الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة29 يوليو 2019 19:00
للمشاركة:

“غاندو” يضع ظريف على شفا الاستقالة الثانية

لم تكد تهدأ الضجّة الإعلامية التي صاحبت بث مسلسل “غاندو” التلفزيوني، إلا وثارت الأخرى بعد تأكيد المتحدث باسم وزارة الخارجية عباس موسوي، الأنباء التي كشفت عن قيام وزير الخارجية محمد جواد ظريف، بكتابة رسالة إلى المرشد علي خامنئي، يعبّر فيها عن تردده حيال الاستمرار في منصبه وزيرًا لخارجية إيران، بعد سلسلة الاتهامات التي طالته في أعقاب عرض مسلسل “غاندو” على شاشة التلفزيون الإيراني.
رسالة ظريف التي نشرها الصحفي الإيراني محمد مهاجري عبر قناته في “تلغرام”، أظهرت استياء رئيس الديبلوماسية الإيرانية من موجة الإهانات والتهم التي طالته، على إثر هذا المسلسل، حيث كتب للمرشد قائلا “إذا ما صحًّ جزء من حجم التخريب هذا، فالاستمرار في العمل وزيراً للخارجية لا يجوز شرعاً”. موقف ظريف المُرسل إلى المرشد خامنئي لم يغب عن عناوين الصحف الإيرانية، فنقلت هذه الأخيرة تلك الرسالة عن مهاجري، متحدثة في أعدادها الصادرة صباح اليوم الاثنين عن “شكوك تدور حول وجود استقالة ثانية لظريف”، لكنها في نفس الوقت نقلت الرد الذي تلقاه الوزير ظريف من المرشد خامنئي، والذي كان فحواه بحسب مهاجري “أنا لست راضياً بالمطلق أن تتلقى أدنى إهانة”.
برغم التفاصيل الواردة في رسائل التي أفصحت عنها رسائل الصحفي الإيراني إلا أنها بقيت في إطار التكهنات إلى أن أقر الناطق باسم الخارجية عباس موسوي بوجودها، عندما قال “بالفعل لقد كتب ظريف هذه الرسالة إلى المرشد، إذ أنَّ هيئة الإذاعة والتلفزيون من المؤسسات التي يشرف عليها المرشد، الأمر الذي يحتم توجيه الشكوى إليه”، وأعرب موسوي خلال المؤتمر الاسبوعي لوزارة الخارجية عن قناعته بـ “سعي هذا المسلسل نحو إظهار وزير الخارجية كشخصية سلبية وغير فعالة ومستسلمة”، مضيفاً إن” دولة بحجم إيران إذا كان من المقرر أن يكون لديها مثل هذا الوزير الذي يصوره هذا المسلسل، فإن بقائنا وبقاء وزير الخارجية ووزارة الخارجية غير مسموح به، ومن الناحية الشرعية على وزير الخارجية أن يكون شخصاً يضع الكرامة والمنفعة والحكمة نصب عينيه، وأن يحظى بالقوة ليكون لسان هذه الأمة”.
موسوي لم يتوقف عند مضمون رسالة ظريف فقط، بل عرض لموقف المرشد، فجاء على لسانه متطابقاً مع رسالة مهاجري، وبناءً عليه، دعا الناطق باسم الخارجية إلى ضرورة أن تكون هناك آذان صاغية لموقف المرشد علي خامنئي الصادر في هذه المسألة.

“موسوي: بالفعل لقد كتب ظريف هذه الرسالة إلى المرشد”

جدير بالذكر، الإشارة في هذا السياق إلى أن مسلسل “غاندو” الذي تبثه القناة الثالثة الإيرانية منذ حزيران/ يونيو الماضي، هو من إعداد مؤسسة “الشهيد آويني”، التي تخضع لإشراف “بسيج الإذاعة والتلفزيون”، ويتولى إدارتها مهدي طائب شقيق رئيس استخبارات الحرس الثوري حسين طائب. ويتضمن هذا المسلسل الإضاءة على رواية مقتل حسن طهراني مقدم مؤسس القوات الجو فضائية للحرس الثوري والأب الروحي لبرنامج إيران الصاروخي، والذي لقي مصرعه على إثر انفجار ضخم في معسكر “مدرس” التابع للحرس الثوري، في 12 نوفمبر 2011، حيث ظلَّ الحرس الثوري يتكتم على مسببات هذا الانفجار. ونفى حينها المسؤولون الإيرانيون أن يكون سبب الانفجار عمليات تخريبية أميركية، وأعلنوا أن ما جرى “ناتجٌ عن حادث فني خلال عملية نقلٍ للعتاد في المعسكر”. لكنّ المسلسل يقدم رواية أخرى، وينقل اعترافات بوقوف أجهزة الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية، بالتعاون مع المعارضة الإيرانية في الخارج، خلف الانفجار، ما أثار جدلاً واسعاً.
كما أن المسلسل يعالج ملف الافراج عن الصحفي الإيراني – الأميركي جيسون رضائيان، والذي أُلقي القبض عليه بتهمة التجسس، وأُفرج عنه بعد 18 شهرًا من السجن برفقة 3 من الأميركيين الآخرين في إطار تبادل السجناء بين طهران وواشنطن في 16 كانون الثاني/يناير 2016.
كذلك فإن شخصية الوزير ظريف، صُورت في المسلسل على أنها شخصية سياسية مخترقة، تميل للغرب. في ذات الوقت أظهر المسلسل وزارة الخارجية كأنها جهاز يعمل ضد المؤسسات الأمنية والمصالح الوطنية، وقد علّق ظريف سابقاً على هذا المسلسل، فقال “أنا لا أشاهد التلفاز عادةً”، لكن قطاعات من التيار الأصولي رحبت فيه حينه بالمسلسل، حيث اعتبر عضو لجنة الأمن والسياسة في البرلمان الإيراني جواد كريمي قدوسي أن هذا المسلسل يؤكد اعترافات رضائيان خلال التحقيق والتي أفادت وفق قدوسي باقترابه من الرئيس الإيراني، لدرجة تسمح له بمعرفة طعم علكته.
وبينّما كان مدير مكتب رئيس الجمهورية محمود واعظي يبيّن أن 80% من أحداث هذا المسلسل هي من محض الخيال، جاءه الرد من قبل رئيس لجنة الأمن القومي البرلمانية مجتبى ذي النور، الذي اعتبر أن الـ 20% الواقعية المتبقية من أحداث المسلسل هي الجزء الذي يغتاظ منه واعظي.
أمَّا صاحب سيناريو “غاندو” مجتبى أميني، فأكد على واقعية أحداث المسلسل، فضلاً عن تدقيق جميع المعلومات الواردة فيه من قبل المراجع ذات الصلة، معتقداً في الوقت نفسه أن كشف الحقيقة أمر صعب، يجر البعض إلى الشكوى.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: