الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة12 نوفمبر 2020 02:26
للمشاركة:

دور الجامعات في الصناعات الدفاعية الإيرانية

إن امتلاك قوة عسكرية متفوقة كان وسيبقى أحد الاهتمامات الرئيسية لأي حكومة منذ العصور القديمة. هذه القوة قد تستخدمها بعض الدول للقيام بحملات خارج حدودها وتسبب الكثير من الضرر للعالم، لكن لا أحد يستطيع أن ينكر حقيقة أن التفوق العسكري يخلق أيضًا الردع. هذا الردع مهم في الوضع العالمي الحالي الذي يشهد خطر اندلاع حروب في أي لحظة.

لا يمكن تجاهل دور الجامعات في تطوير هذه التقنيات العسكرية، في ظل توافر المعدات اللازمة تحت تصرف المراكز العسكرية. وبالتالي، مع ربط هذين المركزين، العلمي والعسكري، نرى اليوم إنتاج طائرات متطورة وصواريخ وأقمار صناعية ومعدات إلكترونية وغيرها من التكنولوجيا العسكرية. لم يكن أي جيش سيستطيع بناء أي قدرة عسكرية بدون الجامعات. إن حداثة المعدات التي تحتاجها المراكز العسكرية من ناحية، وخلق المنافسة بين الدول المختلفة لتحقيق معدات عسكرية متفوقة، من ناحية أخرى، دفع هذه المراكز إلى إنفاق ميزانيات ضخمة على البحث في الجامعات.

على الرغم من وجود الجامعات العسكرية في العديد من البلدان اليوم إلى جانب الجامعات الصناعية وغير الصناعية لتدريب الموارد البشرية لهذا القطاع، إلا أن الجامعات الصناعية تتحمل أيضًا جزءًا كبيرًا من العبء البحثي لهذه المراكز. في هذه الأيام، عندما تم رفع حظر الأسلحة عن بلادنا بعد سنوات، يمكن لإيران، مثل العديد من البلدان الأخرى، العمل في مجال شراء وبيع المعدات العسكرية – وهي مسألة ستفتح بالتأكيد الباب أمام المراكز الجامعية إلى حد أكبر – وهذا هو السبب المهم.

القدرات البحثية للمراكز العسكرية لجامعات الدولة

أكد رضا رستا آزاد، الرئيس السابق لجامعة شريف للتكنولوجيا، أن الأولوية في الولايات المتحدة هي تخصيص الأموال البحثية في الجامعات، أولاً للقضايا العسكرية ومن ثم للصحة، مضيفاً “خلال فترة وجودي في جامعة شريف للتكنولوجيا، سعينا لتحقيق هذا الهدف المهم وتمكنا من زيادة دخل الجامعة من نصف مليار تومان سنويًا إلى 165 مليار تومان(1 $= 27300 تومان حسب سعر السوق)، عبر زيادة ميزانية البحث في المشاركة بالأبحاث العسكرية”.

وأشار رستا آزاد، إلى “أننا لم نذهب إلى المراكز العسكرية لنقول أعطونا مشروعًا، لكننا قلنا لهم إنه بإمكاننا خلق المشاريع وإيجاد الحلول”، موضحًا أن “ميزة المراكز العسكرية هي امتلاكها الأموال، ما يساعدنا على تأمين الميزانية المطلوبة للأنشطة البحثية”. ورأى أنه “لا يجب على أحد أن يقول إن الجامعات تجري أبحاثاً للمراكز العسكرية، بل هذه الجامعات تقوم ببناء الأنظمة التي يحتاجها المركز العسكري”. وأضاف رستا آزاد، “أننا نمتلك القوة في صناعة الطيران وتمكّنا من بناء نماذج حديثة، ومثال على ذلك الطائرة بدون طيار RQ170 التي هبطت بأمان وهي من صناعة الجامعات الإيرانية، وهذا فاجأ العالم كله”.

من جهته، دعا عضو هيئة التدريس في فرع العلوم والأبحاث في جامعة آزاد الإسلامية فرشاد بازوكي، لـ “الانتظار من أجل معرفة طريقة بيع الأسلحة بعد رفع الحظر”، مؤكدًا على “ضرورة بيع بعض الأسلحة بهدف شراء الأدوات وتطوير القدرات”. وأعرب بازوكي عن أسفه من أن “الحكومة الإيرانية الحالية برئاسة حسن روحاني لم تعطِ الكثير من الاهتمام للبحوث حول الصناعة العسكرية، وخاصة في مجال الفضاء”، وهذا بدوره دفعه للقول “إنني لا أعتقد أن رفع حظر الأسلحة سيكون له تأثير كبير على أبحاث المراكز الأكاديمية في المجال العسكري قبل انتهاء ولاية الحكومة الحالية”.

وأشار بازوكي، إلى أنه بسبب تفشي وباء كورونا والتدريس عن بعد، بات من الصعب التواصل بين الأساتذة والطلاب عبر الإنترنت، خصوصاً وأن المواضيع المتعلقة بالصناعات العسكرية هي أمور سرية”، واصفاً هذا الموضوع بالعقبة الكبيرة، مضيفاً “في صناعتنا العسكرية، المشكلة هي أنه إما ليس لدينا أشخاص على الإطلاق يمكنهم تحويل المشاريع الكبيرة إلى مشاريع صغيرة، أو أن عددهم محدود للغاية”.

وتابع بازوكي “منذ عشرين سنة، توصلنا إلى استنتاج مفاده أن صناعة الصواريخ لها نتائج ايجابية وتمكننا من دخول الفضاء إضافة لبناء الصواريخ، بناء على هذه التجربة، تمكنا مؤخراً من إطلاق قمر صناعي إلى الفضاء”، مؤكداً أن “إيران حاليًا أحد أفضل 11 دولة في نادي الفضاء العالمي، كما أننا من الدول الرائدة في مجال تصنيع الطائرات بدون طيار، وكل ذلك بسبب اهتمامنا بهذا الموضوع”، معتبراً أن “هناك مشكلة أن اهتمامنا لم ينصب على كل شيء، مثل صناعة الطيران المدني، وهذا هو السبب في أننا نرى أسطولنا باليًا اليوم”.

ورأى بازوكي أن “بلاده استطاعت أن يكون لنا اليد العليا في مجال الصواريخ والصناعات الفضائية التي تنتمي إلى الصناعة العسكرية وحققت أيضًا بعض النجاح في المجال العسكري في البحر وإلى حد ما على الأرض في قضايا مثل بناء الدبابات وما إلى ذلك، لكن قوتنا الرئيسية في المجال العسكري ستكون بالتأكيد قضية الصواريخ”، مشيراً إلى أنه “ما لم يتم تنسيق علاقة الصناعة العسكرية بالدولة مع الجامعات، فلن يكون من الممكن الوصول إلى مرحلة تصدير المعدات العسكرية، لأن الجامعة ليست مكانًا للصناعة، بل هي عماد البحث العلمي”.

العلاقة بين الجامعات والمراكز العسكرية حسب قاعدة البيانات العلمية

يعتبر البحث في المراكز العسكرية حول العالم موضوعًا سريًا لا يمكن البحث عنه، لكن قاعدة البيانات العلمية الإيرانية نشرت بعض الأنشطة البحثية التي تقوم بها المراكز الأكاديمية في البلاد في مجالات مثل الطائرات بدون طيار والصواريخ والدبابات والغواصات. وبطبيعة الحال، هذه ليست سوى جزء صغير من الأنشطة البحثية القائمة بين المجتمع الأكاديمي والمجتمع العسكري في البلاد.

تُعرف إيران اليوم باسم “إيران الصاروخ”، وهي دولة تدين بموقفها الحالي لأنشطة البحث التي بدأت منذ عشرات السنوات في جامعات البلاد، وقد وضعت البلاد الآن في صدارة الصواريخ في المنطقة وحتى في العالم. وبحسب قاعدة البيانات، بدأت الأنشطة البحثية الأولى المتعلقة بهذا المجال في عام 1920، وبعد انقطاع دام 60 عامًا، بدأت مرة أخرى في نفس الوقت مع بداية الحرب العراقية الإيرانية ووصلت إلى ذروتها في أوائل الألفية الثانية. شهدت عملية البحث في هذا المجال اتجاهًا تصاعديًا حتى عام 2003، عندما أدى النشاط الأكاديمي في البلاد إلى نشر 22 مقالًا علمياً مرتبطاً بالصناعات العسكرية. ولكن من ذلك العام، انخفض هذا الموضوع بشكل كبير.

من المثير للاهتمام أن طلاب الدراسات العليا في مجالات الهندسة الميكانيكية والفضاء والكهرباء والإلكترونيات من جامعات طهران لعبوا الدور الأهم في هذا الصدد. في سياق آخر، نشطت المراكز العسكرية الإيرانية، والجامعات بالطبع، في مجال دراسات الطائرات بدون طيار، التي تُعتبر الآن واحدة من المعدات الجديدة والعملية في ساحة المعركة. بدأ البحث الأول في هذا المجال في عام 1995. إلا أنه منذ بداية هذا العقد تغير وضع البحث في هذا المجال بشكل مفاجئ ووصل عدد الأبحاث العلمية في هذا المجال إلى 36 مقالة في عام 2017.

بصرف النظر عن الوجود العسكري في السماء، نشطت الجامعات في مجال أبحاث الغواصات والبحرية منذ حرب الثماني سنوات مع العراق، حيث تم نشر المقالات الأولى عن السلاح في عام 1983. إلا أن هذا المجال شهد تقلبان\ت كثيرة، ولم تشهد نشاطاً كباقي القطاعات، ومن المثير للاهتمام أن معظم هذا البحث أجرته جامعات خارج العاصمة، وهي أصفهان ويزد وشهرود الصناعية.

صحيح أنه من خلال الاطلاع على بيانات هذا الموقع يمكن الطلاع إلى حد ما على الأنشطة البحثية للجامعات في المجالات العسكرية المختلفة، ولكن لا يمكن اعتبارها سجلاً للجامعات في مناقشة العلاقة مع المراكز العسكرية وتلبية احتياجاتها البحثية، لأن المعلومات حول هذا الأمر تعتبر أسرارًا لا يتم الكشف عنها بسهولة بسبب الأمن.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

ملف – النظام الصاروخي الإيراني/ صحيفة “فرهيختغان” الإيرانية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: