الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة16 نوفمبر 2019 06:28
للمشاركة:

ترامب يخذل حلفاءه الأكراد.. هل تتبدل الأولويات الأميركية في الشرق الأوسط بما يخدم إيران؟

نشرت بمجلة “The Atlantic” الأميركية، مقالةً للباحث المتخصص في القضايا الدولية أوري فريدمان، يوم الخميس 14 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، ناقش خلالها تساؤلًا طرحه مسؤولٌ أوروبي حول إمكانية تعويل حلفاء واشنطن عليها في وقت الأزمات بعد تخليها عن حلفائها في الشمال السوري (الأكراد). وتحت عنوان “بماذا يفكر حلفاء أميركا حقًا بشأن قرار ترامب في سوريا”، نقل فريدمان عن مسؤولٍ في إحدى الدول الحليفة لأميركا قوله أنّ “الضوء الأخضر الذي منح إلى تركيا كي تجتاح أراضي كردية كان شكلًا من أشكال الخيانة”. وتابع الكاتب بأنّ المواقف من هذا النوع تثبت غياب وجود قواعد ثابتة أو “شرطة عالمية”، أو حتى مؤسساتٍ يمكن اللجوء إليها كملاذٍ أخير، فالأمور خاضعة للزعماء ووعودهم وإرادتهم.

وأضاف الكاتب بأنّ شبكة التحالفات الأميركية والاتفاقيات الأمنية المبرمة تفترض المساندة المشتركة بين واشنطن وأصدقائها، كما أشار إلى أنّ نخلي واشنطن عن الأكراد يتزامن مع انهيار النظام العالمي القائم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وصعود الصين كقوةٍ عالمية، وعودة روسيا إلى المنافسة وتراجع الدور الأميركي. كذلك اعتبر فريدمان أنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب وجّه رسالةً إلى العالم مفادها أنّ المشكلة لا تنحصر بالالتزام الأميركي تجاه الأكراد، بل تتعلق بالالتزامات الأميركية نفسها. ويرى فريدمان أنّ حلفاء أميركا حول العالم يحاولون استخراج العبر من تخلي الرئيس الأميركي عن الأكراد، مضيفًا بأنّ هؤلاء الحلفاء غير مطمئنين من إمكانية مساهمة أميركا في إنقاذهم وقت الأزمات، فيما استبعد ان تتبدد هذه المخاوف مع انتهاء الفترة الرئاسية الحالية للرئيس ترامب.

إيران تعارض ولا تعارض حملة نبع السلام التركية، لماذا؟

وتابع الكاتب بأنّ قرار الرئيس الأميركي سحب قواته من شمال شرق سوريا لم يكن مجرد خطوةً عاديةً في إطار السياسات الجدلية التي يتبعها، مُذكّرًا أنّه فاجئ العالم مرتبين عبر الإعلان عن سحب القوات الأميركية من سوريا، ومن ثم تراجعه “الجزئي” عن قراره تحت ضغط مستشاريه. وأضاف فريدمان بأن ترامب يتأرجح بين الانسحاب من الشرق الأوسط ومن ثم العودة إلى هذه المنطقة تحت الضغط، مشيرًا في هذا السياق إلى إرساله آلافًا من القوات الأميركية إلى السعودية. ما دفع الكاتب للتأكيد على أنّ المسألة “ليست انسحابًا أميركيًا يأتي في إطار السياسة الانعزالية، بل سياسةً أميركية غير متماسكة تأتي في إطار السقوط الاستراتيجي الأميركي”، حسب وصفه.

ولم يغفل فريدمان الإشارة إلى سخرية الرئيس ترامب من سلفه باراك أوباما بسبب عدم اقدام الأخير على استخدام القوة العسكرية لحل الأزمة السورية عام 2013. بعد تصريحه بأنّ “الخط الأحمر” بالنسبة له هو استخدام الحكومة السورية للأسلحة الكيماوية. وأردف بأنّ المتقدين لهذا القرار قالوا حينها أنّ أوباما يقلل من قيمة الالتزامات الأميركية ويقوض قوة أميركا. غير أن الكاتب اعتبر أن “الضوء الأخضر” الذي اعطاه ترامب لتركيا لمهاجمة الأكراد في سوريا سيطارده كما جرى مع سلفه أوباما في موضوع “الخط الأحمر”. هذا ونقل فريدمان عن مستشار الأمن القومي الأميركي السابق هربرت مكماستر قوله بأنّ “هناك علاقةً مباشرةً بين عدم إقدام أوباما على ضرب سوريا بعد كلامه عن “الخط الأحمر” من جهة، والسياسات التي تتبعها روسيا والصين في كل من أوكرانيا وبحر الصين الجنوبي من جهة اخرى”. وأضاف فريدمان نقًلا عن مكماستر، بأنّ القرارات التي تتخذ اليوم تؤثر على النظرة تجاه القوة الأميركية، وبأنّ الأمور وصلت إلى مرحلةٍ خطيرة حيث أضحى هناك الكثير من الشك.

ماذا تعني عملية شرق الفرات لإيران؟

كذلك أشار فريدمان إلى تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مقابلته مع مجلة “The Economist” حول ما وصفه ب “الموت سريري” لحلف شمال الأطلسي (الناتو). وبأنّ القضية تعود إلى ما قبل مجيء ترامب، وأنّ امتناع أوباما عن الرد على استخدام الاسلحة الكيماوية في سوريا شكّل المرحلة الاولى في ما وصفه ب”انهيار التكتل الغربي”. فريدمان نقل أيضًا عن السيناتور الديمقراطي كريس ميرفي قوله إنّ بعض الجمهوريين يعتقدون على ما يبدو بأنّ هناك نقطة تحولٍ على صعيد مدى حماس أي جهةٍ للدخول في تحالف مع أميركا”، وأنّ ما جرى مع الأكراد في سوريا كان بمثابةِ كابوسِ حقيقيّ لكل حلفاء أميركا.

وخلص فريدمان إلى أنّ ما حدث مع الأكراد، يفيد بأنّ تصميم الرئيس الأميركي على سحب قواته من ميادين المواجهة قويٌ لدرجة أنّه يحتل أولويةً على الاعتبارات الاستراتيجية الأخرى، كالتصدي للدول المنافسة للنفوذ الأميركي في الشرق الأوسط مثل روسيا وإيران. وشدد فريدمان على أنّ المشهد قد تغير في سوريا بغض النظر عن السياسة التي سيعتمدها الرئيس ترامب في ذلك البلد، مشيرًا إلى أنّ قواتٍ “روسية وتركية وسورية مدعومةٍ من قبل إيران” دخلت المناطق التي كانت تتواجد فيها القوات الأميركية والكردية. واختتم الكاتب مقالته بالتأكيد على أنّ السؤال المطروح اليوم يتمحور حول قوة ومصالح أميركا على ضوء قرارات ترامب في سوريا، لافتًا إلى أنّ الرئيس الأميركي قد بيّن بوضوح بأنّ بلاده ليست مستعدةً لتحمل مسؤولياتٍ “على صعيد كبح القوى الاقليمية و حماية الشركاء في مجال مكافحة الإرهاب ومواجهة جماعات إرهابية”.

ماذا رحبت إيران من عملية نبع السلام التركية في سوريا؟
جاده ايران تلغرام
للمشاركة: