الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة9 أبريل 2020 14:39
للمشاركة:

مذكرات رفسنجاني… ماذا جرى في اللقاء الاستثنائي مع الملك عبد الله بن عبد العزيز في إسلام أباد؟

نشر موقع "انتخاب" الإيراني في 22 آذار/ مارس الماضي، جزءًا من مذكرات الرئيس الإيراني الراحل آية الله هاشمي رفسنجاني، المكتوبة بتاريخ 23 آذار/ مارس 1997، والتي يتحدث فيها عن تفاصيل لقاءه الخاص بولي العهد السعودي آنذاك الأمير عبد الله بن عبد العزيز آل سعود على هامش الاحتفال باستقلال باكستان رسميًا، وهي الواقعة التي أثارت حفيظة أميركا من التقارب السعودي_ الإيراني، في ذلك الوقت. كذلك جرى خلالها إقدام السعودية على مراسلة الأمين العام للمنظمة لتأخير انعقاد اجتماع منظمة المؤتمر الإسلامي في طهران، ما أثار حفيظة إيران حينها.

يقول رفسنجاني، عقدت قمة استثنائية لمنظمة المؤتمر الإسلامي في تمام الساعة الحادية عشر والنصف، احتفالاً باستقلال باكستان رسميًا، وألقى الرئيس الباكستاني الأسبق فاروق لغاري، خطاباً مفصلاً وموضوعيًا، ثم تحدث الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي عز الدين العراقي، تبعه خطاب تلاه حسن الثاني نيابة عن ملك المغرب، ولحقه عدّة خطابات لممثلين عن دولٍ عربية وإفريقية وأسيوية.

وتابع رفسنجاني، وصلت رسالة من ولي العهد السعودي الأمير عبد الله، يطلب فيها لقائي بغرفته داخل الفندق، فقلت من الأفضل أن نلتقي بغرفتي، إلا أن رسالة وردتنا بأن الرياض هي من حددّت اللقاء، ورغم إصرار فريق الحماية خاصتي وافقت على الطلب وتوجهت إلى غرفة الأمير، ولكن عند وصولي خرج الأمير من غرفته على عجالة وقال إنه يريد مقابلتي في غرفتي، فاتضح بعد ذلك بأنه قبل عرضي، إلا أن المحيطين به ردوا على رسالتي بشكل تعسفي.

وفي التفاصيل، يقول رفسنجاني، “ذهبنا إلى غرفتي وكان الاجتماع جيدًا ووديًا، بحثنا خلاله سبل تطوير علاقات البلدين، وتخلله قليل من العتاب حول احداثٍ قديمة”. وأضاف، اشتكى الأمير من عدّة أمور، من قبيل “مراسم إعلان البراءة من المشركين في موسم الحج ” ومن مشرف الحجاج الإيرانيين آنذاك محمد حمدي المعروف ب “ري شهري”، كذلك من رئيس بعثة الحجاج حجة الإسلام والمسلمين سيد علي قاضي عسكر، فاقترحت عليه الموافقة علي إقامة مراسم “إعلان البراءة” في مكان ووقت محدد، فوافق على إقامة المراسم داخل مبنى البعثة الإيرانية، طالبًا مني الذهاب إلى الحج واستقبال أسرتي كضيوفٍ عنده، وفي المقابل دعوته لزيارة إيران، فقال لي إنه لا يستطيع السفر وترك بلاده دون رقيب عليها. كذلك أبدى الأمير قلقه خلال اللقاء من  شروط التعاون بعد فترة ولايتي الرئاسية، فأوضحت له أنني أتابع الأعمال من خلال مجلس تشخيص مصلحة النظام.

يقول رفسنجاني، “طالب الأمير عبد الله بمفاوضات خاصة”، وبعد مغادرة الجميع تحدث عن “تفجير الخُبَر”، وقال إن أربعة من المتهمين وراء التفجير، قدموا إلى إيران وغادر اثنين منهم إلى لبنان وآخر إلى كندا، لتتعقبه المخابرات الأميركية والسعودية وسيتم اعتقاله بأقرب فرصة، أما الشخص الرابع فبقي في إيران. وأصر الأمير على تسلميه للسلطات السعودية؛ لأنه يحمل الجنسية السعودية. فأجبته على النحو التالي، “بناءً على طلباتك السابقة، فقد قمنا بإجراء تحقيق شامل ولم نعثر على أي منهم في إيران، وإذا قدمت معلومات عنه، من الممكن أن نتابع الأمر”. وسألته عن سبب تلفيق اتهامات وافتراءات ضد إيران، لا أساس لها في كل اجتماع لمجلس التعاون الخليجي ونحن بالطبع نرد على تلك الافتراءات، فأجابني، “لماذا لا تنهوا الخلاف حول قضية الجزر المتنازع عليها مع دولة الإمارات؟”، فكان ردي، أنه “لا يمكن حل هذه القضية بسهولة، ومن الأفضل لكلا الطرفين الدخول في مفاوضات وقد يستغرق هذا الأمر سنوات عدة”.

ويتابع رفسنجاني، عندما ودعته انتظرني خارج الغرفة حتى أجدد وضوئي، ثم ركب بسيارتي وذهبنا معًا إلى حفل غداء رئيس الوزراء. و قال لي على الطريق إن “أميركا وباقي المعارضين منزعجين من تقارب إيران والمملكة العربية السعودية بهذا الشكل”. وعند وصولنا إلى الحفل، نظر إلينا الضيوف متعجبين من هذه الصحبة غير المتوقعة بالنسبة لهم، وراقبوا وجودنا بشكلٍ حذر، تم تداولوا الصور ومقاطع الفيديو الخاصة بالحفل على نطاق واسع في وسائل الإعلام الباكستانية، إذ  اعتبر ذلك الحدث غاية في الأهمية بالنسبة للمراقبين والمتابعين لمخرجات القمة.

ويذكر رفسنجاني، أنه عبّر عن اعتراضه لولي العهد السعودي الأمير عبد الله ووزير الخارجية السعودي الأسبق سعود الفيصل، لمراسلتهم أمانة منظمة المؤتمر الإسلامي، لتأجيل قمة طهران، فقابلوا ذلك بالإنكار، وقالوا إنها “شائعة نشرها الأعداء”. ويتابع، بحلول المساء قمنا بإعداد نسخة من رسالة سعود الفيصل وعرضناها على الأمير عبد الله في حفل العشاء، فانفعل الأمير ووزير الخارجية وبدا الخجل عليهما فأمرا بإلغاء المقترح على الفور، وفي نهاية الأمر أعلن الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي عز الدين العراقي، أنه قد تم سحب الطلب، حيث فوجئ الأعضاء بذلك.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: