الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة14 أبريل 2020 20:07
للمشاركة:

عُمال إيران بين تداعيات “كورونا” والزيادة الحكومية

كورونا حرم الإيرانيين من آلاف الوظائف الجديدة... ماذا عن أجورهم؟

نشرت صحيفة “اسكناس” الاقتصادية، يوم السبت 11 نيسان/ أبريل 2020، تقريرًا رصدت خلاله أبرز الاعتراضات على مسودة قرار زيادة الحد الأدنى لأجور العاملين في العام الإيراني الجديد الذي بدأ في 20 آذار/مارس الماضي، والمقدرة ب 21% فقط، وهي الزيادة  التي جاءت بعد شهور من المساومة بين ممثلي العمال وأصحاب العمل والحكومة الإيرانية.

ومع اعتراض بعض أصحاب الأعمال والعمال على معدل هذه الزيادة، ألقت الصحيفة باللوم على الحكومة وسياساتها الخاطئة التي جعلت من العمال وأصحاب العمل ضحايا لاقتصاد البلاد المريض حسب وصفها.
التقرير كشف أنه تم التغاضي تمامًا عن نسبة التضخم التي أعلنها البنك المركزي الإيراني عن العام الإيراني المنصرم، والتي بلغت 41%، ما يعني أن حجم الزيادة في الحد الأدنى للأجور والمقدر ب 21%، لا قيمة له في ظل الظروف الاقتصادية المتردية وارتفاع تكاليف المعيشة وتعطل الصناعات والكيانات الاقتصادية بسبب تداعيات جائحة كورونا العالمية.

وكان أحد ممثلي العمال في “المجلس الأعلى للعمل”، قد صرّح سابقًا بعدم توقيع ممثلي العمال لدى المجلس على مقترح القرار الذي أصدره المجلس ذاته في جلسته الأخيرة والمتضمنة لقرار زيادة الحد الأدنى للأجور بنسبة 21% فقط، فالقرار يتعارض مع المادة 41 من قانون العمل الإيراني، والتي تنص على أن “يتناسب معدل زيادة الحد الأدنى لأجور العاملين مع نسبة التضخم المعلنة من قبل البنك المركزي”، وهو ما لم يتم العمل به في مسودة القرار الصادر أخيرًا عن حكومة الرئيس حسن روحاني.

حجم الزيادة في الحد الأدنى للأجور والمقدر ب 21%، لا قيمة له في ظل الظروف الاقتصادية المتردية وارتفاع تكاليف المعيشة وتعطل الصناعات والكيانات الاقتصادية بسبب تداعيات جائحة كورونا العالمية

ممثل العمال لدى المجلس ورئيس جمعية نواب العاملين بمحافظة طهران، محمد رضا تاجيك، ربط تحديد الحد الأدنى للأجور بطريقة تعامل الحكومة مع شركائها الاجتماعيين، فإما أن تتدخل الحكومة بشكل منحاز أو أن تختار الحياد بحيث تستطيع الوقوف على  وجهات نظر كل الأطراف ممثلة في العاملين وأصحاب العمل، وفق رأيه.
وانتقد تاجيك محاولات الحكومة تمرير المقترح دون توقيع ممثلي العمال لدى “المجلس الأعلى للعمل”، ورأى أنه لا ينبغي للحكومة التدخل بشكل كبير في شؤون المجلس، لأنها قد تنحاز لطرف على حساب الآخر وهو ما يسفر عنه قرارات كهذا الأخير المتعلق بزيادة الاجور بنسبة 21% والذي قد يصدر بشكل نهائي حسب أغلبية تواقيع ممثلي أصحاب الأعمال وممثلي الحكومة، مع الغياب التام لموافقة ممثلي العمال. وذكّر التقرير ختامًا، بالوعود التي كان الرئيس حسن روحاني قد قطعها خلال حملاته الانتخابية السابقة، إذ كان قد وعد ألا تقل زيادة أجور العاملين عن معدلات التضخم خلال فترة رئاسته.

في المقابل، رأى الخبير الاقتصادي سعيد ليلاز، خلال مقالته بصحيفة “اعتماد” الإصلاحية، أن الخطأ التكتيكي كان في إعلان وزارة العمل رسميًا عن رفع الأجور 21%، إذ يتضح من خلال البحث في تفاصيل القرار، أن الزيادة الفعلية تبلغ 32-33%، فبالتالي يعتبر هذا الرقم جيّداً.
وعلى الرغم من كون العمال وأرباب العمل محقين تمامًا بأنهم تعرضوا لضغوط جسيمة خلال السنوات الخمس عشرة الأخيرة، ولكن الأمر بحاجة إلى فهم أعمق لنوع وشدّة الضغوطات التي تعرض لها الاقتصاد الإيراني أيضا، بدءًا من العقوبات وانتهاءًا بتعطل الأعمال والأشغال نتيجة جائحة كورونا.
فنتيجة للعقوبات الأميركية، أخذ الاقتصاد الإيراني في التباطؤ وتناقص حجمه 12-13 بالمائة، وفي ظل هذه الأوضاع، يعتبر الحفاظ على قدرة الشراء أو منع انهيارها بشدة إنجازًا عظيمًا، معتبرًا أن السلة المعيشية للعمال بحسب القرار الأخير المتخذ من قبل المجلس الأعلى للعمل أفضل بقليل من السنة الماضية وليست أسوأ.

وكشف هذا الخبير، أن رفع نسبة الزيادة أكثر من ذلك سيخلق 3 ظواهر، هي “تسريح العمال من وظائفهم، توقيع العقود البيضاء والعقود الشكلية”، وعلى الرغم من وجود هذه الظواهر حاليًا إلا أنه لا يجب السماح بتفشيها اكثر، لأنها ستؤدي لظهور جماعات فقيرة غير منظمة وهي مجموعات خطيرة حسب رأيه.

كما يرى ليلاز أن زيادة الأجور في الظروف الراهنة ستخلق موجة ثانية من التداعيات، فزيادة عدد العاطلين عن العمل لم يكن لهذا السبب، وإنما حدث ذلك كواحد من تداعيات جائحة كورونا، فلولا الأزمة الناجمة عنها لكان التحسن في الاقتصاد مع بداية العام الإيراني الجديد جليًا وبنسبة أفضل من العام الماضي، كما كانت ستشهد البلاد توفير نحو 450 ألف فرصة عمل جديدة على الأقل، بحسب تعبيره.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: