الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة28 سبتمبر 2020 16:47
للمشاركة:

كيف ستنعكس زيارة فؤاد حسين إلى طهران على الصراع الإيراني – الأميركي؟

أتت زيارة وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين إلى إيران، وهي الأولى له منذ تسلمه منصبه، في وقت تتسارع فيه أحداث الشرق الأوسط وتتصاعد فيه حدة التوتر بين “الجمهورية الإسلامية” و”الولايات المتحدة”. وقد تكون “مزحة” وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف لدى استقباله نظيره العراقي، أشد دليلاً على بعد هذه الزيارة الإقليمي، حين مازحه قائلا “أنت تذهب الى أميركا و نحن نذهب إلى روسيا”.

الخارجية العراقية، في بيان لها في 28 أيلول/سبتمبر، أعلنت أن حسين نقل إلى الرئيس الإيراني حسن روحاني رسالة من رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، مشيرة إلى أن “الرسالة الشفوية التي وجهها وزير الخارجية العراقي متعلقة بآخر المستجدات في المنطقة، وفيها استعراض لأهم التطورات والتداعيات المحتملة”، معلنة أن “فؤاد حسين أشاد بموقف طهران من العراق”.

بالعودة إلى الزيارة، فقد شهد اليوم الثاني منها في 27 أيلول/ سبتمبر، لقاء بين الوزير العراقي وأمين المجلس الاعلى للأمن القومي الايراني علي شمخاني. وكان اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني طبقاً رئيسياً على طاولة الحوار بين الجانبين، إذ أكد شمخاني “أننا نتوقع من الحكومة العراقية متابعة قضية الاغتيال”، واصفاً “اغتيال سليماني وابو مهدي المهندس بأنه إرهاب رسمي”، وقال إن “الحد الأدنى لعقاب مرتكبي هذه الجريمة الكبرى هو مغادرة المنطقة فورا، خاصة من البلد الذي ارتكبت فيه الجريمة”. مشيرًا إلى أن “استقرار هذه الدول يتحقق في ظل الحوار والتعاون الاقليمي دون أي تدخل أجنبي”، وأوضح أن “المشروع “الصهيوني” للهيمنة الكاملة على المنطقة ما زال متواصلا عن طريق التطبيع مع بعض دول المنطقة والاستفادة من الضغوط الاميركية”.

بدوره أعلن وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين عزم بلاده على تعزيز العلاقات مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، منوها إلى أن “شعب العراق وحكومته لن ينسيا أبدا دعم الشعب الإيراني وتضحياته لصد خطر الإرهاب التكفيري عن العراق”.
كذلك، حاول الوزير العراقي إرسال رسالة طمأنة لطهران، لا سيما في ظل تصاعد مواجهتها مع واشنطن، حيث أكد أن “العراق لن يسمح أن ينطلق أي تهديد من داخل أراضيه ضد جيرانه”. فلماذا أتت هذه الطمأنة؟

أصدر معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى تقريراً للباحث مايكل نايتس في 25 أيلول/ سبتمبر، تطرّق فيه إلى موضوع استهداف السفارة الأميركية في بغداد. مشيرًا إلى أنه “في 20 أيلول/ سبتمبر، أفادت بعض التقارير أنّ وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو حذّر الحكومة العراقية من أنّ استمرار هجمات الميليشيات غير الخاضعة للرقابة قد يدفع الولايات المتحدة إلى إغلاق سفارتها، وشن ضربات قويّة على قادة الميليشيات المدعومة من إيران”، ولفت التقرير إلى أنه “منذ ذلك الحين، سارع المسؤولون العراقيون وحتى بعض رموز الميليشيات إلى استرضاء واشنطن، حيث نأت جماعات مسلحة مختلفة بنفسها علناً عن الهجمات على المنشآت الدبلوماسية، ولكن في الوقت نفسه، أذهل هذا التحذير الحكومة العراقية المحاصرة التي كانت قد وجهت بعض الضربات القوية ضد وكلاء إيران في الأسابيع الأخيرة، من بينها اعتقال مموّل الميليشيا المشتبه به بهاء عبد الحسين في 17 أيلول/ سبتمبر، الذي يسيطر على خدمة دفع إلكتروني بقيمة مليارات الدولارات”.

ورأى التقرير أن “هذا الحدث يسلّط الضوء على أثر التآكل الذي يمكن أن تحدثه حتى الهجمات غير الفتّاكة للميليشيات على العلاقة الثنائية، وقبل هذه الأحداث الأخيرة كانت العلاقات تتحسن بشكل ملحوظ، حيث زار رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي واشنطن في آب/ أغسطس، ووافقت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على البدء في خفض عدد القوات الأميركية من 5,200 عسكري إلى مستوى مستدام يبلغ حوالي 3,000 عنصر”.
التقرير استخلص بأن “من شأن تأمين المنطقة الدولية والبدء بحملة إخراج الميليشيات أن يمنح السفارة الأميركية أسباب أكثر قوة للوقوف على أسس وطيدة لأنها تساعد بغداد على الصمود أمام التهديدات الإيرانية”.

في مقابل هذا السعي الأميركي لمنع الهجمات التي استهدفت سفارتها في بغداد من قبل مجموعات مدعومة من إيران، حسب زعمها، برز أثناء زيارة الوزير العراقي إلى طهران، فيديو لقائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري إسماعيل قاآني في مدينة كربلاء محاطًا بمسلحين من الفصائل العراقية الحليفة لإيران، كما أن المسؤولين الذين التقاهم الوزير العراقي في طهران أظهروا رغبتهم في إخراج الأميركيين من العراق، وهو الأمر الذي ما فتأوا عن التوعّد به خلال الفترة الماضية.

رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف، خلال اليوم الأول من الزيارة في 26 أيلول/ سبتمبر، اعتبر أن “خروج أميركا هو السبيل الوحيد لحل مشاكل العراق”، وقال إن “الولايات المتحدة هي أفة السلام والاستقرار في العراق والمنطقة”.

على هذه الخلفية، يصح القول أن العراق عاد مرة إلى أخرى إلى مسرح المواجهة الإيرانية- الأميركية بعد عشرة أشهر تقريباً من اغتيال قاسم سليماني، وذلك في ظل التقارير حول الضغوط الأميركية المكثفة على رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي لصد المجموعات المدعومة من إيران في العراق. فهل نجح حسين في مهمته التي أرسل لها، وهل سيتعامل معها المسؤولون الإيرانيون بإيجابية؟

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: