الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة16 نوفمبر 2019 16:25
للمشاركة:

هل تتعاون باريس مع طهران لتضييق الخناق على المعارضة الإيرانية؟

‎يبدو أن إيران وفرنسا تعيشان شهر عسل نادر الحدوث لا سيما بعد تسلُّم باريس زمام المفاوضات مع طهران حول ملف إيران النووي، ممثلة للاتحاد الأوروبي.
‎فخلال هذه الفترة الوجيزة جرى اعتقال المعارض الإيراني روح الله زم، الذي تضاربت الروايات حول طريقة اعتقاله في ظل اتهامات وجهت للسلطات الفرنسية بالتعاون مع طهران للقبض على الأخير، إلى جانب قرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إنهاء وجود منظمة “مجاهدي خلق” الإيرانية المعارضة على الأراضي الفرنسية، فما حقيقة هذا الأمر؟

‎اتخذت السلطات الفرنسية قراراً بإنهاء وجود جماعة “مجاهدي خلق” الإيرانية المعارضة بشكل شرس للنظام الإيراني على أراضيها بعد إتمامها العقد الرابع خارج إيران. فبحسب ما نقلته وكالات إيرانية، فقد أكد السكرتير العام لقصر الإليزيه أليكسي كوهلر، في تغريدة له على تويتر “أن الرئيس ماكرون ووزير خارجيته جان إيف لودريان، قررا ترحيل الجماعة الإيرانية إلى مقرها الرئيسي في العاصمة الألبانية تيرانا.

هل تتعاون باريس مع طهران لتضييق الخناق على المعارضة الإيرانية؟ 1

وتعليقًا على الأمر رأى الصحفي الفرنسي في صحيفة “فيغارو نيس” جورج مالبرونو، في تغريدة له على تويتر، “أن قرار الترحيل يمكن أن يعتبر دفعة على الحساب قدمتها باريس لطهران للإفراج عن سجينين فرنسيين لدى طهران”.
السلطات الفرنسية سارعت من حهتها لنفي وجود أي حساب رسمي لكوهلر على مواقع التواصل الاجتماعي، إضافة لنفي القرار برمته، بعدما أحدث ضجة واسعة في صفوف المعارضة الإيرانية، في الوقت الذي احتفى فيه الإعلام الإيراني بما ورد عن كوهلر، وهو الأمر الذي أجبر-من ضمن أسباب- إدارة شبكتي تويتر وفيسبوك للإعلان عن إغلاق عدد من الحسابات التي وصفتها بالوهمية.

هل تتعاون باريس مع طهران لتضييق الخناق على المعارضة الإيرانية؟ 2

الجدير ذكره، أن هذا الحدث لم يكن أول حدث يثير الجدل بين المعارضة الإيرانية والحكومة الفرنسية، فبعد اعتقال الحرس الثوري للمعارض البارز روح الله زم، منتصف تشرين الأول/أكتوبر من العام الجاري في ظل تضارب الروايات حول مكان عملية الاعتقال وكيفيتها، وُجهت أصابع الاتهام للحكومة الفرنسية بالتواطئ مع طهران في تسليم الأخير لقوات الأمن الإيرانية، مقابل إفراج طهران عن الصحفية الفرنسية ذات الأصول الإيرانية فريبا عادل خواه والمعتقلة في طهران.
‎ولكن وزارة الخارجية الفرنسية نفت ما تناقلته وسائل الإعلام حول علمها بعملية الاعتقال في العراق، مؤكدة أنها لا تمتلك معلومات دقيقة حول ملابسات الاعتقال وأن زم كان حراً في التنقل داخل وخارج فرنسا لحصوله على صفة لاجئ على الأراضي الفرنسية.

من فرنسا إلى العراق إلى سجون الحرس الثوري,, قصة فخ لمعارض إيراني

في المقابل كشف تحقيق لصحيفة “لوموند” الفرنسية، نشر في عددها الصادر في 18 تشرين الأول/أكتوبر، عن علم السلطات الفرنسية وبعكس ما أفادت به وزارة خارجيتها، بذهاب زم إلى العراق وبأن الأجهزة الأمنية حثته على العدول عن الزيارة. وأكدت بأن هناك فخ نصب له، لكنَّه أصر على الذهاب.
‎وتلاحق قوات الحرس الثوري جماعات المعارضة الإيرانية خارج البلاد بشتى الطرق منذ أمد طويل. ولعل أبرز هذه العمليات التي تتهم بها إيران عملية تصفية رضا كلاهي، مهندس تفجير المقر الرئيسي للحزب الجمهوري الإسلامي عام 1981 والذي أدى إلى مقتل أكثر من 70 شخصا على رأسهم رئيس الحزب آية الله محمد بهشتي، والرئيس الإيراني الأسبق محمد علي رجائي.

‎فبعدما أعلنت طهران بعد حوالي 30 عاماً من التفجير الذي تبنته جماعة خلق عن اعتقال كلاهي في إحدى الدول الأوروبية لمحاكمته في طهران، كشفت السلطات الهولندية في العام 2015 عن مقتل إيراني يدعى علي معتمد في ظروف غامضة، ليتبين لاحقاً أن معتمد هو نفسه محمد رضا كلاهي.
‎تأسست منظمة “مجاهدين خلق” عام 1965 كمنظمة معارضة لنظام الشاه، وشاركت في إسقاط نظام الشاه عام 1979 لكنها وبعد فترة قصيرة من انتصار الثورة الإيرانية تحولت لمعارضة الحكم الجديد بقيادة آية الله روح الله خميني، معتبرة أن الحكم الجديد يشكل خطراً على مستقبل إيران، ومطالبة بحكم ديمقراطي حر في البلاد.
‎ووفقًا لرواية النظام الإيراني، بدأت المنظمة باتباع أساليب مختلفة في محاولة إسقاط النظام، بما في ذلك التفجيرات وهو ما جعلها تواجه غضبا شديدا من أنصار الثورة ما أدى لملاحقتهم واعتقال عدد كبير منهم، لينتهي بهم المطاف للجوء خارج البلاد والتعاون مع الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، في الحرب التي خاضها مع إيران بين 1980 و1988.
‎وفي عام 1988 اُعدم آلاف المنتسبين للمنظمة داخل البلاد بعد هجوم ضخم حاولت تنفيذه من الحدود العراقية على مناطق غربي إيران. وظلَّت هذه الاعدامات تثير الجدل بشكل كبير داخل وخارج إيران وعادت لتتفاعل مع ترشح إبراهيم رئيسي، الذي كان أحد المكلفين في البت في الملف، لرئاسة الجمهورية في العام 2017، ولاحقًا مع تعيينه رئيسًا للسلطة القضائية في البلاد.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: