الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة11 نوفمبر 2020 04:25
للمشاركة:

صحيفة “شرق” الإصلاحية – زيادة القدرة التنافسية لشركات النفط الإيرانية

تناولت صحيفة شرق الإصلاحية، في مقال لخبير الطاقة علي رضا سلطاني بعنوان "زيادة القدرة التنافسية لشركات النفط الإيرانية"، موضوع تأثير العقوبات الأميركية على نفط إيران وكيفية استغلال هذه الضغوطات وقلبها إلى فرص تنافسية في الإنتاج بين الشركات الداخلية.

أدى وصول جو بايدن إلى السلطة في الولايات المتحدة إلى زعزعة أسس العقوبات الاقتصادية والنفطية الإيرانية. بعيدًا عن ذلك فإن العقوبات المكثفة والقاسية في العقد الماضي، أدت إلى كشف العديد من نقاط الضعف للنظام الاقتصادي الإيراني، إلا أنها وفرت الأرضية للسعي لإصلاح جزء (وليس كل) من الهيكل وإزالة الضرر والخطر. فيما يتعلق بالنظام الاقتصادي والإداري العام للبلد في الوضع الحالي للعقوبات هناك حقيقة أنه للأسف لا يزال البلد في نفس الموقف وليس هناك إرادة أو دافع للتغيير الجزئي.

على الرغم من أن المخاطر والتحديات الاقتصادية تزداد حدة يومًا بعد يوم، إلا أن القضايا السياسية هي في الهيكل السياسي والإداري للبلاد، لدرجة أن التحديات الاقتصادية وعواقبها السياسية والاجتماعية لا تؤخذ على محمل الجد. أظهرت التجربة أن فرص التنمية تكمن في سياق التحديات ومن ضمن التحديات يمكن تحقيق الفرص. من بين القطاعات الاقتصادية الإيرانية، ربما تكون تأثيرات العقوبات على صناعة النفط أكثر ضرراً من القطاعات الأخرى.

بصرف النظر عن آثار العقوبات النفطية على الاقتصاد الإيراني تواجه صناعة النفط حاليًا مخاطر جسيمة تشكلها العقوبات. فقد فُرضت عقوبات اقتصادية على صناعة النفط الإيرانية في أسوأ وقت ممكن. على مدار العقد الماضي كانت هناك منافسة شرسة بين البلدان النفطية التقليدية ودول النفط الناشئة للحصول على حصة أكبر في السوق من خلال زيادة إنتاج النفط الخام وإمداداته وقد بدأوا في هذه البلدان بالاستثمار بكثافة في إنتاج النفط الصخري التقليدي وغير التقليدي.

إيران وبصفتها رابع مالك لاحتياطي النفط في العالم وبصورة أدق الحائز الأول لإجمالي احتياطي النفط والغاز العالمي ليست مستثنية من هذه المنافسة. تملي قواعد اللعبة أن تقوم إيران باستخدام الموارد المالية الدولية والتقنيات ذات المستوى العالمي بتوسيع عملياتها الاستثمارية في مشاريع تطوير النفط والغاز من أجل أن تبقى داخل المنافسة مع الدول الأخرى والحفاظ على مكانتها في سوق النفط العالمي. لكن العقوبات الدولية على مدى العقد الماضي منعت إيران من الوصول إلى الموارد المالية والتقنية الدولية، أو بتعبير أدق، من جذب الشركات الأجنبية الموثوقة برأس المال والتكنولوجيا. إن فترة عامين من تنفيذ الاتفاق النووي مع انسحاب الولايات المتحدة من هذه الاتفاقية لم تتمكن من توفير الأرضية للشركات الأجنبية مثل توتال في إيران.

علاوة على ذلك في ظل غياب الشركات الأجنبية وقبل العقوبات الأخيرة لم تتمكن صناعة النفط الإيرانية التي تعود إلى قرن من الزمان حتى الآن من الوصول إلى مستوى من القدرة ماليًا وفنيًا وهندسيًا وكذلك الإدارة التنفيذية للمشاريع النفطية التي يمكن أن تسد جزءًا من نقص الشركات الأجنبية. تشكل عقوبات العقد الماضي ضربة خطيرة لصناعة النفط للقضاء على الاعتماد الكامل على الدول الأجنبية وخلق الثقة في الشركات والمؤسسات المحلية في مختلف المجالات، بما في ذلك تصنيع العناصر والمعدات الاستراتيجية التي تحتاجها صناعة النفط والغاز وزيادة معامل استخلاص النفط  والأهم من ذلك استخدام الشركات الإيرانية في تنفيذ مشاريع التنمية الصناعية.

هذا الرأي الأخير تم متابعته وتنفيذه بجدية في شكلين كان الشكل الأول على شكل عقود نفط وغاز جديدة تسمى “IPC ” والتي بموجبها  يتم  اكتساب الخبرة وزيادة المستوى الفني والإداري. يجب أن تكون شركات النفط الإيرانية حاضرة إلى جانب الشركات الأجنبية في مشاريع تطوير النفط والغاز. ومن الأمثلة على هذه الخطة عقد تطوير المرحلة 11 من جنوب فارس، والذي لم يصل إلى مرحلة التنفيذ بسبب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي. ولكن وفقًا للعقد كانت شركة النفط الإيرانية “بترو بارس” تطور أهم مرحلة في “جنوب بارس” بحصة 19٪ إلى جانب توتال الفرنسية و CCP الصينية. قد تكون هذه الخطوة نموذجاً جيداً لعقود أخرى. إضافة إلى ذلك ووفقاً لنموذج العقود النفطية الجديدة فقد طُلب من الشركات الأجنبية الاستفادة القصوى من الشركات الإيرانية في عملية تنفيذ المشاريع في مختلف القطاعات بما في ذلك الخدمات الفنية والهندسية والتشغيلية. لكن حالت العقوبات النفطية حتى الآن دون تطبيق هذا النموذج الذي قد يمهد الطريق لقفزة في القدرة التنافسية للشركات الإيرانية.

لكن العقوبات دفعت الحكومة ووزارة النفط إلى تحفيز وطمأنة الشركات الإيرانية لمحاولة استخدام قدراتها في تنفيذ المشاريع التنموية  فضلاً عن تجميد حركتها لزيادة تنافسيتها وتقليل اعتمادها على الشركات الأجنبية. بطبيعة الحال ارتبطت هذه السياسة بمخاطر كبيرة لأن الشركات الإيرانية تواجه أيضًا قيودًا خطيرة من حيث القدرة المالية والمصداقية والقدرات التقنية والهندسية فضلاً عن القدرة على تنفيذ وإدارة المشاريع للمشاركة في صناعة النفط والغاز واسعة النطاق. ومع ذلك  قبلت وزارة النفط مخاطر هذه السياسة الاستراتيجية ووثقت في الشركات الإيرانية التي ستمهد الطريق لوجودها في مشاريع تطوير النفط والغاز خاصة في قطاعات التنقيب والإنتاج من خلال الدعم الروحي والحقيقي مثل استخدامها لموارد صندوق التنمية الوطنية.

بناءً على ذلك، كان إنشاء شركات استكشاف وإنتاج إيرانية (تسمى E&P) على جدول الأعمال منذ عام 2016 وحتى الآن تلقت 17 شركة موافقة من وزارة النفط وستكون نشطة في خطة استراتيجية للحفاظ على إنتاج النفط وزيادته. تولت شركة بتروبارس في غياب توتال وسي ان سي الصينية إدارة تنفيذ خطة تطوير كبيرة وحاسمة للمرحلة 11 من جنوب بارس، ووقعت عقدًا مع شركات إيرانية لصيانة وزيادة إنتاج 28 خزانًا في حقول نفط الجنوب.

وبحسب التخطيط الذي قامت به هذه الشركات، ستزداد الطاقة الإنتاجية للنفط الإيراني بمقدار مليون برميل يومياً  وفي هذه الحالة سيتم تعويض تخلف إيران في منافسة الدول الأخرى في مجال إنتاج النفط جزئياً ومن ناحية أخرى قدرة الشركات الإيرانية في المجالات المالية والفنية.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “شرق” الإصلاحية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: