الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة14 نوفمبر 2020 06:13
للمشاركة:

نيويورك تايمز تكشف عن اغتيال الموساد لنائب زعيم تنظيم القاعدة وزوجة نجل بن لادن في طهران: إيران – القاعدة والعلاقة المبهمة

كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية عن اغتيال الموساد لنائب زعيم تنظيم القاعدة وأرملة نجل بن لادن في العاصمة الإيرانية قبل ثلاثة أشهر بطلب من الولايات المتحدة الأميركية.

ثلاثة أشهر مرّت على حادث اغتيالٍ غامض وقع شمالي طهران دون اتضاح تفاصيل ما حدث. بحسب ما تناقلت وسائل الإعلام الإيرانية حينها فقد أردى مسلحون يستقلون دراجة نارية امرأة ورجل من الجنسية اللبنانية دون أن تتضح تفاصيل هذه العملية. يومها، لم يصدر أي تعليق رسمي حول الموضوع، ولم يتم نشر أي تفاصيل إضافية عن هذا الحادث. خيوط الحادثة بدأت مؤخرا مع كشف صحيفة “نيويورك تايمز” بأن الشخصين اللذين تم اغتيالهما هما من قيادات تنظيم “القاعدة” الموجودين في طهران، وأن المنفذ هو الموساد الإسرائيلي لصالح الولايات المتحدة.

في 8 آب/ أغسطس الماضي، كشفت وسائل الإعلام الإيرانية أن “مريم داود يجرى اغتيالها مع والدها حبيب داودي بعدما أطلق عليهما الرصاص من قبل مسلحين يستقلون دراجة نارية وهما من الجنسية اللبنانية”، موضحة أنه جرى إطلاق 5 رصاصات من قبل المسلحين على المواطنيين اللبنانيين أثناء تواجدهما في شارع باسداران، وأن 4 رصاصات أصابت أهدافها، فيما أصابت الرصاصة الخامسة سيارة عابرة.

منذ ذلك الحين، لم يعرف شيء عن هذين الشخصين، أو دوافع قتلهما. ورغم إعلان عدد من المواقع الإلكترونية أن حبيب داودي هو أحد عناصر “حزب الله” اللبناني وجرى اغتياله في طهران، قرب منزل نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس، الذي اغتالته الولايات المتحدة مطلع كانون الثاني/يناير 2020 قرب مطار العاصمة بغداد، إلا أنه حتى اليوم لم تظهر أي معلومات تؤكد أو تنفي الموضوع.

في هذا السياق، كشفت صحيفة نيويورك تايمز أن “من قُتل في طهران ليسا لبنانيين كما أشيع، بل كانا يحملان جنسيات لبنانية مزوّرة”، مؤكدة أن “الرجل والمرأة هما من قيادات تنظيم القاعدة الموجودين في إيران منذ العام 2001”.

وقالت الصحيفة إن عبد الله أحمد عبد الله والمعروف بـ”أبو محمد المصري” الخليفة المحتمل لأيمن الظواهري وابنته أرملة حمزة بن لادن”، قتلا في عملية نفذها جهاز الموساد الإسرائيلي بناء على طلب من الولايات المتحدة الأميركية.

هذه المعلومات تطرح العديد من الأسئلة حول هذه الشخصية التي قد تكون اغتيلت في طهران، ومهماتها. فمن هو عبد الله أحمد عبد الله، وما سبب وجوده في طهران؟

نيويورك تايمز تكشف عن اغتيال الموساد لنائب زعيم تنظيم القاعدة وزوجة نجل بن لادن في طهران: إيران - القاعدة والعلاقة المبهمة 1

من هو عبد الله أحمد عبد الله؟

عبد الله أحمد عبد الله، المعروف أيضًا باسم أبو محمد المصري، هو عضو مصري رفيع المستوى في تنظيم القاعدة. وهو مطلوب من قبل الولايات المتحدة لدوره في تفجيرات السفارة الأميركية عام 1998 في دار السلام بتنزاني ونيروبي بكينيا. وقد وُصف بأنه مخطط العمليات الأكثر خبرة في التنظيم. وأعلن مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) مكافأة قدرها 10 ملايين دولار مقابل معلومات تؤدي مباشرة إلى القبض على عبد الله.

كما أدرج مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة المصري عبد الله أحمد عبد الله على لائحة الإرهاب، في 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2001، بعدما تبيّن “ارتباطه بتنظيم القاعدة أو أسامة بن لادن أو بحركة الطالبان بسبب المشاركة في تمويل أعمال أو أنشطة يقوم بها تنظيم القاعدة أو في التخطيط لها أو تيسير القيام بها أو الإعداد لها أو ارتكابها”.

وفقاً للائحة الاتهام الأميركية، كان عبد الله عضوا قيادياً في تنظيم القاعدة وأخذ مركزاً في المجلس الاستشاري لأسامة بن لادن. يُعتقد أن عبد الله أعطى المال لمحمد عطا، المنفذ الرئيسي لهجمات 11 أيلول/ سبتمبر، لمساعدته في تنفيذ تلك العملية. في قضية تفجير السفارتين في تنزانيا وكينيا، اتهمته لائحة الاتهام الأميركية أنه قبل التعاون في التفجيرات، كان عبد الله متورطًا في عمليات أخرى مناهضة للولايات المتحدة خصوصاً في أفريقيا. قدّم عبدالله وأعضاء آخرون في القاعدة، حسب لائحة الإتهام، مساعدة عسكرية وتدريبًا للقبائل المعارضة لوجود الأمم المتحدة والولايات المتحدة في الصومال خلال الاضطرابات المدنية في ذلك البلد في عام 1993.

بحسب لائحة الاتهام، فقد تجسس عبد الله على السفارة الكينية مع شركائه قبل ثلاثة أيام من التفجيرات. بعد أن أعطى الأمر لجميع أعضاء القاعدة بمغادرة كينيا بحلول 6 آب/أغسطس، فر عبد الله من البلاد إلى كراتشي في باكستان. في 7 آب/أغسطس، غادرت شاحنة صغيرة محملة بالقنابل فيلا في نيروبيكان استأجرها نشطاء القاعدة وتوجهت إلى السفارة الأميركية. في هجوم متزامن على بعد 644 كم، اقتربت شاحنة مفخخة أيضًا من السفارة الأميركية في دار السلام، تنزانيا. انفجرت القنابل على بعد دقائق فقط، مما أسفر عن مقتل ما مجموعه 224 شخصًا.

كما اتهمت لائحة الاتهام عبد الله بتدبير جواز سفر مزور لأحد المتهمين بتفجيرات السفارة الكينية، محمد صديق عودة. مكنت تلك الوثيقة عودة من السفر مع أعضاء آخرين من القاعدة إلى أفغانستان للقاء بن لادن.

اعتقل عبدالله في إيران ووضع تحت الإقامة الجبرية. وأكد ذلك المتحدث باسم القاعدة سليمان بوغيث في التحقيقات معه في أميركا. وصدر قرار بإخلاء سبيله من قبل إيران في آذار/مارس 2015 مع سيف العدل وأبو الخير المصري في صفقة تبادل أسرى، مع وجود ترجيحات بأنه بقي في طهران منذ ذلك الوقت.

في أواخر العام الماضي، تناقلت وسائل الإعلام الأميركية خبراً مفاده أن نجل أسامة بن لادن، حمزة، والذي كان من المرجح أن يخلف أيمن الظواهري في ترأس التنظيم، قد تم تصفيته بغارة أميركية. حينها، برزت أسئلة عديدة حول الشخصية التي ستخلف الظواهري.

وتحدثت معلومات تناقلتها وسائل الإعلام، أن زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، يعاني من أزمة صحية كبيرة جعلته يبحث عن خليفة له. 

ووفق المعلومات، حدد الظواهري هوية من سيخلفه، حيث طالب مجلس شوري تنظيم القاعدة بمبايعة أبو محمد المصري. وبالتالي، يُعتبر عبد الله أحمد عبد الله خليفة الظواهري في ترأس التنظيم.

تنظيم القاعدة في طهران

في رسالة بعثها أيمن الظواهري إلى أبي مصعب الزرقاوي، زعيم تنظيم القاعدة في العراق، في تموز من العام 2005، حاول الأول إقناع الثاني بعدم مهاجمة الجماهير الشيعية، وحذّره من استمرار الهجمات العدوانية ضد الشيعة، لأن ذلك قد يشجّع الإيرانيين على اتخاذ تدابير مضادة. ويورد الظوهري في رسالته أن مصلحة تنظيم القاعدة تتطلب إيجاد حالة من اللا حرب بينه وبين إيران.

هذا الواقع، يطرح علامات استفهام حول وجود هذا التنظيم، المختلف عقائدياً وايديولوجياً مع إيران، في طهران وكيفية وصوله والعلاقات بين الطرفين.

العلاقة بين إيران والقاعدة ليست سرا، وبرزت في الماضي العديد من التصريحت من قبل مسؤولين إيرانيين حول هذا الموضوع. الجنرال المتقاعد في الحرس الثوري سعید قاسمي، أعلن في نيسان/أبريل 2019، أن “عناصرالحرس الثوري درّبوا مسلحي تنظيم القاعدة، أو بالأحرى نواة التنظيم الذين كانوا يقاتلون في أماكن عدة”.

وأوضح قاسمي، في حديث مع موقع “أبارات” الإيراني، أنه “ذهب إلى البوسنة، إبان الحرب، في تسعينيات القرن الماضي لتدريب المقاتلين المسلمين هناك، لكنه كان ينتحل مع رفاقه صفة عاملي إغاثة في الهلال الأحمرالإيراني”، مضيفاً “لقد كنا جنبا إلى جانب مع القاعدة، لقد تعلم عناصرالقاعدة منا الكثير”.

بعد المقابلة، انهالت التصريحات النافية من المسؤولين الإيرانيين، وأصدر مكتب الرئيس الإيراني، حسن روحاني، بيانا نفى فيه تصريحات الجنرال السابق في الحرس الثوري، قائلا إنها “تساعد العدو”.

بداية وصول قادة القاعدة إلى طهران كان عقب أحداث 11 أيلول 2001، حين هرب عدد من العناصر من معسكر هرات الذي يقوده أبو مصعب الزرقاوي مع بدء الهجوم الأميركي على أفغانستان، ودخلوا إيران. أمام التأكيدات الغربية، خصوصا الأميركية، على وجود قيادات من تنظيم القاعدة على الأراضي الإيرانية، اعترفت إيران بهذا الأمر، لكنها أكدت أن العناصر أو القيادات الموجودة في إيران تقبع في السجون، حسب تصریحات الرئيس محمد خاتمي تعليقا على رفض حكومته تسليم أحد قيادات القاعدة.

لكن في 23 كانون الأول/ديسمبر، كشفت صحيفة “الشرق الأوسط” أن ابنة بن لادن هربت من حراسها في طهران. عملية الهروب كشفت أن المعتقلين من قيادات القاعدة لم يودعوا في السجون، بل تمت استضافتهم في منازل خاضعة لحراسة مشددة من أجهزة الأمن التابعة لحرس الثورة في منطقة تبعد45 كليومترا إلى الغرب من العاصمة  طهران، يُمنع على أي مدني الوصول إليها، وهو ما تحدث عنه بالتفصيل القيادي في القاعدة أبو حفص الموريتاني في الكتاب الذي أصدره الصحافي الموريتاني “لمین ولد سالم”، تحت عنوان”التاريخ السري للجهاد من القاعدة إلى  الدولة الإسلامية”.

إستناداً إلى اعترافات المتحدث الرسمي باسم القاعدة سليمان بوغيث الكويتي، والمشار عنها سابقاً، سافر بوغيث في عام 2001 برفقة أسرته وأسرة بن لادن وقيادات عدة في التنظيم إلى إيران التي استضافتهم لأكثر من 10 سنوات. وتمكنت أجهزة الأمن التركية في 2013 من اعتقاله بعد تلقي جهاز المخابرات التركي معلومات استخباراتية من وكالة المخابرات المركزية الأميركية، بصدد وصول زوج ابنة بن لادن سليمان إلى تركيا، بجواز سفر إيراني.

إتهامات أميركية حول هذه العلاقة

أميركياً، تؤكد المخابرات في واشنطن أن العلاقة بين القاعدة وإيران وثيقة وكشفت عنها في أكثر من تقرير. أظهرت دراسة لموقع “criticalthreats” الأميركي والمدعوم من الحكومة الأميركية، أن العلاقات بين الطرفين قديمة جداً، تعود إلى تسعينات القرن الماضي. وأوضح التقرير أن أواخر عام 2001، قام قائد عمليات القاعدة البارز أشرف سيف العدل بنقل قيادة القاعدة من أفغانستان إلى إيران في أعقاب الغزو الأميركي لأفغانستان.

في العام 2005، بدأ التنظيم الذي تتخذ قياداته من إيران مقراً لها، بقيادة عزالدين عبدالعزيز خليل بنقل أموال وأفراد من الخليج لتنظيم القاعدة من إيران إلى أفغانستان وباكستان والعراق. وفق التقرير، أشار التقييم السنوي لوزارة الخارجية الأميركية الصادر في عام 2010، إلى أن إيران لا تزال غير مستعدة لتقديم العدالة ورفضت الكشف علنًا عن كبار أعضاء القاعدة المحتجزين لديها.

كما استند التقرير الأميركي إلى “عشرات المقابلات مع مسؤولين حاليين وسابقين في المخابرات ومكافحة الإرهاب الذين اعتبروا أنه لم يكن هناك نمط واضح في تحركات عناصر القاعدة في إيران، ففي بعض الأحيان كان بإمكان الرجال السفر أو التواصل مع قياديين آخرين”.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: