الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة19 أكتوبر 2020 12:59
للمشاركة:

إيران بعد رفع حظر السلاح.. استثمار في السياسة أم في التجارة؟

كيف تفاعلت الصحف الإيرانية مع رفع الحظر التسليحي عن طهران؟

رُفع في 18 تشرين الأول/ أكتوبر حظر بيع وشراء الأسلحة الذي كان مفروضاً على إيران من قبل الأمم المتحدة. ورغم محاولات الولايات المتحدة المتكررة، عبر مجلس الأمن، لتمديد هذا الحظر، إلا أنها لم تنجح بذلك، بعد أن وقفت الدول الأوروبية إلى جانب طهران في هذا الموضوع، بناءً على مقتضيات الاتفاق النووي الذي تم إبرامه في العام 2015.

رفع الحظر عن طهران، والذي كان أحد أهم شروط “الجمهورية الإسلامية” خلال المفاوضات النووية، يعتبره المسؤولون في البلاد انتصارًا سياسيًا، كونه أعاد لإيران حقوقها في بيع وشراء الأسلحة. لهذا السبب، أعطت الصحف الإيرانية الصادرة في 18 تشرين الأول/أكتوبر، أهمية كبيرة، خصوصاً تلك الإصلاحية، التي عدّت هذا الأمر إنتصاراً للدبلوماسية في البلاد.

صحيفة “ايران” الحكومية، رأت في مقال للكاتبة مريم سالاري، أن “هذه القضية أثيرت لأول مرة قبل 13 عاما وسط خلافات بين إيران والقوى الغربية بشأن برنامجها النووي، والتي تعمّقت مع مرور الزمن”، مشيرة إلى أنه “قبل التوصل إلى اتفاق نووي، تبنى مجلس الأمن سلسلة من القرارات ضد إيران، كانت جميعها خاضعة للمادة 41 من ميثاق الأمم المتحدة، وفي حالة حدوث خرق، كان يتم فرض عقوبات اقتصادية واسعة”.

الصحيفة عدّدت مجمل القرارات التي صدرت من مجلس الأمن في تلك الفترة، موضحة أن “هذه القيود بلغت ذروتها بعد قرار مجلس الأمن رقم 1929 في عام 2010، والذي بموجبه اكتمل حظر الأسلحة على إيران”، وأضافت الصحيفة أن “مجلس الأمن طالب، علاوة على عمليات التفتيش المستمرة التي تقوم بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية في العراق ، بمراقبة التزام إيران بـ “الخطوات التي يطلبها مجلس الوكالة الدولية للطاقة الذرية”، إلى جانب “أنظمة الصواريخ أو المواد ذات الصلة، بما في ذلك قطع الغيار، كما يجب على جميع البلدان أيضًا الامتناع عن تقديم التدريب الفني أو الخدمات المالية أو الاستشارات أو الخدمات أو أي مساعدة تتعلق بتسليم أو بيع أو نقل أو توريد أو تصنيع أو صيانة أو استخدام الأسلحة”.

وزادت الصحيفة الحكومية قائلة إن “إحدى القضايا التي أصبحت عبئًا بعد قرار مجلس الأمن الدولي كانت تحدي إيران في قضية الصواريخ الباليستية، حيث صبّ الرئيس الأميركي كل اهتمامه على هذا الموضوع الذي اعتبره مخالفاً للاتفاق النووي”، لافتة إلى أن “تجارب الصواريخ الإيرانية دفعت أعضاء مجلس الأمن بقيادة الولايات المتحدة إلى عقد ثلاثة اجتماعات عاجلة لإدانة إيران لانتهاكها مجلس الأمن الدولي”، لكن “هذه الإحتجاجات لم تصل إلى أي مكان نظراً لأن التجارب الصاروخية لا تخضع لأي حظر من قبل الأمم المتحدة”.

كما تطرقت الصحيفة إلى محاولات أميركا تمديد هذا الحظر على طهران، مشيرة إلى أنه “رغم المحاولات الأميركية لتمديد الحظر وفرض عقوبات إضافية، تم تنفيذ المادة 6 من قرار مجلس الأمن رقم 2231 من قبل مجلس الأمن، بالإضافة إلى ذلك، تم رفع القيود المفروضة على سفر 23 من كبار الشخصيات العسكرية والدفاعية الإيرانية”، وأكدت على أنه “مع انتهاء حظر السلاح على إيران، أصبحت الصين وروسيا من بين أهم الدول التي ستواصل تعاونًا واسعًا في مبيعات الأسلحة لإيران من أجل تحقيق مصالحهما المشتركة”.

إيران بعد رفع حظر السلاح.. استثمار في السياسة أم في التجارة؟ 1

بدورها، تناولت صحيفة “اعتماد” الإصلاحية الموضوع من منطلق تقييم الاتفاق النووي بشكل عام. حيث قالت إنه “للوهلة الأولى، نجد أن الاتفاق النووي يقوم بشكل أساسي على عدم الثقة بين أطرافه، وذلك يظهر من خلال التعقيد الموجود في كتابة الاتفاق”، منوهة إلى أن “مؤلفي نص الاتفاق بذلوا قصارى جهدهم لعدم ترك أي ثغرات أو غموض للطرف الآخر لإساءة استخدامها، كما تم إلحاقه بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231 بموجب الفصل السابع لتعزيز درجته الملزمة”، وخلصت من ذلك بالقول “إذا كان هناك مستوى مقبول من الثقة بين الأطراف، فلن تكون هناك حاجة إلى الكثير من التفاصيل والتعقيد في كتابة النص”.

وتابعت الصحيفة دون التغافل عن موضوع خروج الرئيس الأميركي دونالد ترامب في العام 2018 من الاتفاق النووي، معتبرة أنه “تم جر ترامب خطوة بخطوة حتى غادر الاتفاق، كما أن الأعداء من خلال إغواء ترامب وخداعه وتحريضه، جعلوه يبني حصنًا من العداء وعدم الثقة، كما أن أفعاله اللاعقلانية والشريرة تضاف إلى هذا الموضوع”، وأكدت الصحيفة أن “إيران كانت هي المنتصرة في الإتفاق النووي، وذلك يظهر في المؤشرات الاقتصادية للبلاد بعد الانتهاء منه”.

في ختام التقرير، رأت الصحيفة أن “رسالة هذا التاريخ، هي رفع الحظر عن إيران، بما يتماشى مع الأهداف الإستراتيجية للمفاوضين الإيرانيين في الاتفاق”، مشدّدة على أن “طهران بعثت هذا اليوم رسالة إلى العالم مفادها أنه على عكس ما تحاول الولايات المتحدة والصهيونية ترويجه، فإن طهران لا تشكّل تهديدًا أو قلقًا أمنيًا للمنطقة”. وأردفت “في هذا اليوم، يدرك العالم أن إيران، كلاعب عقلاني، ستستخدم أسلحتها للدفاع ولن تقلق بشأن تعزيز دفاعاتها”، مؤكدة أن “مثل هذه الرسالة هي جرس إنذار لمشروع رُهاب إيران، الذي أنفقت الولايات المتحدة من أجله مليارات الدولارات على مر السنين”.

إيران بعد رفع حظر السلاح.. استثمار في السياسة أم في التجارة؟ 2

على المقلب الأخر، لم تتناول معظم الصحف الأصولية هذا الموضوع، باسثناء بعضها كصحيفة “رسالت”، التي سلطت الضوء على الموضوع من جهة توقعات التعاملات المستقبلية في موضوع السلاح. إذ عبرت عن اعتقادها بأن “الدور الصيني و الروسي مهم وحاسم في الأيام المقبلة، وينبغي على البلدين أن يكونا مفتاحًا في نهج التعاملات الرسمية مع إيران”.

وشددت الصحيفة على أن “هذا لا يعني أن إيران تعتزم التخلي عن سياستها القائمة على الاعتماد على صناعاتها وقدراتها المحلية والوطنية في مجال الدفاع والتسليح، بل لمجرد إظهار إرادة هذين البلدين في الوقوف إلى جانب إيران”، مشيرة إلى أنه “بسبب سياسة الضغط القصوى التي تنتهجها واشنطن، قد لا تنجح تجارة الأسلحة الإيرانية على أي مستوى، لأن قبل ذلك فشلت عمليات التجارة في السلع الأساسية مثل الأدوية والمعدات الطبية، وهي احتياجات بشرية لبلدنا”.

وذكّرت الصحيفة بأن “الاعتماد على القدرات المحلية والوطنية في مجال الدفاع أوصل إيران إلى هذا اليوم”، داعية إلى ضرورة أن تلتف السياسة الجماعية للحكومة والشعب الإيراني حول التصنيع المحلي”، كما رأت أنه “يجب أن تكون تجربة جمهورية إيران الإسلامية في السنوات الأربعين الماضية درسًا لجميع البلدان التي ترغب في فعل شيء لكنها ترفض السير في الطريق الذي تختاره خوفًا من سياسات الولايات المتحدة”.

إيران بعد رفع حظر السلاح.. استثمار في السياسة أم في التجارة؟ 3

بناءً على ما سبق، يمكن القول إن علاقة إيران مع المجتمع الدولي دخلت بلا شك مع رفع حظر التسليح والتسلح في مرحلة جديدة، لكنها قد لا تستغلها بالضرورة في مجال بيع وشراء الأسلحة، كما أنها في الوقت ذاته لن تتوانى بكل تأكيد عن استثمار الأمر سياسيًا، ضمن مواجهتها المحتدمة مع الولايات المتحدة.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: