الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة30 سبتمبر 2020 06:01
للمشاركة:

دعوات لاستقالة روحاني.. المتشددون يتهمون الإصلاحيين بـ”لبننة” إيران

أدّت الرسالة التي وجهها السياسي الإصلاحي عباس عبدي إلى رئيس الجمهورية حسن روحاني، في 27 أيلول/سبتمبر عبر صحيفة “اعتماد” الإصلاحية، إلى ارتفاع حدة الانتقادات المتبادلة بين الإصلاحيين والأصوليين في البلاد. لأنها تضمنت دعوة من عبدي للرئيس روحاني بالاستقالة، حيث رأت صحيفة “كيهان” الأصولية، بتقرير لها في اليوم التالي 28 أيلول/سبتمبر، أن الإصلاحيين يهربون من المسؤولية عبر دعوتهم روحاني للاستقالة.

عبدي، في دعوته روحاني للاستقالة، اعتبر أن “استمرار الوضع الحالي والفجوة القائمة بين المتشددين، الذين سيطروا على البرلمان، والإصلاحيين، لن يؤدي إلا إلى مزيد من الضعف وضياع الفرص السياسية للحد من المشاكل”، مشيراً إلى أنه “في ظل هيمنة الأصوليين وعدم القدرة على عزلهم، أقترح أن يتخذ روحاني مبادرة شخصية وهي أن يستقيل”.

ورأى عبدي أن “الانسحاب لا يعني الاحتجاج بل هو فتح الطريق لحل الأزمات”، معرباً عن أسفه من أن “كل دعوة للاستقالة تترجم في إيران بأنها دعوة للانفصال التام وتواجه بالعداء والبغضاء والحقد والافتراء”، مضيفاً “في ظل السيناريوهات المتوقعة عقب الانتخابات الأميركية، لا يمكن لروحاني الاستمرار في الرئاسة لأنه لن يتمكن من اتخاذ القرارات بوجود آخرين يتحكمون فعلياً بكافة المواضيع، وهذا كله من أجل الشعب والبلد”.

هذه الدعوة لقيت العديد من الترحيبات من قبل بعض الشخصيات الإصلاحية في البلاد. منهم عبد الله رمضان زاده الذي رحّب بالاقتراح، واصفاً إياه، في تغريدة له على تويتر في 27 أيلول/سبتمبر، بأنه “جيد للتخلص من الارتباك وتوضيح المسؤوليات”.

ردُّ المتشددين على هذه الدعوة جاء عبر صحيفة “كيهان” الأصولية، التي رأت أن “الإصلاحيين الذين يصارعون أزمة الدور والهوية، عرضوا على روحاني الاستقالة من الرئاسة في أحدث استراتيجياتهم الخادعة للهروب من المحاسبة”، مذكرة بأن “الإصلاحيين، الذين دعموا روحاني بالكامل في الانتخابات الرئاسية، امتصوا الحكومة وأطاحوا بها عبر أدائهم الضعيف، وها هم اليوم يقترحون الآن على الرئيس الذي يؤيدونه الاستقالة”.

الصحيفة أوضحت أن “سلوك الإصلاحيين، وهم السؤولون الرئيسيون عن الوضع الحالي، يشي بأنهم يحاولون إظهار أنفسهم على أنهم منتقدون للحكومة من خلال انتقاد روحاني والنأي بأنفسهم عن الحكومة”، مشيرة إلى أن “الإصلاحيين يحاولون التنصل من المسؤولية وإعطاء عنوان خاطئ والتلميح للرأي العام أن السبب الجذري لمشاكل البلاد هو الولايات المتحدة والعقوبات، لذلك اقترحوا أن يستقيل الرئيس لأنه ليس لديه الإرادة أو الإذن بالتفاوض مع الولايات المتحدة”، مضيفة “قد يكون قد غاب عن أذهان هؤلاء أن احتجاجات كانون الأول/ديسمبر من العام 2017 حدثت قبل عودة العقوبات وليس لها علاقة بانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، بالإضافة إلى ذلك، كانت احتجاجات عام 2019 نتيجة تغيير الحكومة أسعار البنزين”.

من ناحية أخرى، اتهمت الصحيفة أن الإصلاحيين بأن اقتراحهم يخدم “المشروع الأميركي”، مشيرة إلى أن “هذا المشروع قائم على “انعدام الهوية” وتسعى إليه أجهزة المخابرات الأميركية والبريطانية والإسرائيلية في العراق ولبنان”، معطية أمثلة عن استقالة رئيس الوزراء في العراق ومن ثم في لبنان والأزمات التي عاشتها الدولتين بعد ذلك، معتبرة أن الدعوات لاستقالة روحاني هي محاولة “للبننة إيران”.

في السياق عينه، أوضح الناشط السياسي بيجان مقدم في حديث مع صحيفة “جهان صنعت” الاقتصادية في 28 أيلول/سبتمبر، “أننا لم نسمع حتى الآن من روحاني استعداده للاستقالة والتنحي”، منتقدًا عرض عباس عبدي الأخير لروحاني بالتنحي عن الرئاسة، مشيراً إلى أنه “يتوجب على الداعين للاستقالة شرح نوع المفاوضات مع أميركا التي يقصدونها دائماً وعلى أي مستوى، لأن افتراضنا هو أن التفاوض، على الأقل مع شخص مثل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ليس هو الحل”.

وأضاف مقدم “النقطة الثانية التي يقولها عبدي هي أن روحاني يجب أن يرحل لأنه ليس لديه فرصة وقدرة على التفاوض مع أميركا. سؤالي هو ما هي الفرصة التي لم تُمنح لروحاني؟ كانت المفاوضات مع الولايات المتحدة قبل وأثناء وبعد الاتفاق النووي أكثر شمولاً في إدارة روحاني من أي إدارة أخرى، ولا يوجد سجل لمفاوضات واسعة النطاق في أي إدارة أخرى، ولا حتى في إدارة أحمدي نجاد، التي يعتبرها عبدي أصولية. حتى أن أحداً من الرؤساء لم يحصل على مثل هذه المنصة للتواصل والتفاوض مع الولايات المتحدة”، مشدداً على أن “الإصلاحيين الذين اقترحوا استقالة روحاني يعرفون أن هذا لن يحدث، خصوصاً وأننا اقتربنا من نهاية ولايته، فالإصلاحيين هنا يعتقدون في أول يوم من الرئاسة أن لديهم كل الصلاحيات لكن في اليوم الأخير بدأوا بالقول إننا لا نمتلك الصلاحيات ولا السلطة”.

أما الناشط السياسي الإصلاحي غلام رضا ظريفيان، فقد رأى في حديث للصحيفة نفسها أن “ما يحصل هو تصوير لحالة الارتباك الموجودة”، مشيراً إلى أنه “لا يظهر حتى الآن وجود مؤشرات أو بدائل لتنفيذ هذا الاقتراح، لذلك أعتقد أنه مجرد كلام ليس له أساس واضح”، مضيفاً “مشاكلنا استراتيجية ووطنية ولن تتغير مع رحيل الحكومة”.

على خلفية ما سبق، يمكن القول إن اشتد الصراع بين المتشددين والإصلاحيين في إيران في الأيام الأخيرة، يشير إلى أن الانتخابات الرئاسية الإيرانية المقبلة في حزيران/ يونيو 2021 ستكون أمام سيناريوهين، الأول معركة انتخابية كبيرة بين هذين الجناحين، أو عدم مشاركة الإصلاحيين فيها كما حصل في الانتخابات التشريعية الماضية.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: