الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة23 مايو 2020 16:09
للمشاركة:

ما هو موقف إيران من الصراع في ليبيا؟

نشر مركز أبرار للدراسات والأبحاث في إيران هذه الدراسة التي قامت جاده إيران بترجمتها حول التطورات الليبية و نتائجها الاقليمية على جمهورية إيران الاسلامية.
 
تشهد الساحة الليبة منذ الإطاحة بالرئيس معمر القذاقي العديد من التطورات و الأحداث المتلاحقة. وعلى الرغم من أن الجمهورية الاسلامية لم يكن لها دور فعال ومؤثر علي الساحة الليبية، إلا أن دخول العديد من القوى الإقليمية و الدولية علي المشهد الليبي وخاصة القوى المعادية للجمهورية الاسلامية المتمثلة في المملكة العربية السعودية والتي يمكن من خلال دعمها لقوات “الجنرال حفتر” ان تبسط نفودها على منطقة الشمال الأفريقي، من اجل ذلك ولاستبيان الموقف عن كثب عقد “معهد طهران للدراسات المعاصرة في الخليج الفارسي و شمال أفريقيا” ورشة عمل تحت عنوان “التطورات الليبية و تبعاتها الإقليمية علي جمهورية إيران الاسلامية “وحضر اللقاء مجموعة من الخبراء و الباحثين في هذا الشأن و ناقش الإجتماع عده محاور وهي:

١- متابعة التطورات الليبية و القوى الفاعلة في المشهد الليبي.
٢- رصد و تقييم أهداف و مصالح الجهات الفاعلة الأقليمية و الدولية علي الساحة الليبية في ظل ما تشهده من تطورات.
٣- العواقب المحتملة على جمهورية ايران الإسلامية والمنطقة.
٤ – رفع توصيات لصناع السياسات الإيرانية.

نظرة سريعة للتطورات اللييية

منذ قيام الثورة الليبية و والاطاحة بالرئيس معمر القذاقي شهدت ليبيا العديد من الصراعات و الانقسامات فعلي الرغم من انتخاب الشعب لممثلي “المؤتمر الوطني الليبي” في اول تجربة ديمقراطية لهم، إلا أن هذه التجربة لم تتكلل بالنجاح، فدخول الإسلاميين في المجال العام وفرض ارائهم و توجهاتهم علي المجتمع آثار حفيظة الليبيين و حدث اول انقلاب فاشل على السلطة الشرعية المنتخبة، حيث سعى الكونغرس الامريكي مع بعض القوات شبه العسكرية الى عزل رئيس الوزراء.
أدي انعدام الأمن والاستقرار في ليبيا و بروز  التیار الإسلامی فی الحیاة السياسية الي دخول ليبيا صراع جديد بين التيار الليبرالي والاسلامي، فشن الجنرال خليفة حفتر اولى معاركه ضد التيار الإسلامي و أطلق عليها اسم معركة الكرامة مستعينا في ذلك بالجيش الليبي السابق، نتيجة لما سبق خسر  التيار الاسلامي في الانتخابات البرلمانية التالية الا انهم لم يقبلوا بهذة الخسارة ودارت معارك بينهم وبين قوات الجنرال حفتر.
مهدت هذه المعارك بين التيارين الليبرالي والاسلامي الطريق لظهور التيارات التكفيرية في البلاد مما رفع الأزمة الليبية الي مستوي جديد. في ذلك الوقت كان يسيطر كل من الاطراف المتصارعة علي جزء محدد من  ليبيا، وأثار وجود الجماعات السلفية في ليبيا القلق لدى الدول الغربية خشية عودة الاسلام المتطرف مرة اخرى مما دفع لعقد مباحثات مباشرة بين الكونغرس و مجلس النواب الوطني وعلى أثر هذه المفاوضات تم تعيين فايز السراج رئيسا للمجلس الرئاسي الليبي وواصل القتال ضد التنظيمات الارهابية في ليبيا.
لم يرض هذا الوضع بعض الاطراف الاقليمية كون فايز السراج محسوب على تيار الاخوان المسلمين وتجدد الصراع مره اخرى بين قوات حفتر المدعوم من الامارات ومصر وفرنسا وروسيا وفايز السراج المدعوم من تركيا و بعض الدول الغربية ، نتج عن هذا الصراع الاف القتلى و انعدام الأمن و الأستقرار.
بالاضافة لما سبق فإن هناك أمور أخري لعبت دورا في تأجيج الصراع في ليبيا:
1- زياده مبيعات شركات الأسلحة العالمية، فالصراعات التي لا نهاية لها في بلد غني كليبيا تجني كثيرا من الارباح لتلك الشركات، خاصة بعد انخفاض حدة الحرب الدائرة في سوريا و اليمن.
2- اثبت بالتجربة العملية  للدول الغربية أن مصالحهم لا يمكن المحافظة عليها من خلال حكومة ديمقراطية وانما من خلال حكومة عسكرية ديكتاتورية تحفظها وترعاها. 
3- يعمل الغرب على اضعاف ليبيا و اجبارها للجوء اليهم لحمايتها، و إهدار عائداتها النفطية في هذا الصراع. 
مصالح القوى الدولية والإقليمية في ليبيا،
بالإضافه الي العوامل الداخلية التي ساهمت في التطورات الحالية، ولا يمكن إغفال العوامل الخارجية في تلك التطورات. فالصراع في ليبيا يبدو أنه صراع ليبي ليبي إلا أن الأمر ليس كذلك، فكلا الفريقين المتقاتلين يحظى بدعم إقليمي ودولي حفتر يحظى بدعم الإمارات ومصر وروسيا والسعودية وفرنسا ، أما فايز السراج فيحظى بدعم تركيا وقطر وايطاليا، وجميعهم يعتقدون أن لهم الحق في رسم وتحديد مستقبل ليبيا لما دفعوه من أموال ودعم عسكري ونظرا لدخول المملكة العربية السعودية وأمريكا في تطورات المشهد الليبي، دفع هذا جمهورية ايران الاسلامية لدراسة وتقييم المشهد الليبي، ويعتقد الكثيرون أنه يمكن إدراج المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في فئة الخاسرين في ليبيا نظرا لدعمهم الجنرال حفتر.
من بين أسباب الدعم السعودي لحفتر ما يلي: 
1- السيطرة علي طرابلس و إرساء نظام عسكري ليبي موالي للمملكة.
2- تطبيق التجربة المصرية في ليبيا و منع الإخوان المسلمين من الوصول الي السلطة في البلاد.
3- إن التطورات الحالية في شمال إفريقيا تعزز موقع السعودية في شمال أفريقيا، بعد هزائمها المتلاحقة في سوريا واليمن والعراق.
4- إن خوف المملكة العربية السعودية من انتشار الموجة الثانية من الربيع العربي دفعها إلى محاربتة خارج حدودها، و منع انشاء أنظمة برلمانية في العالم العربي.
5- دعم حفتر يعني إضعاف محور السراج والإخوان (قطر وتركيا).  
6- دعم السلفيين الليبيين هو هدف آخر للمملكة العربية السعودية.

العواقب المحتملة للتطورات الليبية علي المنطقة وخاصة ايران

إن التطورات الليبية أثار خطيرة على الأمن ومعادلات القوة في غرب أسيا، كما أن دخول لاعبين في الأزمة الليبية (مصر، تركيا، الكيان الصهيوني، السعودية وروسيا ) الى جانب القوى الداخلية الليبية يمكن أن يغير وجهة المنطقة ومعادلات القوة في أفريقيا، كما أن نجاح مشروع السعودية والكيان الصهيوني في ليبيا سيقضي علي قوة إيران في شمال أفريقيا.
لكن الساحة الليبية لا تقتصر فقط على السعودية والإمارات، فمحور تركيا و قطر يحضران هناك بقوة، وهذا الوضع يضع ايران امام سيناريوهين، أحدهما  سئ والآخر أسوأ وهذا ما يدفع إيران لتفضيل محور تركيا وقطر على الخيار الآخر.

التوصيات :

1- دعم المسار الدولی فی لیبیا و المتمثل فی “حكومة الوفاق الوطني” المعترف بها دوليا فإن من شأن ذلك أن يقوي دور إيران في ليبيا و يضعف دور المملكة العربية السعودية الداعمة للجنرال حفتر، و ظهور إيران كدولة تعمل في إطار الشرعية الدولية.

2- متابعة الوضع الميداني الليبي عن كثب ووضع السيناريوهات المحتملة لما ستؤول إليه الأمور في البلاد، و المرونة في التعامل مع كل المستجدات.

3- دعم حكومة فايز السراج في ليبيا ولكن في إطار الشرعية الدولية.

4- رصد و متابعة القوى الاقليمية والدولية الفاعلة في ليبيا ومن خلال هذا الرصد معرفة ما اذا كان سيكون لايران موطئ قدم في ليبيا. 

5- ايجاد وطرح سردية أن المملكة العربية السعودية هي المانع الرئيسي أمام وقف القتال من خلال دعم الجنرال حفتر، كذلك التأكيد على الدور المخرب للامارات والسعودية في دمار ليبيا واليمن والعراق وسوريا بسبب تدخلاتهما والتجهيز لمناخ عربي ودولي مؤيد للرواية من خلال النخب العربية.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: