الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة31 يناير 2020 08:48
للمشاركة:

الموقف الإيراني الرسمي من “خطة السلام” الأميركية… الرفض المطلق

خطوة ستدفع إلى تعزيز تلاحم الفصائل الفلسطينية المجاهدة، ومساندة لجهود دعاة العدالة في المجتمع الدولي لإيجاد حلٍ عادلٍ وشاملٍ لقضية الشعب الفلسطيني المظلوم، ودفعةٌ فارقة في إطار تصعيد حركات المقاومة الإسلامية من عملياتها المناوئة للظلم حتى تحرير القدس من الصهاينة الغاصبين. بهذه التعليقات تلخصت قراءة النخبة السياسية في طهران لبنود خطة السلام الأميركية، المعروفة إعلاميًا ب”صفقة القرن”، والتي أعلن عنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مساء الثلاثاء الماضي 28 كانون الثاني/ يناير 2020.
المرشد الإيراني علي خامنئي، سارع  بالتغريد على حسابه الرسمي في “تويتر” طارحًا مقترحه، الذي ما فتئ التأكيد عليه منذ سنوات حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وذلك من خلال “إجراء استفتاء يشمل جميع السكان المسلمين والمسيحيين واليهود الفلسطينيين، كذلك اللاجئين الفلسطينيين في دول الشتات، لتحديد شكل نظام الحكم في الأراضي الفلسطينية”. المقترح نفسه، شدّد على أهميته وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف عبر تويتر، واصفًا إياه ب”الحل الديمقراطي”.

من جانبه، وجّه رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني، رسالة إلى نظرائه في العالم الإسلامي  يدعوهم خلالها، لدعم مقترح المرشد الإيراني بإجراء استفتاء شامل للسكان الأصليين في الأرضي المحتلة تصديًا لخطة السلام الأميركية، وهو المشروع الذي كانت إيران قد سجلته رسميًا في وقت سابق لدى منظمة الأمم المتحدة، فيما أجرى اتصالًا هاتفيًا مع الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة، وآخر مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، حيث أكّد تأييد إيران للشعب الفلسطيني ورفضها للخطة الأميركية واستمرار مساندتها للشعب الفلسطيني، وأعرب عن ثقته في قدرة الشعب الفلسطيني على مواجهة المؤامرات التي تحاك ضده، وفق قوله.

https://www.instagram.com/p/B76yPFfFHLW/?igshid=kj661uv3d5vp

بدوره، أبدى الناطق الرسمي باسم الخارجية الإيرانية، عباس موسوي، استعداد طهران لتنحية الخلافات بينها وبين وبعض دول المنطقة جانبًا، والشروع في تعاون على مختلف المستويات لمواجهة ما وصفته “المؤامرة الكبيرة المعادية للأمة الإسلامية”. وفي إشارة إلى تأكيد إيران على ثوابتها في السياسة الخارجية ونهجها الممانع، حيث أبدت استعدادها لإقصاء الخلافات مع بعض الدول العربية في سبيل الغاية الأكبر.

قرار قيادة الحرس الثوري الإيراني بالتصدي للمشهد كان بارزًا، وكذلك إعلان موقفها المساند للقيادة الفلسطينية الرافضة للخطة، إذ اعتبر مساعد قائد الحرس للشؤون السياسية العميد يد الله جواني، بأن طرح الصفقة في ظل الظروف التي تعصف بالمنطقة لا يضمن لها إلا الفشل، مؤكّدا على الموقف الإيراني الجامع بأن “هذا الإعلان سيدفع نحو توحيد صف الفرقاء الفلسطينيين، لبدء فصل جديدٍ من فصول النضال الفلسطيني في سبيل تحرير القدس”.
من جانبه أكّد ممثل المرشد الإيراني لدى فيلق القدس التابع للحرس الثوري، علي شيرازي، على “ثقته في أن هذه الصفقة لن تؤثر على إرادة الفلسطينيين في استمرار الكفاح حتى التحرير”.
موقف الحرس الثوري تقاطع إلى حدٍ كبير مع تصريح مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي، خلال مؤتمر صحافي عقده في طهران، حيث أكّد على أن “وحدة الفلسطينيين التي نشهدها اليوم لم نرَها سابقًا”.
إجماع القراءات الإيرانية الرسميّة على كون القضية الفلسطينية قضية إيران الأولى، وتأكيدهم على عدم السكوت عن الخطة الأميركية، يدفعنا إلى تساؤلٍ مشروع حول إمكانات القيادة في طهران وخياراتها لمواجهة الخطة، في ظل الظروف الراهنة وتحت وطأة العقوبات الأميركية الخانقة.

رئيس جمعية الدفاع عن فلسطين الإيرانية حسن رويوران، يرى في حديث ل”جاده إيران” أن “خطة السلام الأميركية ليست مشروعًا لتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بل مشروع استسلامٍ يحمل جانبًا من التحدي للشعوب العربية والشعب الفلسطيني على حدٍ سواء”. وأضاف أن “هذه الشعوب لا يمكن ان تهزم أمام هذا التحدي بل ستثابر لتحويل هذا الواقع لصالحها، لأنها توقن أن الطرف الآخر قد أبدى نيته لحربٍ غير معلنة ضدها، لمصادرة مقدساته ووأد قضاياه المشروعة”، مؤكّدًا أن هذه الجماهير لا تملك إلا خيار الصمود ما يمنح الدعم المعنوي لمحور المقاومة”، وفق رأيه.  
رويوران اعتبر أن صفقة القرن لا تهدد إيران كجغرافيا، بل كفكرٍ وكمبادئ ومرتكزات للثورة الإسلامية التي تؤمن بوحدة الأمة عل أساس أولوية القضية الفلسطينية، قائلًا: “إن أي مشروع يهدد القضية الفلسطينية ويحاول إنهاءها لصالح الكيان الصهيوني، ما هو إلا تهديد مباشر لإيران الثورة، ولا يمكن لطهران التسليم به تحت أي سياق ومهما كانت النتائج المترتبة”، لافتًا إلى أن نفوذ إيران الإقليمي لم يأتِ ضمن إطار مشروع امبراطوري بل أتى ضمن شبكة تعاضد فكري وأيدلوجي حول قضايا محددة.
وشدّد رويوران، على أن “بلاده لديها إيمان بالوعد الإلهي بحتمية نصر المستضعفين، وكذلك تمتعها بدعم الشعوب التي تؤمن بعدالة القضية الفلسطينية وعداء إسرائيل الغاصبة، واصفًا ذلك ب”أكبر ثروات محور المقاومة”. وأشار رويوران إلى أن “حصار إيران من قبل أميركا، لم يمنعها من التقدم السريع في مختلف المجالات، كذلك لم يؤثر على موقفها من القضية الفلسطينية”، موضحًا أن بلاده تغلبت على الحصار حتى أصبح سلاحًا غير مجدٍ في حسم المواجهة، جازمًا أن التهديد الأميركي في هذا السياق ما هو إلا تهويلٌ، على حدّ وصفه.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: