الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة12 سبتمبر 2020 20:17
للمشاركة:

ظاهرة تعاطي المخدرات تتمدّد.. ضعف الداخل أم هجوم الخارج؟

ما أسباب زيادة المخدرات في الداخل الإيراني؟

وفق تقرير مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة، الصادر في حزيران/ يونيو الماضي الماضي، احتلت إيران المرتبة التاسعة عالمياً في قائمة أكثر الدول استهلاكاً للمواد المخدّرة.
الأرقام الصادرة عن مركز مكافحة المخدرات الإيراني، تشير إلى أن نحو 4 آلاف شخص في إيران يلقون حتفهم سنوياً نتيجة استهلاك المخدرات، وبحسب الأمين العام للمركز العميد اسكندر مومني، فإن 2.8 مليون شخص يتعاطون المخدرات في البلاد. مومني أوضح لوكالة “ارنا” في 28 نيسان/ أبريل الماضي أن “العام الفائت شهد ضبط السلطات الإيرانية 950 طنا من المخدرات، أي بكمية أكثر بـ 20٪؜ مقارنة بعام 2018”.

هذا الواقع يظهر بصورة واضحة عند متابعة الأخبار اليومية في إيران، إذ إن التقارير شبه اليومية الصادرة عن قوى الأمن الداخلي، تتضمن مصادرة كميات كبيرة من المواد المخدرة في الكثير من المحافظات. يوم الاثنين الماضي 7 أيلول/ سبتمبر، أعلن قائد شرطة محافظة سيستان وبلوشستان (جنوب شرق إيران) العميد محمد قنبري، ضبط أكثر من 2.6 طن من المخدرات في اشتباكين مسلحين مع مهربي المخدرات. وقبل هذه الحادثة بيومين، أعلن مساعد قائد قوى الأمن الداخلي في محافظة خراسان الرضوية شمال شرق إيران، العميد ابراهيم قربان زادة عن ضبط أكثر من نصف طن من المخدرات في المحافظة.

تعدُّ أفغانستان، الدولة الحدودية مع إيران، من أبرز منتجي الأفيون والمخدرات في العالم وفق الأمم المتحدة. هذا الأمر، دفع السلطات الإيرانية للبحث عن حلول لوقف التهريب عبر الحدود، لمنع دخول هذه المواد إلى البلاد.
مدير عام مكتب العلاقات الدولية والمتحدث باسم لجنة مكافحة المخدرات أمير عباس لطفي، دعا إلى تشكيل برنامج إقليمي يتكون من أفغانستان وإيران وباكستان وتركمانستان وطاجيكستان وقيرغيزيا وأوزبكستان وكازاخستان لمكافحة المخدرات في هذه الدول، لافتاً ، في مقابلة مع وكالة “ارنا” يوم الأحد 6 أيلول/ سبتمبر إلى أن “خطر وتهديد المخدرات يأتي من أفغانستان مصدر هذه المواد، لذا فإن تشكيل هذا البرنامج الإقليمي قد بات مهما جدا، وإيران تعدّ الشريك الأساسي الذي بدونه لن تنجح مكافحة المخدرات”.
وشدد لطفي على أنه “لا توجد تحديات أو عقبات تؤدي إلى كبح إصرار وإرادة الجمهورية الإسلامية على مكافحة المخدرات، كما أن إيران مستعدة للتعاون مع بلدان المنطقة وخارجها في مجال مكافحة المخدرات”، موضحاً أنه “قبل هذه المبادرة الإقليمية، نشأت في العام 2007 مبادرة ثلاثية بين إيران وأفغانستان وباكستان بالتعاون مع الأمم المتحدة، وتم اتخاذ إجراءات جيدة للغاية في هذا المجال، بما في ذلك القيام بالدوريات والعمليات المتزامنة وتبادل المعلومات المطلوبة للعمليات”.
وعن أنواع المخدّرات التي تأتي من أفغانستان، كشف لطفي أن “إيران تعاني من إنتاج أفغانستان لـ الأفيون والهيروئين والمورفين”، مؤكدًا أن “التحدي الجديد لدول المنطقة والعالم في مجال مكافحة المخدرات هو زيادة إنتاج مادة الكريستال المخدرة في أفغانستان”.

إيران تتهم أميركا ودول الناتو بأنهم يسهّلون إدخال المخدرات إلى البلاد، والهدف من ذلك “تفتيت المجتمع”، حسب تعبير قائد شرطة طهران العميد حسين رحيمي في حديث على هامش الملتقى الثاني لمسؤولي مكافحة المخدرات يوم الأربعاء الماضي 9 أيلول/ سبتمبر. وأوضح رحيمي أنه “منذ قرابة العقدين تنتشر القوات الأميركية ودول الناتو في أفغانستان، وخلال هذه السنوات، تضاعف حجم إنتاج المخدرات في هذا البلد أكثر من 10 الى 15 مرة”، مشيراً إلى أن “أكثر من 70% من المخدرات المنتجة في أفغانستان يتم تهريبها عبر الأراضي الايرانية”، حيث أعلن عن ضبط أكثر من 13.6 طن من المخدرات في العاصمة طهران منذ بداية الربيع وحتى الآن، ما يشير إلى زيادة نسبتها 45% مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي.
وكان رئيس السلطة القضائية إبراهيم رئيسي، قد كشف في اجتماع حول مكافحة المخدرات يوم الأحد 6أيلول/ سبتمبر، عن وجود معلومات سرية بأيدي إيران تظهر أن “الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية تدعم تجارة المخدرات في البلاد”، متهماً المهرّبين بأنهم يتحركون على الحدود تحت مظلة الأساطيل الأميركية، على حد قوله.

من ناحية أخرى، يربط عدد من المراقبين زيادة نسبة المخدرات التي تدخل إلى إيران بتهديدات سابقة وجهها الرئيس حسن روحاني، للدول الأوروبية مفادها أن “العقوبات على إيران ستضر بقدرتها على مكافحة المخدرات والإرهاب”، مشيرًا إلى أن “تهريب المخدرات يمثل تحديا كبيرا أمام إيران إذ تقع على الحدود مع أفغانستان، أكبر منتج للأفيون في العالم، وكذلك مع باكستان التي تعد دولة رئيسية تمر من خلالها المخدرات”.

هكذا، تبدو معضلة انتشار المخدرات ومكافحتها في إيران شديدة التعقيد. وهنا تتقاطع مجموعة من أسباب زيادة انتشار المخدرات في الداخل الإيراني، من دون التغاضي عن إمكانية ان تكون تداعيات هذه الأزمة جزءًا من مفاوضات إيران الاقليمية والدولية، في ظلّ الاعتقاد السائد لدى مسؤولين إيرانيين رفيعين، بأن انتشار المخدرات المهرّبة عبر الحدود هو جزء من الحرب ضد إيران.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: