الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة4 نوفمبر 2020 04:53
للمشاركة:

صحيفة “ايران” الحكومية – “الصناعة الحلوة” في مياه البحر المالحة

تناولت صحيفة "ايران" الحكومية، في مقال لوزير الطاقة رضا اردکانیان بعنوان "الصناعة الحلوة" في مياه البحر المالحة، موضوع أزمة الجفاف في إيران، حيث أوضح الوزير، خطط الحكومة المستقبلية لإيجاد حل لهذه الأزمة.

في الوقت الذي يشهد فيه العالم تضخماً في النمو السكاني والتنمية الاقتصادية، لطالما كان تأمين المياه بشكل مستمر من أبرز الاهتمامات. وقد تم الكشف عن هذه القضية بشكل جيد في تقارير المؤسسات الدولية في السنوات الأخيرة، بسبب موقع إيران في الحزام القاحل وشبه الجاف من العالم، وعدم كفاية توزيع الأمطار في مساحة الأرض. كما أن النمو السكاني وزيادة احتياجات قطاعات الاستهلاك المختلفة كان سبباً في زيادة تركيز صانعي القرار في قطاع المياه على آليات تحقيق التوازن بين موارد المياه والاستهلاك وضمان إمدادات المياه بشكل مستمر. في الوقت الحاضر تعد إحدى السياسات الرئيسية لوزارة الطاقة لحل مشكلة نقص الموارد المائية المطلوبة في الأحواض المائية المنخفضة بالدولة، مثل الأنشطة المتعلقة بإدارة الاستهلاك والجهود المبذولة لتنفيذ سياسات إدارة الطلب، واستخدام السعة المائية غير التقليدية (الصرف، المياه قليلة الملوحة والمالحة الداخلية وتحلية مياه البحر وتحويلها إلى مناطق منخفضة المياه، وما إلى ذلك) وخلق توازن بين الموارد المائية والاستهلاك.

فالسياسة العامة لوزارة الطاقة في جميع البلدان تعتمد بشكل أساسي على “التكيف مع ندرة المياه”، وبالتالي إعداد وتنفيذ برامج التكيف مع هذه الندرة في المحافظات، وقد تم اتباع هذه السياسة بقرار من الحكومة منذ نهاية عام 2017، وأبرز هذه السياسات كان استخدام مياه البحر وتحليتها بموجب سياسة التكيف مع  نسبة الجفاف التالية في البلاد.

يتم استخدام مياه البحر في ثلاث فئات، الفئة الأولى: خطط الصرف الصحي واستخدام مياه البحر بدون تحلية في المقاطعات الساحلية لتربية الأحياء المائية وتبريد أبراج محطات توليد الكهرباء. الفئة الثانية: مشاريع استخراج وتحلية مياه البحر للاستهلاك في المحافظات الساحلية. والفئة الثالثة: مشاريع استخراج وتحلية مياه البحر لتحويلها إلى المحافظات غير الساحلية. تخضع الموافقة على الفئة الثالثة من المشاريع لشرطين أساسيين للغاية: أولاً تصميم واعتماد برامج التكيف مع ندرة المياه والاستهلاك وإدارة الطلب في المحافظات الأخرى، وثانيًا عدم استخدام التمويل الحكومي والاكتفاء باستخدام التمويل غير الحكومي لتحلية ونقل المياه.

تشير الدراسات المتعلقة بنقل مياه البحر من خلال خطة دراسية لتوريد ونقل المياه من الخليج وبحر عمان إلى وسط الهضبة الإيرانية أنه في عام 2046، فإنه باستخدام موارد المياه الداخلية التقليدية سيكون هناك عجز قدره 900 مليون متر مكعب من تلبية الاحتياجات المائية للصناعات في هذه المحافظات، وأنه سيتم  توفير هذا العجز من مياه البحر المحلاة.

سيتم في 6 تشرين الثاني/ نوفمبر 2020 استغلال المرحلة الأولى من خطة تحلية وتحويل مياه البحر لبعض الاستخدامات الصناعية في محافظتي كرمان ويزد من الخليج. سيوفر هذا المشروع المياه لكل من جولجوار سيرجان (40 مليون متر مكعب) وشركة سارششميه للنحاس (30 مليون متر مكعب) في محافظة كرمان وشركة تشادورميلو للتعدين وصناعات أخرى (20 مليون متر مكعب) في محافظة يزد، كما أنها مورد لمياه الشرب والصناعة بمعدل 50 مليون متر مكعب لمحافظة هرمزجان و للقرى الواقعة على طول مسار النقل بمعدل 10 ملايين متر مكعب في مقاطعتي كرمان وهرمزجان.

يعد هذا المشروع خطوة كبيرة حيث يتم توفير المياه للتنمية الصناعية في المحافظات الغنية بالصناعات المعدنية، ويبلغ طول مسار النقل الأول من المشروع 303 كم من محطة التحلية إلى منجم جولجوهار، ويبلغ طول المسار الثاني 150 كم من منجم جولجوار إلى سرششمه للنحاس والمسار الثالث 370 كم من منتصف القسم الثاني إلى مجمع أردكان للحديد في يزد.

يكشف مشروع تحلية مياه البحر ونقلها إلى محافظتي يزد وكرمان عن نتائج السياسة الصحيحة وكلها تستحق الاهتمام. فأولاً، ندرة المياه هي مصير جغرافي لإيران، وتظهر النتائج الجديدة أن ندرة المياه ستزداد في أجزاء كثيرة من البلاد مع اشتداد تغير المناخ، وإن تحقيق اقتصاد متطور ومضاعفة الناتج المحلي الإجمالي مرتين أو ثلاث مرات بسبب هذا النقص التاريخي والجغرافي في المياه وتكثيفه وكذلك التوزيع غير المتجانس لهطول الأمطار، يتطلب زيادة الإنتاجية في استخدام الموارد الطبيعية وإصلاح نظام التخطيط التنموي في الدولة لأنه أحد الاهتمامات العميقة والأساسية لإدارة الأراضي.

ثانيًا، يأخذ نظام إدارة الموارد المائية في البلاد في عين الاعتبار جميع الخيارات المعروفة ووفقًا للتقنية المتاحة للإنسان للتغلب على ندرة المياه، وبالطبع استقرار الحياة السكنية في أجزاء مختلفة من البلاد فيما يعد خيار استخدام تحلية المياه ونقل موارد مياه البحر (كمصادر مياه غير تقليدية وخارج الأرض) أحد الخيارات التي يمكن استخدامها وفقًا للتقدم في إدارة الاستهلاك والطلب والتمويل من قبل القطاع غير الحكومي.

ثالثًا، يتسبب ارتفاع تكاليف الاستثمار لتحلية المياه ونقلها وتكلفة توفير الطاقة لضخ المياه من مستوى سطح البحر إلى مناطق أخرى وعمليات النقل في تقلب تكلفة المتر المكعب من المياه العذبة المراد تحويلها بين 1.5 يورو و 3.4 يورو. يعني هذا السعر التحويلي للمياه العذبة أنه سيكون مبرراً بشكل أساسي للاستخدام الصناعي. كما تظهر هذه الحسابات أن التكيف مع ندرة المياه أمر ضروري للإدارة الحكيمة لموارد المياه للأغراض الزراعية والشربية في جميع المحافظات، وأنه يجب تطوير وتنفيذ البرنامج الذي كان على جدول الأعمال منذ عام 2017 للتكيف مع ندرة المياه بكل ما أوتينا من قوة وجدية ومن الواضح أيضاً أن الأولوية الرئيسية هي توفير المياه للشرب والصحة العامة في جميع مناطق البلاد بأي طريقة ممكنة.

تظهر آخر الإحصاءات المحلية والدولية أن الناتج المحلي الإجمالي لإيران يبلغ حوالي 450 مليار دولار، لا شك أن هذا القدر من الناتج المحلي الإجمالي لا يكفي لأن تصبح دولة تتمتع بمستوى من الازدهار النسبي وانخفاض حاد في معدلات الفقر وقوة اقتصادية كبيرة في المنطقة والعالم. فأن تصبح دولة ذات ناتج محلي إجمالي لا يقل عن 1000 مليار دولار وأن تكون من بين أكبر 10 اقتصادات في العالم والتي يبلغ إجمالي ناتجها المحلي الإجمالي أكثر من 1500 مليار دولار، يتطلب الكثير من الجهد. لكن المطلب الأساسي للغاية هو كيفية استخدام الموارد البيئية. إن مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي لإيران سواء كان ذلك ضروريًا في مجال السياسة الاقتصادية أو السياسة الداخلية أو الخارجية له مبدأ مهم، وهو الاستخدام الفعال للموارد البيئية وخاصة الموارد المائية، ويجب أن يتم تكوين الثروة بأقصى قدرة من الإنتاجية حتى لا تصبح قيود الموارد الطبيعية قيودًا على النمو السكاني.

تعكس خطة تحلية وتحويل مياه البحر في المقام الأول سياسة الدولة للحصول على التكنولوجيا اللازمة لتحلية المياه، وتحقيق القدرات والإمكانات التكنولوجية للبلاد حتى في مواجهة العقوبات وقدرات التعاون بين القطاعين الخاص والحكومي لمشاريع تنمية الموارد المائية والاستخدامات الصناعية. ثانيًا توضح هذه الخطة أهمية التكيف مع ندرة المياه وفهم كل قطرة مياه متجددة تستهلك أكثر من 85 مليار متر مكعب سنويًا في الدولة، ما يعادل القيمة الاقتصادية البالغة 85 مليار متر مكعب من المياه المتجددة المستهلكة سنويًا في الدولة البالغ قيمتها  208 مليار يورو سنويًا إذا ما قورنت بحجم المياه المحلاة والمنقولة من البحر (متوسط 1.5 إلى 3.4 يورو لكل متر مكعب). هذا التقدير التقريبي لقيمة المياه المستهلكة سنويًا في إيران يخبرنا عن كل قطرة ماء والحاجة إلى استخدامها بكفاءة، وأننا بحاجة إلى هذا الوعي والعمل لكي نتمكن من تحقيق اقتصاد يتراوح بين 1000 مليار دولار و 1500 مليار دولار.

المصدر/ صحيفة “ايران” الحكومية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: