الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة5 نوفمبر 2019 13:49
للمشاركة:

عملية “نبع السلام” التركية توقظ النزعات القومية في إيران

تسلل انقسام الشارع الإيراني بين مؤيد ومخالف للعملية العسكرية التركية “نبع السلام” في الشمال السوري، إلى المستطيل الأخضر، فلم تَنجُ الرياضة من لعنة السياسة، ولا من جدل واسع اجتاح مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب مباراة في كرة القدم، ما اعتبره البعض محاولة لإشعال فتيل النزاعات القومية بين أتراك وكُرد إيران، أما السلطات الإيرانية فسارعت من جهتها لإطفاء ما حصل قبل أن يتمكن من إيقاد شبح فتنة داخلية.
في مدينة تبريز الإيرانية، وتحديدا يوم الجمعة الماضي 1 تشرين الثاني/نوفمبر 2019، لعب فريق “استقلال” من العاصمة طهران مع “تراكتور” الذي يمثل مدينة تبريز والتي يقطن فيها عدد كبير من أتراك إيران الآذريين، لذا يحظى بشعبية هناك ولدى هذه القومية في محافظات عدة، فشهدت المباراة ترديد شعارات “عنصرية” حولت التعصب الكروي إلى قومي نوعا ما.
تضامنت الشعارات التي رددها بعض المشجعين مع الجيش التركي وأيدت حملته العسكرية “نبع السلام” التي استهدفت وحدات حماية الشعب الكردية ومن معها ممن ينضوون تحت لواء حزب العمال الكردستاني في سوريا، بحسب تصريحات أنقرة..
مشجعو فريق تراكتور تبريز، المحسوب على أتراك إيران أيضا، بدأوا بترديد هذه الشعارات بعد أن أدوا التحية العسكرية التركية ورفعوا العلم التركي، مرددين هتاف “تركيا.. تركيا” بين الحين والآخر، كما رددوا خلال هذه المباراة التي حضرها 70 ألف مشجع شعارات من قبيل “الموت للأكراد”.

لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل نادت أصوات البعض من على مدرجات المشجعين في الختام بإحياء أمل انفصال أذريي إيران عن البلاد، والانضمام لتركيا، وهذا وفق مقاطع الفيديو التي انتشرت في العديد من المواقع الالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي.

https://twitter.com/ALI700627/status/1191325515438792705?s=08

السلطات الإيرانية بادرت لاحتواء الأمر، فاعتقلت سبعة أشخاص من جمهور فريق تراكتور، متهمةً إياهم بإخلال الأمن القومي، حسبما صرح بذلك نائب وزير الداخلية الإيراني للشؤون الأمنية والعسكرية حسين ذو الفقاري، مؤكداً أن ما حدث “مخالف للأمن القومي”، الأمر الذي يحتم إحالة المعتقلين إلى السلطة القضائية للبت بحكم بحقهم.
نادر قاضي بور، النائب البرلماني عن مدينة أرومية والتي تعد مركز محافظة اذربيجان الغربية ندّد بالشعارات التي رفعها المشجعون، معتبراً إياها منافية للأخلاق الرياضية، كما شدّد في حديثٍ لوكالة “خانة ملت” التابعة لمجلس الشورى الإسلامي، على ضرورة معاقبة المحرّضين على ترديد هذا النوع من الشعارات، كما قدم اعتذاراً عمّا بدر من مشجعي فريق تراكتور، مؤكداً على اللحمة الوطنية الإيرانية بين جميع الأطياف.

الجدير بالذكر أن معظم الإيرانيين الأتراك، أو ممن يسمون بالآذريين، يعيشون في المناطق الشمالية والشمالية الغربية من البلاد، ويتوزعون على محافظات اذربيجان غربي وشرقي وزنجان وأردبيل، ويصنفون كثاني أكبر مجموعة عرقية في البلاد بعد الفرس من حيث التعداد، ويتولون مناصب سياسية واقتصادية هامة في الحكومة ويشكلون قوة اقتصادية وتجارية لا يستهان بها، ولدى بعضهم مطلب السماح لهذه الفئة بالدراسة باللغة التركية، فهي لغتهم الأم وهم يتحدثون بها وينقلونها من جيل لآخر.
ما حصل لم يكن الأول من نوعه، فقد قام مشجعو “تراكتور” ذاته بترديد شعارات مماثلة خلال مباراة فريقهم مع فريق “برسبوليس” العام الماضي، وهو كذلك فريق من العاصمة طهران، ما دفع لاعبي الفريقين في حينه لإصدار رسالة تطالب المشجعين بعدم رفع شعارات توصف بالعنصرية، مهددين بإيقاف المباراة في حال تكرار الأمر، ووفقا لمقررات الفيفا
أما تداعيات ما حدث الجمعة الماضية والتي انتهت فيها المواجهة الكروية بخسارة فريق تراكتور أمام استقلال بنتيجة 4-2، فقد انتقلت من الأوساط الرسمية والرياضية إلى الفضاء الالكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي، وانقسم المستخدمون من الشارع الإيراني بين مؤيد ومعارض ونافٍ للأمر من أساسه.

اوزون حسن غرد قائلاً: “من حق الأكراد ترديد شعار الموت لتركيا، لكنه يحظر على أتراك إيران قول عاشت تركيا”

https://twitter.com/Uzunhassann/status/1190970326240432128?s=08

أما يونس عظيمي فغرد معارضاً للأمر: “حاول العثمانيون ضَمْ مدينة تبريز إلى خلافتهم بعد قتلهم 12 ألف تركي إيراني… لكن أحفاد العثمانيين اليوم استطاعوا السيطرة على عقول شبابنا، دون إطلاق رصاصة واحدة”

https://twitter.com/AzimiYuones/status/1190850898785964033?s=08

جلال طهراني قال إنه كان حاضراً خلال المباراة وأكد على قلَّة عدد مرددي تلك الشعارات “العنصرية” مؤكدا أنهم لم يتجاوزوا الخمسين شخصا من بين حضور أكبر بكثير، وشكك بحقيقة ما جرى وطالب بالبحث عمّن سينتفع من إثارة هذه النزعات.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: