الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة22 ديسمبر 2019 11:53
للمشاركة:

ماذا بعد تبادل السجناء بين أميركا وإيران؟

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

كانت صفقة تبادل السجناء بين إيران وأميركا تقتضي قيام عالم الخلايا الجذعية الإيراني مسعود سليماني بالاعتراف بذنبه وإصدار قاض في ولاية أتلانتا الأمريكية حكما يكتفي بالمدة التي قضاها في السجن في الولايات المتحدة وإطلاق سراحه. في المقابل تفرج إيران عن طالب الدراسات العُليا في جامعة برينستون شيوي وانغ. لكن عامل تخريب مفترض للصفقة ظهر إلى الواجهة.
فقد أرسل المبعوث الأميركي الخاص لإيران “براين هوك” رسالة إلى السويسريين والإيرانيين معًا، مفادها: أن حاكم ولاية نيومكسيكو والسفير الأميركي السابق لدى الأمم المتحدة بيل ريتشاردسون غير مصرح له بالتفاوض نيابة عن الحكومة الأميركية بشأن صفقة تبادل السجناء، بحسب ما نقل شخص، لم يتم تسميته، كان مشاركا في المفاوضات.
رغم ذلك، وجهت وزارة العدل الأميركية المُدعي العام لولاية أتلانتا بإسقاط جميع التهم الموجهة إلى العالم الإيراني.
“قدمنا التماسًا متفق عليه بين المدعي العام الأميركي في أتلانتا ومحامي الدفاع، وكنا في إنتظار موافقة القاضي في جلسة بتاريخ 11 ديسمبر،” هذا ما قاله للمونيتور النائب السابق عن الحزب الديمقراطي بولاية كانساس جيم سلاتري والذي عمل متطوعًا لتأمين صفقة إطلاق سراح “وانغ” مع المحامي جيسون بوبليت. وأضاف سلاتري “كان من المتوقع بعد موافقة قاضي الولاية أن يقوم قاض فيدرالي بالموافقة بدوره، ومن ثم يحكم على الدكتور سليماني بإنقضاء المدة والإفراج عنه.”
يتابع سلاتري “ثم تدخلت وزارة العدل الاميركية ووجهت المدعي العام بشكل مباشر لإسقاط جميع التهم عن الدكتور سليماني. هذا كل ما حدث.”

تبادل المعتقلين بين إيران وأميركا إلى الواجهة مجددا.. اتفاق غير معلن أم تفاوض صريح؟

تمت عملية تبادل السجناء في 8 كانون الأول/ ديسمبر في زيورخ في سويسرا ، بعد أن جرى إسقاط جميع التهم الموجهة ضد سليماني بدلاً من إقراره بالذنب ومِن ثم إصدار عفو عنه. ونقل سليماني في طائرة كان على متنها براين هوك تحت حراسة أميركية إلى أن سُلم للمسؤليين الإيرانيين. كما تم نقل وانغ جواً إلى زيورخ قادماً من طهران في رحلة مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، ومساعد وزير الخارجية المدير العام لشؤون أميركا اللاتينية بالخارجية الايرانية “محسن بهاروند”.
وبعد ذلك، أعلن هوك أنه لم يتحاور مع بهاروند بخصوص تبادل السجناء، ووصف الصفقة بأنها فرصة مُهدرة، مشيرًا إلى احتمال أن يكون بهاروند غير مصرح له من سلطاته بالتحدث لأي مسؤول أميركي.
وفي 12 كانون الأول/ ديسمبر، قال هوك أمام الحضور بمجلس العلاقات الخارجية “تبادل السجناء أثبت أننا نعرف كيف نتعامل سويًا ونتوصل لاتفاق، وأتمنى أن يكون هذا التبادل بمثابة خطوة أولى.”
هوك لم يجب مباشرة على استيضاح من المونيتور حول مزاعم تدخله في مسار عمل الإدعاء العام في أيام الأخيرة قبل إتمام صفقة التبادل.
“المهم هو أن وانغ أصبح في المنزل” يقول ميكي بيرجمان، نائب رئيس مؤسسة ريتشاردسون للعلاقات الدولية والمُكلف مِن عائلة وانغ وعائلات آخرين مسجونين في إيران وسوريا وفنزويلا وكوريا الشمالية وروسيا لمحاولة إطلاق سراحهم. بيرجمان الذي عمل لعدة أشهر مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ومسؤولين في مجلس الأمن القومي ووزارة العدل قال للمونيتور “لقد أثبت تبادل وانج-سليماني لنا وللحكومة الأميركية أن الإيرانيين قادرون على الوفاء بتعهداتهم. ثبت هذا بالفعل وليس بالكلام لمؤسسة ريتشاردسون وهذا مهم للغاية لأن هناك المزيد من الأميركيين المحتجزين في إيران ونريد عودتهم إلى بلادهم.”
وأضاف ميكي بيرجمان “إننا نعمل لصالح العائلات، بينما الحكومات لديها حساباتها المعقدة ومصالحها مع الحكومات الاجنبية. نحن لدينا هدف وحيد هو إعادة الشخص إلى منزله، كما نتفهم الصورة الأكبر خلف هذا الأمر ولهذا من جانبنا نعمل على أن نقوم بترتيب كل الإجراءات اللازمة ومِن ثم نقدمها للحكومة مِن أجل تنفيذها، وإن لم نقم بهذا فسنسمح للمخربين الذين لا يريدون أي تسوية أن يحققوا مرادهم.
وحول المسؤولين الحكوميين الذين قفزوا في اللحظة الأخيرة لمحاولة الإمساك بخيوط عملية التبادل شديدة الحساسية وقطف النجاح، قال بيرجمان “أتمنى أن يدركوا أن ما حدث يمكن أن يتكرر،” مشيرًا إلى أن هناك المزيد من المحتجزين الذين هم بحاجة لإطلاق سراحهم.
وأشار بيرجمان إلى أنه وريتشاردسون و بعد اجتماع عقداه مع وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف في 15 كانون الأول/ ديسمبر على هامش منتدى الدوحة، زاد لديهما الأمل بإطلاق سراح سجناء آخرين في إيران كالجندي الامريكي السابق مايكل وايت، كما أنهم يعملون على قضية الضابط السابق بمكتب التحقيقات الفيدرالية الأمريكية بوب ليفينسون الذي اختفى في العام 2007 بجزيرة كيش الإيرانية.
“بعد تبادل السجناء وانغ-سليماني جلس ريتشاردسون (حاكم نيوميكسيكو) مع مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في الدوحة وتبادلا النقاش، وكان مثمرًا، وأخبره أن عائلة وايت وكذلك بوب تلتمسان إطلاق سراح أبنائهم في إطار مزيد من صفقات التبادل الإنسانية، ولكن بطبيعة الحال هناك الكثير من الإجراءات الطويلة والتي يجب القيام بها ولكننا نأمل بنجاح هذا.”
وقد شهد منتدى الدوحة حضور كل من هوك وإيفانكا ترامب ووزير الخزانة الأميركي ستيفن منوشين، لكن ظريف قال للمونيتور إن ما من لقاءات رسمية ولا حتى عرضية معهم ولا مع أي أعضاء في الحكومة الأميركية.
“إذا أرادت إدارة ترامب الدخول في مفاوضات مع إيران، فعليها تغيير أسلوب تعاملها” يقول بيرجمان. “من أجل تسهيل حدوث مفاوضات مثمرة مع إيران سواء في زيوريخ أثناء تبادل سجناء أو في الدوحة بعد التبادل، اقترح عدم إعلان عقوبات جديدة، بل أن يقوم الرئيس بإصدار بيان إيجابي، ولقد فعل هذا، ولكن لا يتبعه بعقوبات إضافية، فهذا يثبت للإيرانيين أنه لا يمكنهم الثقة في الرئيس ترامب.”

رغم تصاعد التهديدات، هل إيران وأميركا على طريق مفاوضات جديدة؟

النائب السابق عن الحزب الديمقراطي بولاية كانساس جيم سلاتري والذي سبق له معرفة بالسفير الإيراني لدى الأمم المتحدة ماجد تخت روانشي الذي أتم دراسته الجامعية والدراسات العليا في كانساس، قال إنه يأمل في أن تستفيد الولايات المتحدة وإيران مِن نجاح عملية إطلاق سراح وانغ.
وأضاف للمونيتور عبر البريد الإلكتروني “لقد تعلمت الكثير أثناء هذه المفاوضات مِن خلال العمل مع جيسون بوبليت والحاكم بيل ريتشاردسون والمسؤولين الإيرانيين، ولقد نفذ المسؤولون الإيرانيون بالضبط كل ما وعدوا به.”
لكن لدى سلاتري مخاوف بشأن صفقات تبادل السجناء، كما أكد على مخاوف وزارة العدل مِن إستغلالها بواسطة النظام السياسي الأمريكي أو تسييس قرارتها. كذلك دعا الحكومة الأميركية لتخفيف العقوبات المفروضة على إيران في مجال شراء الأدوية، وهذا عبر تسهيل عمل البنوك والسماح لها بفتح الاعتمادات اللازمة لتسهيل الصفقات اللازمة.
وأضاف “لا أحبذ عمليات تبادل السجناء، لأنها تسيس نظامنا القضائي، يجب ألا نوجه الاتهام لأي شخص لأسباب سياسية ولا ينبغي لنا إطلاق سراح شخص ما مِن السجن وقد تم ثبوت إنتهاكه للقانون الأميركي لأسباب سياسية. يجب التعامل مع القضايا الجنائية مِن خلال القانون”.
سلاتري أمل أن تواصل الولايات المتحدة بيع الأدوية لإيران بسرعة أكبر فهي أمر خارج العقوبات الأمريكية “فالشعب الإيراني، بما في ذلك الأطفال وكبار السن والمرضى ذوي الحالات الحرجة يعانون من نقص الأدوية. وبحرمان البنوك من الإئتمانات التي يحتاجونها لتسهيل شراء الأدوية، لمنع بيعها للحرس الثوري في إيران، تسبب معاناة أكبر بين الناس، وهذا لا يخدم المصالح الأميركية أو المصالح الإسرائيلية.”
وختم سلاتري بالقول “إنني أدعو الحكومة الأميركية أن تكون جريئة في تواصلها الدبلوماسي مع إيران كما كان الأمر بالنسبة لكوريا الشمالية. المكاسب ستكون أكبر بكثير.”
وقد صرح دبلوماسي إيراني فضل عدم الكشف عن هويته “أعتقد أنه من مصلحة الجميع الإنخراط في تبادل شامل للسجناء مِن كلا الجانبين”.
أما اللبناني حامل الإقامة الامريكية نزار زكا والذي افرجت عنه إيران في يونيو الماضي فقد أكد أنه ألتقى وزوجة وانغ “هوا كو” بمستشار الأمن القومي الأمريكي روبرت أوبراين في سبتمبر من أجل إقناع الأخير بضرورة التعامل بجدية والموافقة على مقترحات محمد جواد ظريف من أجل التفاوض على تبادل السجناء.
وقال زكا للمونيتور “كنا واضحين للغاية، وسألناه لماذا لا تردون على ظريف؟ هذه المرة الأولى التي يتحدث فيها ظريف عن أسماء إيرانيين سجناء في الولايات المتحدة يمكن مبادلتهم.” وقال زكا إنهما حاولا الضغط على أوبراين، والذي عمل سابقًا من أجل إطلاق سراح سجناء في ظل إدارة ترامب.
كما كشف زكا أنه كان زميلا لوانغ في نفس الزنزانة بإيران لمدة عامين، قائلا “إنه رجل عظيم، أنا سعيد للغاية بعودته”.

ما هي قصة اللبناني نزار زكا في إيران.. كيف اعتقلته طهران وبماذا اتهتمه؟

المصدر/ المونيتور

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: