الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة8 نوفمبر 2020 04:36
للمشاركة:

صحيفة “رسالت” الأصولية – لا فرق بين أميركا ترامب و أميركا بايدن

تناولت صحيفة "رسالت" الأصولية، في مقال لنائب رئيس البرلمان الإيراني أمير حسين قاضي زاده، موضوع الانتخابات الأميركية وفوز المرشح الديمقراطي جو بايدن، مؤكدة أن لا فرق بين بايدن وترامب على صعيد السياسة الخارجية، وأشارت لأهمية الشرق الأوسط في السياسات العالمية الجديدة، شارحة سبل مواجهة وإضعاف أميركا في المنطقة.

اليوم يقر العديد من مفكّري العلاقات الدولية بأن العالم الحالي يتجه نحو نظام عالمي جديد وأن النظام أحادي القطب لم يعد صالحاً للحوكمة العالمية وكما أن تفشي فيروس كورونا أظهر عدم كفاءة الهياكل الحالية في النظام العالمي، ما قد يوصلنا الى نظام عالمي جديد قد يكون مبنياً على تعددية الأقطاب.

إن المتضررين من وباء كورونا هم الذين يريدون شكلاً جديداً من الحوكمة العالمية. يواجه اليوم النظام الليبرالي العالمي والذي تقوده الولايات المتحدة تحدّيات جدّية وعميقة. وما هو واضح اليوم هو انتقال السلطة من الغرب إلى الشرق وليس من المبالغة إن قلنا أن العديد من المعادلات العالمية لا يمكن حلها بدون الوجود الفعلي (الملموس) للشرق. ولكن ما هو دور الشرق الأوسط في النظام العالمي الجديد؟

المشاكل الاقتصادية اليوم في الولايات المتحدة تتمثل بتكبّد الاقتصاد خسائر فادحة في مواجهة أزمة كورونا. فقد تلاشت الفقاعات الاقتصادية التي كانت ترمز للوضع الاقتصادي الجيد للبلد إلى جانب عودة المشكلات الاقتصادية لعام 2008 للساحة في هذا البلد والتي لم يتم حلها بشكل كامل. ومشاكل الولايات المتحدة لاتنتهي عند هذا الحد بل اليوم يشهد الجميع أن هيكل ونظام الديمقراطية الليبرالية الأميركية لم يعد مسؤولاً عن أداء الحكومة والسيادة والسياسة الداخلية لهذا البلد فحسب بل وتأثرت سياسته الخارجية بشدّة أيضاً. واليوم نشاهد أن نظام صنع السياسات والأداء لهذا البلد بأزماته المزدوجة السياسية والاجتماعية هو مسرح لمظاهرات وأعمال عنف غير مسبوقة.

وكما هو واضح بشكل تام في الانتخابات الرئاسية 2020 لهذا البلد وهذا الانقسام بين الشعب الأميركي وانعدام الثقة في الحكومة يمكنه أن يؤدي إلى تحدٍّ كبير. وفي حال غادرت الطبقة الوسطى وأنصار السياسة التدخلية الخارجية لأميركا من المشهد فستكون الأرضية جاهزة لدخول الراديكاليين (المتطرفين) وفي هذه الحالة ستواجه الولايات المتحدة أزمة تطورات داخلية وبطبيعة الحال ستفقد دورها الدولي أكثر من ذي قبل.

إن المجتمع الأميركي يعاني ثنائية القطب ويكافح مع مشاكل مثل فقدان الهوية والحضارة، وبناءً على توصيات المرشد الأعلى علي خامنئي، أصبح الانحدار السياسي والمدني والاخلاقي للنظام الأميركي واضحاً للجميع، ولكن التراجع الحضاري والهوية لا يقف عند أميركا فحسب بل ستواجهه الدول الغربية أيضاً. وفي هذا الصدد يمكن ملاحظة كيف أن الحضارة الغربية الشيطانية والمتوحشة تتشبث بالسيناريو الشيطاني المتمثل بمعاداة الاسلام والذي كان عملاً مخادعاً وخطوة جاهلة ضد الرسول الأكرم وكل ذلك في سبيل إنقاذ نفسها من اليأس والغضب والارتباك.

واليوم تتأثر السياسة الخارجية لأميركا بنهج الرئيس الحالي لهذا البلد وباتت تُعرف في الأحادية والانعزال وخرق المعاهدات والمؤسسات الدولية ومن وجهة نظر العديد من المحللين المحليين لهذا البلد بأنه في تراجع وإفلاس. وهذا الانطواء والذي يقال عنه في بعض الأوقات انعزال، هو دليل على أن العلاقات الاستراتيجية لهذا البلد تعاني من مشاكل حتى مع حلفائها الأوروبيين.

وتدور سياسة الولايات المتحدة اليوم تجاه العالم حول محور مصالحها وكما هو مذكور في الوثيقة الاستراتيجية:

“تشكل المصالح الحيوية والوطنية (والتي تم تنظيمها ضمن أربعة أعمدة استراتيجية) العمود الفقري لهذا الالتزام:

  • حماية الوطن والشعب الأمريكي وأسلوب الحياة الأميركي
  • تعزيز ازدهار أميركا
  • الحفاظ على السلام من خلال القوة
  • زيادة النفوذ الأميركي

وإيران تدعم الجماعات الإرهابية وتطالب بشكل صريح بتدميرنا وزوالنا. والمنظمات الإرهابية الجهادية مثل داعش والقاعدة مصممة على مهاجمة الولايات المتحدة بأيديولوجيتها البغيضة وتقوم بجعل الأميركيين متطرفين. ولهذا السبب سنواصل تعزيز الجانب الشرقي لحلف الناتو كجناح ردع ودفاع وسندعم جهود الحلفاء وشركاء الخط الأمامي للدفاع عن أنفسهم بشكل أفضل. وسنعمل مع حلف الناتو لتطوير قدراته الدفاعية الجوية والصاروخية المتكاملة لمواجهة التهديدات الحالية والمتوقعة للصواريخ البالستية وصواريخ كروز ولا سيما من إيران. سنزيد التعاون في مكافحة الإرهاب والأمن الإلكتروني. وكما أن هنالك جزء من الشرق الأوسط هو بؤرة للنفوذ الإيراني والتهديدات الجهادية وهذه الدول لديها موقف صارم للغاية من إيران ولكنها لا تنتقد الاتفاق النووي”.

كما ذكر التقرير عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية، ولكنه ذُكرها كالتالي “إسرائيل ليست من يسبب المشاكل في المنطقة وتجد الدول وبشكل متزايد المصالح المشتركة مع إسرائيل في مواجهة التهديدات المشتركة”.

وهكذا فإن الأدلة تظهر الهيكل السياسي وصنع القرار في الولايات المتحدة سواءً أكان بايدن أم ترامب، فهم يرون ويعتبرون أن الجمهورية الإسلامية هي عدو وعائق أمام مصالحهم الإقليمية والأشمل من الإقليمية، ولكن ما يمكن تخيله هو توسيع التواجد الأميركي في المنطقة وليس بالضرورة على شكل توسيع الأسطول العسكري بل هو تعاون وإجماع لحلفائها الإقليميين سواء من خلال جلب عناصرهم إلى السلطة على رأس هذه الحكومات أو بالرشوة والتهديد بالكشف عن العلاقات مع النظام الصهيوني الغاصب.

في الواقع هذه محاولة لإضفاء الشرعية لتواجدها في المنطقة ودعم للنظام الغاصب وفي الحقيقة يمكن تقييم أفعال الولايات المتحدة هذه على أنها لتغطية انحدارها. وما هو واضح اليوم هو أن الولايات المتحدة تسعى لموازنة وضعها خارج حدودها وفي المنطقة وذلك من خلال خلق الانقسامات وإضعاف محور المقاومة وإكمال لغز الضغط الأقصى على الجمهورية الإسلامية، ولكن لمواجهة سياسات التدخل العدائية الأميركية فإن تبني سياسة الصبر والانتظار يمكن أن يكون فعالاً. ولكن يجب أن نعلم أن نهج ترامب وبايدن هو واحد ولكن التكتيكات مختلفة. وعليه فإن أميركا بايدن هي ذاتها أميركا ترامب ولا بد من معرفة أن أي تغيير في الموقف من قبل المسؤولين عن التفاوض لن يكون أكثر من حُمق وخسارة وذلك لأنه أولاً السياسة التي تعلنها أمريكا مختلفة عن أفعالها وثانياً أميركا سترى الجمهورية الاسلامية أنها في موقف ضعيف.

وفي ذات الوقت، هنالك سيناريو يمكنه إجبار الولايات المتحدة على التراجع عن مواقفها الغير مشروعة؛ وهو ضرب المصالح الاميركية ومصالح حلفائها الإقليميين وإن كان بشكل غير مباشر. ومن المهم ذكر هذه الملاحظة الهامة وهي أن قوة الولايات المتحدة الأميركية ترتكز على ثلاث ركائز:

  • الدولار
  • الاقتصاد
  • الأسطول العسكري

وفي ما يخص الاقتصاد والأسطول العسكري الأمريكيان يجب معرفة أنهما قابلان للتعرض لهجوم بشكل كبير. فمن الناحية الاقتصادية فإن الأوضاع الناتجة عن تفشي فيروس كورونا مهمة ولكن فيما يخص الأسطول العسكري فإن البحث مفصّل للغاية ولكن يجب معرفة بأن هذا الأسطول قد صنع في هوليوود قبل أن يُصنع. وفيما يخص استخدام أميركا لسياسة الدولار يجب القول أنه يمكن اتخاذ خطوات قيّمة لجعله عرضة للخطر؛ وهذه السياسة في حال تم ضربها أو تعرضها للضرر فإن الركيزتان الثانيتان ستتأثران بشدّة.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “رسالت” الأصولية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: