الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة7 يناير 2020 19:40
للمشاركة:

روسيا والراكب المجاني بعد اغتيال أميركا لسليماني

جاءت الزيارة غير المرتقبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلى العاصمة دمشق لأول مرة منذ اندلاع الأزمة في سوريا عام 2011، وتزامنها مع اغتيال أميركا لقائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، برفقة آخرين لتثير علامات تساؤل حول الموقف الروسي من اغتيال سليماني وما ستجنيه روسيا من الصراع الحالي القائم بين إيران وأميركا.

https://www.instagram.com/p/B7Bb3ZNFwcK/?igshid=1hl0y5tkn6wki

رد فعل “فاتر”

تأكد صباح الجمعة 3 يناير الحالي اغتيال أميركا لقائد فيلق القدس الذي كان قادمًا من سوريا على متن إحدى خطوط الطيران السورية. وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان لها في ذات اليوم إن روسيا تشعر بالقلق إزاء نبأ مقتل  سليماني، معتبرة أن استهدافه سيعرقل الوضع في المنطقة. يبدو أنه لم يرق إلى ما تطمح طهران إليه. ثم أعقب هذا البيان اتصال من وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، بنظيره الإيراني أمير حاتمي، ورئيس هيئة الأركان الإيرانية محمد باقري.  وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان لها إن المكالمة التي جرت الاثنين الماضي بين شويغو وباقري، تناولت الخطوات العملية الهادفة لمنع التصعيد في سوريا والشرق الأوسط على خلفية اغتيال سليماني.

وكانت طهران تتطلع إلى بيان وخطوات أكثر حزمًا وحسمًا مما بدا في البيان واصطفاف أكبر من موسكو، التي كانت تجري معها في 27 ديسمبر/كانون الأول 2019 مناورات بحرية مشتركة وبصحبتهما الصين وكلاهما أي الصين وروسيا منافسين عالميين لأمريكا. وصرّح قائد بحرية الجيش الإيراني الأدميرال حسين خانزادي، خلال هذه المناورات: “لقد انتهى عصر التصرّف الأمريكي الحرّ في المنطقة، وعليهم مغادرة المنطقة”. وسط تكهنات بالإعلان عن تعاون استراتيجي بين إيران وروسيا والصين في أعقاب هذه المناورة.

لقد لعب سليماني دورًا أساسيًا في اقناع روسيا في التدخل في سوريا لصالح النظام السوري، فوفقًا لصحيفة “النهار اللبنانية” أقنع سليماني الروس في 2015 بالتدخل في سوريا بعدما أكّد لهم أن هناك فرصة وقدرة على استعادة زمام المبادرة، وأنهم لم يخسروا كل الأوراق في سوريا. ويقول ثلاثة من كبار المسؤولين في المنطقة إن رحلة سليماني إلى موسكو في يوليو/ تموز 2015 سبقتها اتصالات روسية إيرانية رفيعة المستوى أسفرت عن اتفاق سياسي يقضي بضرورة ضخ دعم جديد للأسد الذي مني بخسائر متلاحقة.

مستشار المرشد للشؤون الدولية الإيراني علي ولايتي، أرجع خلال تصريح سابق له الأسبوع الجاري عن تحالف روسيا وإيران إلى العلاقات الخاصة الوثيقة التي نسجها سليماني مع رئيس روسيا.

الأهداف المعلنة والمخفية لمناورات الترويكا الإيرانية الروسية الصينية

الراكب المجاني الروسي

بدلاً من مغادرة المنطقة، يرسل حاليًا الرئيس الأميركي دونالد ترامب، آلاف القوات الأميركية الأخرى إلى الشرق الأوسط لمواجهة إيران خاصة بعد اغتيال سليماني. لكن بالنسبة إلى روسيا والصين، فقد أبدتا رغبة فاترة في الانخراط في صراع لا يمكن التنبؤ به بشكل متزايد. بما يعني أن إيران ليس بمقدورها في الوقت الراهن الاعتماد سوى على نفسها بجانب الشبكة الواسعة من الحلفاء الذي حاك معهم سليماني علاقات شخصية في لبنان وسوريا والعراق واليمن على وجه التحديد.

ولكن السؤال هنا هل تنتظر إيران دعم صيني-روسي خلال الاشتباك المحتمل مع أميركا؟ يقول كبير زملاء مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية في طهران عباس أصلاني لـ “وال ستريت جورنال” أنه في حال اندلاع “هذا الصراع المباشر لا أعتقد أن إيران تتوقع بدء روسيا والصين حربًا مع أميركا نيابة عنها. وقد يقدّمون المساعدة لإيران من خلال الدعم السياسي، والدعم في بعض المؤسسات الدولية. ويبقى السؤال مطروحًا حول إمكانية إمدادهما إيران ببعض المعدّات العسكرية والحربية خلال هذه الحرب”. 

وقال رئيس ملف روسيا في برنامج آسيا والمحيط الهادئ التابع لمركز كارنيجي بموسكو ألكساندر جابويف: “لا أحد يأبه حقًا في روسيا بإيران. والمجتمع لا يرى إيران شريكة، وبالتأكيد ليس صديقًا يستحق الموت لأجله”.

سواء روسيا أو الصين كلاهما سيستغلان الانخراط الأميركي المباشر والمركّز في الشرق الأوسط في مواجهة إيران بعد مقتل سليماني لتعزيز مكانتيهما في الخليج والمنطقة على وجه الخصوص بما يدعم من استراتيجيتهما سواء مبادرة “حزام واحد طريق واحد”، أو استراتيجية بطرس الكبير الهادفة للوصول إلى المياه الدافئة. وهما ليسا على استعداد في تعريض أنفسهما لمخاطر ترتفع نسبة المواجهة فيها.

وفي تعليقه لصحيفة “وال ستريت جورنال”، أكّد المتخصص في الشؤون الإيرانية في مؤسسة كارينغي للسلام الدولي في واشنطن كريم سجادبور، أن روسيا تستفيد من إيران بسبب عدم قدرة الأخيرة على استغلال موارد الطاقة لديها، فضلاً عن انعزالها عن العالم ومعاداتها لأميركا”.

كما يعتقد روسلان بوخوف مدير مركز تحليل الاستراتيجيات والتقنيات وهو مركز أبحاث في موسكو يقدم المشورة لمؤسسة الدفاع الروسية “أن روسيا ليس لديها أدنى نية للانخراط في هذا الخلاف، وتحاول أن تنأى بنفسها عن ذلك قدر الإمكان – على الرغم من أنها ستواصل الإعراب عن دعمها لإيران بتصريحات عالية للغاية” في تصريحات للصحيفة ذاتها.

انفوغراف: النفوذ الإيراني والتواجد العسكري الأميركي في الشرق الأوسط

المكاسب الروسية

الساحة السورية على وجه الخصوص هي إحدى البؤر التي ستستفيد روسيا فيها أقصى استفادة من وراء اغتيال سليماني. حيث تسنح أمامها فرصة مناسبة لتثبيت أكبر لنفوذها في سوريا، نظرًا للدور الكبير الذي كان يلعبه سليماني على الساحة السوري بما جعله ندًا للروس وتواجدهم ومثبّتًا للنفوذ الإيراني هناك.

ونظرًا لما يقال عن الخبرات التي يتمتع بها إسماعيل قاآني القائد الحالي لفيلق القدس، فيما يتعلق بكونه لا يمتلك نفس العلاقات التي كان يتمتع بها سليماني مع جماعات الوكالة الإيرانية في مختلف بقاع الشرق الأوسط، فالفرصة ملائمة أمام روسيا لاقتناص مقتل سليماني كي توسع مناطق نفوذها وسيطرتها في سوريا.

كما أن روسيا ستستفيد على المدى القصير من ارتفاع أسعار النفط نتيجة للصراع والاشتباك المحتمل بين إيران وأميركا

كذلك تعقد كلًا من روسيا والصين على حد سواء الآمال على تصاعد التوترات بين واشنطن وطهران، كي يتمتعان بشيء من الراحة في مناطق نفوذها في أوروبا الشرقية وآسيا في ظل التركيز الأميركي على النزاع مع إيران.

لكن وعلى المدى المتوسط والبعيد، أعتبر ولي نصر الأستاذ في كلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جونز هوبكنز والمستشار السابق لوزارة الخارجية أن إيران لا تتوقع مساعدة فورية من موسكو وبكين، لكن يكمن الخطر في الصورة بعيدة الأمد. وذكر أن ما تقوم به واشنطن هو دفع كلًا من بكين وموسكو وطهران تجاه بعضهم البعض. فثلاثتهم لديهم قضية مشتركة وهي مواجهة استخدام أميركا للقوة القصوى. وستصور فترة حكم ترامب بأنها الفترة التي حفّزت خلالها كلًا من الدول الثلاث على تطوير استراتيجيات دفاعية ضد السياسات التي تمارسها أميركا اليوم تجاه إيران، لكن من المحتمل أن تستخدم ضدهم مستقبلًا. وفقًا لتصريحاته ل”وال ستريت جورنال”.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: