الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة9 يناير 2020 18:21
للمشاركة:

أرقام روحاني وترامب على تويتر لا في الميدان

فجر الأربعاء 7 كانون الثاني/ يناير، استهدفت صواريخ بالستية إيرانية منشآت عسكرية أميركية في العراق، شملت قاعدة عين الأسد في الأنبار غربي البلاد.
الضربة الإيرانية جاءت انتقامًا لاغتيال واشنطن لقائد “فيلق القدس” التابع للحرس الثوري الإيراني الفريق قاسم سليماني، وقائد هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس الأسبوع الماضي في بغداد.
الرد الإيراني جاء بعد حربٍ كلامية وتهديدات مستعرة بين قادة إيران وحلفائها من جهة، والمسؤولين الأميركيين من جهةٍ أخرى، أحاطتها جهودٌ دبلوماسية دولية دؤوبة لاحتواء الرد والرد على الرد؛ خوفًا من تدحرج كرة اللهب واشتعال حربٍ اقليمية لا يرغب بها أيّ طرف. الرئيس الإيراني حسن روحاني ونظيره الأميركي دونالد ترامب كانا قد تراشقا التهديدات بالأرقام عبر حسابيهما الرسميين على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، خلال الأسبوع الحالي.
روحاني، قال في تغريدةٍ له عبر حسابه الرسمي في “تويتر”، يوم الاثنين، “أولئك الذين يشيرون إلى العدد 52، من الأفضل لهم أن يتذكروا العدد 290 أيضًا”.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد غرّد، يوم السبت الماضي، قائلًا، إن “أميركا حدّدت 52 موقعًا في إيران ستضربها بسرعة كبيرة وبقوة كبيرة إذا هاجمت طهران أهدافًا أو أفرادًا أميركيين”. فما حكاية هذه الأرقام؟

رقم 290 الإيراني

يعود السر في استخدام الرئيس الإيراني للرقم 290 إلى “الطيران الإيراني، الرحلة 655” (Iran Air Flight 655)، رحلة الركاب الإيرانية المدنية التي كانت متجهة من طهران إلى دبي فوق المياه الإقليمية، يتخللها الهبوط في مطار بندر عباس، حيث إحدى القواعد الجوية العسكرية الإيرانية الفاعلة إبان الحرب العراقية الإيرانية، مطلع تموز/ يوليو 1988.
الطائرة جرى اسقاطها عبر صواريخ الطراد “فينسينز” التابع للقوات البحرية الأميركية؛ ما أدّى إلى مقتل 290 شخصٍ كانوا على متنها، بينهم 66 طفل.
بداية، لم تقر واشنطن بمسؤوليتها القانونية عن الحادثة ولم تقدم اعتذارًا رسميًا لطهران، لكنها اضطرت عام 1996 إلى تسوية المسألة بعد لجوء الأخيرة إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي. حيث قدمت واشنطن اعتذارها عن “الكارثة الإنسانية الرهيبة”، ووافقت على دفع 61.8 مليون دولار أميركي كتعويضٍ للمتضررين. وعلى الرغم من تسوية المسألة قبل أكثر من عقدين من الزمان، إلا أنها شكّلت حدثًا محوريًا وفارقًا في تاريخ العلاقات الأميركية الإيرانية.

إيران وأمريكا والصراع القانوني تحت قبة لاهاي

رقم 52 الأميركي

السر في استخدام الرئيس الأميركي للرقم 52 في تغريدته، هو تاريخ 4 تشرين الثاني/ نوفمبر 1979، حيث اشتعلت شرارة إحدى الأزمات الفارقة في تاريخ التوتر الإيراني الأميركي، والتي عرفت باسم “أزمة الرهائن في إيران” (Iran hostage crisis). والتي تمثلت باقتحام عددٍ من الطلبة الإيرانيين المؤيدين للثورة لإسلامية وقائدها الإمام آية الله الخميني، مبنى السفارة الأميركية في طهران، واحتجاز 52 موظفًا دبلوماسيًا من العاملين فيها، ولمدة استمرت  444 يومًا، فيما حصل الطلبة على مئات النسخ من الوثائق السرية والهامة.
الأزمة التي انتهت بالتوقيع على اتفاقية الجزائر في كانون الثاني/ يناير 1981، بعد انتخاب رونالد ريغان رئيسًا للولايات المتحدة الأميركية، والإفراج عن الرهائن، لم تنتهِ بالفعل، فقد مثّلت لواشنطن مدخلًا مناسبًا لبداية فرض عقوباتٍ اقتصادية على طهران، كان أبرزها تجميد 12 مليار من الأصول الإيرانية الموجودة في أميركا، وإغلاق المؤسسات الإيرانية هناك.

لماذا اقتحم الإيرانيون السفارة الأميركية في طهران عام 1979؟

هل سيحقق ترامب وروحاني وعودهما بالأرقام؟

لم تسفر الضربة الإيرانية للمنشئات العسكرية الأميركية في العراق، عن أيّ خسائر بشرية، حسب الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال خطابه أمس. فيما كان التلفزيون الإيراني قد أعلن صباح اليوم ذاته، أن “ما لا يقل عن 80 جنديًا أميركيًا قتلوا جراء الهجوم الصاروخي الإيراني”. 
من جهته، قال قائد “قوة الجوفضائية” التابعة للحرس الثوري الإيراني، أمير علي حاجي زادة، في مؤتمر صحفي عُقد اليوم الخميس في طهران، إن “ما قاله ترامب هراء”. وأضاف، “كان بإمكاننا أن نقتل 500 جندي أميركي لكن الهدف من الثأر لدماء الشهيد سليماني، هو استهداف المنشآت المهمة في حضيرة الطائرات”، مؤكّدًا على أن “القوات الاميركية قامت وعبر تسع طائرات بنقل الجرحى إلى الكيان الصهيوني”.
مخرجات الضربة الإيرانية من ناحية الخسائر البشرية وتضارب التصريحات حولها، تدفع للتساؤل حول جدّية تنفيذ الرئيس الإيراني لوعدوه بإيقاع 290 ضحية أميركية انتقامًا لدماء الفريق سليماني، كذلك حول إمكانية أن يستهدف الرد على الرد، من الطرف الأميركي 52 هدفًا إيرانياً.
ورغم ذلك فإن الرئيسين الإيراني والأميركي استخدما أسلوبًا جديدًا في المناكفة السياسية؛ ما يعكس براعة واختصاص مستشاريهما للشؤون الإعلامية، فاللجوء للغة الأرقام والتاريخ والتلويح بأعداد الرهائن والضحايا، كذلك التذكير بالأزمات والأحداث الفارقة في تاريخ علاقات البلدين، أسلوبٌ لم يشهده المراقبون والمتابعون للساحة الدولية، سواء على مستوى الخطابات الرسمية أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كما شهده هذا الأسبوع بين ترامب وروحاني.

حصرياً.. جاده إيران تحصل على بنك الأهداف الإيراني

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: