الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة29 أغسطس 2020 12:55
للمشاركة:

العراق وضرورة الاستقرار.. هل يلزم العرب أم يكفي التوازن على خط واشنطن- طهران؟

نشرت صحيفة "اعتماد" الإصلاحية وموقع إيران دبلوماسي المقرب من وزارة الخارجية الإيرانية يوم الخميس 27 آب/ اغسطس، مقالا للكاتب علي موسوي خلخالي سلط فيها الضوء على التحركات التي يقوم بها الكاظمي للحفاظ على التوازن في العلاقات الدولية للعراق. وقد ترجمت جاده إيران المقال.

توجّه رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، إلى واشنطن الأسبوع الماضي، واستقبله رسميًا الرئيس الأميركي دونالد ترامب. ويقال إن استقباله جرى على أرفع المستويات بأمر من ترامب.
زيارة الكاظمي هذه لواشنطن تأتي بعد شهر تقريبًا من سفره لإيران، التي اهتمت بزيارته كثيرًا، وكان استقباله على أرفع المستويات أيضًا. زيارته تلك أسفرت عن نتائج جيّدة للغاية، أعرب الطرفان في نهايتها عن رضاهما إزاءها.
وبعدما عاد الكاظمي إلى بغداد السبت الماضي، توجّه الثلاثاء إلى الأردن، كي يشترك في عمان في الاجتماع الثلاثي المهم في دورته الثالثة بين الأردن والعراق ومصر. واستقبله ملك الأردن شخصيًا هو وولي عهده إضافة إلى رئيس الوزراء الأردني، حيث جرى استقبال الكاظمي في المطارعلى أعلى المستويات.

امتدت زيارة الكاظمي ليوم واحد فقط، وأنهت الأطراف الثلاثة أعمال القمة الثلاثية ببيان أكّدوا فيه على ضرورة الانتباه إلى التطورات المعقدة للمنطقة، ودعم مبادئ فلسطين وإنشاء دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشريف.
تكشف تحركات الكاظمي الدولية خلال الأشهر الثلاثة التي بدأ عمله خلالها رئيسًا لوزراء الحكومة الانتقالية في العراق عن ديناميكيته وتحركاته، فمن المعروف تمتعه بالدعم الأميركي بوصفه أحد القوى المؤثرة ذات النفوذ في العراق. لكن في الوقت نفسه، لا تراه إيران رئيسًا غير مناسب للوزراء وبعيدًا عن مصالح طهران، حيث يؤيد الاستقبال الحار له في طهران هذا الادعاء. ومن ثم بالإمكان القول إن إيران تدعم الكاظمي نوعًا ما.

بدأ الكاظمي زياراته الخارجية من إيران، ولم يسبق حتى الآن أن يبدأ رئيس وزراء للعراق جولته الخارجية بإيران، الحدث الذي ركّزت عليه الكثير من وسائل الإعلام، وتبعه في الوقت ذاته استياء غير معلن من السعودية الذي كان مقررًا أن يتوجه الكاظمي إليها أولًا، لكن لم يحدث. وتوجّه الكاظمي إلى أميركا بعد فترة قصيرة، معلنا قبل زيارته تلك أنه ليس بساعي بريد، ولن يحمل رسالة من إيران للأميركيين.

مثله مثل جميع رجال الحكومة في العراق، يحاول الكاظمي أيضًا إبعاد بلاده عن التوترات القائمة بين إيران وأميركا. ويدرك جيدًا في الوقت ذاته هذا الواقع إن عليه خلق توازن في علاقاته الدولية. وكان استقباله على أعلى المستويات في طهران وواشنطن محاولة لإثبات مساعيه للحفاظ على التوازن في العلاقات الدولية للعراق.

رغم أن رئيس وزراء العراق لم يتوجه حتى الآن إلى السعودية، لكنه كان على استعداد خلال القمّة الثلاثية في عمّان إلى أن يثبت أن العراق يولي أهمية للعلاقات العربية أيضًا بالقدر ذاته لعلاقات العراق الدولية، وستكون العلاقات الثلاثية العربية-الإيرانية-الأميركية بجوار بعضها بعضًا.

تبرز أكثر أهمية هذه الجهود حينما شاهدنا عدم وجود أي برنامج للكاظمي للسفر إلى تركيا – بوصفها أحد دول المنطقة القوية، وإنما تتصاعد التوترات معها يومًا بعد يوم. الأمر الذي يضاعف أكثر من أي وقت مضى أهمية إيران في العلاقات غير العربية للعراق.

مثله مثل جميع رجال الحكومة في العراق، يحاول الكاظمي أيضًا إبعاد بلاده عن التوترات القائمة بين إيران وأميركا

ولا يتعين التصوّر أن تعزيز العراق لعلاقاته مع دولة وحل مشكلاتها مع دولة أخرى أو توفير جزء من احتياجاته لدولة أخرى غير إيران بمثابة ابتعاد بغداد عن طهران. وبالنظر إلى المعادلات الحاكمة في العراق، فليس بمقدور أي حكومة تتولى مقاليد الحكم في العراق أن تظن في قدرتها على الابتعاد عن إيران. كما أنه من غير الممكن لأي حكومة أيضًا إغفال عناصر مؤثرة مثل أميركا في العراق.

تترد هذه العبارة على ألسنة العامة وفي أحاديث المسؤولين العراقيين بأنه إذا ما سقطت حكومة عادل عبد المهدي، فهذا بسبب استياء الأميركيين من التقارب غير المتوازن له تجاه إيران، وعدم التفاته لمطالبهم (الأميركيين). كما أننا شاهدنا أن خلال الـ 10 سنوات التي كان فيها عبد المهدي رئيسًا لوزراء العراق، أجّل طلب زيارته لأميركا 4 مرات على الأقل، ولم تتم في نهاية المطاف، ويرجع السبب الرئيسي في ذلك عدم قبول عبد المهدي مطالب الأميركيين ضد إيران ولاسيما مراعاة العقوبات الأميركية أحادية الجانب ضد طهران.

كذلك، شاهدنا أيضًا خلال فترة نوري المالكي، ما الذي تكبّده العراق من نفقات خاصة على أمنه بسبب عدم التفات الحكومة آنذاك للعلاقات مع الدول العربية، وكانت كارثة ظهور داعش من ضمن ذلك. ومن ثم، فحكومة العراق مضّطرة إلى إقرار علاقات متوازنة مع المحاور الثلاثة العربية-الإيرانية-الأميركيين للحفاظ على استقرارها، ومن البديهي ألا يكون مقررًا تعزيز العلاقات مع طرف على حساب طرف آخر.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: