الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة10 أكتوبر 2019 18:29
للمشاركة:

إيران تعارض ولا تعارض حملة نبع السلام التركية، لماذا؟

للوهلة الأولى، قد تبدو إيران محرجة أمام عملية “نبع السلام” التي أطلقتها تركيا ضد قوات سوريا الديمقراطية شرقي نهر الفرات في سوريا. فطهران تعبّر دائما عن دعمها لوحدة الأراضي السورية، لكنها في الوقت نفسه، لا تريد خسارة علاقتها بتركيا، التي تحولت إلى علاقة حلفٍ من جديد، بعد سنوات من المواجهة غير المباشرة في سوريا. 

هذا الحرج انعكس في ردة الفعل الإيرانية الضعيفة بعد بدء العملية التركية، مقارنة بالمواقف الخليجية والمصرية. صحیح أن طهران مصرة على الحفاظ على علاقاتها مع أنقرة، ولكنها من جهة أخرى، تستشعر خطرا من العملية التركية تجاه حليفها السوري.

ولذلك، يمكن ملاحظة زيادة العوامل التي تزيد من تردد طهران، وأبرزها: 

أولًا: تعتبر إيران الوجود الأميركي في المنطقة تهديدا أساسياً لأمنها القومي، وبالتالي تتعامل مع أي تراجع عسكري أميركي في الشرق الاوسط كانتصار لها، أو إنجاز لسياستها، وتعزيزًا لأمنها في المنطقة وداخل حدودها.

ثانيًا: صحیح أن شرق الفرات أرض سورية، وأي وجود عسكري تركي فيها يعدّ عدواناً على دولة حليفة لإيران، إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: هل كانت هذه المنطقة قبل احتلالها تحت سيطرة الجيش السوري؟ بصياغة أخرى، هل كانت الحكومة السورية قادرة على استعادة شرق الفرات من قوات سوريا الديمقراطية المدعومة أميركيًا؟ الجواب بطبيعة الحال هو لا. وليس صعبًا الحسم بأن طهران في حال تخييرها بين وجود أميركي كردي طويل الأمد، وآخر تركي قصير الأمد، ستختار الأخير.

ثالثاً: لا يخفى على أحد علاقة إيران مع المنظمات الكردية ودعمها لهم، وفي طليعتهم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني. لكن مع ذلك، لا يُعتقد أن طهران تقبل نشوء منظمات كردية مسلحة، ونموّها بشكل يجعل احتواءها صعبًا على الصعيد الاقليمي. السؤال المطروح هنا: كيف يمكن لإيران مواجهة هذه الظاهرة، وهل تملك خيارات أفضل من الانسحاب من المشهد، وانتظار مواجهة تركيا مع هذه المنظمات دون أن تتدخل؟

رابعًا: بإمكان إيران الإفادة من أوراقها لدى الطرفين لاحتواء الأزمة، ولعب دور الوسيط في الوقت المناسب، وهي بالمناسبة، السياسة نفسها التي تتبعها روسيا في هذا الملف.

من الواضح أيضا ان إيران لا ترغب برؤية تغيير جغرافي جديد في المنطقة. فهي وإن كانت تكرر القول بأنها تعارض ما تصفها بالخطط الاستعمارية ضد الشعوب الإسلامية، لكنها في الوقت نفسه تتعامل بقلق شديد مع المنظمات الشعبية المسلحة التي تقوم ببناء علاقات قوية مع دول كأميركا وإسرائيل والسعودية، لأنها تخشى من تحول هذه المنظمات الى أدوات لتنفيذ أجندات الدول المناوئة لها في الغرب وغيره، وبالتالي، التحول إلى ذراع عسكري يعمل بأوامر لا تتناسب مع سياسة طهران، إن لم يكن تؤديها.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: