الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة16 نوفمبر 2020 04:54
للمشاركة:

صحيفة “جهان صنعت” الاقتصادية – يجب على الولايات المتحدة أن تتخذ الخطوة الأولى تجاه إيران

تناولت صحيفة "جهان صنعت" الاقتصادية، في مقال لعضو هيئة رئاسة البرلمان وعضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية البرلمانية محسن بير هادي، موضوع نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية واحتمال حصول أي مفاوضات مقبلة بين إيران وأميركا، مشدّدة على ضرورة أن تقدم واشنطن على الخطوة الأولى في أي مفاوضات مستقبلية.

إن وعود جو بايدن الانتخابية والتي مفادها العودة إلى الاتفاق النووي ورفع العقوبات عن إيران في حال فوزه بالانتخابات أسعدت بعض الشخصيات الداخلية في بلدنا والتي فسّرت هذا الأمر على أنه فرصة. وحول هذا الشأن هناك بعض الأشياء التي يجب أخذها بعين الاعتبار.

النقطة الأولى التي يجب ملاحظتها هي أن الإدارة الأميركية فقدت مصداقيتها خلال ولاية دونالد ترامب التي استمرت أربع سنوات بسبب التطرّف والتشدد على الساحة الدولية. كما أنني لا أريد التعليق على القضايا الداخلية للولايات المتحدة ولكن النهج الخارجي والدولي للولايات المتحدة الأميركية واضح أمامنا. وعلى الرغم من أن النظام الأميركي كان خلال العقود الماضية يناصب الأمة الإيرانية العداء دائماً ويتخذ القمع والعداوة للأمة الإيرانية، إلا أن الأمر كان جلياً ومتطرفاً خلال عهد ترامب في عداءه، ومن بعض الأمثلة التي تثبت ذلك الاغتيال الجبان للقائد قاسم سليماني والانسحاب الأحادي الجانب من الاتفاق النووي وتشديد حلقة الضغط والعقوبات.

وبالطبع فإن التذبذب في نهج فريق ترامب تجاه بقية الدول الأخرى كان حاداً في هذه الفترة وأصبح العديد من السياسيين حول العالم أكثر تشاؤماً بشأن سياسات الحكومة الأميركية ورأينا عواقب هذه الأساليب من خلال الانتخابات.

وكما يبدو الآن أن معظم الأميركيين يريدون تغيير نهج ترامب في مختلف المجالات وإزالة فكر ترامب وفريقه من التيار الرئيسي الذي يساهم بصنع القرار. وهذا يعني أنه يجب على الولايات المتحدة أن تتخذ الخطوة الأولى في العلاقة بينها وبين الدول الأخرى وخاصة إيران وهذا أمر طبيعي. وخلال مفاوضات الاتفاق النووي لم يقم الجانب الإيراني بأي خرق لتعهداته وكما أظهر دائماً حسن النيّة.

نحن لم نتغير، وحتى بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي والتمايل والرقص الدبلوماسي للأطراف الأوروبية في قضية دعم التبادل التجاري (instex)، قمنا بالتقليل وبشكل تدريجي من بعض القيود ضمن مجال التخصيب وفقاً للاتفاق النووي. وكما أننا لم نتراجع في تعاملاتنا مع الوكالات والمؤسسات الدولية ولم نُخلف بوعودنا. بل حكومة الولايات المتحدة هي التي تراجعت ومن الطبيعي أن لا ينتظر أحد أن تكون الخطوة الأولى في أي مفاوضات مستقبلية من إيران. ويجب على الحكومة الأميركية أن تتخذ الخطوات الأولى وكما أن المنطق الدولي يحكم بهذا أيضاً.

وهذا لا يعني أنه لدينا شرط مسبق للتفاوض مع الآخرين. وهذه ليست الأخلاق الإيرانية ولكنها تنبع من السياسيين الأميركيين. والنقطة المهمة هي أنه عليهم الالتزام والوفاء بالوعود التي قطعوها سابقاً. وكما أن العودة العملية إلى الالتزامات ووضع حد للتدخل في الشؤون الداخلية لإيران والابتعاد عن المجال الجغرافي والإقليمي لإيران واحترام المصالح الوطنية والإقليمية للجمهورية الإسلامية هو أقل ما يمكن فعله حتى يُسهل الحوار المتبادل. وفي حال لم يتم احترام البنود المذكورة أعلاه فإن إمكانية الحوار وبشكل طبيعي هي مستحيلة.

وخلال السنوات الأخيرة تحركت الولايات المتحدة في اتجاه لا يمكن أن يؤدي إلى أي شيء آخر غير الوضع الحالي الذي تعيشه اليوم. وتخميني هو أن ترامب ومن خلال التطرّف ضاعف سرعة الإدارة الأميركية في ذلك الاتجاه الخاطئ. وكما تُظهر اتهامات الحزبين الرئيسيين الحاكمين في الولايات المتحدة، قبل الانتخابات وبعدها وبمشاهدة الوضع الحالي نرى أن الولايات المتحدة رغم قوتها العسكرية والاقتصادية مفلسة تماماً من حيث الخطاب والحكم الصائب.

وكما قال المرشد الأعلى علي خامنئي، فكما أن عظمة التايتانك لم تمنعها من الغرق فإن الهيمنة والسلطة الأميركية لن تمنعها من الغرق. ومثل هذا الوضع على المستوى المحلي في الفناء الخلفي لأميركا أي في القارة الأميركية وكذلك على مستوى العالم أدّى إلى مزيد من التراجع في القوة والهيبة، وأعتقد أن هذه المكانة والهيبة مفقودة ولن يتم إصلاحها بدون تغيير جوهري في الإدارة الحاكمة.

ولقد ذكرت سابقاً أنني لا أسعى للتعليق على القضايا الداخلية الأميركية ولا يوجد لدي دافع لذلك ولكن إصلاح مبادئ وسلوك المسؤولين سيهدئ أطفال اليمن ويعيد اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم ويقلل الغضب والعنف في العالم ويضعّف أساس الجماعات الإرهابية وسينهي سباق التسلح وباختصار ستجعل عالمنا مكاناً أفضل وأكثر أماناً للعيش فيه. نحن لم نسبب الضرر أبداً لأي دولة وكنا دائماً نمضي بحسن نيّة. وفي حال كانت الولايات المتحدة ترغب وتريد إصلاح علاقاتها مع إيران ومنطقتنا فعليها أن تبدأ في إصلاح نفسها أولاً.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “جهان صنعت” الاقتصادية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: