الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة10 مارس 2020 12:56
للمشاركة:

هل تكمل إسرائيل ما بدأه نتنياهو في مسار المواجهة مع إيران؟

من “الخطر الوجودي الأول على إسرائيل” بحسب مقال في لـ “يديعوت احرنوت”، عام 1993، إلى الدعوة للعمل العسكري ضد إيران بجيوش عربية في مايو 2019، تتلخص سياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تجاه إيران. حيث يُعد نتنياهو من أوائل القادة الإسرائيليين الذين تنبهوا وفق الفهم الإسرائيلي لـ “خطر إيران على دولة إسرائيل”، على الرغم أنه لم يكن حينها قد تولى رئاسة الوزراء، التي مكنته فيما بعد من انتهاج سياسة عداء واضح وصريح تجاه ايران، لتكن هذه الأخيرة وملفها النووي على سلم أولويات التفكير والأمن الإسرائيلي، ففي خطابه في مؤتمر هرتسيليا حزيران 2015، عرض نتنياهو البيئة الإقليمية لإسرائيل ليشير بشكل واضح إلى الخطر الأساسي المتمثل بإيران، في حينها صرح أن دولة الخلافة الإسلامية” داعش” لا تصل خطورتها إلى الخطر الإيراني، عازياً ذلك لامتلاك ايران أسلحة تقليدية متطورة وأسلحة غير تقليدية متمثلة بالبرنامج النووي والصاروخي، وكذلك النظام السياسي الحاكم في ايران الذي يعلن العداء لإسرائيل. انطلاقاً من هذه الرؤية، عمل نتنياهو على مواجهة إيران في المستوى السياسي، والأمني، والعسكري.

بدأ نتنياهو يعمل على تحشيد الرأي العام الدولي والعالمي ضد النفوذ، والبرنامج النووي الإيراني، بعد إلقاء خطابه السنوي في الأمم المتحدة عام 2012، حيث خصص جل مضمونه آنذاك للحديث عن إيران، فرد على الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد بخصوص صلة إسرائيل بالشرق الأوسط، فضلاً عن مخاطبته المجتمع الأميركي محرضا على إيران بالقول “من أجل أن نفهم كيف سيكون العالم مع إيران، تصوروا فقط عالماً مع قاعدة نووية”، ووصفت حينها الصحافة العبرية هذا الخطاب بـ “القنبلة”. توجهات نتنياهو ضد إيران في تلك الفترة اصطدمت برؤية مخالفة انتهجها الرئيس الأميركي باراك أوباما مع إيران، الأمر الذي دفع نتنياهو للضغط على الإدارة الأميركية لفرض مزيد من العقوبات على إيران، ورفض المحادثات التي أفضت للاتفاق النووي الإيراني، وقد عبّر عن معارضته الشديدة لذاك الاتفاق، معتبراً إياه “خطأ تاريخياً يهدد السلام العالمي”، وكانت معارضته للاتفاق تنبع من نقطتين هما أن “شروط الاتفاق لا تضمن التطبيق السليم للاتفاق إلى جانب تمويل ايران إلى الجماعات المسلحة خاصة الفصائل الفلسطينية ” حماس والجهاد الإسلامي” في قطاع غزة، التي دارت بينها وبين إسرائيل عدة معارك عسكرية برز في حنيها معركة عام 2014، التي استمرت 51 يوماً.

وكانت سياسة التفاوض مع إيران أهم سبب لتوتر العلاقات بين نتنياهو والإدارة الأميركية برئاسة أوباما. حتى أنه رفض بحسب ما كشفته القناة الإسرائيلية الثانية الشهر الماضي، مبادرة عُمانية للتوسط بين ايران وإسرائيل عام 2013، مبرراً ذلك بالخشية من أن تؤدي موافقته على تلك المبادرة إلى إضفاء الشرعية على المفاوضات الأميركية- الإيرانية التي نتج عنها التوقيع على الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة الـ 5+1 عام 2015، حيث يرى نتنياهو أن الإدارة الأميركية السابقة خدعت إسرائيل بشأن هذه المفاوضات.

وفي عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مارس نتنياهو سياسة ضغط على أميركا للانسحاب من الاتفاق النووي، وهذا ما حدث في مايو 2018، وقد ساق الرئيس ترامب نفس الادعاءات الإسرائيلية في تعليل انسحابه من الاتفاق، فاتهم إيران بالاستفادة من الاتفاق النووي في برنامج غير سلمي للطاقة النووية، كما أن هذه الخطوة الأميركية جاءت بعد أيام من مؤتمر صحفي عقده نتنياهو في تل بيب، وعرض فيه ارشيف وثائق، قال إنه يتضمن55000 وثيقة سرية تم الحصول عليها بعمل استخباراتي، وجميعها تؤكد وجود أنشطة نووية سرية في إيران”. كما عرض نتنياهو في ذلك المؤتمر، برنامج ” أماد” الذي بدأ العمل فيه 1999، بهدف تطوير صواريخ نووية، تفوق قدرتها القنبلة النووية الملقاة على هروشيما في الحرب العالمية الثانية، على حد قوله.

بات من المحتوم أن سياسة العداء الإسرائيلي- الإيراني ستستمر

وفي تصريحات رصدها موقع “جيروزليم بوست: وصفت عدة قطاعات يمينية ويسارية في الولايات المتحدة نتنياهو “بالغول” الذي يقف خلف سياسات ترامب تجاه ايران، حتى عند اغتيال قاسم سليماني فإن الاستخبارات الإسرائيلية ساعدت في عملية الاغتيال، بحسب تقرير نشرته “بي سي نيوز” الأميركية.

وكان نتنياهو قد كشف عن عدة مواقع عسكرية ونووية لإيران كان أخرها في أيلول/ سبتمبر 2018، حيث تضمنت وفق معلوماته موقع تصنيع نووي في “ترقوز اباد” جنوبي طهران، الأمر الذي نفته إيران، مؤكدةً أن المكان المشار إليه هو “مصنع لغسيل السجاد”، وقد رفضت إيران في بداية الأمر دخول مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية للمكان، لكنها سمحت بذلك في وقت لاحق. حيث لم تعلن الوكالة بشكل رسمي عن نتائج التفتيش الذي أجرته في ذلك المكان.
على ضوء هذه التوجهات التي تحكم رؤية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تجاه إيران، والتي انعكست على كافة المستويات الأمنية والعسكرية والسياسية في إسرائيل، فقد بات من المحتوم أن سياسة العداء الإسرائيلي- الإيراني ستستمر، بيد أن السقف الذي سيصل إليه هذا الصراع سيبقى مجهولاً، لا سيما في ظل عدم الاستقرار الحكومي في إسرائيل، بعد إجراء ثلاث انتخابات إسرائيلية خلال عام واحد دون أن النجاح في تشكيل حكومة.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: