الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة22 أكتوبر 2020 13:48
للمشاركة:

دراسة إسرائيلية: كيف ستستغل إيران رفع الحظر التسليحي عنها؟

نشر مركز "القدس للشؤون العامة" الإسرائيلي تقريراً لـ"اللفتنانت كولونيل مايكل سيجال"، في 19 تشرين الأول/أكتوبر، حول حظر التسليح والتسلح الذي رُفع عن إيران وفق نص الاتفاق النووي وقرار مجلس الأمن 2231 يوم الأحد 18 تشرين الأول/ أكتوبر 2020، حيث اعتبر الكاتب في التقرير الذي ترجمته "جاده إيران"، أن "إيران ستحاول الاستفادة من هذا الاستحقاق في اختبار جدية الموقعين على الاتفاق النووي ، من حيث استعدادهم لتحقيق الفوائد العملية الكامنة فيه".

في 18 تشرين الأول/أكتوبر، تم رفع حظر الأسلحة عن إيران كجزء من القرار رقم 2231، الذي تبنى الاتفاق النووي. في الواقع، يمكن اعتبار هذا الموضوع أنه أبرز إنجازات إيران حتى الآن منذ توقيع الاتفاق النووي في العام 2015 حيث سيُسمح  لها وفق ذلك بالتجارة في الأسلحة التقليدية.

يأتي ذلك في أعقاب فشل الجهود الدبلوماسية الأميركية في آب/أغسطس الماضي، والتي دعمتها أيضًا المملكة العربية السعودية ودول الخليج، في تمديد حظر الأسلحة وإعادة العقوبات الدولية على إيران بموجب آلية الزناد “Snapback” في القرار 2231. وفي الوقت نفسه، تواصل الولايات المتحدة تشديد العقوبات الاقتصادية على إيران، كالعقوبات الإضافية ضد عدد من البنوك، وتحاول فرض مزيد من القيود على طهران بعد أن أصدر وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بيانًا بأن العقوبات الدولية على إيران صالحة.

يخوض متحدثون إيرانيون، بمن فيهم الرئيس حسن روحاني، صراعا عنيدا ضد معارضي الاتفاق النووي داخلياً، كما عبرت وسائل إعلام إيرانية عن ارتياحها الشديد لرفع الحظر مستهزئة بفشل الدبلوماسية الأميركية، مؤكدة أن إيران تستعد بالفعل لتجارة الأسلحة مع أصدقائها.

تمتلك إيران صناعة عسكرية واسعة النطاق وتقوم بتصنيع مجموعة واسعة من الأسلحة والمنصات التي ستحاول تسويقها لحلفائها في الشرق الأوسط وحتى أميركا الجنوبية مثل فنزويلا.

تعود جذور صناعة السلاح في إيران وإنجازاتها في مجالات عديدة إلى العقوبات التي تعرضت لها إبان الحرب العراقية الإيرانية. وقد حفزها ذلك على تحقيق الاستقلال والقدرة على التصنيع الذاتي لمجموعة متنوعة من الأسلحة وتطوير عقيدة عسكرية مصممة وفقًا لاحتياجاتها – الردع والدفاع ومنع الهجوم عليها – والتي تملي إلى حد كبير بناء قوتها العسكرية.

يعتمد الردع الإيراني إلى حد كبير على الحرب غير المتكافئة (البرية والبحرية والجوية)، وكذلك تعتمد على المنظمات والعناصر المحلية المنتشرة في الشرق الأوسط (العراق واليمن وسوريا ولبنان) حيث ترى إيران فيها نوعًا من خط الدفاع الأول لأمنها القومي.

تتلقى هذه التنظيمات إمدادًا منتظمًا بالأسلحة والتدريب بشكل رئيسي من خلال فيلق القدس التابع للحرس الثوري. علاوة على ذلك، فإن هذه المناطق هي في الواقع أكبر مجال تجربة لإيران لفحص أنظمتها القتالية. في اليمن، يتم تجربة الصواريخ والقوارب السريعة والطائرات بدون طيار وأنظمة أخرى. وفي لبنان، يتم تجربة الصواريخ الدقيقة والصواريخ التي تشكل عنصرًا حاسمًا في حرب إيران غير المتكافئة.

كذلك البلدان “الصديقة” في أميركا اللاتينية، في الفناء الخلفي للولايات المتحدة، مثل فنزويلا، ترى إيران في هذه العلاقة فرصة للتعامل ضد الولايات المتحدة، كما في حالة تزويد الوقود عبر الناقلات، ومحاولة تحقيق التوازن معها من خلال بيع الأسلحة والمعدات للدولة الفنزويلية.

ومن المحتمل أيضًا أن تحاول إيران بيع أسلحة لأرمينيا الآن في ظل الحملة العسكرية مع أذربيجان في منطقة ناغورنو كاراباخ. وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أنه سُجل خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر عدد من أعمال الشغب في المحافظات الشمالية لإيران طالب فيها سكان آذريون بإغلاق المعابر الحدودية أمام مرور المساعدات العسكرية الروسية إلى أرمينيا.

أهم المُعدات التي تنوي ايران تصديرها:

  • الصواريخ: تُعرف إيران بأنها واحدة من أكبر مُنتجي الصواريخ وصواريخ كروز والصواريخ الباليستية والصواريخ الموجهة بدقة، التي يمكن أن تساعد البلدان الأخرى وتجذب المشترين. لقد أثبتت المنتجات بالفعل فعاليتها في الحرب ضد تنظيم “داعش” وضربت قاعدة القوات الجوية الأميركية “عين الأسد” في العراق.
  • المعدات البحرية: تمتلك إيران مجموعة واسعة من المنصات البحرية والسفن والغواصات والمدمرات السريعة ومجموعة واسعة من الأسلحة المضادة للغواصات والمضادة للطائرات والسفن وغيرها. كل هذه يمكن أن تدر أرباحًا للصناعات الدفاعية.
  • الطائرات بدون طيار: يمكن لإيران أن تكون منافسًا جيدًا في الساحة الدولية. يُزعم أن إيران هي العامل الرائد في المنطقة في إنتاج وتشغيل الطائرات بدون طيار، وهي حقيقة يمكن أن تجذب العديد من المشترين الذين يحتاجون إليها لأغراض البحث والعلم، ومنها طائرات أبابيل كذلك طائرات بدون طيار من نوع شاهد وكرار.
  • أنظمة الدفاع الجوي: بفضل العقوبات، نجحت إيران في بناء أنظمة حكومية منتجة محليًا وحققت تقدمًا كبيرًا في هذا المجال، ولم تعد للولايات المتحدة وروسيا ميزة أو احتكار في هذا المجال. تمكنت الأنظمة الإيرانية من إسقاط الطائرة الأميركية بدون طيار متقدمة بداية هذا العام. ويمكن لأنظمة الدفاع الجوي الإيرانية أن تناسب العديد من الدول في المنطقة. من بين الأنظمة المذكورة بافار 373 صياد، أنظمة خرداد التي يتم تسويقها أيضًا في معارض الأسلحة الدولية.
  • أنظمة القتال الأرضي “المشاة”: من الأسلحة إلى المركبات والدبابات المضادة للصواريخ الموجهة من صنع الصناعة العسكرية الإيرانية. يشار إلى دبابة “كار” التي تمت مقارنتها بالدبابة الروسية T-90 التي كانت تعمل في محور القتال ضد تنظيم “داعش”، وكذلك مركبة طوفان المضادة للصواريخ الموجهة. كل ذلك مع بنادق القنص التي يمكن تضمينها في “سلة الصادرات الإيرانية”.

إن رفع الحظر على الأسلحة لا يعني أن بإمكان إيران البدء في تصدير الأسلحة أو استيرادها كما تشاء، على الرغم من التفسير الواسع النطاق الذي أعطته إيران لمعنى رفع الحظر الوارد في بيان وزارة الخارجية الإيرانية.

لا تزال إيران تخضع لأنظمة عقوبات إضافية تمنعها من التصدير وشراء أو بيع أسلحة من دول معينة لها، مثل قانون حظر الأسلحة من الاتحاد الأوروبي، وهناك عقوبات أميركية على النظام المصرفي الإيراني بطريقة تجعل من الصعب عليها تنفيذ صفقات الأسلحة بشكل شرعي، كما يحوم التهديد بفرض عقوبات ثانوية على الشركات الصينية أو الروسية أو غيرها التي تحاول بيع أسلحة لإيران.

وهناك قرارات أخرى لمجلس الأمن تستهدف عملاء إيران المحليين مثل قرار لبنان 1701. وقرار اليمن رقم 2261 بمنع بيع ونقل الأسلحة إليهم. ومع ذلك، يجب التأكيد على أن إيران لا تحترم هذه القرارات وتواصل نقل الأسلحة والتدريب والأموال إلى حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن.

حتى لو بدأت إيران في شراء أنظمة أسلحة من روسيا والصين، فلا يبدو أنه يمكن أن يكون هناك تغيير في عقيدتها العسكرية القائمة على الردع وستستمر في الاعتماد بشكل أساسي على الحرب غير المتكافئة في ضوء ميزة إسرائيل والولايات المتحدة ودولة الخليج.

يبدو أن إيران ستفضل التركيز على المشتريات لتعزيز قواتها الجوية وأنظمة سلاح الجو، خاصة من روسيا. هذا، إلى جانب أنظمة الدفاع الجوي (خرداد (التي تدعي إيران أنها كانت مسؤولة عن اعتراض الطائرات بدون طيار الأميركية بداية هذا العام.

الصادرات الإيرانية مقابل استمرار الاتفاق النووي؟

رفع الحظر عشية الانتخابات الأميركية شكل تشجيعاً معنوياً مهماً لإيران التي تواجه أزمة اقتصادية حادة وتآكلًا مستمرًا في قيمة العملة المحلية مقابل الدولار الأميركي. الدعاية الإيرانية تؤكد هزيمة الولايات المتحدة في خوض الحرب الدبلوماسية ضدها وقدرتها على الصمود أمام العقوبات عليها رغم الثمن الباهظ الذي تدفعه مع أملها بهزيمة ترامب في الانتخابات المقبلة.

يمكن للرئيس روحاني، الذي ستنتهي ولايته منتصف العام المقبل، أن يسجل إنجازًا مهمًا ضد معارضي الاتفاق النووي المحلي، ويمهد الطريق لخليفته قبل استمرار الصراع، ربما بشروط أكثر ملاءمة مع رئيس أميركي جديد. وستحاول إيران من جهتها أن تضع انتهاء حظر الأسلحة بمثابة اختبار آخر لجدية الموقعين على الاتفاق النووي، لتحقيق الفوائد الكامنة فيه عملياً.

المصدر/ مركز “القدس للشؤون العامة”

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: