميزانية فيجب أن تكون الوثيقة الحكومية الأكثر منطقية. ولكن ليس من الصواب كتابة الميزانية بأرقام غير واقعية وذلك للتأثير على السوق المحلية أو للتباهي على الساحة العالمية. والناس الذين يعانون من ارتفاع الأسعار ويتشاركون الخجل بين أفراد الأسرة على موائدهم عندما يرون الحكومة تعلن سعر الدولار عند 11500 تومان وتبيعه عند 26000 تومان في مكاتب الصيرفة الحكومية فالسؤال الأول لهم هو ال15 ألف تومان الباقية أين ذهبت؟ حيث أن الناس الذين يتعين عليهم الوقوف في طابور للحصول على أبسط السلع الأساسية مثل الزيت يسألون أنفسهم أين تذهب ال40 دولار لبرميل النفط؟ وفي حال استطعنا جعل الناس يفهمون أن الغرض من استخدام هذه الأرقام هو إحداث تأثير نفسي على السوق المحلية فعلينا الإجابة على السؤال التالي إلى أي مدى سيطرت الأسعار والأرقام الزائفة للدولار والنفط في ميزانية العام الماضي على السوق؟ الحلم في الميزانية هو أكبر خطأ اقتصادي والذي يؤدي لعدم ثقة الشعب في الحكومة والإدارة الاقتصادية للبلاد.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “تجارت” التخصصية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: