الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة5 نوفمبر 2020 05:01
للمشاركة:

رويترز، الغارديان و”سي أن بي سي”: تأثير وصول بايدن إلى البيت الأبيض على العلاقة مع إيران

طوت الانتخابات الأميركية صفحاتها الأخيرة، بعد منافسة بين المرشح الجمهوري الرئيس الحالي دونالد ترامب، والمرشح الديمقراطي جو بايدن. لم يزح الستار بعد عن اسم الرئيس المقبل، إلا أن العالم كله انشغل في الأشهر الماضية بهذا الحدث حتى قبل حصوله. إيرانيا، أخذت هذه الانتخابات حيّزاً من الأحداث والتصريحات في البلاد، ومعها، راحت بعض الصحف والوكالات العالمية تربط بين هوية الرئيس المقبل، وطبيعة العلاقات المستقبلية التي ستجمع إيران مع الولايات المتحدة بعد هذه الانتخابات.

أربع سنوات قضاها ترامب في البيت الأبيض، مارس خلالها سياسة “الضغط الأقصى” على طهران محاولاً انتزاع شروط متعلقة بالأحداث الإقليمية والبرنامج الصاروخي لإيران، إضافة لبرنامجها النووي. وبالتالي، فإن بقاءه في البيت الأبيض، قد لا يغير الكثير من مجرى الأحداث. من هنا، جاءت التحليلات حول ما يمكن أن تكون عليه صورة هذه العلاقة في حال وصل بايدن إلى موقع الرئاسة.

تأثير العقوبات الأخيرة

تصاعدت التوترات بين واشنطن وطهران بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي الإيراني الذي وصفه بأنه “أسوأ صفقة على الإطلاق”. وتلا ذلك عدداً من العقوبات كان آخرها تلك التي شملت شركات نفطية إضافة لوزارة النفط.

وكالة رويترز، رجحت في تقرير لـ “تيموثي جاردنر” و”دافني بساليداكيس” بعنوان “قد تمنح عقوبات ترامب بايدن ورقة للتفاوض في المحادثات مع إيران” في 27 تشرين الأول/ أكتوبر، أن “يكون القصد من فرض إدارة ترامب لعقوبات جديدة على إيران منع إبرام اتفاق نووي جديد مع طهران إذا تم انتخاب جو بايدن رئيسًا”، لكنها أشارت في ذات الوقت أن هذا “قد يأتي بنتائج عكسية بدلاً من ذلك من خلال تعزيز يد بايدن على طاولة المفاوضات”.

المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية والمؤيد لبايدن بيتر هاريل، لفت في حديث مع رويتر، إلى أن “العقوبات الأخيرة يبدو من الواضح أن أحد أسبابها الرئيسية محاولة جعل الأمر أكثر صعوبة بالنسبة للإدارة القادمة المحتملة للعودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة”. من جهته، رأى كبير المحللين في مجموعة أوراسيا الاستشارية هنري روما، في حديث مع الوكالة نفسها، أن “العقوبات الجديدة لن تخلق حاجزًا قانونيًا أمام تخفيف العقوبات في عهد بايدن”.

من هنا، تستخلص الوكالة بأن “العقوبات الأميركية الجديدة، قد تقدم لبايدن ضمانات عند إبرام صفقة نهائية جديدة مع إيران، ويمكن لبايدن أن يلوم ترامب على القيود التي فرضها حتى عندما يعرض إزالتها كمصدر لحسن النية أثناء المفاوضات مع طهران”.

استعدادات بايدن وتحفظات إيران

يؤيد بايدن العودة إلى الدبلوماسية مع إيران إذا امتثلت للاتفاق النووي لعام 2015 الذي أبرمته واشنطن مع طهران وخمس قوى عالمية أخرى. وقد وعد بايدن حتى الآن بأنه “إذا عادت إيران إلى الامتثال الصارم للاتفاق النووي، فإن الولايات المتحدة ستنضم إلى الاتفاقية كنقطة انطلاق لمفاوضات المتابعة”.

صحيفة “الغارديان” البريطانية، في تقرير لـ”باتريك ونتور” بعنوان “حتى لو فاز بايدن في الانتخابات الأميركية فإن الوقت ينفد لإنقاذ الاتفاق النووي الإيراني” في 21 تشرين الأول/أكتوبر، قالت: “حتى لو انتصر جو بايدن في صناديق الاقتراع، فقد يكون أمام حكومة روحاني الضعيفة التي بقي من عمرها بضعة أشهر فقط للتفاوض على اتفاق نووي جديد، قبل مواجهة في ايران مع المتشددين الذين يعارضون أي مشاركة مع الغرب”، مضيفة “حتى لو فاز، فلن يتولى بايدن منصبه حتى 20 كانون الثاني/ يناير، تاركًا فقط وقتًا قصيرًا للإصلاحيين لإقناع الإيرانيين بأن مسار المشاركة يستحق المحاولة مرة أخرى”.

الصحيفة أشارت إلى أنه “بحلول شهر حزيران/ يونيو، موعد الانتخابات الإيرانية، من المتوقع أن يعود الطرفان إلى الامتثال الكامل للاتفاق الأصلي، لذلك سيتم رفع معظم العقوبات الأميركية. سيتطلب ذلك من إيران تقليص مخزونها من اليورانيوم منخفض التخصيب، وتفكيك أجهزة الطرد المركزي المتقدمة في نطنز، ووقف خطوات البحث والتطوير التي تتجاوز خطة العمل الشاملة المشتركة”، مضيفة “تشعر إيران أن الاتفاق النووي أجبرها على الحد من برنامجها النووي المدني قبل أن يُطلب من الغرب اتخاذ أي خطوات، في حين أن الصفقة فشلت في معاقبة الولايات المتحدة على انتهاكها لشروطها”. وأكدت الصحيفة أن “العودة إلى الامتثال الكامل على أساس عودة الولايات المتحدة إلى الصفقة لم يعد ممكنًا”، معتبرة أن “عدم الثقة ارتفع إلى درجة أن تغيير الوجوه في المكتب البيضاوي لن يغير هذه الحقيقة”.

ماذا لو بقي ترامب؟

أعلن ترامب سابقًا إنه يريد التوصل إلى اتفاق أوسع مع إيران يضع قيودًا أكثر صرامة على عملها النووي والصواريخ الباليستية ويقمع دور النظام في الحروب الإقليمية بالوكالة. من جهتها، رفضت طهران التفاوض مع استمرار العقوبات الأمريكية.

من هنا، أوضحت قناة “سي أن بي سي” الأميركية، في مقال لـ”أماندا ماسياس” في 27 تشرين الأول/أكتوبر، “أننا نعلم أن بايدن سيحاول إعادة الانضمام إلى خطة العمل الشاملة المشتركة”، محذرة أنه “في حال أعيد انتخاب ترامب، فقد يتم اللجوء إلى الأنشطة القتالية والهجمات العسكرية بين الطرفين”. وأكدت القناة أنه “مع بقاء مايك بومبيو وزيراً للخارجية، وانتشار القوات الأميركية بشكل متزايد في المنطقة لتهديد إيران، ستظل احتمالات اندلاع الحرب مرتفعة”، مشيرة إلى أن “الوصول إلى ولاية ثانية لترامب دون حرب مع إيران سيكون معجزة صغيرة”.

الجدير ذكره، أن طهران تقلّل أهمية التغيير الذي سيحصل في البيت الأبيض، مركز على سياسات واشنطن تجاه إيران، وهذا ما جاء على لسان المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي في كلمته بمناسبة عيد المولد النبوي. ورغم هذا التجاهل لمسار الأحداث، تبقى نتيجة الانتخابات المنتظرة، نقطة تحوّل في مسار العلاقات بين البلدين.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: