الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة20 سبتمبر 2020 09:48
للمشاركة:

إيران على أبواب موجة كورونا الثالثة.. البلاد كلّها باللون الأحمر

تقف إيران اليوم على عتبة دخول "الموجة الثالثة" من انتشار وباء كورونا، بعد تجاوز عدد الإصابات اليومية 3000 حالة، وهو أعلى مستوى منذ ظهور الفيروس في البلاد لأول مرة في شباط الماضي. و بحسب منسق لجنة مكافحة فيروس كورونا في طهران علي رضا زالي، فإن التوقعات تظهر أن "هذه الموجة ستتشكل في طهران في وقت مبكر مقارنة بالمحافظات الأخرى".

تعرّضت “الجمهورية الإسلامية” لموجة أولى انتهت في أيار/ مايو، بعد أن كانت من أوائل الدول التي أصابها الوباء بعد الصين. وعادت أرقام الإصابات للإرتفاع مجدداً في بداية شهر حزيران/ يونيو قبل أن تنخفض في أواخر آب/ أغسطس إلى أقل من 1600 حالة. إلا أنها مع بداية شهر أيلول/ سبتمبر ارتفعت مجدداً، لتسجّل يوم الجمعة الماضي رقماً قياسياً وصل إلى 3049 حالة.

أمام هذا الواقع، دقّ الرئيس الإيراني حسن روحاني ناقوس الخطر، وشدد في تصريح له خلال اجتماع اللجنة الوطنية لمكافحة فيروس كورونا في 19 أيلول/ سبتمبر، على ضرورة تعزيز إجراءات الوقاية على مستوى البلاد خصوصاً مع انتشار أمراض أخرى في هذا الوقت من السنة كالانفلونزا ونزلة البرد، مؤكداً ضرورة تحمل نمط الحياة الجديدة مع تفشي الفيروس من حيث الالتزام بالعديد من الأمور الصحية ومنها ارتداء الكمامات والتباعد الاجتماعي وعدم السفر.

إيران على أبواب موجة كورونا الثالثة.. البلاد كلّها باللون الأحمر 1

اللون الأحمر في كل المحافظات

عند عرض الرسم البياني الذي يظهر انتشار الوباء داخل إيران، يُلاحَظ أن جميع المحافظات باتت باللون الأحمر، أي أنها وصلت كلّها إلى مرحلة الوباء المجتمعي. وأعلن نائب المدير العام لوزارة الصحة إيرج حريرشي أنه “لم يعد لدينا على الخارطة أي ألوان سوى اللون الأحمر، وإذا استمر هذا الاتجاه فإن حصيلة الوفيات ستصل إلى 45 ألفًا”.

في محافظة قم، أوضح رئيس جامعة العلوم الطبية، في حديث لصحيفة “ايران” الحكومية 19 أيلول/ سبتمبر، أن “الوضع مقلق جداً أكثر مما كان في بدايات الأزمة وذلك بسبب الإهمال والتجمعات والسفر”، معرباً عن تخوّفه من أن “الموجة الثالثة بدأت في قم قبل الخريف”، مضيفاً أن “مرونة النظام الصحي قد تعطلت لذلك يجب إيقاف السفر وجميع التجمعات، حتى في الأماكن المفتوحة، حتى لا نشهد أزمة أكبر”.

اللون الأحمر يغطي كامل كرمانشاه أيضاً. ووفقاً لرئيس اللجنة الإعلامية لموظفي لجنة الكورونا بجامعة كرمانشاه للعلوم الطبية مهدي محمدي، في حديث لصحيفة “ايران”، فإن “عدد المرضى في آب/ أغسطس انخفض ليصل إلى 20 حالة يومياً، لكن في الأسابيع الأخيرة وصلت الحالات إلى أكثر من 70 في اليوم”، داعياً إلى “اتباع البروتوكولات الصحية أكثر فأكثر”.

وفق الصحيفة عينها، فإن “الوضع ليس أفضل في خراسان رضوي وخوزستان وتبريز وباقي المحافظات”، واصفة الحالة الصحية بـ”الهشة” على صعيد جميع المحافظات حيث بدأ الوضع يتفاقم أكثر فأكثر.

أسباب الموجة

تكثر الترجيحات حول أسباب هذه الموجة الثالثة في البلاد. صحيفة جوان الأصولية، في تقرير لها السبت 19 أيلول/ سبتمبر، قالت إن “عطلة محرّم أدت إلى خروج حوالي 5 ملايين شخص من منازلهم، وتوجّهوا نحو البحر ونحو شمالي البلاد بشكل غير مسبوق، إذ تم تسجيل زيادة 9% في الرحلات المتوجهة شمالاً مقارنة بالعام الماضي”، متوقعة أن “تشهد البلاد في الأيام المقبلة ارتفاعاً إضافياً في الإصابات والوفيات”.

أما صحيفة “اعتماد” الإصلاحية، فرأت أن “الرحلات الترفيهية والمشي دون أخذ الإحتياطات اللازمة في مراكز التسوق وتجاهل الكمامات في مترو الأنفاق والحافلات وعدم ترك مسافة آمنة بين المواطنين، كلها أسباب أدت لتحوّل البلاد إلى اللون الأحمر”، مشيرة إلى أنها “المرة الأولى منذ بداية انتشار الوباء، تكون فيها جميع المدن بهذا اللون وذلك بسبب الضعف الشديد في إشراف المفتشين في الأماكن العامة والمركبات، ولا أحد يطلب من المواطنين ارتداء الكمامة أو أخذ مسافة أمان”.

وكشفت الصحيفة ذاتهتدا أن “بعض المقاهي في العاصمة طهران عمدت على إقفال أبوابها صورياً، لكنها سمحت للزبائن بالدخول بطريقة سرّية”، معتبرة أن “ما نشهده في إيران، وخاصة في طهران، هو تخلف خطير من قبل الشعب”، وتوجهت إلى المواطنين بالقول “كان انتشار “الكورونا” اختبارًا جيدًا للغاية لاختبار مستوى فهم الشعب الإيراني فيما يتعلق باحترام الآخرين، فالشعب يقوم بتكسير اللوحات التوعوية المتعلقة بكورونا وفي نفس الوقت يعتبر نفسه ذكياً”.

أزمة في لقاحات الإنفلونزا

أوصت منظمة الصحة العالمية، في تقرير لها بتاريخ 15 أيلول/ سبتمبر، يتطعيم جميع الناس في العالم ضد الأنفلونزا ليكونوا آمنين نوعًا ما ضد هذا المرض، ولمحاولة تحاشي الموجات الجديدة من وباء كورونا.

صحيفة “آفتاب يزد” الإصلاحية أضاءت على هذا الموضوع، في تقرير لها يوم 19 أيلول/ سبتمبر، لافتةً إلى أنه “في إيران الأولوية للحصول على هذا اللقاح هو لكبار السن وللمعرضين للخطر، ما أثار مخاوف كثيرة في المجتمع بشأن التوزيع غير العادل للقاح”.

“آفتاب يزد”، أوضحت أن “اللقاح غير متوفر في الصيدليات حتى الآن”. متابعة بالقول “لقد فتح الطلب على لقاح الإنفلونزا الباب للمحتالين، وتم نشر إعلانات بيع وشراء لقاح الإنفلونزا في الفضاء الإلكتروني، رغم فرض الشرطة حظراً على العمليات التجارية في هذا المجال. لذا، لا شك أن السوق السوداء ستلعب دوراً هنا، وسيقدم المستغلون اللقاح بأسعار باهظة، وبالتالي يمكن للأثرياء فقط الحصول عليه بسهولة، بغض النظر عن الأولويات، ولن يكون المحتاجون قادرين على تناوله”.

بناءً على ما سلف، يعتقد الخبراء في إيران أن لا حلول في الوقت الراهن سوى الالتزام ببروتوكولات الحماية والتباعد الإجتماعي، لأن المعطيات السابقة تشير إلى أن الوضع خلال الأسابيع المقبلة لن يكون سهلاً لا على المواطنين ولا على القطاع الصحي.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: