الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة13 أغسطس 2018 14:18
للمشاركة:

كيف تنظر طهران لموقف بغداد من العقوبات الأمريكية المفروضة عليها؟

324928.jpg

 

خاص- جاده ايران

أثار الموقف العراقي من العقوبات الأمريكية تجاه طهران حفيظة الإيرانيين، فأهتمت وسائل الاعلام الإيرانية بنقل التصريحات والتحليلات والمواقف الإيرانية التي أظهرت استياءً إيرانياً واضحاً من تصريحات رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي والتي قال فيها أن حكومته “لا تتعاطف” مع العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران، لكنه أكد على التزامه بها حفاظاً على مصالح العراق.

 

وبالرغم من أن أعلى الردود الرسمية الإيرانية جاءت على مستوى نائب بالبرلمان الإيراني، إلا أنها جاءت قوية طالب فيها النائب الإصلاحي محمود صادقي العراق بدفع ديونه المستحقة لإيران، هذه الديون التي جاءت طبقاً للقرار الأممي 598 والمقدرة ب1100 مليار دولار كغرامة  لقاء الخسائر “المباشرة” للحرب بين البلدين. وأشار صادقي أن رئيس وزراء بغداد بدلاً من أن يعوض إيران يتماشى مع العقوبات المفروضة عليها من قبل الولايات المتحدة.

 

واستكمالًا لما بدأه صادقي، طالب أستاذ القانون الدولي داوود هرميداس باوند، بمفاوضات خاصة مع الجانب العراقي حول موضوع دفع الغرامة، والتأكد  إذا ما كانت العراق فعلاً ملتزمة بالعقوبات الأمريكية، مما يحتم  على إيران حينها طرح دفع الغرامة بشكل جدي، مشيرًا إلى استنتاج الأمم المتحدة الذي قدر الغرامة بـ 300 مليار دولار لإيران.

 

فيما أكد الخبير في الشؤون الدولية حسن بهشتي بور، على أنه يجب إنهاء موضوع دفع العراق للغرامة إلى إيران، ومثل هذا الشيء لا صلة له بموقف بغداد تجاه العقوبات الأمريكية، مؤكدًا على أن القرار العراقي يوضح أن العراق لا زال تحت نفوذ وسلطة الولايات المتحدة، وبالتالي فإن العراق برأيه يرى أن مصالحه الظاهرية الآن ترتكز على السير في الفلك الأمريكي لكنه يدرك أن المصلحة الاستراتجية على المدى الأبعد تكمن في العلاقة مع إيران، ولذلك يطلب بور من الدولة الإيرانية التعامل مع العراق بالمثل رداً على التزامه بالعقوبات الأمريكية.

وفي هذا السياق وباعتبار أن ما تعرضت له إيران من العراق يعد طعنة من الظهر وتخلي عن الحليف في الأوقات الصعبة، ألقى المسؤول الإصلاحي عبد الله رمضان زاده باللوم على من لم يسمعوا منه عندما كان يرى أن بلاده يجب أن لا تحول دون تقسيم العراق.

بينما اعتبر الخبير الإيراني في شؤون الشرق الأوسط  الدكتور عماد آبشناس، في تحليل له بعنوان “أصدقاء المنفعة” أن العبادي مجبور على جذب أصوات غالبية البرلمان بأي طريقة كانت، كي يصل مجددًا إلى منصب رئيس الوزراء، متسائلًا بعدما سرد عدد من المواقف هل يمكن اعتبار العبادي صديقًا لإيران، أم أن صداقته مع إيران صداقة مصلحة فقط، وإذا مالم تقتضي مصالحه ذلك، فمن الممكن ألا يتجاوز إيران فقط، وإنما يتجاهلها بالكامل.

 

وفي ظل الفراغ الحكومي الذي تشهده السلطة بالعراق وقيام العبادي بتسيير أعمال الحكومة لحين اختيار رئيس حكومة جديد يبدي مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري وائتلاف سائرون البرلماني الحاصل على الأكثرية البرلمانية، عزوفاً عن المشاركة في الحكومة الجديدة، رافضاً الدخول في تحالفات حكومية تقوم على مبدأ المحاصصة الطائفية والعرقية والحزبية، ويشير خلال بيان له أنه لم يعد قادراً على مواصلة دعمه لرئيس الوزراء حيدر العبادي لتولي المنصب مجدداً. مما يضع تصريحات العبادي في إطار المحاولة لكسب أصوات الأكثرية ، كي يحافظ على مقعده في رئاسة الوزراء لدورة أخرى. لأنه لو لم يكن الأمر كذلك لأنتظر العبادي تشكيل الحكومة الجديدة، لتتخذ هي الموقف وتدافع عنه، نظرًا لكون العبادي نفسه يقوم مؤقتًا بدور رئيس الوزراء.

 

وتحت عنوان “العراقيين قلوبهم مع إيران، لكن سيوفهم لا”، في استدعاء لمقولة تاريخية قيلت للإمام الحسين بن علي، حلل الكاتب في الشؤون الدولية صابر غل عنبري، موقف العراق تجاه العقوبات الأمريكية ضد إيران. ورأى غل عنبري أن العبادي يريد تقديم نفسه شخصية مستقلة تتخذ قرارها بناء على مصلحة العراق الوطنية، وألا يجعلها ضحية لمصالح أطراف أخرى وإن كانت إيران حتى، هذا إلى جانب رغبته في إرسال إشارات للولايات المتحدة لأجل جذب دعمها لتوليه منصب رئيس وزراء العراق، ويبدو أن العبادي يعتبر مستقبله السياسي رهن باللعب بورقة إيران.

 

كما اعتقد غل عنبري أن موقف التيار الصدري المغاير لموقف العبادي، يأتي انطلاقًا من سياساته المعادية للولايات المتحدة، وهذا لا يعني تغيّر آراء وملاحظات الصدر بخصوص نفوذ ودور إيران في العراق.

 

ودعّم مهدي مطهر نيا الخبير في الشؤون الدولية رؤية غل عنبري، وذكر أن إيران ستتحول إلى ورقة رابحة لدول الجوار لنيل امتيازات من الولايات المتحدة، لافتًا أن اتباع أنقرة لطهران نوع من اللعب بورقة إيران في مواجهة أمريكا، مقدمًا النصح للمسؤولين بأن لا يسعدوا كثيرًا من مواقف بعض دول الجوار في اتباع إيران خلال فترة العقوبات الأمريكية. 

وفي النهاية أكد الباحث سعيد ساسانيان في تقرير تحليلي له على موقع معهد تبيين للدراسات الاستراتيجية، أن احتياجات العراق الأمنية قد تقلصت بسبب الانتهاء النسبي لحضور داعش على أراضيها، وبالتوازي مع ذلك الانخفاض، تشددت الاحتياجات المعيشية والرفاهية لشعب العراق. وخلال الأسابيع الأخيرة كانت توضح شوارع البصرة وبغداد وحتى كربلاء والنجف جيدًا مثل هذه الاحتياجات. وذكر إن الجماعات الجهادية مثل النجباء أو عصائب أهل الحق لن تلب هذه الاحتياجات، وهي الجماعات المقربة من إيران، والتي ستسعى طهران للحفاظ عليها ودعمها.

 

وفي النهاية طالب ساسانيان بما أسماه الإلزام الاستراتيجي اليوم لأجل مواجهة إيران للعراق الجديد، لافتًا أن عدم الإدارة السليمة لإنتاج واستهلاك الكهرباء خلال الأسابيع الأخيرة في إيران قد أدى إلى نقص في تصدير الكهرباء الإيرانية للعراق ، مما فتح المجال أمام السعودية أكثر من ذي قبل في العراق. ولذلك يعتبر ساسانيان أن تضخيم العلاقات الاقتصادية مع العراق وتوفير احتياجات شعبها من قبل إيران، سيجبر بالضرورة القيادة العراقية أن لا تلتزم بأي عقوبات أمريكية تجاه إيران حفاظاً على المصالح القومية لبلادها.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: