الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة17 نوفمبر 2020 05:28
للمشاركة:

صحيفة “شرق” الإصلاحية – تحديات إحياء الاتفاق النووي في عهد بايدن

تناولت صحيفة "شرق" الإصلاحية، في مقال للدبلوماسي المتقاعد جاويد قربان اوغلي، الصعوبات التي ستواجه إيران من أجل تفعيل الاتفاق النووي مع أميركا، مؤكدة وجود الكثير من العقبات أمام إعادة إحياء هذا الاتفاق.

على الرغم من الجهود الشعبوية والإجراءات القانونية التي اتخذها محامو دونالد ترامب للتأثير على نتائج الانتخابات الأميركية الأخيرة وتغييرها، فقد اعترف أخيرًا بالهزيمة واستسلم لحكم القانون والنظام. وهكذا سيكون بايدن على رأس البيت الأبيض في 20 كانون الثاني/ يناير من العام المقبل.

في السياق عينه، عبّر العديد من دول العالم منذ الأيام الأولى لإعلان فوز المرشح الديمقراطي عن رضاهم لرحيل ترامب عن رأس السلطة الأميركية. من وجهة نظر أخرى فإن العديد من قادة العالم على الرغم من الاختلافات العديدة في شكل الحكومة والنظام السياسي السابق، اعتبروا أن ترامب كان ظاهرة فريدة في إدارة أغنى وأقوى دولة في العالم.

ومع ذلك  فإن معاملة ترامب المهينة للعديد من زعماء القارة وعدم التزامه بالمعاهدات والمواثيق الدولية، هو الأمر الذي أرسى الأساس لنظام عالمي جديد خلال العقود القليلة الماضية .

كان الأمر كما لو أن أوروبا كانت تعدّ الأيام المتبقية لنهاية الرئاسة التقليدية للبيت الأبيض، على الرغم من أوجه التشابه بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي في السياسة الكلية الأميركية. كما وعد بايدن في حملته، وكذلك عبر وثيقة المؤتمر الديمقراطي لعام 2020، أن اليوم من أولويات الحزب هي إعادة بناء العلاقات مع الحلفاء وعدم انتشار الأسلحة النووية والإرهاب وإرساء الديمقراطية وحقوق الإنسان، وهذا كله سيشكل الدعامة الأساسية لسياسة الولايات المتحدة. كما سيلغي بايدن العديد من مراسيم ترامب الرئاسية فيما يخص المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي انسحبت منها الولايات المتحدة خلال ولاية ترامب، وسيقوم  بإعادة النظر في نهج الولايات المتحدة تجاه السياسة الإقليمية.

وينطبق هذا الاتجاه على قادة مثل رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي يمتلك أقوى العلاقات السياسية والشخصية مع ترامب. وكما رأينا  كان نتنياهو من أوائل الذين هنأوا بايدن على فوزه ويبدو الأمر كما لو أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وما إلى ذلك هي التي استفادت أكثر من غيرها من ولاية ترامب البالغة أربع سنوات، فإنهم غير مستثنون من هذه القاعدة التي هنئت وباركت للرئيس الجديد.

لكن على ما يبدو، أن الدولة الوحيدة في العالم التي لم تبارك لبايدن هي الجمهورية الإسلامية الإيرانية. لا شك في ذلك، خصوصاً أن بلادنا  شهدت أشد الأضرار في جميع المجالات منذ السنوات الأربع الماضية، وأشدها كان العقوبات الاقتصادية الأميركية. فوفقًا لخبراء بلدنا ونشطاء الأعمال  كانت العقوبات في عهد ترامب أشد بكثير من العقوبات الناتجة عن القرارات النووية لمجلس الأمن الدولي.

إن تجاهل ترامب القواعد الدولية وقرارات الأمم المتحدة واعترافه بالقدس عاصمة للنظام الصهيوني ونقل السفارة الأميركية إلى هذه المدينة، وضم مرتفعات الجولان وجزءًا من الضفة الغربية إلى الأراضي المحتلة، وتطبيع العلاقات بين الدول العربية الأخرى وإسرائيل وبشكل أكثر وضوحًا فقد  جلب النظام الصهيوني إلى حدود إيران.

لكن بايدن هو مثل سلفه الديمقراطي باراك أوباما، الذي أسس الاتفاقية النووية مع إيران فقد قال إنه سيعود إلى الصفقة، وهذا الحدث إذا تحقق يمكن أن يكون أهم إنجاز للانتخابات الأميركية لإيران. لكن يبدو أنه بسبب التغيرات في الوضع الاقتصادي والسياسي في إيران، فإنها ستواجه بعض الانتكاسات. فهذه القضية  تتطلب إلى حد كبير عوامل مثل الإجماع السياسي في البلاد لقبول وإدارة هذه القضية. وكما يتضح فإن الأطراف المعنية والمعارضة عملت جاهدة لمنع حدوث ذلك.

إلى جانب النشطاء المحليين، أعرب معارضو الاتفاق كإسرائيل والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة عن قلقهم بشأن التطور الذي سيحصل في ملف هذه القضية.

 النقطة الأخيرة هي أن الاختلاف الأهم بين ترامب وبايدن، بالإضافة إلى موقفهما من الاتفاق النووي، هو نهجهما لبناء إجماع عالمي ضد إيران. إذا انسحب ترامب للأسباب المذكورة في البداية من الاتفاق النووي الإيراني، وتسبب في انقسامات بين العالم حول إيران، فإن بايدن مثل أوباما يمكنه تنظيم إجماع عالمي ضد إيران، ما يعني أن إيران ستواجه تحديات خطيرة حتى في تنفيذ الاتفاق.

لذلك الحل سيكون إجراء دراسة متأنية لمقاربات بايدن وخاصة وثيقة الحزب الديمقراطي الأميركي لعام 2020، لإدارة تحديات إيران المستقبلية في إدارة المراحل المستقبلية للمفاوضات المحتملة مع الممثلين الأميركيين بشأن الاتفاق. وفي هذا الصدد، فإن قضايا مثل التطورات في المنطقة وقوة الصواريخ ومداها، ووضع المعتقلين ذوي الجنسية المزدوجة وحقوق الإنسان هي أمور مشتركة بين أوروبا والرئيس الأميركي الجديد، هي عيوب خطيرة في إدارة المفاوضات لابد من الإنتباه لها.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “شرق” الإصلاحية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: