الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة11 يوليو 2020 20:28
للمشاركة:

نيويورك تايمز: خطة أميركية إسرائيلية مشتركة لضرب البرنامج النووي الإيراني

في إطار تغطيتها المكثفة للتفجيرات الأخيرة في إيران، نشرت نيويورك تايمز تقريرا كشفت فيه عن خطة أميركية إسرائيلية في طور الإعداد لاستهداف منشآت نووية وصاروخية واغتيال ضباط كبار في الحرس الثوري. جاده إيران تقدم لقرائها ترجمة لهذه المقالة.

مع تحوّل قسم رئيسي في المفاعل النووي في نطنز مخصص لأجهزة الطرد المركزية النووية المتقدمة إلى أنقاض متفحمة بعد الانفجار، في عملية يُرجح أنها من تخطيط إسرائيل، يبدو أن الصراع الطويل بين واشنطن وطهران يتصاعد إلى مرحلة خطيرة محتملة، من المتوقع أن تنفجر خلال الحملة الانتخابية الرئاسية الأميركية. 

تظهر صور الأقمار الصناعية الجديدة فوق المنشأة المنكوبة في نطنز أضراراً ضخمة أكبر بكثير مما كان واضحاً الأسبوع الماضي. 

وبحسب اثنين من مسؤولي المخابرات المتطلعين على تقييم أميركي للأضرار في موقع نطنز، فإن الإيرانيين قد يحتاجون نحو عامين لإعادة برنامجهم النووي إلى ما كان عليه قبل الانفجار مباشرة. 

و تقدر دراسة رسمية موثوقة أنه سيمر عام أو أكثر حتى تتعافى قدرة إنتاج أجهزة الطرد المركزي الإيرانية.

 وكان انفجار كبير آخر هز البلاد في وقت مبكر من صباح يوم الجمعة وأضاء السماء في منطقة غنية في طهران. 

وفِي حين بقيّ الانفجار مبهماً غير معروف الأهداف الحقيقية، تذهب الترجيحات في اتجاه أن الهدف قاعدة صاروخية.

وإذا ثبت ذلك فإن هذا الهجوم سوف يهز الإيرانيين أكثر عبر تأكيد أنه حتى أفضل منشآتهم النووية والصاروخية المحمية قد تم اختراقها. 

وعلى الرغم من أن إيران ذكرت القليل حول حول الإنفجارات إلا أن المسؤولين الغربيين يتوقعون نوعاً من الانتقام ربما ضد القوات الأميركية أو الحلفاء في العراق، أو تجديد الهجمات الالكترونية حيث كانت المواجهة سابقاً موجهة ضد المؤسسات المالية الأميركية وكازينو لاس فيغاس الرئيس والسد في ضواحي نيويورك أو ضد نظام إمدادات المياه في إسرائيل وتعتبره “بنية تحتية حيوية” كما حصل في الآونة الأخيرة. 

وقارن المسؤولون المطلعون على تعقيد الإنفجار في نطنز بالهجوم الالكتروني Stuxnet   على المنشآت النووية الإيرانية قبل عقد من الزمن والذي كان مخططا له منذ أكثر من عام .

 وتذهب النظرية الأساسية لما حصل في نطنز إلى أنه تم زراعة عبوة ناسفة في قرب خط الغاز في المنشأة التي تخضع لحراسة مشددة،  لكن بعض الخبراء طرحوا أيضا احتمال استخدام هجوم الكتروني لتشغيل إمدادات الغاز.

وقال بعض المسؤولين إن هناك استراتيجية أميركية إسرائيلية مشتركة آخذة في التطور “قد يجادل البعض بالتراجع”إلى سلسلة من الضربات 

السرية بهدف الإطاحة بأبرز جنرالات الحرس الثوري الإسلامي وتعطيل المنشآت النووية الإيرانية. 

ولعل أقرب ما توصلت إليه الإدارة الأميركية لوصف استراتيجيتها كانت على لسان المبعوث الخاص لوزارة الخارجية حول إيران براين هوك بقوله “لقد رأينا تاريخياً أن ضبط النفس، والضعف يدعوان لمزيد من العدوان الإيراني”. 

وقد تكون الخطوة التالية مواجهة أربع ناقلات وهي في طريقها إلى فنزويلا الآن و التي تعهدت واشنطن بمنعها من إيصال حمولتها من النفط الإيراني في انتهاك لعقوبات الولايات المتحدة الأمريكية.

 ويحذر المحللون من أن النهج الناشئ محفوف بالمخاطر وقد يدفع على المدى الطويل إلى تحوّل البرنامج النووي الإيراني إلى المزيد من السرية والكتمان، وبالتالي يجعل من الصعوبة اكتشافه.

 لكن على المدى القصير يراهن المسؤولون الأميركيون والإسرائيليون على أن إيران ستحد من ردها كما فعلت بعد أن قتلت طائرة بدون طيار أميركية اللواء قاسم سليماني أبرز القادة الإيرانيين في كانون الثاني (يناير).

وفي الوقت الذي أعرب بعض المسؤولين الأميركيين عن مخاوفهم من أن قتل الجنرال سليماني كان سيقود طهران إلى شن حرب ضد واشنطن، لكن مديرة وكالة المخابرات الأمريكية جينا هاسبيل طمأنتهم حينها بأن الإيرانيين سوف يكتفون بهجمات صاروخية محدودة ضد أهداف أمريكية في العراق، وهو ما اتضح أنه صحيح حتى الآن.

قد يكون رد إيران المحدود حافزاً على المزيد من العمليات ضدها، بالإضافة إلى ذلك يقول بعض المسؤوليين الأمريكيين والإسرائيليين ومحللي الأمن الدولي إن إيران ربما تعتقد أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيخسر انتخابات تشرين الثاني (نوفمبر) المقبلة، وأن منافسه الديمقراطي جوزيف بايدن سيرغب في إحياء بشكل من أشكال التفاوض للتوصل إلى تسوية على غرار التسوية التي توصلت إليها إدارة أوباما مع طهران قبل خمس سنوات . 

الأسبوع الماضي سأل الزميل البارز في مؤسسة كارنيغي للسلام كريم سادجادبور ” ما الذي يدفع إيران للتسوية مع إدارة قد يتبقى لها بضعة 

أشهر فقط ؟”

لكن على المدى القصير أشار سجادبور إلى أن الهجوم الجديد وضع طهران تحت ضغوط داخلية وخارجية شديدة مع استمرار الضغط على صادراتها النفطية وجهودها لإحياء البرنامج النووي انتقاما لانسحاب ترامب من الاتفاق النووي في آيار/ مايو 2018.

 وقال  سجادبور “فكر في الأمر” حيث أن مساحة إيران أكبر من ألمانيا و فرنسا والمملكة المتحدة مجتمعة، لكنها لم تتمكن قط من متابعة  برنامجها النووي السرّي، دون الانكشاف كما لم تتمكن من حماية برنامجها من التخريب. 

فهل هناك انشقاق أو خونة داخل النظام؟

عندما تسلل جهاز الموساد إلى مستودع في طهران في كانون الثاني/يناير 2018، وكشف عشرات الآلاف من صفحات وثائق تخطيط الأسلحة النووية يعود تاريخها إلى نحو عقدين كان من الواضح أن الموساد حصل على مساعدة من الداخل.

 وربما كان قتل الجنرال سليماني العقل المدبر لأعمال إيران في العراق والهجمات على الأمريكيين استند أيضاً إلى معلومات استخباراتية قدم معظمها عملاء في الداخل سمحوا بتنفيذ أكثر ضربات الرئيس الأميركي دونالد ترامب العسكرية قوة. 

وقع انفجار نطنز داخل مركز تجميع أجهزة الطرد المركزي الإيرانية حيث  تصنع البلاد أجهزتها الأكثر تقدماً، والمصممة لإنتاج وقود نووي بشكل أسرع بكثير وأكبر من الآلات القديمة التي كانت تستخدمها طهران حينا قامت بتفكيك معظم منشآتها بناء على اتفاقية عام 2015.

في حين تم السماح بإجراء أبحاث على هذه الآلات بموجب الاتفاقية، ولم يكن من الممكن الاستفادة منها لسنوات.

 ولاحقا واجهت إيران سياسات الرئيس ترامب بانتاج كميات كبيرة من اليورانيوم المخصب للتأكيد على أنها يمكن أن ترد على خروج ترامب من الاتفاق عبر تسريع برنامجها. 

وخلصت دراسة أجراها معهد العلوم والأمن الدولي نشرت يوم الأربعاء إلى أنه على الرغم من أن الإنفجار لا يقضي على قدرة إيران على إنتاج أجهزة طرد مركزي متطورة، إلا أنه كان انتكاسة كبيرة ستكلف إيران سنوات من التطور. 

هذا ورفض وزير الخارجية مايك بومبيو، الذي ينتهز  دائما أي فرصة للتنديد بالحكومة الإيرانية، رفض مرتين يوم الأربعاء مناقشة الضربات في مؤتمر صحفي.

وليس سراً في داخل وزارة الخارجية أن بومبيو الذي عمل سابقاً كرئيس لوكالة المخابرات المركزية الأميركية طور علاقة وثيقة  مع رئيس جهاز التجسس الخارجي الإسرائيلي (الموساد) يوسي كوهين.

https://soundcloud.com/ali-hashem-3/1n9glcrgpi5f

 الرجلان على تواصل دائم؛ وهو ما يجعل من الصعب تصديق أن بومبيو ليس لديه فكرة عما يحدث إذا كانت بالفعل عملية اسرائيلية. وقبل الضربة مدد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ولاية كوهين لستة أشهر  أخرى، في خطوة فسرها الكثيرون على أنها علامة على ما هو قادم من أحداث، وذلك لأن كوهين مخضرم في العمليات الإيرانية.

وقام كوهين بدور رئيس في سلسلة الضربات السيبرانية المتطورة المعروفة باسم “الألعاب الأولمبية” التي خرّبت قبل عقد من الزمن   نحو ألف جهاز طرد مركزي عاملة في نطنز قرب موقع الإنفجار والحريق الأسبوع الماضي، كما كان رئيساً للموساد عندما أمر بالاستيلاء على الأرشيف النووي السري .

وبطريقة ما يبدو الأمر وكأنه قبل عقد من الزمن عندما سلمت إدارة جورج دبليو بوش العمليات الالكترونية لإدارة أوباما كجزء من جهد سري واسع لشل برنامج إيران النووي، في الوقت نفسه كان الاسرائيليون يقتلون علماء ايران حيث لم تكن الفكرة إبطاء البرنامج فحسب؛ بل دفع الإيرانيين أيضاً لمواجهة بعضهم البعض والاشتباه باستمرار في وجود جواسيس بينهم. 

وهذه المرة هناك العديد من العناصر الجديدة دونالد ترامب لاعب لايمكن التنبؤ بأفعاله، وكثيرا ما هدد إيران، وكثيراً ما تراجع عن ضربها، والقادة الايرانيون الذين تفاوضوا على الاتفاق النووي لعام 2015 مع الرئيس باراك أوباما كانوا على وشك الدخول إلى السجون في طهران بعدما تعرضوا للهجوم بسبب تخليهم في هذا الاتفاق عن الكثير، ليصدموا لاحقا بقرار واشنطن اعادة فرض العقوبات. 

لا يوفر كبار مستشاري الأمن القومي لترامب في البيت الأبيض الوقت في التفكير بتوقيت وكيفية مواجهة إيران. 

كان القادة العسكريون بمن فيهم وزير الدفاع مارك إسبر ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي قلقون من  التصعيد العسكري الحاد، محذرين من أنه قد يزيد من زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط، لكن ترامب قال لهم إنه يأمل في تقليص عدد القوات 

الأميركية في المنطقة، وهو ما دفع بمسؤولي البنتاغون إلى النظر بقلق إلى نقطتين محتملتين على الأقل يمكن أن يجروا القوات الأميركية إلى صدام عسكري مع إيران، أو وكلائها في منطقة الخليج الفارسي.

 والآن يوجه المسؤولون في وزارة العدل والمخابرات الأمريكية تركيزهم على ناقلات النفط. 

فقد أعلن المسؤولون الأسبوع الماضي أنهم استخدموا قانون مكافحة الإرهاب للحصول على مذكرة بضبط المنتجات النفطية الايرانية على متن الناقلات الأربع المتجهة إلى فنزويلا، بسبب انتهاكهم للعقوبات الأمريكية. 

وخلص المحققون إلى أن شحنة الوقود على متن السفن المملوكة لليونان كانت للحرس الثوري الايراني الذي صنفته إدارة ترامب العام الماضي كمنظمة ارهابية وكان اللواء سليماني حينها قائدا لقوة القدس التابعة للحرس الثوري.

وقال مسؤولو الإدارة هذا الأسبوع إن إدارات الدولة والعدل و الخزانة كانت تسعى للعمل مع الحكومة اليونانية لوقف الشحنات و تفريغ الوقود.

و أعلنت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة على الفور أن أي ضبط من هذا القبيل سيكون بمثابة قرصنة. 

ويُعتقد أن اثنتين من السفن في بحر إيجة لكن مسؤولا أمريكيا قال إن الاثنتين الاخرين تبحران في خليج عمان قبالة ساحل إيران، وتخضعان لمراقبة صارمة. 

و يشعر بعض المسؤولين الأمريكيين بالقلق من أنه إذا امتثلت الناقلتان لأمر المحكمة الأمريكية بالتخلي عن الوقود، فإن القوات البحرية الإيرانية يمكن ان تتحدى الأمر وتنقل الحمولة الى سفينة أخرى.

 وليس من الواضح تماما ما ستفعله السفن الحربية الأميركية في المنطقة إذا حدث ذلك؛ فهناك نقطة اشتباك وتوتر أخرى محتملة في العراق، حيث يعتقد أن الميليشيات المدعومة من إيران مسؤولة عن سلسلة متزايدة من الهجمات الصاروخية على السفارة الأميركية في بغداد وعلى القوات الأمريكية وقوات التحالف بالقرب من مطار بغدادالدولي. 

فبعد مقتل الجنرال سليماني، تبادلت طهران وواشنطن ضربات متواضعة ولكن بعد ذلك ظهر أن التوترات خفت حتى أوائل حزيران/ يونيو. 

و قال قائد القيادة المركزية للجيش الجنرال كينيث ماكينزي الشهر الماضي “نشهد بداية تصاعد في الهجمات الصاروخية غير المبررة على القواعد العراقية التي تستضيف القوات الأمريكية في العراق” في الوقت الحالي، كانت الهجمات الصاروخية أكثر إزعاجا من كونها مؤذية.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: