الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة6 يونيو 2020 19:30
للمشاركة:

معهد واشنطن: إيران تواصل نشاطها النووي، لكن هل يصلح لصنع أسلحة نووية؟

نشرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية الجمعة 5 حزيران/ يونيو 2020 تقريرها الدوري عن البرنامج النووي الإيراني، حيث كشف التقرير عن أثار تحلل إيران التدريجي من قيود الاتفاق النووي بعد أكثر من عام على البدء فيها كرد على الانسحاب الأميركي من الاتفاق. تقرير الوكالة الدولية استبقه معهد واشنطن في 1 حزيران/ يونيو بتقرير يتساءل فيه عن قدرة النشاط النووي الإيراني الأخير على صنع أسلحة نووية؟

في الأيام القليلة المقبلة، من المتوقع أن يصبح التقرير الفصلي الأخير عن البرنامج النووي الإيراني – الصادر عن «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» – علنياً. وبالطبع سيتصدّر عناوين الصحف حتى لو لم يحتوي على أي خبر جديد.

ويظهر خلاف كبير بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين الرئيسيين – بريطانيا وألمانيا وفرنسا – بشأن قرار واشنطن بالتوقف عن إصدار الإعفاءات التي تتيح للشركات الأجنبية المساعدة في أنشطة إيران النووية المدنية. وفي بيان مشترك يوم السبت، قالت الدول الأوروبية الثلاث: “نأسف بشدة لقرار الولايات المتحدة”.

وتعتبر إدارة الرئيس ترامب بأن «خطة العمل الشاملة المشتركة» التي تم التوصل إليها أثناء إدارة أوباما عام 2015 تُقدّم تنازلات كبيرة لطهران. وفي المقابل، تعتبرها لندن وبرلين وباريس إنجازاً دبلوماسياً يستحق الانطلاق منه في المرحلة التالية. ومقابل انسحاب الولايات المتحدة من «خطة العمل الشاملة المشتركة» عام 2018، بالإضافة إلى فرض عقوبات إضافية منذ ذلك الحين، اعتبرت إيران نفسها بأنها لم تعد ملزمة بالامتثال للقيود المدرجة في «الخطة». لكن التفصيل الذي لا يزال مجهولاً بالنسبة لعامة الناس، وما يثير القلق أيضاً، وربما غير واضح حتى لمجتمع المخابرات الأمريكية، هو ما إذا كانت إيران قد استأنفت أبحاثها في مجال الأسلحة النووية التي أجرتها مرة واحدة سابقاً.

ولا يُخفى أن هذا المستند الصادر عن «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» المسؤولة عن الرقابة الدولية على الأنشطة النووية ليس سهل القراءة أبداً، ولكن في جوهره يقدم تقارير عن الأنشطة الإيرانية المسموحة. والهدف من التقرير هو تناول الكيفية التي قد يتعارض بها حق إيران في التكنولوجيا النووية المدنية مع التزاماتها بموجب المعاهدة بعدم استخدام مثل هذه الأنشطة لأغراض عسكرية – وباللغة الإنجليزية البسيطة، صنع قنبلة ذرية.

وتتحقق «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» من البرامج النووية لجميع أعضائها الـ 171، إلّا أن إيران تخضع للتفتيش أكثر بكثير من معظم الأعضاء الآخرين. حتى أن المفتشين المتوجهين إلى إيران استأجروا طائرة لمنع عرقلة سفرهم إلى المنشآت الإيرانية بسبب فيروس كورونا. وبصرف النظر عن استجواب الموظفين الإيرانيين – والذي قلّما يكون مثمراً – يبحث المفتشون عمّا تكون قد اكتشفته أجهزة الرصد عن بُعد والكاميرات.

إن أسلوب كتابة مفتشي «الوكالة» لتقاريرهم قانوني ولا يأخذ في الحسبان أن معظمنا لديه معرفة محدودةً للغاية بالفيزياء النووية، لا تتعدى الذرات والجزئيات، لكن الهواجس الرئيسية التي يتطرقون إليها هي:

  • حجم مخزون إيران من اليورانيوم المخصب: إذا كانت هذه هي الكمية المطلوبة لإنتاج قنبلة نووية واحدة، فإن المخاوف هي من تمَكُّن طهران من “تخطي” العتبة النووية، حتى من دون تفجير تجريبي [لسلاح نووي]، وتعلن نفسها قوةً نووية. وفي الوقت الحاضر، ربما تمتلك إيران ما يكفي من هذا اليورانيوم ولكنه غير مركّز (غير “عالي التخصيب”) بصورة كافية لكي يكون قابلاً للاستخدام.
  • عدد أجهزة الطرد المركزي التي تشغّلها إيران، ونوعها: معظم أجهزة الطرد المركزي التي تملكها إيران قديمة من نوع “آي آر-1” ولا تكفي لإنتاج اليورانيوم عالي التخصيب. لكن لديها أيضاً نحو ألف جهاز من نوع “آي آر-2″، التي تتمتع بفعالية أكبر ولكنها قد لا تكون قادرة على إنتاج اليورانيوم عالي التخصيب إلى مستوى التركيز المطلوب لصنع قنبلة [نووية].
  • قدرة «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» على الوصول إلى موقعَين لم تصنّفهما إيران ضمن المواقع النووية: أُخذت عيّنات من اليورانيوم من موقعَين، وقد أظهرت التحليلات أنها كانت قد خضعت للمعالجة بطريقة ما، وتسعى «الوكالة» إلى الحصول على تفسير لذلك.

وتشمل المخاوف الأخرى:

  • التقدم المحرز في تحويل مفاعل “آراك” للأبحاث كي لا يتمكّن من إنتاج البلوتونيوم، وهو مادة أخرى قد تكون من المواد النووية المتفجرة. و”آراك” هو أحد المواقع التي سيتأثر فيها مثل هذا العمل من خلال سحب الإعفاءات.
  • استمرار إيران في العمل على الصواريخ. ثمة مخاوف دولية ناتجة عن إطلاق إيران قمراً صناعياً عسكرياً في نيسان/أبريل، على الرغم من أن هذا الأمر لا يندرج ضمن مسؤوليات «الوكالة الدولية للطاقة الذرية». وفي حين كانت المحاولات السابقة لإطلاق الأقمار الصناعية مدنية في الإسم، إلا أن هذا القمر الصناعي أُطلق من قبل «الحرس الثوري الإسلامي» الإيراني الذي يمثّل العنصر المتشدد في النظام. وتعني القدرة على إطلاق قمر صناعي أن إيران هي في منتصف الطريق نحو تمّكنها من إطلاق صاروخ ذي رأسٍ نووي باتجاه خصم ما في الشرق الأوسط. ويتمثّل النصف الآخر من المشكلة في تصميم رأس حربي لا يحترق عند معاودة دخوله الغلاف الجوي، مما يبخّر سلاحه النووي. ويُفترض أن إيران تعمل على التغلب على هذه العقبة.

وتشكّلّ احتفالات “يوم التكبير” – التي أقامتها باكستان في 28 أيار/مايو بمناسبة الذكرى السنوية لتجربتها النووية الأولى في عام 1998 – تذكيراً بمدى قرب إيران المحتمل من نجاحها [في إنتاج سلاح نووي]. ونشرت إحدى الصحف الباكستانية صورةً عملاقة للتجربة النووية وللعملية الناجحة التي أُطلق خلالها الصاروخ الأول في الشهر الذي سبق، إلى جانب صورة للدكتور عبد القدير خان، العالِم الموصوم، الذي يرجع إليه الفضل في تطوير القنبلة الذرية الباكستانية، والذي زوّد أيضاً أجهزة طرد مركزي إلى إيران.

سايمون هندرسون- معهد واشنطن

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: