الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة16 نوفمبر 2019 20:03
للمشاركة:

احتجاجات في إيران ضد قرار رفع سعر البنزين

أبى العام 2019 أن ينتهي دون أن تدخل إيران سلسلة الاحتجاجات الشعبية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط الملتهبة. فبعد قرار الحكومة الإيرانية رفع أسعار البنزين، خرجت تجمعات في عدة مدن إيرانية يوم الجمعة ما أدى الى مواجهات مع قوى الأمن وسقوط قتيل في مدينة سيرجان، لتتسع بقعة الاحتجاجات صباح اليوم السبت في عدة مدن إيرانية أخرى.
فهل ستواجه الحكومة الإيرانية إعصارا شعبيا جديدا، أم أن ما يجري مجرد احتجاجات عابرة كالتي وقعت أواخر العام 2017 وبداية العام الماضي؟

تظاهرات في المدن الإيرانية رفضا لرفع أسعار البنزين

موجة الاحتجاجات التي تشهدها إيران بعد رفع أسعار البنزين بنسبة 300% ورفع شعارات منددة للقرار الحكومي، لم تثن الحكومة الإيرانية عن تنفيذ القرار بعد انتهاء الاجتماع الطارئ الذي عقده المجلس الاقتصادي الأعلى، الذي يضم السلطات الثلاث الرئيسية في إيران، لتمتد بقعة الاحتجاجات اليوم لمدن إيرانية أخرى.
وشدد المدعي العام الإيراني محمد جعفري منتظري على قانونية القرار الذي اتخذه خبراء اقتصاديين.
وخلال تصريحه للتلفزيون الرسمي الإيراني حذر منتظري من وصفهم ببعض الأفراد المخلِّين بالأمن، من استغلال الظروف الحالية لإحداث اضطرابات والتسبب بمشاكل في النظام العام.
وقال مستشار الرئيس الإيراني حسام الدين آشنا في تغريدة له على تويتر، “بكل صراحة إيران ليست كلبنان أو العراق والسفارة الأميركية مغلقة في طهران”، في إشارة منه إلى مؤامرة تحاك من أميركا ضد النظام في طهران.
من جهته صرح عضو لجنة رئاسة مجلس الشورى الإيراني علي أكبر رنجبر زاده، لوكالة مهر معلقاً على القرار بقوله:” رفعت الحكومة سعر البنزين بشكل قانوني ولها الحق في ذلك، لكن كان من الأفضل أن ترفعه بشكل تدريجي، بدلاً من رفعه 300 بالمئة دفعة واحدة، أو تأجيل القرار لميزانية الحكومة المالية للعام الشمسي القادم”.

تفاصيل قرار رفع سعر البنزين

قررت الحكومة الإيرانية يوم الجمعة 15 نوفمبر/تشرين الثاني رفع أسعار المحروقات (البنزين) ثلاثة أضعاف، وبحسب الشركة الوطنية الإيرانية لتوزيع المنتجات النفطية (والتي أعلنت بدورها عن تنفيذ القرار)، تضاعفت أسعار البنزين بجميع تصنيفاته، فارتفع سعر ليتر البنزين المدعوم حكومياً من(1000 إلى 1500 تومان=13 سنت أميركي) أما سعر ليتر البنزين غير المدعوم حكومياً فأصبح (3000 تومان=26 سنت أميركي)، بالإضافة للبنزين الممتاز الذي سجل ارتفاعاً حوالي (3500 تومان=30 سنت أميركي) لليتر الواحد.
في المقابل قررت الشركة الوطنية لتوزيع المنتجات النفطية، منح أصحاب السيارات الشخصية 60 ليترا من البنزين شهرياً، أما أصحاب السيارات التي تستهلك البنزين والغاز معاً فسيحصلون على 30 ليترا، إضافة لمنح 25 ليترا من البنزين شهرياً لأصحاب الدراجات النارية.

تجمعات معارضة للقرار تَعمُّ البلاد

وفي ظل موجة البرد التي تجتاح إيران ارتفعت نسبة غليان الشارع الإيراني، فخرجت تجمعات معارضة للقرار برمته يوم أمس الجمعة في عدة مدن إيرانية، كمشهد، الأهواز، شيراز، أصفهان، يزد، تبريز، سيرجان ومدينة قدس التي تقبع على أطراف العاصمة طهران، بالتزامن مع نشر نشطاء إيرانيون مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر مشاهدا لعمليات قطع الطرق والمواجهات مع رجال الأمن.
ومع تصاعد الاحتجاجات، أشعل المتظاهرون عجلات السيارات ليسدوا الطرق في مدينة آبادان، كما نقل التلفزيون الرسمي الإيراني، أما في مدينة خرمشهر فسمع دوي إطلاق نار على المتظاهرين الأمر الذي تسبب بجرح عدد منهم، إلى جانب إضرام النار في شوارع عدة، ما استدعى تدخل القوات الحكومية للسيطرة على الأوضاع وإطلاق غاز مسيل للدموع لتفريق المتظاهرين.
وفي مدينة سيرجان سُجل سقوط قتيل برصاص رجال الأمن، وبرر القائم بأعمال محافظ سيرجان محمد محمود آبادي الحادثة في حديث لوكالة “ايسنا” بالقول إنها وقعت على إثر هجوم المتظاهرين على مستودعات النفط في المدينة.
وانتقلت الاحتجاجات يوم السبت إلى مدن إيرانية أخرى وكانت أكثر عنفاً من الجمعة. ففي مدينة أصفهان عمت الفوضى بعد إضرام النار في بنك “شهر”، وذكرت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي أن المصرف جرت سرقته من قبل أشخاص مجهولين.
وشهدت العاصمة الإيرانية طهران عدة تجمعات شعبية منددة بالقرار الحكومي متسببة بتعطيل الأعمال فيها.
وعمد المحتجون إلى إيقاف سياراتهم تعبيرا عن رفضهم للقرار، فضلا عن توقف الباصات والسيارات الثقيلة بعرض الطرق في منافذ وشوارع طهران الرئيسية.
أما في محافظة غلستان فغلبت سمة السلمية على الاعتراضات، حيث ردد المتظاهرون شعارات طالبت الحكومة بإلغاء قرار رفع أسعار البنزين. في غضون ذلك رفعت مدن أخرى كمدينة كرمسار شعارات سياسية “لاغزة لا لبنان روحي فداء لإيران” أما مدينة إيلام غربي البلاد رفعت شعار “لن نرضى بالذل”.

لماذا رفعت الحكومة الإيرانية سعر البنزين؟

من جهته اعتبر الرئيس الإيراني حسن روحاني، أن قرار رفع سعر البنزين “يصب في صالح الشعب الإيراني، ويهدف لدعم الشريحة التي تعيش في ظل ظروف اقتصادية صعبة”.
وخلال لقائه عددا من المسؤولين في الحكومة الجمعة، أكد روحاني أن القرار لم يأت بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد وأن هذه الأموال لن تذهب لخزينة الحكومة.
في الشأن ذاته أعلن المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي أن العوائد المالية المستحصلة من تعديل أسعار البنزين ستدعم مشروع معيشي ل18 مليون أسرة، مضيفا في تصريح صحفي أن الحكومة ستسيطر على التضخم الاقتصادي من خلال القرار ولن يكون هناك زيادة في أسعار النقل.

كيف عالجت الصحف الإيرانية رفع أسعار البنزين؟

إصرار حكومي على القرار

هذا وقد شهدت البلاد مظاهرات مماثلة العام الماضي، احتجاجاً على الأزمة الاقتصادية وارتفاع الأسعار والفساد الاقتصادي، متحولة فيما بعد من مطالب إصلاحية إلى دعوات لإسقاط النظام في إيران، حتى استطاعت السلطات الإيرانية إخمادها من خلال بعض الإصلاحات وبمساعدة القوات الأمنية.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: