الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة13 أكتوبر 2020 08:09
للمشاركة:

تزامناً مع دخول وباء كورونا موجته الثالثة: إيران تواجه هجرة الممرضات

يشهد قطاع التمريض في إيران موجة هجرة بعد أن قدّم أكثر من ألف ممرّض وممرّضة طلباً لمغادرة البلاد، حيث تأتي هذه الموجة من الهجرة في ظل دخول "الجمهورية الإسلامية" الموجة الثالثة من وباء كورونا، وارتفاع عدد الوفيات التي سببها هذا الفيروس. إذ سجّلت السلطات الصحية في إيران أرقاماً قياسية في الأيام الماضية في عدد الإصابات وعدد الوفيات.

رئيس مجلس إدارة نظام التمريض في طهران آرمین زارعیان، كشف في تصريح له في 11 تشرين الأول/ أكتوبر، أنه “في الأشهر الأخيرة، زادت هجرة الممرضين والممرضات”، لافتاً إلى أن “الدول الأوروبية ودول أميركا الشمالية وأستراليا لديها أعلى طلب على العاملين الإيرانيين في هذا القطاع”.

أسباب قبول الممرضين الهجرة “طبيعية” حسب زارعیان، الذي رأى أنه “في ظل إصابة آلاف الممرضين بفيروس كورونا وموت عدد كبير منهم دون أن تولي الحكومة أي اهتمام لهم، من الطبيعي أن يغادروا البلاد، خصوصاً أن البلدان التي تستقبلهم فيها ظروف معيشية أفضل”.

هجرة العاملين في القطاع الصحي لها سيئاتها على البلاد. زارعیان رأى أن “طهران تواجه حاليا نقصا في الممرضات، وبسبب انتشار كورونا في طهران وازدحام المستشفيات، فإن المراكز الطبية بالعاصمة تفتقر إلى ما يقرب من 7000 ممرض”، مشيراً إلى “أنني حذرت مرارا في اجتماعات سابقة مع أعضاء لجنة الصحة بالبرلمان الإيراني من الإرهاق والضغط على الممرضات، لكن لم يتم الالتفات إلى هذه القضية”.

منظمة التمريض الإيرانية، كانت قد أعلنت في 1 تشرين الأول/ أكتوبر، أنه “من بين 110 آلاف ممرضة في عموم البلاد، أصيب 20 ألفا منهن بفيروس كورونا المستجد”، موضحة أن “5 آلاف ممرضة إيرانية على الأقل تقاعدت عن العمل، بينما فقدت 50 ممرضة حياتها جراء تفشي فيروس كورونا المستجد”.

في هذا السياق، قالت صحيفة “آفتاب يزد”، في تقرير لها نشر في 12 تشرين الأول/ أكتوبر، إنه “بسبب انعدام الأمن الوظيفي، إضافة للظروف الجيدة للممرضات في البلدان الأخرى، أقدم عدد كبير من الممرضات في إيران على الهجرة من البلاد”، مشيرة إلى أن “الممرضين ظلوا يقاتلون منذ شهور للسيطرة على فيروس كورونا وخاطروا بحياتهم لكنهم قوبلوا بقلة الاهتمام وقسوة المسؤولين”، مؤكدة أنه “لم يتم الوفاء بالعديد من الوعود التي قُدمت للممرضات،  ما ساعد الدول الأوروبية على جذب هؤلاء عبر تسهيل هجرتهم نظراً للنقص الحاد بالعاملين في هذا القطاع عندهم”.

الجدير ذكره، أن الممرضين والممرضات احتجوا في بعض مدن إيران أكثر من مرة خلال أزمة تفشي فيروس كورونا، واعترضوا خلال الاحتجاجات على تأخير الأجور ومشكلات العمل، وسط وعود رسمية بحل المشكلة. صحيفة “آفتاب يزد” قابلت عدداً من الممرضات لمعرفة أسباب هجرتهم. الممرضة “نجمة”، رأت أن “البقاء هنا لم يعد مفيدا لنا، فنحن لا نتقاضى رواتب وأجور تتناسب مع جهودنا، إضافة إلى أننا نحصل عليها في وقت متأخر”، مشيرة إلى أن “عبء العمل لدينا مرتفع للغاية لأنه لا يوجد توازن بين عدد الممرضات والمرضى، كما أن المرضى لا يقابلونا باحترام في أغلب الأوقات”، وشرحت قائلة “نظرًا للظروف الجيدة التي توفرها البلدان الأخرى، يتطلع العديد من زملائي اليوم إلى الهجرة، فهم يبحثون عن القيمة والاحترام قبل كل شيء. في بلدنا، لن تحصل الممرضات حتى على مخصصات الأطفال إذا تم توظيفهن من قبل الحكومة”.

ممرضة أخرى تدعى سحر، أجابت في حديث للصحيفة عينها، بالقول إن “الممرضين بذلوا حياتهم من أجل وظائفهم. في دول مثل كندا وأستراليا والسويد، الظروف جيدة جدًا للممرضات، فهم يوفرون المنازل والسيارات للممرضات، وهذا وضع مثالي للغاية في هذه الظروف الصعبة”. أما الممرضة “إيمان”، فأوضحت “أنني مستعدة للهجرة اليوم لأن وضعنا لا يمكن مقارنته بممرضات أخريات في بلدان أخرى”.

على هذه الخلفية، وصلت الصحيفة إلى خلاصة مفادها أن “مأساة هجرة النخبة ابتليت بها البلاد منذ سنوات عديدة، واليوم، وبسبب إهمال المسؤولين، فإن إحصاءات الهجرة ترتفع”، مؤكدة “وجود خوف من أنه إذا استمر هذا الإهمال فإن البلاد ستواجه نقصاً في القوى العاملة الماهرة”.

تزامناً مع دخول وباء كورونا موجته الثالثة: إيران تواجه هجرة الممرضات 1

بدورها، وصفت صحيفة “اقتصاد سرآمد” الاقتصاديةـ العاملين في قطاع التمريض بـ”المجاهدين في الخطوط الأمامية”. وفي تقرير له في 12 تشرين الأول/أكتوبر، رأت أنه “منذ تفشي فيروس كورونا أصبحت مكافحة هذا الفيروس المجهول مسؤولية الجهاز الصحي وفي مقدمته الممرضات”، مضيفة “كافحت الممرضات لمدة ثمانية أشهر، وقد أدى ذلك إلى تعب العاملين بالمستشفى مع مرور الوقت، بالإضافة إلى ذلك، كانت مشاكل الأمن الوظيفي للممرضات تضايق هذه الفئة لسنوات”.

الصحيفة لفتت إلى أن “مجتمع التمريض أظهر شجاعة كبيرة منذ بداية تفشي فيروس كورونا وقدم العديد من الشهداء للدفاع عن البلاد، ومع ذلك، فإن عدم تلقي حقوقهم المالية كان مؤسفاً بالنسبة للممرضين”، مشيرة إلى أنه “يمكن أن تؤدي هجرة الممرضات إلى نقص مضاعف في القوى العاملة في البلاد، لذلك فإن تجاهل هذه المجموعة يمكن أن يخلق مشاكل كثيرة للبلاد ما يوصل إيران إلى كارثة حقيقية”.

تزامناً مع دخول وباء كورونا موجته الثالثة: إيران تواجه هجرة الممرضات 2

يُشار إلى أن السلطات الايرانية بدأت مطلع الاسبوع الحالي، وبعد وصول أعداد الإصابات والوفيات إلى أرقام قياسية، بفرض غرامات على من لا يلتزم الحجر الصحي المنزلي في حال ثبوت اصابته بكورونا ولأيضا على الأفراد والأماكن التي لا تلتزم بالبروتوكولات الصحية، مع استمرار إغلاق عدد من الفعاليات في العاصمة ومدن أخرى. لكن تزامن هذه الموجة الثالثة من الفيروس، مع موجة هجرة العاملين في القطاع الصحي في البلاد، لن يكون بحسب المختصين سهلاً إذا لم تجد السلطات حلّاً لهذه الأزمة.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: