الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة21 أغسطس 2020 14:48
للمشاركة:

لإفشال الاتفاق النووي.. أميركا تمارس “الضغط الأقصى” على الأمم المتحدة

نشرت مجموعة الأزمات الدولية الأربعاء 19 آب/ أغسطس 2020، تقريرًا استعرضت فيه الصراع الدبلوماسي المحتدم في الأروقة الأممية بعد إصرار الولايات المتحدة على استخدام آلية "فض النزاع" من أجل إعادة فرض العقوبات الدولية على إيران. تقرير المجموعة الذي ترجمته "جاده إيران" وبعد أن استطلع وجهات نظر جميع الأطراف المعنيين بهذا الصراع، خلُصت إلى أن أذكى رد من هذه الأطراف بما فيهم طهران هو "التجاهل".

ما الجديد؟

فشل قرار أميركي يهدف إلى تمديد عقوبات الأمم المتحدة على الأسلحة الإيرانية بعد فترة انتهائها في أكتوبر 2020  في مجلس الأمن. وأكدت واشنطن أنها ستطالب بالحق في تمرير عقوبات أممية من جانب واحد والتي تم إنهاؤها كجزء من الاتفاقية النووية لعام 2015.

ما الهدف؟

بالنظر إلى انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015  ستكون أي محاولة أميركية لإعادة فرض عقوبات أممية على إيران مثيرة للجدل، ومن المرجح أن تصل إلى طريق مسدود في مجلس الأمن. وهدف الإدارة الأميركية الحالية واضح وهو إفشال الاتفاق النووي أو جعل الأمر أكثر صعوبة بالنسبة للإدارة التالية للعودة إليه.

ما رد الفعل؟

يجب أن تقف الأطراف المتبقية في الاتفاق النووي وكذلك أعضاء مجلس الأمن الآخرين ضد جهود واشنطن، ويجب أن يتجاهلوا بشكل أساسي أي إعادة فرض العقوبات مِن قبل الولايات المتحدة باعتبارها خطوة غير فعالة، وإعاقة محاولات فرضها مما يُثني إيران عن المبالغة في رد الفعل تجاه ما قد ينتهي به الأمر كخطوة أمريكية رمزية.

ملخص

وصلت عقوبات “الضغط الأقصى” لإدارة ترامب ضد إيران إلى نتيجتها المنطقية وهي محاولة القضاء على الاتفاق النووي لعام 2015 ، أو خطة العمل الشاملة المشتركة(JCPOA) ، من خلال عمل أحادي الجانب في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. أولًا، سعت الإدارة الأميركية إلى تمديد عقوبات الأمم المتحدة المفروضة على الأسلحة الإيرانية والتي من المقرر أن تنتهي في18  أكتوبر من خلال قرار جديد.

ومع الفشل المحرج لهذا المسعى، فقد توجهت إلى المرحلة التالية ، مُتذرعة ببند “سناب باك”، أي إعادة فرض عقوبات أممية على إيران حال خرق الاتفاق النووي، على الرغم مِن أن هذا البند للمشاركين في خطة العمل الشاملة المشتركة لكن واشنطن تدعي بطريقة ما أنها جزء من الاتفاق على الرغم من إعلانها المُدوي انسحابها منه منذ أكثر من عامين. إجبار إيران على الخضوع لمطالب الولايات المتحدة في اتفاقية جديدة في حالة فوز الرئيس دونالد ترامب (بولاية ثانية)، أو جعل الأمر أكثر صعوبة على الولايات المتحدة للدخول مرة أخرى في خطة العمل الشاملة المشتركة في حالة فوز نائب الرئيس السابق جو بايدن. لذا يجب على أعضاء مجلس الأمن رفض الاستعانة الامريكية ببند snapback  “سناب باك” باعتبارها غير مناسبة، وإعاقة محاولات الولايات المتحدة لتشكيل لجان عقوبات تابعة للأمم المتحدة مِن أجل الضغط على إيران حتى لا تبالغ الأخيرة في رد الفعل علمًا أن هذا لن يغير شيئًا على الأرض.

لأكثر من عامين، ومنذ انسحابها من خطة العمل الشاملة المشتركة في مايو 2018 ، كان الإكراه هو الفكرة المهيمنة على السياسة الخارجية لإدارة ترامب تجاه إيران. وفرضت واشنطن عقوبات أحادية صارمة ضد الجمهورية الإسلامية بقصد زعزعة استقرارها، وإجبارها على تقديم تنازلات تتعلق ببرنامجها النووي أو تغيير سلوكها في الشرق الأوسط، أو كليهما. ومع ذلك، على الرغم من أن الاقتصاد الإيراني قد عانى بشكل كبير بلا شك، إلا أنه لم يستسلم على الصعيد النووي حيث أصبح برنامج إيران اليوم أكثر تقدمًا مما كان عليه قبل الانسحاب الأميركي، أما على الجبهة الإقليمية أصبحت أفعال إيران وحلفائها أكثر عدوانية.

في تشرين الأول/ أكتوبر ينتهي حظر توريد السلاح الذي فرضته الأمم المتحدة على إيران بحسب ما جرى الاتفاق عليه في المحادثات النووية وكما هو منصوص في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231. برزت هذه القضية باعتبارها النقطة الخلافية الرئيسية التالية في الصراع. قال المسؤولون الأميركيون إنهم مصممون على عدم ترك هذه العقوبات تنتهي. كما زعموا أنهم سيحققون هذا الهدف بإحدى طريقتين: عن طريق تمرير قرار مستقل من شأنه أن يطيل أمد الحظر إلى أجل غير مسمى، أو من خلال التذرع بأحد بنود القرار2231  لإعادة جميع عقوبات الأمم المتحدة وهي خطوة من شأنها أن تعيد عقوبات ما قبل خطة العمل الشاملة المشتركة. في 14 آب/أغسطس، فشل الخيار الأول بشكل مخزي بعد تصويت اثنين لصالحه، واثنين ضده، وامتنع 11 عن التصويت، والآن يجري اللجوء إلى الخيار الثاني.

لم تكن نية الإدارة الأميركية إفشال الاتفاق النووي موضع شك. فالواقع لو كانت تريد واشنطن الحد من تأثير بيع وشراء الأسلحة المسموح بها على أمن الشرق الأوسط فإن لديها خيارات أكثر واقعية من التمديد المفتوح الذي سعت إليه عبر اللجوء إلى آلية مجلس الأمن الدولي، ومع ذلك، بدلاً من الانخراط في دبلوماسية معقولة عبر التشاور الوثيق مع الحلفاء وأيضًا التواصل إلى الفرقاء الآخرين الذين لديهم رأي مهم حول الاتفاق النووي، تمسكت إدارة ترامب بأعلى سقف ممكن من الطلبات وأقل قدر من الاستعداد لتقديم تنازلات. في الواقع، يشير سجل الإدارة الأمريكية الحافل إلى أنها على استعداد للتذرع بحظر الأسلحة من أجل القضاء على خطة العمل الشاملة المشتركة.

وبالتالي، فإن الخيار الحقيقي ليس بين وجود أو عدم وجود قيود على الأسلحة، ولكن بين البقاء الضعيف ولكن الحاسم للاتفاق النووي لعام 2015 أو موته، قد لا تنظر الأطراف المتبقية في الاتفاقية إلى رفع القيود على الأسلحة التقليدية، على الرغم مِن أن المشاركون الأوروبيون الثلاثة: فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة عبروا عن مخاوف جدية بشأن تداعياته، بينما تؤكد إيران وروسيا والصين حقيقة أنها كانت جزءًا من الاتفاقية ومن التفاهمات التي تم التوصل إليها في عام 2015، لكنهم جميعًا يتشاركون الرأي القائل بأن أزمة نووية جديدة تمثل مصدر قلق أكبر، ومسار الولايات المتحدة الحالي قد يؤدي لأزمة من هذا القبيل على وجه التحديد.

لذلك تقع على عاتق الدول الأعضاء في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مهمة مواجهة قرار واشنطن اللجوء لـ “سناب باك”. ويبدو غريبا جدا أن إدارة ترامب التي أعلنت خروجها من الاتفاق النووي بمذكرة رئاسية بعنوان “وقف مشاركة الولايات المتحدة في خطة العمل الشاملة المشتركة” تؤكد الآن حقها في “خطة العمل الشاملة المشتركة” لكن، لا توجد آلية واضحة أو محكمة لتكذيب هذه الحجة. السيناريو الأكثر احتمالا هو نزاع مُحتدم في نيويورك، وفي نهايته ستؤكد الولايات المتحدة أن العقوبات قد تمت استعادتها بشكل شرعي. وتقول الدول الأوروبية وروسيا والصين أنهما لن تفعل ذلك بالإضافة إلى أعضاء المجلس الآخرين، ويبذلوا قصارى جهدهم لتجنب المشاكل مع إيران والإضرار بالمنظمة الدولية.

قد يعتمد مصير الاتفاق النووي الآن على عدة عوامل: كم عدد الدول التي تقبل ادعاء الولايات المتحدة بإعادة العقوبات، وأي منها؟ وموقف الدول الأوروبية الرئيسية الثلاثة؛ وإجراءات الأمين العام للأمم المتحدة والأمانة العامة؛ وما رد فعل إيران وكيف سيكون؟ وبالطبع نتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية. يؤشر التصويت الذي جرى على مشروع القرار الأمريكي حول تمديد حظر توريد الأسلحة بوضوح إلى أن الغالبية العظمى من أعضاء المجلس يريدون الحفاظ على خطة العمل الشاملة المشتركة والاعتراض على محاولات واشنطن.

لا توجد طريقة واضحة لوقف الاستخدام المحتمل للولايات المتحدة لـ “سناب باك” وذلك في ظل ادعاء إدارة ترامب أن العقوبات قد أعيد فرضها باستخفاف كبير بالمجتمع الدولي، على الرغم مِن توضيح أنهم يعارضون شرعية الخطوة وأنهم لن يعترفوا بالعقوبات الجديدة ولن يمنحوها أي شرعية. في هذه المرحلة، يمكن أن تعاني خطة العمل المشتركة الشاملة (JCPOA) من أضرار قاتلة إذا ردت إيران بالخروج منها أو بالانتقام بالانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية. لكن، ربما من المُدهش أن تظل خطة العمل الشاملة المشتركة صامدة حتى الآن، وتمتص ضربة تلو الأخرى. فإذا تصرف المشاركون الباقون في خطة العمل بحكمة، فيمكنهم الاستمرار للقتال في يوم آخر.

مقدمة

في 14 يوليو 2015، تم الانتهاء من خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)  بين جمهورية إيران الإسلامية والأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وكذلك ألمانيا ما يُعرف بـ (P5 + 1). خطة العمل هذه جاءت تتويجًا لسنوات من المفاوضات الدولية المشحونة بشأن برنامج إيران النووي، وتعهدت إيران بالحد من أنشطتها النووية، بما في ذلك تخصيب اليورانيوم، وقبول عمليات التفتيش المستمرة من جانب الأمم المتحدة لمنشآتها النووية مقابل إعفاء من العقوبات الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي. انتقد دونالد ترامب الصفقة مرارًا وتكرارًا خلال حملته الرئاسية وتعهد بإنسحاب الولايات المتحدة منها إذا تم انتخابه. وفي مايو 2018، نفذ ترامب وعده وأنسحب بينما تمسكت باقي دول مجموعة 5+1 وإيران بخطة العمل.

نجت خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)   مِن الإنسحاب الأميركي إلا أنها ضعفت بشكل كبير، وتبددت أي أمال مُستقبلية طويلة الأمد للخطة. لكن، حرصًا على إنقاذ خطة العمل الشاملة وعدت مجموعة فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة (E3) بإيجاد طُرق للحفاظ على التجارة في مواجهة العقوبات الأمريكية المُتزايدة، وبالتالي تمديد بعض الفوائد الاقتصادية المنصوص عليها التي كانت ستجنيها لإيران في حالة استمرار خطة العمل الشاملة المشتركة. ولهذه الغاية، أنشأوا في عام 2019  أداة ذات أغراض خاصة تسمى أداة دعم التبادل التجاري (INSTEX). حتى الآن الفوائد الإقتصادية من هذه الآلية بطيئة الظهور، لذا اتخذت إيران بدورها سلسلة من الخطوات لإعادة تنشيط برنامجها النووي والتي كانت تدريجية ومدروسة.

لم تكن إدارة ترامب خجولة بشأن أهدافها، وسعت مِن خلال سياسة “الضغط الأقصى” وغيرها مِن الإجراءات الصارمة وذلك بإعادة تنظيم القوى الدولية ضد إيران لرضوخ لعقد صفقة نووية جديدة أو لتمزيق ما تبقى مِن الإتفاق النووي الحالي، بينما قامت إيران بدورها بتنشيط برنامجها النووي، وبعدما فشلت الإدارة الأميركية في عقد صفقة نووية جديدة، لجأت لإفشال الإتفاق النووي.

كانت أخر هذه الجهود في أوائل أغسطس، عندما تناول مجلس الأمن الدولي مسألة قيود الأسلحة المفروضة على إيران ابتداءً من عام 2007. وبموجب شروط موافقة مجلس الأمن على خطة العمل الشاملة المشتركة، سيتم رفع هذه القيود في 18 أكتوبر 2020. سعت الولايات المتحدة إلى تمديد القيود من خلال مشروع قرار جديد، لكنها فشلت. وهي تعتزم الآن اللجوء إلى آلية تسمح للمشاركين في خطة العمل المشتركة الشاملة بإعادة جميع عقوبات الأمم المتحدة قبل خطة العمل الشاملة المشتركة من جانب واحد، وبالتالي إذا نجحت فإلى جانب ضمان انهيار الصفقة، سيتم تمديد القيود المفروضة على الأسلحة الإيرانية، بالإضافة إلى تدابير آخرى منها تمديد الحظر على الصواريخ الباليستية القادرة على حمل أسلحة نووية والذي في ضوء القرار2231  سينتهي في عام 2023 . كما ستتم استعادة العقوبات التي أصدرها المجلس بخصوص تخصيب اليورانيوم والتدقيق الدولي في أنشطة الشحن والبنوك الإيرانية. بالإضافة إلى ذلك سيتم تصنيف إيران مرة أخرى على أنها تهديد للأمن الدولي بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وهو وصف تستاء منه طهران بشدة.

تتبعت مجموعة الأزمات الدولية عن كثب المفاوضات التي أدت إلى خطة العمل الشاملة المشتركة وراقبت أيضًا تنفيذها بالتفصيل جنبًا إلى جنب مع السياسات الأمريكية والإيرانية والشرق أوسطية والعالمية التي تدور حول الخطة. هذا التقرير مبني على هذا العمل ويدرس الجدل الدائر حول قيود الأمم المتحدة على الأسلحة وجهود الولايات المتحدة التي تبدو وشيكة الآن لتمديدها، ويستند إلى أكثر من 40 مقابلة أجريت مع مسؤولين أمريكيين وأوروبيين وروس وصينيين وإيرانيين ومن الأمم المتحدة، وكذلك مع خبراء مستقلين، منذ أواخر عام 2019.

تبديد الصفقة النووية

جرى النقاش حول قيود الأمم المتحدة على الأسلحة والارتداد المفاجئ “سناب باك” على خلفية التوترات الأوسع حول خطة العمل الشاملة المشتركة. تعرض الاتفاق النووي لضغوط متزايدة بشكل مطرد منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية في عام 2018 وفرضت عقوبات الضغط الأقصى ضد الجمهورية الإسلامية من خلال إعادة فرض عقوبات ما قبل خطة العمل الشاملة المشتركة وتوسيع نطاقها، ولا سيما فيما يتعلق بصادرات النفط الإيرانية، وقامت إدارة ترامب بمحو الكثير، إن لم يكن كل الفوائد الاقتصادية التي كانت إيران تتمتع بها مقابل الإلتزام بالقيود المفروضة على برنامجها النووي.

في مايو 2019، بعد عام واحد من انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق، في نظر طهران، فشلت الأطراف المتبقية في تحقيق المكاسب الاقتصادية التي كانت تتوقعها لتعويض العقوبات الأميركية أحادية الجانب، بدأت إيران في انتهاك التزاماتها النووية بشكل متزايد، وكسرت الحد الأقصى البالغ 300  كيلوجرام لليورانيوم منخفض التخصيب وحجم مخزون الماء الثقيل؛ ورفعت مستويات التخصيب من سقف الاتفاق3.67 % إلى4.5 %، وتكثيف البحث والتطوير. واستأنفت التخصيب في منشأة فوردو؛ وتجاوزت حدود الاتفاقية على عدد أجهزة الطرد المركزي التي يمكن أن تشغيلها. وبشكل منفصل، صارت علاقات إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية أكثر توتراً، حيث منعت طهران المفتشين من الوصول إلى موقعين حيث تسعى الوكالة للحصول على توضيح بشأن “الأنشطة المحتملة غير المعلنة والمتعلقة بالطاقة النووية”.

في 14 كانون الثاني/يناير 2020، لجأت فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة لتفعيل آلية تسوية المنازعات (DRM) الخاصة بالاتفاقية، والتي تسمح لأي من المشاركين في خطة العمل الشاملة المشتركة برفع ما يعتبره عدم التزام من قبل أي طرف، وذلك على خلفية الانتهاكات الإيرانية. وصرحت مجموعة الدول الثلاث: نقوم بذلك الاعتراض بحسن نية من أجل الحفاظ على خطة العمل الشاملة. وبالمثل، لجأت إيران إلى نفس الآلية في 2 تموز/ يوليو، مستشهدة على وجه الخصوص بمخاوف تتعلق بتنفيذ بنود من جانب مجموعة الدول الأوروبية.

ومع ذلك، فإن الادعاءات المتنازع عليها تسير ببطء، حيث أعلن الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل الذي يعمل كمنسق للجنة المشتركة لخطة العمل الشاملة المشتركة، حيث يجتمع الطرفان للمناقشات أن وباء كورونا (COVID-19) صعب مِن إنعقاد الجلسات في الوقت الحاضر، لذا مدد بوريل الجدول الزمني لعملية آلية تسوية المنازعات.على الرغم من أن هذه العملية يمكن أن تؤدي من الناحية النظرية إلى الرجوع لمجلس الأمن وتمهد الطريق لاستعادة العقوبات وإنهاء الصفقة، وأكدت كل من مجموعة الدول الثلاث الأوروبية وإيران رغبتها في ضمان بقاء خطة العمل الشاملة المشتركة.

تواجه خطة العمل المشتركة الشاملة (JCPOA)  المحتضرة الآن أزمة جديدة، والسبب المزعوم هو انتهاء قيود الأسلحة التي فرضتها الأمم المتحدة على إيران في 18 تشرين الأول/أكتوبر 2020. في عام 2006، أصدر مجلس الأمن القرار1747  (2007) الذي تناول الملف النووي الإيراني، ونص على عقوبات تتعلق بالصواريخ الباليستية والنووية، كما يمنع إيران بتوريد أو بيع نقل أي أسلحة أو المواد ذات الصلة وحث الحكومات على توخي اليقظة والحذر مِن التعامل مع صادرات الأسلحة إلى الجمهورية الإسلامية. وتم تشديد هذه العقوبات بموجب القرار 1929 (2010) الذي ركز بالأساس على الأنشطة النووية الإيرانية ونص على “منع جميع الدول مِن الإمداد المباشر أو غير المباشر أو البيع أو النقل إلى إيران لأي دبابات قتالية ومركبات قتالية مدرعة كبيرة الحجم وأنظمة المدفعية من العيار أو الطائرات المقاتلة أو المروحيات الهجومية أو السفن الحربية أو الصواريخ أو أنظمة الصواريخ على النحو المحدد بسجل الأمم المتحدة للأسلحة التقليدية أو العتاد ذي الصلة.”

عندما تم التفاوض على خطة العمل الشاملة المشتركة، طلبت إيران، بدعم من روسيا والصين، بأنه مثلما تم فرض قيود على الأسلحة رداً على الأزمة النووية يجب رفعها بمجرد التعامل مع تلك الأزمة، بمعنى آخر، على الفور. واعترضت الولايات المتحدة وشركاؤها الأوروبيون على ذلك، سعيًا إلى الحفاظ على تلك القيود على المدى الطويل كرد على ما يعتبرونه سياسات إيران التخريبية في الشرق الأوسط وتعزيز الاستقرار. ولهذا وضع جدول زمني لرفع هذه القيود – وكذلك تلك المتعلقة ببرنامج الصواريخ الباليستية الإيراني- كان من بين أكثر القضايا إثارة للجدل في المحادثات. وجاء حل وسط في الأيام الأخيرة فقط كجزء من الخطة الشاملة. وهذا الحل منصوص عليه في قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2231 الذي صادق على خطة العمل الشاملة المشتركة وتم تمريره بالإجماع في 20  يوليو 2015 ، وأبقى القيود على واردات وصادرات الأسلحة التقليدية لمدة خمس سنوات، وثماني سنوات لأجزاء الصواريخ الباليستية. وذلك اعتبارًا من 18 أكتوبر 2015. كما نص القرار على أن حظر السفر للمسؤولين الإيرانيين المعنيين سينتهي بعد خمس سنوات.

مواقف اللاعبين الرئيسين ووجهات نظرهم

1- الولايات المُتحدة

اعتمد نهج الولايات المتحدة تجاه انتهاء قيود الأسلحة التي فرضها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على إيران على سيناريوهين: تمديد القيود من خلال قرار جديد لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، أو في حالة فشل ذلك التأكيد على حقها كمشارك في القرار 2231  في استعادة عقوبات المجلس السابقة على إيران، الأمر الذي سيكون له نفس التأثير  مع إعادة فرض العقوبات الأخرى التي فرضها مجلس الأمن بين عامي 2006-2010. كان من الممكن نظريًا أن يوجه أي من الخيارين ضربة قاضية لخطة العمل الشاملة المشتركة، لأن كلاهما يشكلا في نظر إيران سياسة صارخة مخالفة لخطة العمل وتغيير شروطها بغير توافق، مما سيقضي على الصفقة مع اقتراب الولاية الأولى للرئيس ترامب من نهايتها، مع تزايد عدم اليقين بشأن ما إذا كان سيفوز بفترة ثانية.

منذ شهور، اعتبر المسؤولون الأميركيون، بقيادة وزير الخارجية مايك بومبيو والمبعوث الخاص -المنتهية ولايته- بريان هوك أن رفع القيود على الأسلحة مصدر قلق، حيث أثار بومبيو القضية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في وقت مبكر من عام 2018. وتزعم الولايات المتحدة أن إيران ستذهب في فورة شراء أسلحة ولن يتم تقييدها بصفتها تاجر أسلحة مارق، يشعل الصراعات من فنزويلا إلى سوريا إلى أقصى مناطق أفغانستان. يقول المسؤولون إن تصرفات إيران في الشرق الأوسط تؤكد الحاجة إلى الإبقاء على القيود المفروضة على قدرتها على توريد الأسلحة إلى حلفائها ووكلائها، وعلى شراء الأسلحة لنفسها، ويشيرون بشكل خاص إلى هجوم يونيو 2019 على ناقلتي نفط في الخليج الفارسي، ويلوم الكثيرون طهران في ذلك الهجوم. كما هناك إشتباه بتورط إيران في تنفيذ هجوم سبتمبر 2019  على منشآت أرامكو النفطية في المملكة العربية السعودية، إلى جانب تحقيقات الأمم المتحدة في شحنات أسلحة من أسلحة إيرانية الصنع لا سيما تلك التي كانت متجهة إلى الحوثيين في اليمن.

تزعم الولايات المتحدة أن رفع القيود على الأسلحة في ظل هذا السلوك من شأنه أن يشجع إيران على توفير الأسلحة بحرية أكبر لحلفائها في العراق ولبنان وسوريا واليمن، مما يمنح إيران سيفًا مسلطًا على الاستقرار الاقتصادي في الشرق الأوسط. قال مسؤولون أميركيون لمجموعة الأزمات الدولية إن تمكين إيران من استئناف عمليات نقل الأسلحة سيكون مشكلة كبيرة، لن تكن مشكلتنا فقط، سيكون تحولًا كبيرًا في ديناميات الأمن الإقليمي. كما يجادلون بأنه في حالة عدم وجود مثل هذه القيود، فإن طهران ستعزز ترسانتها من خلال شراء طائرات قتالية من الصين وروسيا. لذا دعمت الولايات المتحدة كلًا مِن إسرائيل والمملكة العربية السعودية وهما من الحلفاء الإقليميين الرئيسيين لها، كما دعمت مجلس التعاون الخليجي.

لكن يجب أن يُفهم تمديد القيود على الأسلحة على أنه جزء من استراتيجية الولايات المتحدة لحرمان طهران من أي فائدة من خطة العمل الشاملة المشتركة، مما يؤدي في الواقع إلى إفشال خطة العمل الشاملة المشتركة. وإضعاف الحكومة الإيرانية والضغط عليها لعقد صفقة جديدة أكثر صرامة. وأوضح المسؤولون الأميركيون أنهم يعتزمون استخدام بنود القرار 2231 لعودة جميع عقوبات الأمم المتحدة على إيران، إذا لزم الأمر، للإبقاء على قيود الأسلحة على طهران. في الواقع “سناب باك” لا تبدو حلًا احتياطيًا أمريكيًا لفشل قرار التمديد الخاص به أكثر من هدفه الأساسي -فحتى لو كانت إعادة فرض العقوبات لن تنهي الصفقة- وهو عدم تمكن الإدارة الأميركية المستقبلية أن تعكس المسار بسهولة للعودة لمسار خطة العمل الشاملة المشتركة. حيث يتطلب تمديد العقوبة مشروع قرار أميركي بالإضافة إلى موافقة أعضاء المجلس الآخرين على قرار جديد. وبدلًا من السعي لحل وسط (صعب) بشأن القيود المفروضة على الأسلحة أصرت الولايات المتحدة على تمديد مفتوح للعقوبات على الرغم من معرفتها بأن الفيتو الروسي – الصيني سيفشل الأمر. لكن كما صرح دبلوماسي أوروبي لمجموعة الأزمات الدولية: خطوة ميتة لهدف واشنطن النهائي.

يبدو أن الدبلوماسي كان على حق، وذلك بعدما لم يحظ مشروع قرار برعاية الولايات المتحدة يمدد القيود على الأسلحة الإيرانية بتأييد الأعضاء الآخرين في أواخر يونيو، وفي أوائل أغسطس قدمت واشنطن مشروع قرار آخر بعدما حذفت بعض عناصر المسودة الأولى الخيالية ومُنتقدة فيه أنشطة إيران الإقليمية مع مطالب بحظر سلاح صارم من الدول الأعضاء، لكن المسودة الجديدة أبقت على بند الولايات المتحدة لتمديد القيود على الأسلحة إلى أجل غير مسمى، وهو بند مرفوض مِن جميع الموقعين الآخرين على خطة العمل الشاملة المشتركة، ويقضي عليها مِن الأساس. وتوقع دبلوماسي في مجلس الأمن أن هذا النهج كان يهدف إلى السماح للولايات المتحدة بالقول إنها استنفدت جميع السبل لتمديد الحظر في المجلس ولم يكن أمامها خيار سوى إستخدام “سناب باك”.  إذا كان الأمر كذلك، فقد نالت إدارة ترامب مرادها. في 14 أغسطس، رفض القرار على الرغم من سياسة لي الذراع النشطة مِن واشنطن لم تنضم سوى جمهورية الدومينيكان فقط لها في التصويت بنعم. وفي 15 أغسطس أعلن الرئيس ترامب أن الولايات المتحدة ستقوم بفرض العقوبات الأممية مِن خلال “سناب باك”.

2- روسيا

بالنسبة للمسؤولين الروس، كان إصرار واشنطن على تمديد قيود الأسلحة مدفوعًا بأهدافها المزدوجة المتمثلة في تفكيك خطة العمل الشاملة المشتركة وتحقيق نجاح دبلوماسي في الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية في نوفمبر. كانت السيناريوهات المختلفة لإدارة ترامب تهدف إلى نسف الصفقة مهما كانت التداعيات. ولو دعمت موسكو تمديد العقوبات، لكانت إيران انسحبت من خطة العمل الشاملة المشتركة، مما عجل بانهيارها. كان الخيار الأفضل لموسكو هو منع قرار واشنطن، لكنها تدرك أن الولايات المتحدة ستحاول بعد ذلك إعادة العقوبات، وهي خطوة إذا نجحت ستؤدي إلى نفس النتيجة.

كانت تعامل روسيا في سياقين: الأول، أوضح المسؤولون أنهم إذا لزم الأمر سيستخدمون حق النقض ضد أي جهد لتبني قرار جديد لمجلس الأمن الدولي يمدد القيود إلى ما بعد أكتوبر. الثاني، رفضوا ما وصفوه بالمحاولات الأميركية “لابتزاز” المشاركين المتبقين في الصفقة مع التهديد بـ “سناب باك” وأشاروا إلى أنهم لن يعترفوا بإعادة فرض عقوبات مجلس الأمن السابقة لأن الولايات المتحدة  بعد انسحابها من الصفقة تفتقر إلى الصفة القانونية اللازمة إعادة هذه العقوبات وصرح دبلوماسي روسي لمجموعة الأزمات الدولية: “لا يمكنك الانسحاب من المعاهدة ثم محاولة نسفها، إنهم يحاولون التلاعب بصيغة القرار”.

طرح الدبلوماسيون الروس حلول وسط محتملة وإن كانت غير مُقنعة، على سبيل المثال، في 14  أغسطس/ آب، اقترح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إخراج القضية من مجلس الأمن ودعوة الموقعين الأصليين على خطة العمل الشاملة المشتركة للتوصل إلى حل مقبول وهو اقتراح رفضته الولايات المتحدة سريعًا. وكان المسؤولون الروس قد أبلغوا مجموعة الأزمات الدولية في وقت سابق أن الهدف يجب أن يكون مناقشة الشروط التي قد تقبلها طهران مقابل تمديد القيود؛ ويمكن أن يستلزم ذلك، على سبيل المثال، السماح لإيران باستئناف بعض مبيعات النفط أو تقصير مدة بعض القيود النووية. ومع ذلك، وكما تعلم موسكو بالتأكيد، لم يكن أي من هذين الخيارين مقبولا لواشنطن، فالأول لأنه سيخفف ضغط العقوبات عن إيران بينما هدف الإدارة الأمريكية هو زيادتها. بينما الحل الثاني مرفوض لأن إدارة ترامب ترى أن الجداول الزمنية الحالية للقيود على إيران قصيرة جدًا بالفعل.

على الرغم من أن بعض الأوروبيين قد اعتمدوا على روسيا للضغط على الولايات المتحدة لتقديم المزيد من التنازلات بشأن قيود الأسلحة، إلا أن المناورة لم تكن مدروسة بشكل جيد. تريد موسكو إنقاذ خطة العمل الشاملة المشتركة، إلا أنها قد لا تنظر باستياء إلى احتمال حدوث صدام في مجلس الأمن حول ما إذا كان بإمكان الولايات المتحدة إعادة فرض العقوبات من جانب واحد، كما يشير مسؤولون أوروبيون آخرون، فإن مثل هذا السيناريو من شأنه أن يصنع توترات إضافية بين واشنطن وحلفائها عبر المحيط الأطلسي، ويزيد من تقويض مصداقية الولايات المتحدة ويجعل نظام العقوبات بأكمله موضع تساؤل، وكل ذلك لا يعني توجيه ضربة قاضية لخطة العمل الشاملة المشتركة بالضرورة.

3- الصين

تتشابه مواقف الصين إلى حد كبير مع مواقف روسيا. وتصف انسحاب الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة بأنه “الخطيئة الأصلية” ونقطة البداية لجميع الخلافات حول عدم الامتثال لشروط الصفقة. تلقي بكين اللوم على واشنطن في فرض عقوبات أحادية الجانب على إيران وتؤكد أن الولايات المتحدة ليس لها الحق في مطالبة مجلس الأمن بتطبيق بند “سناب باك” نظرًا لإنسحابها مِن الصفقة. ودعت الصين الدول الأعضاء الأخرى بمجلس الأمن إلى معارضة الولايات المتحدة بشكل مشترك وحثها على العودة إلى الامتثال لخطة العمل الشاملة المشتركة.

في الغرف المغلقة يعترف بعض المسؤولين الصينيين بأن الولايات المتحدة قد تكون في وضع يمكنها من الفوز في مجلس الأمن بسبب الأحكام غير المسبوقة المحددة في القرار رقم 2231 ، ومع ذلك، فإنهم يعتبرون القرار النهائي سياسيًا وليس قانونيًا، فهم يجادلون بأن أعضاء المجلس الآخرين يجب أن يرفضوا الاعتراف بإعادة فرض إجراءات العقوبات على إيران في أعقاب رد الفعل الأمريكي.

يعرب المسؤولون الصينيون، مثل نظرائهم الروس، عن انفتاحهم على الحوار خارج المجلس. لكن الصين تتخذ نبرة حادة أكثر من روسيا فيما يتعلق بالجهود التي يبذلها الأعضاء الأوروبيون للتوصل إلى حل وسط مقبول للطرفين، وتنتقد بشدة فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة لتفضيلها نتائج تميل نحو واشنطن بقدر ما تستند إلى زيادة الضغط على طهران. كما يرفض الدبلوماسيون الصينيون الاقتراحات التي طرحها بعض الأوروبيين بشأن الدخول في التزامات طوعية بالتخلي عن مبيعات الأسلحة لإيران، وبدلاً من ذلك يؤكدون على حق بكين في متابعة ترتيبات التعاون الأمني ​​الثنائي مع طهران.

4- فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة، E3

حاولت مجموعة E3  تحقيق توازن بين تأكيد مخاوف واشنطن بشأن عمليات نقل الأسلحة الإيرانية، من ناحية، وفي الوقت نفسه حماية خطة العمل الشاملة المشتركة، ومنع “سناب باك” وتجنب إلحاق ضرر جسيم بمصداقية مجلس الأمن، من ناحية أخرى. وقد ثبت أن هذه المهمة مستحيلة، بالنظر إلى نطاق المطالب الأمريكية والمقاومة الروسية والصينية لأي تحرك من شأنه تمديد القيود دون حافز مناسب لإيران.

يعبر الدبلوماسيون الأوروبيون بانتظام عن مخاوفهم بشأن أنشطة طهران الإقليمية ويشيرون إلى دعمهم للإبقاء على بعض القيود على الأقل لبعض الوقت. نتيجة لذلك، كما قال دبلوماسي من مجموعة E3 ، كنا نبحث عن حل بناء ومبدع يعترف بمخاوف الولايات المتحدة بشأن حظر الأسلحة ونشاط إيران المزعزع للاستقرار في المنطقة بما في ذلك، على سبيل المثال، الإبقاء على القيود على الصادرات من إيران لبعض الوقت مع السماح ببعض الواردات. لكن لا نعتقد أن تحقيق هذه الأهداف يستحق الإنزلاق في مسار الأزمة النووية التي قد تثيرها الولايات المتحدة، خاصة بالنظر إلى الوسائل الأخرى لفحص صادرات وواردات الأسلحة الإيرانية.

اليقين الأوروبي بإمكانية التسوية مع واشنطن ضعيف منذ البداية وتآكل بمرور الوقت. في الغرف المغلقة، تساءل الدبلوماسيون الأوروبيون عن نوايا الولايات المتحدة فسواء كانوا جادين بشأن مشروع قرار حظر الأسلحة أو إذا كان هدفهم النهائي هو نسف خطة العمل الشاملة المشتركة فهذه الشكوك تثبط عزيمة مجموعة الدول الثلاث من تقديم مقترحاتها الخاصة، وتقلق الشركاء الأوروبيين أن تؤدي المفاوضات إلى مطالب أميركية إضافية أو يتم تجاهلها بالأساس -كما تم في المفاوضات الأخيرة قبل الإنسحاب الأميركي من الخطة- ومضيها قدمًا في طريق “سناب باك”. ويثير عدم اهتمام واشنطن الواضح بالتسوية تأكيد الشكوك الأوروبية، وكذلك تركيز الولايات المتحدة أحادي الجانب على العقوبات ذات الآثار المحدودة على عمليات نقل الأسلحة الإيرانية. علمًا، لم تكن إيران مستوردًا رئيسيا للأسلحة التقليدية حتى قبل قيود الأمم المتحدة. ومن غير المرجح أن تقوم بعمليات شراء كبيرة للأسلحة في المستقبل بسبب ارتفاع التكاليف والحالة المزرية لاقتصادها. ويظل حظر الاتحاد الأوروبي ساريًا حتى عام 2023 ، والولايات المتحدة إلى أجل غير مسمى. أخيرًا، لا تغطي قيود الأمم المتحدة حتى صواريخ أرض جو، التي ربما تكون مصدر القلق الأكبر.

تدحض مسألتان الدعاوى الأميركية في أن تؤدي رفع قيود الأمم المتحدة إلى زيادة عمليات نقل الأسلحة الإيرانية إلى الجهات المتحالفة معها. المسألة الأولى: ستظل قرارات مجلس الأمن المنفصلة سارية المفعول التي تحظر تصدير الأسلحة إلى الحلفاء الإيرانيين من غير الدول، بما في ذلك الحوثيون في اليمن وحزب الله في لبنان. والمسألة الثانية: يتضح من تقارير الأمين العام لمتابعة تنفيذ القرار 2231، وتأكيدات المسؤولين الأميركيين استمرار عمليات النقل الإيرانية على الرغم من العقوبات التي تستهدف إيران.

يعتقد المسؤولون الأوروبيون أن واشنطن تبالغ في التأكيد على تأثير قرار رفع القيود المفروضة على عمليات نقل الأسلحة التقليدية، وفي الوقت نفسه صُدموا بمدى ضآلة قلق الولايات المتحدة بشأن احتمال أن يحفز المسار الحالي إيران على تسريع برنامجها النووي وقال أحد كبار الدبلوماسيين في E3:

“لا يبدو أن المسؤولين الأميركيين يهتمون على الإطلاق إذا لم تعد إيران ملتزمة بالقيود النووية، فعندما نقول لهم إذا لجأتم لـ “سناب باك” سيتجاهل الروس والصينيين هذه العقوبات، وسيبيعون الأسلحة، بالإضافة لخطوات إيران النووية، فيردوا: هذا إفتراض، ونحن لا نتعامل مع فرضيات.”

5- إيران

يعد رفع القيود المفروضة على الأسلحة بالنسبة لطهران بنداً أساسياً في الاتفاق النووي وأحد فوائده المتوقعة التي أشاد بها الرئيس حسن روحاني باعتبارها “هدفًا سياسيًا وأمنيًا ودفاعيًا رئيسيًا.” كما يعتبر الإيرانيون أن أي محاولة لتغيير أو تعديل الجدول الزمني المتفق عليه يعد بمثابة نسف للقرار 2231 بأكمله. ويرى المسؤولون الإيرانيون أن جهود الولايات المتحدة لتمديد حظر الأسلحة جزء من حملة لمحو أية مكاسب قد تحصل عليها طهران من خطة العمل الشاملة المشتركة، فقد سعت واشنطن لضغط اقتصادي من خلال فرض عقوبات أحادية الجانب؛ ومنع الفوائد النووية من خلال إلغاء الإعفاءات التي تسمح بمشاريع التعاون الدولي النووي للأهداف المدنية؛ والآن هذا. -يقصد سناب باك-

كانت إيران حذرة بشأن كيفية رد فعلها إما على قرار تمديد الحظر أو إعادة جميع عقوبات الأمم المتحدة. وعندما سألنا حول هذا الأمر، أجاب مسؤول إيراني: إن إدارة ترامب تسعى إلى استفزاز الجمهورية الإسلامية للرد بطريقة من شأنها أن تدفع دول المجموعة الأوروبية الثلاثة إلى الوقوف إلى جانب واشنطن ضد طهران؛ وأضاف أن بلاده قامت حتى الآن بحساب ردود أفعالها بعناية على الانتهاكات الأميركية من أجل الحفاظ على خطة العمل الشاملة المشتركة وعلاقاتها مع أوروبا. كما أشار أن إيران  تدرس احتمالية تغيير الإدارة في الولايات المتحدة وستحاول عدم اتخاذ خطوات تعرض إمكانية عودة الولايات المتحدة إلى الخطة الشاملة، كما تعهد المرشح الديمقراطي جو بايدن. ومع ذلك، سارع إلى إضافة أن طهران لا يمكنها أن تظل سلبية وسيتعين عليها الرد بقوة، حتى على خطوة “سناب باك” التي ستقدم عليها الولايات المتحدة والتي لن يعترف بها الآخرون وسيكون لها تأثير ضئيل.

وطرح محللون إيرانيون وغيرهم أحد الاحتمالات للرد الإيراني وهو أن تقوم إيران بإخطار الوكالة الدولية للطاقة الذرية رسميًا بنيتها الانسحاب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT) – وهو إجراء رغم ما يترتب عليه لن يصبح ساريًا لمدة 90  يومًا، وهي فرصة لمنح كل من واشنطن وطهران للتراجع عن خطوات كل منهما إذا أصبح بايدن رئيسًا في يناير 2021.

حقل ألغام إجرائي

بالنظر إلى الاحتمالية الضئيلة الآن للتوصل إلى حل وسط في اللحظة الأخيرة بشأن قيود الأسلحة وتعهد الولايات المتحدة باللجوء لـ “سناب باك”، سيكون مجلس الأمن في مأزق بسبب القرار 2231، فقد أمضى أعضاء المجلس وقتًا طويلاً لإيجاد كيفية لتنفيذ القرار، وقد صممه مفاوضو خطة العمل المشتركة الشاملة كوسيلة لضمان أنه بعد تعليق عقوبات الأمم المتحدة على إيران، لا تستطيع الصين وروسيا قول “لا” إذا سعت الولايات المتحدة أو حلفاؤها إلى إعادة فرض العقوبات.

بموجب القواعد الموضوعة لخطة العمل الشاملة المشتركة يمكن لأي دولة مشاركة إخطار المجلس بـ “بخرق الالتزامات المنصوص عليها بخطة العمل الشاملة المشتركة. “ويأخذ الإخطار فترة مدتها 30 يومًا، يستطيع خلالها المجلس إصدار قرار جديد من شأنه السماح بالاستمرار في تنفيذ القرار 2231، وإن لم يصدر قراراً خلال الفترة المُحددة تعود جميع العقوبات حيز التنفيذ بشكل اوتوماتيكي. ونظرًا لأن أي عضو دائم في مجلس الأمن يمكنه استخدام حق النقض ضد قرار مواصلة العقوبات، فقد منحت الآلية السارية للولايات المتحدة إلى جانب فرنسا والمملكة المتحدة القدرة على إعادة فرض العقوبات من جانب واحد على الرغم من الاعتراضات الروسية أو الصينية.

القرار 2231 يشير أن على إيران والمشاركين الآخرين في خطة العمل الشاملة المشتركة السعي جاهدين لحل المشكلة التي أدت لإخطار مجلس الأمن. وعلى نفس المنوال ، تشجع المشاركين على حل أي قضايا تنشأ فيما يتعلق بتنفيذ التزامات خطة العمل الشاملة المشتركة من خلال الإجراءات المحددة في خطة العمل الشاملة المشتركة، والتي تتضمن آلية مفصلة للغاية لتسوية المنازعات. وإن استفادة الولايات المتحدة من هذا البند دون بذل أي جهد في التفاوض أولاً أو اتخاذ أي من الخطوات الموضحة في خطة العمل الشاملة المشتركة، سيكون بحد ذاته مثيرًا للجدل.

لكن الادعاء الأميركي الأخير بأن لها حق إستخدام “سناب باك” على الرغم من الانسحاب أحادي الجانب من خطة العمل الشاملة المشتركة – وعلى الرغم من أن مستشار الأمن القومي آنذاك جون بولتون قال إن الولايات المتحدة: “لن تستخدم بنود قرار 2231 لأننا خارج الخطة”- يهيئ المشهد لخلاف حاد بشكل خاص في مجلس الأمن.

هذا الشجار وكيف سيدور، يتلخص في ثلاث أسئلة:

  • الأول، والأكثر أهمية، ماذا لو كان للولايات المتحدة الحق فعلًا في إستخدام سناب باك وهي خارج خطة العمل الشاملة المشتركة؟
  • الثاني: ماذا لو كان بإمكان أعضاء المجلس الآخرين استخدام القواعد الإجرائية لعرقلة أو تأخير سناب باك؟
  • الثالث: ماذا لو كان يمكن لمؤيدي خطة العمل الشاملة المشتركة اتخاذ خطوات لتقويض تنفيذ العقوبات إذا نفذت واشنطن “سناب باك” وذلك إما عن طريق إعاقة آليات مراقبة عقوبات الأمم المتحدة أو إقناع الدول الأخرى بتجاهل الولايات المتحدة؟

القضية الأكبر التي تلوح في الأفق بشأن جميع الأسئلة الثلاثة هي حول كيف لأي ما يمكن أن يحدث دون الإضرار بسمعة مجلس الأمن وقدرته على الاتفاقات والحفاظ على قراراته وتنفيذها.

الإجابة على السؤالين الأولين غامضة، فقوانين الأمم المتحدة لمثل هذه الخلافات محدودة وليس هناك سوابق مفيدة. وهذا ما يجعل للولايات المتحدة فرصة جيدة لزعم إطلاق سناب باك وإعادة فرض العقوبات الأممية. بينما يعتبر معظم أعضاء مجلس الأمن أن هذا الأمر برمته غير شرعي وينكرون العقوبات. في المقابل يتفق معظم المراقبين المطلعين أن هناك طرق مباشرة نسبيًا لعرقلة تطبيق سناب باك مِن قبل الولايات المتحدة، ولا سيما التي تتوفر للجنة المشرفة على تنفيذ الخطة الشاملة.

بالنسبة لأولئك الذين يريدون حفظ خطة العمل الشاملة المشتركة، فإن أهمية إبطال محاولة الولايات المتحدة لإستخدام “سناب باك” أو على الأقل تأجيل تأثيرها تعتمد إلى حد كبير على نتيجة الانتخابات في الولايات المتحدة. والنتيجة الأوضح، إذا أعيد إنتخاب دونالد ترامب، فإن خطة العمل الشاملة المشتركة قد أنتهت مهما حدث، وعلى النقيض في حال فوز بايدن فمن المتوقع أن ينفذ التزامه باستئناف الامتثال للاتفاق النووي إذا فعلت إيران ذلك أيضًا. وإذا كانت الصفقة لا تزال قابلة للإنقاذ في تلك المرحلة -بعبارة أخرى، إذا تجنب الأطراف الخطوات التي لا يمكنهم التراجع عنها- عندها يمكن للإدارة الجديدة إلغاء إجراءات الإدارة السابقة، بما في ذلك في مجلس الأمن. في حين أنه سيكون من التهور أن يتنبأ أي شخص بنتيجة الانتخابات الأمريكية بعد ثلاثة أشهر من حملة انتخابية لا يمكن التوقع بها تمامًا.

مسألة الصفة

إن أوضح طريقة لعرقلة أي إجراء من الولايات المتحدة هو الإشارة لأن الولايات المتحدة خسرت صفتها القانونية من خلال الانسحاب من الاتفاق، وأن السؤال الرئيسي هو ما إذا كانت الولايات المتحدة لا تزال دولة مشاركة في خطة العمل الشاملة المشتركة وملتزمة بالقرار رقم 2231، ومن ثم يحق لها إخطار مجلس الأمن بـ “خرق” من قبل إيران. ولإثبات ذلك، تلجأ إدارة ترامب إلى قراءة تأويلية للقرار وتتناقض مع تصريحاتها السابقة، بينما القراءة الواضحة للقرار وخصوصًا في المادة 10، “المشاركون في خطة العمل الشاملة المشتركة” بصفتهم مجموعة 5 + 1 ، وإيران لكن دون الإشارة إلى كيف أو متى يفقدوا صفة المُشاركة وهذا ما تؤكد عليه الولايات المتحدة بأنها تظل دولة مشاركة في القرار2231، على الرغم من أنها لم تعد مشاركة في خطة العمل الشاملة المشترك

منتقدو هذا الادعاء الأميركي وهم إيران والصين وروسيا، وهذا ليس مستغرب، ولكن أيضًا بعض الحكومات الأوروبية، والممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي، وحتى جون بولتون، الذي كان مستشار الأمن القومي الأميركي في وقت الانسحاب رفضوا رفضًا قاطعًا وجهة النظر التي مفادها أن الولايات المتحدة لا تزال دولة مشاركة في خطة العمل الشاملة المشتركة، سواء لأغراض الاتفاق النووي أو القرار رقم 2231. وتشير روسيا إلى حكم أصدرته محكمة العدل الدولية عام 1971 والذي يقضي بأن الدول التي لا تحترم التزاماتها بموجب الاتفاقيات الدولية تفقد الحقوق المرتبطة بهذه الإتفاقيات.

حتى مسؤولين من الدول الأوروبية التي لم تتخذ موقفًا واضحًا لا لبس فيه يجادلون سراً بأن أي قراءة عادلة للقرار 2231 يجب أن تأخذ في الاعتبار تاريخه، ونية واضعيه. وفي ضوء ذلك، يقولون: حتى التفسير النصي لا يدعم تمامًا وجهة النظر الأمريكية، فالفقرة 10  من القرار 2231، والتي تحدد المشاركين في خطة العمل الشاملة المشتركة تدعوهم أيضًا إلى حل أي مشكلات تنشأ فيما يتعلق بتنفيذ التزامات خطة العمل الشاملة المشتركة من خلال الإجراءات المحددة في خطة العمل الشاملة المشتركة -إجراءات لم تستطع الولايات المتحدة الاستفادة منها بسبب انسحابها-.

في مواجهة هذه المواقف القانونية المتصارعة، قد يتخيل المرء أن الأمم المتحدة يمكن أن تكون بمثابة الحكم الفصل، لكن، تفتقر الأمم المتحدة إلى شخص معني أو مؤسسة لها سلطة واضحة للفصل فيما إذا كانت الولايات المتحدة مُشاركة أم لا. من الناحية النظرية، يمكن لمجلس الأمن أن يطلب رأي الأمين العام أنطونيو غوتيريس، أو مكتب الأمم المتحدة للشؤون القانونية (OLA)  أو محكمة العدل الدولية. لكن، الولايات المتحدة في جميع الاحوال قد تمنع المجلس من إصدار طلب رسمي للاستعانة بأي من هذه المصادر، وذلك في شكل رسالة من رئيس المجلس أو قرار. لكن، يمكن للدول بشكل منفرد أيضًا أن تسأل مكتب الشؤون القانونية أو محكمة العدل الدولية عن آرائها. ومع ذلك، وبغض النظر عن مصدر الطلب، فمن غير المرجح أن تتلقى ردًا لا لبس فيه.

لا توجد سابقة لأي من الأمين العام أو مكتب الشؤون القانونية أخذ موقف حاسم بشأن نزاع سياسي بهذا الحجم بين أعضاء المجلس الخمسة الدائمين. أوضح أعضاء مكتب الشؤون القانونية أنهم يفضلون عدم طرح السؤال عليهم. وفي حال إجبار الأمين العام أو مكتب الشؤون القانونية على التدخل فمن المحتمل أن يردوا بأن سلطة تفسير القرار2231  تقع في المقام الأول على عاتق المجلس نفسه. و هناك سوابق لتفسير محكمة العدل الدولية لقرار مجلس الأمن بناءً على طلب المجلس، لكنهم يقترحون على أعضاء المجلس أولاً تمرير قرار يؤيد الطلب، والذي من المحتمل أن تستخدم الولايات المتحدة حق النقض ضده في هذه الحالة. على أي حال ، تميل المحكمة إلى الحُكم ببطء، لذلك حتى إذا طلب بعض المشاركين في خطة العمل المشتركة الشاملة وجهات نظرها بشكل فردي، فقد يستغرق الأمر قرابة عام لإصدار رأي استشاري.

نظرًا لغياب حكم محايد من الأمم المتحدة، يميل أعضاء مجلس الأمن إلى الاتفاق على أنه سيتعين عليهم معالجة مسألة ما إذا كانت الولايات المتحدة مؤهلة لاستخدام “سناب باك” مِن عدمه باعتبارها مسألة قانونية أكثر منها سياسية. مرة أخرى، لا توجد وسيلة مباشرة لأعضاء المجلس للقيام بذلك، فمن الناحية النظرية، يمكن للصين أو روسيا تقديم قرار مستقل ينص على أن الولايات المتحدة لم تعد مؤهلة للمشاركة في خطة العمل الشاملة المشتركة، لكن الولايات المتحدة ستلغيها؛ وعلى نفس المنوال، فإن أي قرار أميركي يعيد التأكيد على أنها لا تزال دولة مشاركة سيكون خاضعًا لنقض منافسيها.

يتكهن بعض الدبلوماسيين بأن الصين أو روسيا قد تختار تقديم قرار إجرائي يرفض ادعاء الولايات المتحدة، على أساس النظرية القائلة بأن ميثاق الأمم المتحدة لا ينص على حق النقض ضد مثل هذه الاقتراحات. سيكون مِن الصعب تقديم هذه الحجة على أساس سابقة المجلس؛ أكثر من ذلك، يمكن للولايات المتحدة أن تدعو إلى تصويت أولي لتقرير وضع القضية. في الممارسة العملية، قرر المجلس أن أي مسألة ما إذا كان الاقتراح إجرائيًا أم لا هي في حد ذاتها مسألة موضوعية، وبالتالي فهي تخضع لحق النقض. ومن ثم يمكن للولايات المتحدة أن تستخدم حق النقض ضد أي اقتراح للتعامل مع مسألة جوهرها إجرائي لكن طابعها موضوعي وبالتالي:

  • إجبار المجلس على التعامل مع موضوع وضعه كمسألة موضوعية
  •  منع أي قرار يطعن فيه. هذه العملية التي كانت شائعة إلى حد ما في السنوات الأولى للمجلس ، يُعرف باسم “الفيتو المزدوج” حيث يمكن لدولة دائمة العضوية أن تستخدم حق النقض ضد كل اقتراح للنظر في قرار إجرائي ثم نقض القرار نفسه) ويرى البعض أن “سناب باك” أداة أميركية لمعالجة التحديات الإجرائية في المناقشات القادمة، ومع ذلك، فإن الأسئلة حول إجراءات الأمم المتحدة سوف تربك إطلاق سناب باك).
  • المناورات الإجرائية

يحدد القرار 2231 جدول زمني واضح مدته 30 يوم لبدء إطلاق عملية سناب باك، وذلك بعد تلقي مجلس الامن إخطاراً بخرق التزامات الخطة الشاملة، وتم صياغة الأمر لتكون منيعة ضد قرارات الفيتو، وعلى الرغم من أن مؤلفيه لم يفكروا في أن أحد الأطراف سوف يطلقها بعد الانسحاب من الصفقة. -درس دبلوماسيون ومسؤولون في الأمم المتحدة القضية بعمق لعدة أشهر، لكنهم لم يتمكنوا من العثور على عقبة إجرائية مؤكدة لإيقافها. ومع ذلك، قد يسعى معارضو مناورة الولايات المتحدة إلى تعقيد العملية والطعن في صلاحيتها.-

رئيس مجلس الأمن – وهو منصب يتم التناوب عليه شهريا بين الأعضاء – له دور مهم يقوم به وهو الأشراف عادة على ترتيب الأعمال، وإجراء التصويت، والاتصالات بين الدول الأعضاء والمجلس. ويشير دبلوماسيون مقرهم نيويورك إلى أن الولايات المتحدة تحركت ببطء بشأن قرار حظر الأسلحة في يونيو ويوليو، عندما تولت فرنسا وألمانيا الرئاسة ربما توقعوا أن يضع أعضاء مجموعة E3  عقبات إجرائية. وتولت إندونيسيا الرئاسة في أغسطس وستشرف الآن على مناقشات سناب باك، وستتبعها النيجر في سبتمبر، ثم روسيا في أكتوبر.

يمكن لرئيس المجلس الذي يعارض مطالبة الولايات المتحدة الدائمة أو شعورًا بإعتراض معظم أعضاء المجلس أن يسعى إلى تأخير إطلاق العملية من خلال رفض إرسال “إخطار عدم الإلتزام” إلى الأعضاء الآخرين. ومن ثم، قد يرغب أعضاء المجلس ولا سيما الدول الاوروبية الأعضاء الدائمين وألمانيا بإرسال خطاب مضاد خاص بهم إلى رئيس المجلس، مؤكدين عدم موافقتهم على تفسير الولايات المتحدة، مما يسلط الضوء على افتقار إدارة ترامب لجهود حسن النية لحل القضية دبلوماسياً وعموماً تستبعد صلاحية عملية بادرت بها الولايات المتحدة. لكن، إذا تجاهل الرئيس ببساطة إخطار الولايات المتحدة، فستدفع واشنطن بأن هذا مخالف للقواعد والاتفاقيات التي تحكم اتصالات الدول مع المجلس؛ أطول مدة تأخر فيها رئيس المجلس عن العمل بناءً على اتصال من دولة في السنوات الأخيرة كانت مجرد أحد عشر يوم عمل. ويمكن للولايات المتحدة أيضًا أن تتغلب على هذه العقبة من خلال مطالبة الأمين العام بتمرير الرسالة، وهو ما يجب أن يفعله بموجب قواعد المجلس. ومع ذلك، يمكن للرئيس أن يقيم على أساس المشاورات أن غالبية المجلس لا تعترف بشرعية الإخطار الأمريكي، وبالتالي يستنتج أنه لا يوجد أساس للمضي في عملية سناب باك. لكن، فإن مثل هذا الرأي لن يكون نافذًا، ويمكن للولايات المتحدة أن تعلن أنها ستستمر بغض النظر.

ينص القرار 2231 على أن أمام المجلس 30  يومًا لتقديم قرار يمدد إنهاء العقوبات الحالية بعد تلقي إخطار بعدم الامتثال. وعلى الرغم من أن أي عضو في المجلس يمكنه اتخاذ هذه الخطوة، فإن القرار ينص على أنه إذا لم يقم أي طرف بذلك بعد عشرة أيام، يجب على رئيس مجلس الأمن تقديم مشروع القرار هذا وطرحه للتصويت في غضون 30  يومًا من الإخطار. ويمكن للولايات المتحدة بعد ذلك أن تستخدم حق النقض ضد القرار، مما يؤدي إلى عودة سريعة. بعبارة أخرى، حتى لو لم يقدم أي عضو آخر في المجلس قرارًا -وحتى إذا رفض الرئيس تقديم نص- يمكن للولايات المتحدة أن تقول إن لها الحق في اقتراح مسودة خاصة بها ثم نقضها.

لن يكون ذلك بالضرورة نهاية القصة يمكن لأعضاء المجلس أن يستمروا في محاولة عرقلة التصويت – ثم الفيتو الأميركي اللاحق- من خلال الوسائل الإجرائية. ويمكنهم، على سبيل المثال، المطالبة بالتصويت الإجرائي على ما إذا كان سيتم وضع إخطار الولايات المتحدة على جدول أعمال المجلس. في حين أن القرار 2231  ينص بحزم على أن المجلس يجب أن يتصرف بناءًا على إشعار، وستحتاج الولايات المتحدة لثمانية أعضاء آخرين إلى التصويت لصالح المضي قدمًا، ومن المرجح أن تكافح الولايات المتحدة لتأمين هذا المستوى من الدعم نظرًا لاستجابة المجلس غير المتحمسة للجهود الأميركية لتجديد حظر الأسلحة. وبالتالي ، قد تتمكن أقلية معطلة من الدول من منع الهيئة من إجراء تصويت بشأن استمرار إنهاء العقوبات. وقد يفسر بعض أعضاء المجلس القرار 2231  على أنه ينص على أنه في حالة عدم وجود تصويت ، فإن سناب باك لا يفعل. لكن هذه القراءة للنص ستكون ركيكة، والولايات المتحدة سترفضها.

الحقيقة هي أنه على الرغم من حرب العصابات الإجرائية، فقد تمت كتابة القرار 2231 لإعطاء الولايات المتحدة في هذه الحالة حلولاً قوية. كما لوحظ، تنص الفقرة 12 على أنه إذا لم يتم تمرير أي قرار بتمديد إنهاء العقوبات بعد 30 يومًا، فسيتم إعادة تجديد العقوبات، بغض النظر عما إذا كان المجلس قد صوت أم لا. بعبارة أخرى، يمكن لواشنطن أن تحجب الأعضاء الآخرين مِن التصويت لرفع العقوبات وتعلن النصر بعد 30 يومًا.

خلاصة القول هي أن المناقشات الإجرائية ستدور حول ما إذا كان للولايات المتحدة صفة لإطلاق سناب باك في المقام الاول -جدال غير مثمر تؤكد فيه واشنطن أنها تتمتع بمكانة، وجميع المناورات الإجرائية ليست ذات صلة- بينما يرى آخرون أنها تفتقر إلى الصفة وأن العوائق الإجرائية فعالة، في النهاية، ستقول الولايات المتحدة إن سناب باك قد تم تفعيله وهو ادعاء سيرفضه معظم أعضاء المجلس الآخرين ببساطة.

  • العقبات المحتملة أمام تنفيذ عقوبات مجلس الأمن

أي جدال مبدئي حول سناب باك سيكون مقدمة لمزيد من الجدل، ومن المحتمل أن يمثل استقطاب وإرباك بنفس القدر حول ما إذا كان يجب على الحكومات تنفيذ عقوبات الأمم المتحدة. مِن المتوقع أن تقوم كل من الولايات المتحدة ومنتقديها إلى جانب الأطراف الآخرى بتقديم حججهم حول ما حدث في مجلس الأمن، وبالنظر إلى القراءات القانونية غير الواضحة والمتضاربة ستواجه الحكومات القرار السياسي الصعب بشأن من تتبع مع احتمال تهديد الولايات المتحدة بفرض عقوبات ثانوية وعقوبات أخرى في حالة عدم الإنصياع لها. وسيواجه الاتحاد الأوروبي نفس الخيارات، وعادةً ما تدمج عقوبات الأمم المتحدة بسرعة في قوانينها الخاصة، ولكن في هذه الحالة، من المرجح أن تقول الدول الأوروبية الأعضاء بعدم وجود سبب للقيام بذلك. وسيستمر الخلاف بين الولايات المتحدة ومنتقديها داخل الأمم المتحدة.

تنظم عقوبات الأمم المتحدة مِن قبل لجان يرأسها عادة أحد الأعضاء العشرة المنتخبين وتعمل بتوافق الآراء، وبدورها ترفع لجان مراقبة تنفيذ العقوبات من قبل الدول الأعضاء والكيانات الأخرى تقاريرها إلى هذه اللجان، على سبيل المثال، تم الإشراف على نظام عقوبات مجلس الأمن قبل خطة العمل الشاملة المشتركة على إيران من قبل لجنة عقوبات إيران التي تم إنشاؤها بموجب القرار 1737 ؛ وكُلفت بمراقبة تنفيذ العقوبات التي فرضها المجلس بين عامي 2006 – 2010 وتم حل هذه اللجنة – جنبًا إلى جنب مع لجنة الخبراء التي تتعقب انتهاكات العقوبات المنصوص عليها في القرار 1929  لعام 2010- بعد اعتماد قرار 2231. وقد تم استبدالها بهيكل مراقبة جديد يشرف عليه أحد أعضاء المجلس بصفته مُراقب “بلجيكا حاليًا” وبدعم من مسؤولي الأمانة العامة للأمم المتحدة الذين يبلغون عن تنفيذ العقوبات المتبقية.

من الناحية النظرية ، قد يعني سناب باك نهاية هذه الترتيبات وإعادة إنشاء لجنة كاملة لعقوبات إيران جنبًا إلى جنب مع تعيين لجنة جديدة من الخبراء لدعمها، إذا ما عُرقل تشكيل لجنة جديدة. حيث يمكن لأعضاء المجلس إحباط إنشاء الآليات التي تلعب دورًا مهمًا في ضمان تطبيق الدول للعقوبات. ومن غير المعقول أن يفعلوا ذلك في هذه الحالة. يمكن لروسيا والصين، من بين دول أخرى، أن تعرقل إعادة اللجنة من خلال رفض الاعتراف بإعادة القرار 1737، وأي عدد من أعضاء المجلس المخالفين يمكن أن يعيق تشكيل اللجنة من خلال رفض المشاركة في المشاورات بين الأعضاء التي يتم من خلالها تعيين رئيس اللجنة.

سيحتاج الأمين العام غوتيريش إلى اتخاذ قرار بشأن ما إذا كان سيعين لجنة جديدة من الخبراء لمراقبة إعادة العقوبات بموجب سناب باك على الرغم من أن اللجنة تهدف إلى مساعدة لجنة العقوبات، فهي كيان مستقل تحت رعاية الأمين العام. وإن القيام بذلك من شأنه أن يوفر للولايات المتحدة فوزًا رمزيًا، لأنه سيقترح أن تمنح الأمانة العامة للأمم المتحدة ومحاميها مصداقية واضحة للقضية الأمريكية، على الرغم من أن أعضاء المجلس قد يمنعون اختيار الخبراء المستقلين. مما يزيد من الارتباك المحتمل، إذا قبل غوتيريش تطبيق سناب باك، فعليه أيضًا تفكيك آليات المراقبة البديلة التي تم إنشاؤها بموجب القرار 2231 – فريق خبراء عن طريق اللجنة الخامسة للجمعية، التي تشرف على ميزانية الأمم المتحدة- من الناحية النظرية، لن يؤثر أي من هذه الخلافات على تنفيذ العقوبات الجديدة. فاللجان والمساعدين ليست مسألة إلزامية لكن الحجج قد تؤثر على كيفية إدراك أعضاء الأمم المتحدة لشرعية الموقف الأميركي وما إذا كانوا مستعدين لفرض العقوبات.

ولا ينبغي الاستهانة بالأثر الأوسع لهذه النزاعات الإجرائية المحتملة والمتعددة. فاحتمال وجود خلافات بين أعضاء مجلس الأمن حول القدرة على إعادة تقديم قرار سابق للمجلس من شأنه أن يقوض مصداقية المجلس الذي يعاني بالفعل من الفشل المتسلسل في معالجة النزاعات الملحة. يمكن أن تمتد الخلافات حول إعادة إنشاء آليات العقوبات للتعامل مع إيران إلى مناقشات حول أنظمة العقوبات الأخرى، حيث يشارك أعضاء المجلس وكثير منهم لا يحبون العقوبات من حيث المبدأ -هناك حرب إجرائية أكثر على اللجان والألواح التي تشرف عليها- لذا تنبأ أحد الدبلوماسيين بأن الضرر الذي سيلحق بالأمم المتحدة سيكون طويل الأمد.

ومع ذلك ، في حين أن إحباط سناب باك من شأنه أن يضر بمجلس الأمن، إلا أن الأمر يستحق النظر في البدائل، ومن الواضح تمامًا أن مِن الممكن أن يكون هناك محاولات مستقبلية لتضمين بند سناب باك على سبيل المثال مع كوريا الشمالية ولكن إذا فشل أعضاء المجلس الآخرون في تحدي مزاعم واشنطن، فقد تستنتج العديد من الدول أن الفوائد الواضحة لإيران من تضمين خطة العمل الشاملة المشتركة في القرار 2231 كانت وهمية، وتتساءل لماذا ينبغي عليهم وضع أي ثقة في قرارات هذا المجلس؟ الآن أو في المستقبل يعتقد مشاركي القرار 2231 أنه من خلال تضمين الاتفاقية في قرار للأمم المتحدة يمكنهم ضمان تنفيذها بشكل أفضل لكن، إذا تبين أن تلك الضمانات جوفاء، فإن وضع المجلس كضامن للاتفاقات الدولية المعقدة سوف يتأثر.

البدائل والتوصيات

إن فشل إدارة ترامب في تمديد قيود الأسلحة من خلال قرار ، والذي يأتي على رأس عدم الرغبة في التفكير بجدية في حل وسط قابل للتطبيق يزيد من صحة وجهة النظر القائلة بأن موقفها الاحتياطي المفترض -سناب باك- كان خيارها المفضل منذ البداية. وفي ظل هذه الظروف، فإن الأولوية لبقية المشاركين في خطة العمل المشتركة الشاملة ولا سيما المجموعة الأوروبية هي الحفاظ على نهج مبدئي يرفض الجهود المبذولة لإعادة كتابة صفقة من جانب واحد؛ والسعي لكسب الوقت على المدى القصير؛ والضغط على إيران لتجنب رد فعل عنيف على المدى المتوسط. والحفاظ على خطة العمل الشاملة المشتركة على المدى الطويل.

ربما كانت هناك طريقة لتجنب هذه الأزمة. لكن، كان على الولايات المتحدة أن تتراجع عن سياسة الضغط الأقصى وهو أمر لم يبد أبدًا أنها مقدمة عليه. وربما وضع بوتين ذلك في الاعتبار عندما اقترح عقد اجتماع افتراضي بين دول خمسة زائد واحد وإيران. ربما كان يعتمد على مزيج من ميل ترامب لعقد الصفقات والاقتصاد الإيراني المنهك لدفع كليهما لأرض مشتركة جديدة.

ربما يكون هذا التفاهم قد يستلزم تجديدًا تقنيًا لمرة واحدة، قصير الأجل – ربما ثلاثة أشهر- للقيود المفروضة على الأسلحة، في مقابل ما كان يمكن لمجموعة P4 + 1  أن تقدم دعماً مالياً لطهران ، ربما من خلال تعزيز آلية INSTEX  أو المساعدة في تأمين طلب قرض طارئ من صندوق النقد الدولي وذلك خلال تعامل إيران مع وباء كورونا. وكان بإمكان طهران مِن جهتها أن تسمح للوكالة الدولية للطاقة الذرية بدخول الموقعين المتنازع عليهما. كان من الممكن أن يعالج مثل هذا الحل الوسط المخاوف الفورية لدى مجموعة الدول الأوروبية الثلاث والولايات المتحدة بشأن القيود المفروضة على الأسلحة وينزع فتيل مواجهة في مجلس الأمن بشأن سناب باك. لكن من خلال تعهد ترامب الفوري بأن الولايات المتحدة ستلجئ لسناب باك ، يبدو أن ترامب قد أعطى بوتين رده، وألغى أي مقترح للحل.

مع جهود الولايات المتحدة المفاجئة للعودة للخلف عبر سناب باك، قد يكون أفضل رد لتلك البلدان التي ترغب في الحفاظ على خطة العمل الشاملة المشتركة هو تجاهل المسعى الأمريكي لاستعادة العقوبات التي تم إنهاؤها على إيران، ورفضها باعتبارها حدثًا غير منطقي. وعلى أعضاء المجلس نقل آرائهم في الموضوع إلى رئيس المجلس. و إذا أكد غالبية أعضاء المجلس أن الولايات المتحدة تفتقر إلى صفة، فيجب على رئيس المجلس إخطار الهيئة بذلك، وفي ظل هذه الظروف سيكون من الصعب عليه الإشراف على عملية سناب باك ضمن قرار 2231.

وسيحتاج الأمين العام غوتيريش إلى التعامل بحذر في ظل غياب أي منهجية بشأن سناب باك، وقد يكون من الحكمة الامتناع عن أي خطوة يبدو أنها تؤيد موقف الولايات المتحدة أو المواقف المعارضة. وينبغي للأمانة العامة للأمم المتحدة أن تحذر أعضاء المجلس من أنها لا تستطيع البدء في تنفيذ عقوبات جديدة دون تعليمات من مجلس الأمن والتمويل اللازم لها.

قد يميل بعض أعضاء المجلس إلى وضع عقبات إجرائية لتعطيل العملية وتأخيرها إلى حد ما، ولكن من غير الواضح ما هي الجدوى لأن الخلاف سيستمر. من بعض النواحي، قد يؤدي إشراك الولايات المتحدة في معركة إجرائية إلى إضفاء مظهر خادع من الشرعية على جهودها. وبدلاً من التورط في القضايا الإجرائية، ينبغي على معارضي سناب باك ببساطة، على حد تعبير أحد الدبلوماسيين الأوروبيين، الترحيب بالمسعى الأميركي بـ “تجاهُل جماعي”.

تجاهل سناب باك في المجلس لا يعني بالطبع تجاهل تبعاته المحتملة. لكن، تماشياً مع موقف الدول الأعضاء والذي يفيد بأن سناب باك لم يكن سيحتاج أعضاء المجلس إلى اتخاذ إجراء، لعرقلة أي جهد لإعادة تشكيل لجنة عقوبات أو فريق خبراء هذا لا يعني بالضرورة أن سناب باك سيكون بدون عواقب بالكامل. فمن المرجح أن تقوم الولايات المتحدة بتسليح دول مختلفة لفرض العقوبات ومعاقبتها إذا لم تفعل ذلك. لكن يجب أن يكون الهدف الرئيسي هو الحد من أي ضرر آخر يلحق بخطة العمل الشاملة المشتركة، وتأجيله قدر الإمكان.

يجب أن يكون إنقاذ الاتفاق النووي أيضًا مسؤولية إيرانية، إذا وافق معظم أعضاء المجلس على تجاهل الجهود الأمريكية فيجب على طهران أن تتجنب المبالغة في رد الفعل تجاه رد الفعل الرسمي لقيادة الولايات المتحدة يجب أن تركز بدرجة أقل على ما تصرح به واشنطن خطابيًا وأكثر على ما يحدث عمليًا على الأرض إذا لم يتم إعادة فرض العقوبات أو ثبت عدم فعاليتها، فيجب عليها أن تنتظر وقتها، وتمتنع عن الرد إما بالخروج من خطة العمل الشاملة المشتركة أو الانسحاب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وانتظار التغييرات المحتملة في الولايات المتحدة. الأزمة لا تتصاعد. قد تستمتع إيران بالعزلة الأميركية بسبب مشروع القرار، لكن سيكون من الخطأ تفسير معارضة نهج واشنطن على أنها تفويض مطلق لطهران. فهل تختار بدلاً من ذلك الرد بقوة على الإجراء الأميركي؟

الخُلاصة

أضيفت إلى حملة “الضغط الأقصى” لواشنطن حملة دبلوماسية مصغرة – محاولة غير مجدية لتمديد قيود الأمم المتحدة على الأسلحة تلاها جهد التفافي لإعادة فرض جميع عقوبات الأمم المتحدة -لأن إجراءات سناب باك المنصوص عليها في خطة العمل الشاملة المشتركة والقرار 2231 لا تمكن الولايات المتحدة من تولي زمام الأمر من الناحية القانونية البحتة، وتجعل من عقوباته موضع شك، وذلك من خلال توضيح وجهة نظر الدول المشاركة في الخطة بأن الولايات المتحدة تفتقر إلى الصفة اللازمة لاستخدام سناب باك، لذا يتم تجاهل أفعالها باعتبارها بلا معنى وإحباط أي خطوة في الأمم المتحدة لإحياء آلية العقوبات، كما يمكن لبقية المجلس وخاصة الدول الأوروبية الأعضاء وألمانيا المساعدة في الحفاظ على ما تبقى من الاتفاق النووي. لكن العواقب السياسية للأمر قد تختلف، لذا يجب على إيران أيضًا أن تتجنب استفزاز الولايات المتحدة من خلال التعامل مع تصرفات إدارة ترامب بجدية أكبر مما يتطلب الأمر. فإدارة ترامب لم تُخفِ هدفها النهائي وهو نسف خطة العمل الشاملة المشتركة مرة واحدة وإلى الأبد. في هذه المرحلة، هناك طريقة ذكية واحدة للرد على تصرفات هذه الإدارة السياسية الغريبة وهو: تجاهلها.

المصدر/ مجموعة الأزمات الدولية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: