الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة19 سبتمبر 2020 19:22
للمشاركة:

الأضلاع الثلاثة.. أميركا وأوروبا وإسرائيل في مواجهة إيران

استطلع موقع "دويتشه فيله" الفارسي الجمعة 18 أيلول/ سبتمبر 2020، آراء مجموعة من الخبراء حول حقيقة الاختلاف بين الموقف الأوروبي والأميركي فيما يتعلق بإيران، ودور تل أبيب في المواجهة بين واشنطن وطهران، ومستقبل التطورات بين الجانبين في حال فاز الرئيس دونالد ترامب بدورة رئاسية جديدة أو خسر. جاده إيران تقدم ترجمة كاملة لهذه المطالعة التي يختتمها الباحث في الشؤون الدولية ميثم بهروش بالقول إن فوز ترامب سيجعل إيران أمام الخيار الوحيد القاضي بالانسحاب من الاتفاق النووي والذهاب للحرب

لطالما اشتكت حكومة روحاني من أوروبا بأنها لا تقوم بواجباتها في الحفاظ على الاتفاق النووي. حكومة روحاني عقدت الآمال أثناء خروج أميركا من الاتفاق النووي أن توجد أوروبا آلية في نهاية المطاف لكي تتمكن إيران من الوصول إلى عوائدها النفطية، وأن تدور عجلة اقتصادها، وألا تُشل تحت الضغوط الأميركية.
العمل الذي لم تقم به أوروبا وعلى رأسها ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، ولديها أسبابها لذلك، سياسة إيران الإقليمية الخطيرة، برنامجها النووي، وأن أي من المؤسسات المالية غير مستعدة للدخول في صفقة والاستثمار في دولة لا يتمتع اقتصادها بالحد الأدنى من الشفافية، بما يجعلهم في مواجهة العقوبات الأمريكية.

يعتقد دامون غلريز الباحث في مجموعة أبحاث السلام الدولية والمدرس في جامعة لاهاي أن أوروبا وأميركا لا اختلاف في موقفيهما تجاه إيران، وإنما يكمل بعضهما سياسات الآخر. ويرى أن أميركا وإسرائيل وأوروبا يتقدّمان في لعبة، وكلاهما يفي جيدًا بدوره فيها.
ويقول لـ “دويتشه فيله”: أوروبا تقول أمام الرأي العام، أننا نعارض ما تقوم به أميركا، ولكنهم عمليًا موافقين على ذلك.
“إنهم قسّموا العمل فيما بينهم؛ أميركا تستفيد من الحد الأقصى من الضغوط، وأوروبا تعارض كلاميًا أميركا، لكنها عمليًا توافق على هذه الضغوط. أوروبا تضغط على إيران، بأن تبقى في الاتفاق النووي، على افتراض أن أميركا ستعود إليه إذا ما فاز جو بايدن في الانتخابات الأميركية.
ووفقًا لرأي هذا المحلل، أوروبا نجحت في سياستها هذه، واستطاعت من خلال ذلك تنفيذ عمليات تفتيش عن طريق الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمواقع انكرتها طهران سابقًا.

ويشير بعد ذلك إلى دور إسرائيل، بأنها تؤخّر البرنامج النووي الإيراني من خلال الضغوط المادية أي ضغوط التخريب والتفجير في نطنز، وبارتشين، وفي أماكن أخرى. ويقول: مع تفجير نطنز أخّرت البرنامج النووي الإيراني لعام أو عامين لصناعة القنبلة الذرية.
لكن، الباحث في الشؤون الدولية من السويد ميثم بهروش، يعتقد، أن أميركا انعزلت في سياسة الحد الأقصى من الضغط على إيران. ويقول: عودة العقوبات سواء في قطاع التسليح وسواء في القطاعات الأخرى معتبرة وسارية فقط من وجهة نظر أميركا، وليس من وجهة نظر المجتمع الدولي. وإذا تغيّر غدًا رئيس أميركا، فلن يكون لهذه العقوبات موضوعية، وإذا ما تولى جو بايدن رئاسة أميركا فمن الممكن أن يصدر أمرًا جديدًا أو أن يعود إلى الاتفاق النووي. وهذا يشير إلى أهمية بقاء إيران في الاتفاق النووي.

إذا ما رحل ترامب وجاء بايدن

هل مع تغيّر رئيس أميركا ستكون إيران في مكانة أفضل؟ يعتبر دامون غلريز هذا الأمل واهي، ويعتقد “حتى إذا ما تولى بايدن رئاسة أميركا، الأوربيون بإمكانهم أن يبيعوا بكل سهولة إلى الرأي العام خاصتهم أنه يتعين أن نتبع الضغوط الأميركية على إيران. الأمر الذي ليس باليسير حاليًا وفي ظل وجود ترامب.
ويستدل على ذلك بأنه ورد في الاتفاق بأن إيران بإمكانها الخروج من الاتفاق النووي إذا ما استفادت دولة من آلية الزناد، لكن نرى أن ذلك لم يحدث نظرًا لأن إيران تأمل وقوع تغيير ملفت بعد مجيء جو بايدن.

وإذا ما بقى ترامب، واستمرت حملة الضغط الأقصى؟ يعتقد غلريز: آنذاك سيختلف الوضع بالكامل، فرغم أن الجميع يقول إنه لن يعترف رسميًا بسياسة أميركا، لكن سيضطرون لاتباعها بسبب الدور المحوري لأميركا في النظام المالي العالمي.
ويعتقد بهروش أن الوضع سيصبح أخطر في حالة بقاء ترامب، لكن بايدن صرّح حتى أنه لا يرغب في إظهار مرونة تجاه إيران، بل يريد فقط العمل بذكاء أكثر. وإذا ما تولى بايدن رئاسة أميركا، فالأمر ليس على النحو الذي تعود أميركا بين ليلة وضحاها إلى الاتفاق النووي.
وفي اعتقاده، تتجه حكومة إيران نحو التوجّه الواحد، وسمة هذا التوجه التطرف والتشدد. ويقول: ولا يوجب الوضع الحاكم في إيران أن نعود إلى فترة الاتفاق النووي، كما دمّرت الكثير من الأشياء خلال السنوات الأربعة لرئاسة ترامب لأميركا. كما أن رفع العقوبات ليست بهذه السهولة، فأولًا عليه الذهاب للكونجرس، وهذا يأخذ وقتًا. طالما أن هناك اتفاق نووي، بحيث يتمكن بايدن من رفع العقوبات خطوة خطوة. ولولا الاتفاق النووي، فاستبعاد الحد الأقصى من الضغوط سيكون صعبًا للغاية على بايدن. ومن المحتمل أن يدخل في صفقة صعبة للغاية.

إعدام نويد أفكاري قضى على خيارات حكومة روحاني

أوصى طهران الكثير من الخبراء في داخل وخارج من إيران، اتخاذ طريق التعامل مع المجتمع العالمي، والبقاء في الاتفاق النووي، وألا يخرجوا من معاهدة الحد من الانتشار النووي، وألا تقوم بأمر يضع أوروبا وحتى روسيا والصين جبرًا بجانب أميركا. وأوصوا أن تدخل في سلام مع دول المنطقة وتستبعد شعار القضاء على إسرائيل بدلًا من إيجاد توتر والاعتماد على حزب الله وحماس والحشد الشعبي وغيرهم.

ما خيارات إيران مع سياسة “لا مفاوضات، لا حرب”؟ هل لديها بالفعل خيارات؟

يعتقد دامون غلريز أن إيران كان لديها خيارات لشراء الوقت قبل إعدام نويد أفكاري. ويقول كانت تهدف حكومة روحاني أن يسافر وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف، إلى أوروبا، وأن تحاول أن تصل إلى صفقة مع الأوربيين قبل رفع العقوبات الأممية رسميًا. مثلًا تقترح “ابرموا معنا صفقات لشراء وبيع الأسلحة، كي نرى في نوفمبر ما الذي سيحدث في انتخابات أميركا. يعني إيجاد حل وسط كي تتمكن من إضعاف مثلث الضغوط أميركا وأوروبا وإسرائيل. لكن ظريف لم يتمكن أن يسافر، والسبب في ذلك أنه من المحتمل أن أحد اللجان داخل الحرس لم تكن ترغب في أن تتمكن حكومة روحاني من الوصول إلى اتفاق في حده الأدنى قبل رفع العقوبات الأممية رسميًا.

ما الذي تستطيع أن تفعله إيران؟ التفاوض أم الخروج من الاتفاق النووي؟

لا سبيل لإيران سوى التفاوض مع أميركا وأوروبا والدول القوية في العالم من وجهة نظر المراقبين. ويقول غلريز إن “إيران عليها تقليص حضورها الإرهابي في الشرق الأوسط، وتفرج عن الرهائن الأميركيين والأوربيين، وتقيّد برنامجها الصاروخي بالبرنامج الدفاعي فقط، وتمتنع عن تصدير الثورة وإيجاد محور المقاومة. لأن الشرق الأوسط يتغيّر ولم يعد ممكنًا مرَة أخرى تغيير الأجواء الاستراتيجية للمنقطة بأشلاء الاتفاق النووي، لأن نهج القرار 2231 ومتن الاتفاق النووي يقوم على تحويل إيران إلى دولة تقليدية والمساعدة في السلم والأمن”.

ومن وجهة نظره، فقدت طهران فرص كثيرة، وعليها السعي إلى التفاوض. إذا ما ارادت التوجه صوب صناعة القنبلة الذرية، فلا أميركا ولا أوروبا ستسمحا ماديًا وعمليًا لها بالقيام بهذا الأمر. وما يقع من اتفاقيات بين العرب وإسرائيل مهم للغاية، وروسيا والصين أيضًا ستدخلان من الآن في أجواء للتفاوض في صفقة مع أميركا من بطاقة إيران والنفوذ الذي يتمتعان به لديها.
ويعتقد ميثم بهروش، أن إيران لن تغير سياساتها الإقليمية، وستصبح هجومية أكثر محليًا تحت التأثير المخرّب للضغوط القصوى الأميركية.

ويقول بهروش ردًا على “ما الذي يتوجب على إيران القيام به؟”: إيران عليها التمسك بالاتفاق النووي قدر استطاعتها. إذا أصبح بايدن رئيسًا، فستفتح طاقات. لكن إذا ما استمر ترامب رئيسًا لدورة ثانية، فالوضع سيصبح وخيم للغاية، وسيتحرك صوت الحرب، ولأن إيران لا تستطيع تحمّل الحد الأقصى من الضغوط لأربعة سنوات أخرى، فمن المحتمل بنسبة كبيرة أن يتصاعد برنامجها النووي والمواجهة مع أميركا، ومن المحتمل بصورة كبيرة أن ينتهي هذا المسار بالحرب.

ويضيف بهروش: ولو قبلنا هذه الفرضية، فإن أفضل ما يمكن أن تفعله إيران في حال فوز ترامب هو الانسحاب مباشرة من الاتفاق النووي وتعجيل الحرب التي لا مفر منها والتي ستصبح تؤامًا للضغوطات بعد سنتين ثلاثة. وهذا يعني أن أميركا ستجبر على اتخاذ القرار، لأن الضغوط في حدها الأقصى ستؤدي إلى انهيار إيران، ولن تتحمل 4 سنوات أخرى.
ولا يعتقد أن إيران بإمكانها الذهاب إلى طاولة المفاوضات، ويسأل: “ما الامتيازات التي سترغب إيران في تقديمها. مطالب أمريكا غير معقولة، وإيران ليست مستعدة أن تسحب يدها عن دعم حلفاءها في المنطقة.

المصدر/ “دويتشه فيله”

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: