الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة12 سبتمبر 2020 07:38
للمشاركة:

هل سيتم حجب مواقع التواصل الاجتماعي في إيران؟

جهود برلمانية لحجب وسائل التواصل الاجتماعي في إيران.. إلى أين وصلت؟

يدور لغط وجدل في الداخل الإيراني، حول مقترح قانون برلماني لحجب مواقع التواصل الاجتماعي ما أثار قلق الكثيرين من رواد الإنترنت في إيران. 40 نائبا من أعضاء البرلمان تقدموا بمقترح يحجب مواقع التواصل الاجتماعي الأجنبية مثل  “WhatsApp” و “LinkedIn” “Instagram” تحت عنوان “إغلاق الفضاء الالكتروني”.

المشروع المقترح لاقى انتقادًا حادًا في الأوساط الإيرانية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي وفي الأندية العلمية والثقافية في البلاد، إذ يعتقد الكثير من نواب البرلمان والمختصين في الإعلام والتواصل أن مشروع حجب مواقع التواصل في ايران قد فشل، لاسيما بعد لجوء معظم الإيرانيين والشركات والمؤسسات الرسمية إلى تطبيق  “Telegram” رغم حجبه وذلك بسبب فقدانهم لمتابعيهم وزبائنهم في ظل ضعف مواقع التواصل الداخلية وعجزها عن تلبية احتياجاتهم وافتقارها لمزايا عديدة.

تاريخ الحجب في إيران

حجب مواقع التواصل الاجتماعي في ايران ليس بالأمر الجديد، فالقصة بدأت بعد انتخابات 2009 وما تبعها من احتجاجات وأحداث دامية حيث تم حجب تطبيقي “Facebook” و”Twitter” على إثرها، ثم تلاهما قرار قضائي بحجب تطبيق “Telegram” بداية عام 2018.

نشاط الإيرانيين على منصات التواصل الاجتماعي

تعتبر منصات “Telegram” و “WhatsApp” و “Instagram” الأكثر رواجًا في ايران خلال الآونة الأخيرة، حيث يتربع “Telegram” على القمة بامتلاكه أكثر من 47 مليون و250 ألف مستخدم إيراني نشط وفعال، بينما يحتل “WhatsApp” المركز الثاني بأكثر من  47 مليون و700 ألف مستخدم (منهم غير نشط) بينما يحصد “Instagram” عددًا بمقدار 44 مليون مستخدم. و2 مليون مستخدم لموقع “Twitter”، أما “Facebook” فيأتي في نهاية اهتمامات الإيرانيين ب 2 مليون و400 ألف مستخدم نشط.

أما في شبكات التواصل الاجتماعي الداخلية، فهناك 2 مليون و900 ألف مستخدم في منصة “سروش”، بينما ينشط أكثر المستفيدين من التجارة والعمل في تطبيقي “Instagram” و “Telegram”.
ووفقًا لإحصاءات موقع “Novinhub”، فإن حوالي 58% من النسبة الإجمالية للشركات والعمل في مواقع التواصل الاجتماعي في إيران تحت تصرف تطبيق “Instagram”، أما تطبيق “Telegram” فيملك 11% من تلك النسبة. 

القانون الجديد… الأهداف والبروتوكول

جاءت الأهداف التي ينادي بها مقترح المشروع في البرلمان الإيراني، بالتعرف على مستخدمي الفضاء الإلكتروني، وإنشاء وكالة رسمية لمواقع التواصل الأجنبية داخل الدولة، أيضًا تجريم أولئك الذين يستخدمون برامج كسر الحجب. مشروع القرار يحتاج لتصويت وتأييد أعضاء البرلمان حتى يصبح قانونًا ملزمًا للسلطات التنفيذية. حيث يعتقد الخبراء في هذا المجال أن حجب مواقع التواصل الأجنبية ليس حلا وإنما يمكن الحل بطرق أخرى كتحديث مواقع التواصل الداخلية وتهيئة البنية التحتية أو استخدام الذكاء الاصطناعي لموجهة التهديدات أو التحديات التي يتحدث عنها الراغبون بحجب هذه المواقع. وهذا ما نوّه إليه الخبير في شؤون الإعلام والتواصل إسماعيل قديمي، خلال افتتاحية صحيفة “آرمان ملي” الإصلاحية، قائلًا، إن  “القانون الذي خرج من البرلمان بحجب مواقع التواصُل الاجتماعي لا يُعَدُّ حلًّا، وإنّ وسائل التواصُل الجماعي هي أدوات تنشأ مع التطوُّرات الاجتماعية، وبدونها ستُلحِق هذه التطوُّرات الضرر بالمؤسَّسات والأهالي والجماعات”.

وأضاف قديمي، حقٌ طبيعي لشعب تمُرّ دولته بتطوُّرات اقتصادية وسياسية واجتماعية وثقافية أنْ يتمتَّع بأدوات جديدة للتواصُل. وحول وجود وسائل تواصل محلية أكّد انه “إذا ما تمكَّنا من إيجاد بدائل محلِّية توازي هذه الوسائل الأجنبية، وإنشاء البُنية التحتية اللازمة لها، فيتعيَّن علينا التشريع لها أيضًا، لكن حينما نفتقر لهذه المقدرة، فسيتوجَّه الشعب مضطرًّا إلى وسائل تواصُل الدول الأخرى”. 
في الوقت ذاته، يقول بعض المستخدمين لهذه المنصات، إن “عددًا من أعضاء البرلمان ليس مخولًا باتخاذ قرار يلحق الضرر بملايين الأشخاص ويفقدهم عملهم وقوت يومهم”.

هل ينجح الحجب؟

الناس في ايران يستخدمون برامج كسر الحجب او ما يعرف ب “VPN PROXY” لتخطي الحجب والوصول لتلك المواقع وهذا يعني فشل الحجب وتمكن الناس من الوصول لكافة المواقع المحجوبة حيث يرى المتخصصون أن عودة المشتركين في إيران الى برنامج “تلغرام” رغم حجبه وازدياد النشاط التجاري والإعلاني بواسطته يعتبر دليلًا منطقيًا لفشل قوانين الحجب في البلاد. 

الانتقادات اللاذعة لقوانين الحجب تكاد تكون يومية وما يستاء منه الإيرانيون بالفعل هو علم الحكومة أن الناس رغم الحجب يلتفون على القانون ويدخلون إلى المواقع المحجوبة والدولة تتغاضى، إذن فلماذا هذه القوانين ؟
من جهته، يرى الصحفي ثمر فاطمي، أن أهداف قوانين الحجب غير منطقية وإلا فكبار المسؤولين في إيران من الرئيس والوزراء وأعضاء البرلمان وحتى بعض القادة العسكريين لديهم حسابات رسمية على موقع “Twitter” مما يعني أن هناك تناقض في القانون فكيف يمنع الناس من الوصول لتلك المواقع والمسؤولين موجودين فيها ونشطاء داخله؟ 

مخاطر الحجب

يعتقد الكثير من الخبراء أن إقرار قانون الحجب له عواقب خطيرة على الناس والحكومة لأسباب عديدة، منها أن ملايين الأشخاص يحصلون على قوت يومهم من العمل بمواقع التواصل من قبيل البيع والإعلان والترويج وإجراء الدراسات، فحجب تلك المواقع ربما يفقدهم أعمالهم وربما يحدث الأمر احتجاجات واسعة في البلاد من قبل ملايين المستخدمين.

كذلك، يعتبر حجب منصات التواصل العالمية بمثابة إغلاق الانفتاح الثقافي وإغلاق قنوات المجتمع المدني بحسب الخبراء، ما سيضعف المستوى الثقافي للأجيال الموجودة والقادمة. فضلًا عن الترويج لاستخدام برامج كسر الحجب أكثر فاكثر وربما يفتح هذا المجال لرواج المواقع غير الأخلاقية ما سيزيد من مصاريف الإنترنت وبالتالي ارتفاع الأجور على المستخدمين والعديد من المشاكل التي قد تترتب على تفعيل قانون كهذا.

ردود الفعل الرسمية 

ردود الفعل الحكومية في إيران، ما زالت خجولة فيما يتعلق بموضوع حجب مواقع التواصل الاجتماعي، إذ أكّد وزير الاتصالات اذري جهرمي في مقابلة تلفزيونية يوم الاثنين على قناة “۵سیما”، أنه ووزارته ليس لديهم أي سلطة في إقرار أو منع حجب مواقع التواصل الاجتماعي إلا أن الناس حينما يتم حجب منصة يحبونها ويستخدمونها فإنهم سيلجأون بالتأكيد للالتفاف على القوانين واستخدام برامج تمكّنهم من تجاوز الحجب والوصول لما يشاؤون. 

أمين سر المجلس الأعلى للفضاء الإلكتروني، أبو الحسن فيروز آبادي، أكّد أخيرًا، “إننا في المجلس ليس لدينا أي توجه لحجب الشبكات الاجتماعية” وفقًا لوكالة “ارنا” الرسمية. بدوره، قال النائب عن أهل نجف آباد في البرلمان، أبو الفضل أبو الترابي، إن “هذا المشروع  يجري النظر فيه لدى اللجنة الثقافية للمجلس باعتبارها لجنة متخصصة وسيدرج على جدول أعمال المجلس خلال الأشهر المقبلة”. 

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: