الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة18 سبتمبر 2020 09:30
للمشاركة:

تفجير منشأة نطنز النووية.. تلميحات إسرائيلية بالمسؤولية ووعود إيرانية بالرد

تلتقي الانفجارات التي حدثت في إيران مؤخرًا وتحديدًا انفجار منشأة نطنز مع الرغبات الإسرائيلية بإيقاف طهران تطوير عملها النووي

برغم إعلان طهران عن وصول أجهزة الأمن في البلاد لتفاصيل التفجير الذي حدث في منشأة “نطنز” النووية بداية يوليو/ تموز 2020، إلا أن المسؤولين يحاولون الابتعاد عن كشف تلك التفاصيل، مع التأكيد على أن ما حصل كان “عملًا تخريبيًا”. وقد جاءت تصريحات سفير ومندوب إيران الدائم لدى المنظمات الدولية بفيينا كاظم غريب ابادي، خلال اجتماع لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الخميس 17 أيلول/ سبتمبر، في هذا السياق، لكنها تضمنت هذه المرة إشارة للرد، حيث قال غريب ابادي إن “بلاده تحتفظ بحق الرد بشكل مناسب على هذه التهديدات، وبأي طريقة تراها ملائمة، من أجل حماية منشآتها النووية”.

أهمية تصريح غريب آبادي لا تكمن فقط في تأكيده على طبيعة العمل العدوانية ولا في الإشارة للرد، بل في المكان الذي قيل فيه أمام مجلس محافظي الوكالة الدولية، إلى جانب مطالبته بتوجيه إدانة شديدة لـ”هذه الممارسات العدائية”.

عدم الوضوح الإيراني المشار إليه أعلاه، يقابله تلميحات إسرائيلية بالمسؤولية عن ما حصل. صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية، رأت أن “الانفجار الذي وقع قبل شهرين في منشأة نطنز كان يهدف إلى إرسال رسالة تحذيرية لإيران لوقف برنامجها النووي، وكان المطلوب أن تكون هذه الرسالة رادعة وحازمة لمنع إيران من تجاوز الخطوط الحمراء في الملف النووي”، لافتة إلى أن “كل التقارير تؤكد أن ما حصل كان نتيجة عمل مادي وليس عمل سيبراني”.

وذكّرت الصحيفة في تقرير نشرته أيضا الخميس 17 أيلول/ سبتمبر 2020 بأن “كل التصريحات الإيرانية لم تتهم إسرائيل رسمياً رغم العديد من التلميحات”، مشيرةً إلى أنه “بعد الإنفجار زعمت مجموعة غير معروفة تُدعى Homeland Cheetahs أنها شنت الهجوم، وتكهن الخبراء بأن الجماعة كانت غطاءً للمهاجم الحقيقي، أو قد تكون عملية لمعارضين إيرانيين مع داعم أجنبي قوي مثل إسرائيل أو الولايات المتحدة أو المملكة العربية السعودية”. من هنا، اعتبرت الصحيفة أن “الأكيد مما حدث، أن حجم العملية كان يهدف إلى إيصال رسالة غير رسمية، ورغم تقليل طهران من أهمية العملية في البداية إلا أن لقطات القمر الصناعي كشفت أن التفجير كان كبيراً”.

الجدير ذكره، أن إسرائيل لم يصدر منها أي إعلان رسمي يتبنى الانفجار. إلا أن صحيفة الواشنطن بوست الأميركية لمّحت، بعد وقت قصير من العملية، إلى دور إسرائيلي في العملية. هذا التلميح ظهر كذلك، في عدة تصريحات إسرائيلية كان أبرزها تأكيد وزير الخارجية غابي أشكنازي في 5 تموز/ يوليو 2020 أن إسرائيل تقوم بعمليات في إيران لا يتم الإعلان عنها، لمنعها من امتلاك أسلحة نووية.

من جانب أخر، أوضح رئيس معهد العلوم والأمن الدولي الأميركي ديفيد أولبرايت، في 9 تموز/ يوليو، أن “حوالي ثلاثة أرباع منشأة تجميع أجهزة الطرد المركزي المتقدمة قد دمرت، ما أعاق تطوير أجهزة الطرد المركزي المتقدمة لمدة تتراوح من عام إلى عامين”. وهو الأمر الذي أكدته “جيروزاليم بوست”، إذ نقلت عن مسؤولين قولهم إن “تقييمهم يظهر أن الضرر كان كبيراً في المنشأة النووية والهجوم قد تسبب في انتكاسة كبيرة لتطوير إيران لأجهزة الطرد المركزي المتقدمة”.

وأشارت الصحيفة إلى أن أهمية هذه المنشأة تتمثل في احتوائها على أجهزة طرد متقدمة بكميات كبيرة وتحديداً أجهزة IR-4 المتقدمة، والتي تعطي نتائج فورية في موضوع تخصيب اليورانيوم”، لافتة إلى أنه “رغم امتلاك إيران العديد من أجهزة الطرد المركزي، إلا أن تلك التي دمّرت في نطنز تبقى الأكثر تطوراً”، كما تضيف أن “انفجار نطنز جاء بالتزامن مع حوالي 12 انفجارًا آخراً بين تموز/يونيو وآب/أغسطس، وهذه العمليات كلها أدت لتأخير برنامج إيران النووي”.

محصلة ما سلف، تُشير إلى التقاء الانفجارات التي حصلت في إيران مؤخراً، وتحديداً انفجار منشأة نطنز، مع الرغبات الإسرائيلية بإيقاف محاولات طهران تطوير عملها النووي. لكن حتى اليوم، لم يظهر أي اعتراف رسمي، لا من قبل إيران، ولا من قبل إسرائيل، حول المسؤول عنها”. الأمر الذي يبقي السؤال عن إمكانية حدوث حدوث انفجارات جديدة تكون استكمالًا للرسالة التي رافقت تفجير نطنز مطروحًا، لا سيما في ظل استمرار إيران بالعمل في هذه المنشآت فضلًا عن إعلانها مؤخرًا على لسان المتحدث باسم هيئة الطاقة النووية في البلاد بهروز كمالوندي عن استبدال المبنى المستهدف ببناءين جديدين داخل المنشأة نفسها.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: