الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة1 يوليو 2020 13:16
للمشاركة:

كيف أثرت أزمة كورونا على سوق العملة في إيران؟

شهدت الأسواق الإيرانية هبوطاً في سعر صرف العملة المحلية، هو الأدنى منذ 2018، بتأثير من تداعيات جائحة "كورونا" من جهة والعقوبات الأميركية المفروضة عليها من جهة أخرى وقد نشرت صحيفة "ابتكار" تقريرا حول أسباب انهيار العملة وفوائد وأضرار ارتفاع سعر الدولار وتأثيره على الاقتصاد، كما ورد في التقرير الذي ترجمته جاده إيران.

تخطى الدولار عتبة الـ 18 ألف تومان في الأيام الأخيرة، وشهد هذا السوق موجة من الفوضى مرة أخرى في وقت اعتبر بعض المتخصصين أن هذه الأوضاع مؤقتة، إلا أن الاقتصاد سيواجه تحديات جدية.
أسباب ارتفاع الدولار وآثار هذه التقلبات على الاقتصاد في ظل الأوضاع الحالية لسعر صرف العملة الأجنبية خلال الأيام الأخيرة من بين الأمور المهمة التي تلفت انتباه المتخصصين، وقد أكد أكثر المحللين على عوامل عدة من ضمنها: العقوبات وأزمة كورونا، ويعتقد المتخصصون أن السوق سيواجه اختلالًا جادًا في حال غياب الإدارة، وستنجلي تأثيراته المدمرة على الاقتصاد.

وقد بلغ سعر صرف الدولار مقابل التومان بداية عام 1397 ه/ ش (أذار/ مارس 2018) حوالي 4700 تومان، لكنها وصل إلى 19 ألف تومان خلال صيف نفس العام، هذا في الوقت الذي لم يظل الدولار في هذا المسار لفترة طويلة، وسلك مسارًا منفصلًا، ومع التحولات اللافتة للنظر وجد طريقه للهبوط تحت 12 ألف تومان في خريف عام 1398 ه/ ش (2019)، ومنذ ذلك الوقت أخذ جولته في الصعود مرة أخرى.

الخبير في سوق العملة علي رضا عباسي، اعتبر في مقابلة له في صحيفة “ابتكار” الاصلاحية أنه في الوقت الحالي هناك ظاهرتان تؤثران على إيجاد الوضع الفعلي لسوق العملة؛ الأولى استمرار العقوبات، والثانية تفشي فيروس كورونا المستجد، حيث غيرا من مسار حركة السوق.
وأضاف عباسي أنه “إذا كنا نريد إجراء مباحثات حول أوضاع سوق العملة مع الأخذ بعين الاعتبار تأثير فيروس كورونا، فإنه يمكننا القول إن لهذا الفيروس عواقب إيجابية وسلبية على العوائد بالعملة الصعبة، فالتأثيرات السلبية التي أحدثها فيروس كورونا في السوق هي إغلاق الكثير من الحدود أمام تبادل السلع طوال الأربعة أشهر الماضية، وتوقف الشحن الجوي وارتفاع تكاليف النقل الجوي بنسبة 300% تقريبًا للسلع المصدرة، بالاضافة إلى إغلاق الموانئ البحرية لكثير من الدول، وتوقف عمليات بيع وشراء السلع، وقلة الشراء والطلب على سلع الصادرات الإيرانية في الأسواق المستهدفة بسبب انخفاض استهلاك الفرد عالميًا للعديد من السلع، والهبوط الشديد لسعر النفط والمنتجات النفطية، وفي النهاية التوقف الكامل لدخول السياح الأجانب للدولة.

واستطرد عباسي في الحديث مع الإشارة إلى التأثيرات الإيجابية لفيروس كورونا على عوائد العملة الصعبة فقد خلقت العقوبات عوائق عدة للاقتصاد وفاقمها فيروس كورونا، وترك تأثيرًا مضاعفًا على الدخول المرتبطة بالعملة المحلية. وقال عباسي أن لانتشار فيروس كورونا تأثيرات إيجابية من ناحية الطلب لدخول العملة. فقد توقفت الرحلات الأجنبية وقل الطلب على العملة للرحلات، كما توقف استيراد السلع الاستهلاكية، وتوقف أخذ تأشيرة الإقامة واستثمار رؤوس الأموال وقل الطلب على خروج العملة بقصد الاستثمار والهجرة. بعبارة اخرى قام انتشار هذا الفيروس بتضعيف ناحية الطلب، وفيما يتعلق بتوازن سعر الصرف في الأوضاع الصعبة للعقوبات وأيام فيروس كورونا قال عباسي “إن البنك المركزي يواجه ضغطًا بعد رفض لوائح FATF ” مجموعة العمل المالي” والاقتراب من القائمة السوداء وزيادة العقوبات الأميركية.

وأكد عباسي على أن سعر الصرف في الاقتصاد تتم إدارته بشكل مقبول ولو أن السوق تُرِك على حاله؛ لكان سعر الصرف يتخذ مسارات أعلى كثيرًا مع الأضرار التي شهدتها دخول العملة المحلية، لكن سعر الصرف في المستوى الفعلي مقبول، وهو منطقي وتحت السيطرة.
وحول تأثير التقلبات في السوق على الاقتصاد أكد عباسي أنه بإمكان أي تغيير في الأسواق الاقتصادية إحداث تأثيرات على الاقتصاد، وكذلك لا يُستثنى سوق العملة من هذه القاعدة توجد الآن تقلبات في هذا السوق التي ستؤثر على الاقتصاد، وبشكل ظاهر على التضخم، هذه التحولات لها نتائج إيجابية وسلبية على الاقتصاد الإيراني.
وأضاف زيادة الصادرات غير نفطية على الرغم من العقوبات وموضوعات كورونا من ضمن التأثيرات الإيجابية. ومن ناحية أخرى تزيد من فجوة الأسعار الموجودة بين السعر النهائي لمنتجات الصادرات الإيرانية ومتوسط السعر العالمي، من دافع الصادرات، وبإمكان ذلك على المدى المتوسط والبعيد أن يتسبب في زيادة عوائد العملة الصعبة، ويعد هذا تأثير آخر للتأثيرات الإيجابية الناجمة عن التغيرات في قيمة العملة.

في الوقت الذي يشجع فيه غلاء سعر الدولار الأسواق النظيرة مثل سوق الاستثمار على الحفاظ على مساره التصاعدي، والتي بإمكانها أن تفيد الاقتصاد.
وأكمل عباسي مشيرًا إلى تأثير التحولات فيما يتعلق بالتضخم قائلًا: الأوضاع الحالية بلا شك سيكون لها تبعات سلبية كثيرة على الاقتصاد، مع وجود التأثيرات الإيجابية التي أشرت إليها.

مما سبق وحتى الآن كانت العملة مؤشرًا مهمًا للتسعير في الأسواق الأخرى، وبناء على ذلك ارتفاع سعر الدولار سيشجع على ظهور التضخم المنتظر في المجتمع، فالتضخم المنتظر نفسه سيتسبب في إدخال الأضرار الجدية إلى الساحة الاقتصادية. من ناحية أخرى سيصعب عدم استقرار وارتفاع سعر الصرف إمكانية توفير المواد الخام للشركات المنتجة، وفي الوقت الراهن تحتاج بعض من الشركات المنتجة المتضررة إلى ضعفين أو ثلاثة أضعاف رأس المال كتداول مبدئي من أجل توفير موادها الخام، ولذلك فهم تحت ضغط شديد بسبب الطريقة النقدية وأساليب توفير العملة الصعبة التي يحتاجونها.

وختم عباسي ، أنه إذا تحرك سعر العملة عن النطاق الفعلي، واستقر في نطاقات أكثر ارتفاعًا، سيتسبب في ظهور موجة جديدة من التضخم وخلق المطالبة التجارية في السوق، والذي يمكنه على المدى المتوسط أو المدى البعيد أن يترك آثارًا مدمرة على الاقتصاد الدولي.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: